على الرغم من إعلان الإدارة الأمريكية أن السبب الرئيس وراء قرارها بحجب جزء من المعونة التي توجهها إلى مصر سنويًا, إلا أن التكهنات لازالت كثيرة حول الأسباب التي عجلت بالقرار، الذي تزامن مع زيارة وفد أمريكي إلى القاهرة، برئاسة جاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس دونالد ترامب. ويسوق الإعلام الأمريكي أن السبب الرئيس يتعلق بتردي حالة حقوق الإنسان في مصر, وقانون الجمعيات الأهلية الذي يضيق على عملها، بينما يرى محللون أنه يكمن في عدم رضا الإدارة الأمريكية على تعديل الدستور المصري, وهو القرار الذي يعمل مجلس النواب جاهدًا على تمريره في دور انعقاده الثالث, ويسمح بتمديد مدة الرئاسة ل 6 سنوات بدلاً من أربع, ما يعني بقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي سنتين أخريين دون الحاجة لإجراء انتخابات رئاسية. في هذا السياق, قال الدكتور سعيد اللاوندي, خبير العلاقات الدولية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام" ل "المصريون", إن "تخفيض المعونة الأمريكية التي يتم منحها لمصر كل عام من شهر سبتمبر، بقيمة 290 مليون دولار, يتزامن مع الجدل حول التعديل الدستوري المتوقع في مصر". وأوضح أن "القرار يثير الريبة ويؤكد على رفض الولاياتالمتحدة للتعديلات الدستورية أو بشكل مباشر بتمديد مدة الرئاسة للرئيس عبدالفتاح السيسي ل 6سنوات بدلاً من أربع". وأشار إلى أن "المعونة الأمريكية لا تشكل أهمية كبرى بالنسبة لمصر, وإنما منحها في البداية كان متعلقًا بهدف سياسي، وهو إجراء التطبيع بين مصر وإسرائيل, ومن ثم تم إقرار معونة تقدم إلى مصر وأخرى لإسرائيل من الولاياتالمتحدة كراعي للمصالحة بين الطرفين, ومن ثم فإنه يمكن الاستغناء عنها لأن هذا الظرف قد انقضى". وأوقفت الإدارة الأمريكية ما يقرب من 290مليون دولار من مجموع المعونة في مصر, جزء منها كمساعدات عسكرية بقيمة 65,7 مليون دولار,30 مليون لتحسين الاقتصاد , بالإضافة إلى إيقاف تسليم 195 مليون دولار حسب اتفاق مشروط بين البلدين . ويأتي قرار خفض المساعدات الأمريكية لمصر بعد أن سجل تقارب في العلاقات بين القاهرةوواشنطن منذ تولي دونالد ترامب الرئاسة مطلع العام الحالي. وتقدم واشنطن لمصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية، منذ توقيع مصر معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979. من جهته, قال الدكتور سعد أبوعامود, أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان, إنه لا يستسلم لفكرة الربط بين تخفيض حجم المعونة الأمريكية المقدمة لمصر وبين تعديل الدستور, خاصة وأنه مقترح لازال في طور الفكرة التي لم تتبلور إلى الآن, وحتى من اقترحها لم يتحدث سوى عن تعديل مدة الرئاسة فقط ولم يتكلم عن مواد أخرى يمكن تعديلها إلى جانب هذه المادة التي أثارت جدلاً واسعًا في الآونة الأخيرة . وأشار إلى أن "القرار يرتبط بشكل أكبر بعدم قدرة الولاياتالمتحدة مساعدة حلفائها في مصر من جمعيات أهلية تقبل بالتمويل المباشر منها, بعد إقرار مجلس النواب قانون الجمعيات الأهلية, وخرجت الإدارة الأمريكية وقالت هذا الأمر بشكل مباشر, وقتها لم تكن فكرة تعديل الدستور واردة من الأساس, وهو ما يرجح إمكانية تعديل قانون الجمعيات الأهلية في مقابل عودة الجزء المقتطع من المعونة الأمريكية إلى مصر في الفترة المقبلة وعودة الأوضاع إلي طبيعتها". وتشمل مقترحات تعديل الدستور إعادة العمل بمجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان سابقًا)، وإعطاء مزيد من الصلاحيات للرئيس عبد الفتاح السيسي، تمكّنه من تشكيل الحكومة منفردًا وإقالة وزراء، بجانب تعديل مدة الرئاسة الحالية من 4 إلى 6 سنوات. ووفق الدستور، يلزم تعديل الدستور موافقة خُمس أعضاء مجلس النواب (120 عضوًا من إجمالي 596) على مقترحات تعديله، قبل مناقشتها والتصويت عليها، وتُقرُّ بموافقة ثلثي الأعضاء، على أن تصبح نافذة بموافقة الأغلبية في استفتاء شعبي.