ساعات قليلة تفصلنا عن الاحتفال ب"عيد شم النسيم"، والذي يرتبط بالأسماك المملحة "الفسيخ والرنجة"، وذلك منذ قدماء المصريين. لمدينة "نبروه" بمحافظة الدقهلية استعدادات خاصة خلال تلك الأيام، إذ تعرف ب"قلعة صناعة الفسيخ" في مصر، يأتيها المواطنون من كل صوب وحدب، بجانب عدد كبير من المشاهير ولاعبي كرة القدم. أقدم فسخاني "مندوه الشعير" أقدم فسخاني في المدينة، ورث المهنة من أجداده ونقلها لأبنائه، ورغم كبر سنة، إلا أنه كان حريصًا على الوقوف كل عيد داخل محله، يتابع سير العمل. أحمد مندوه الشعير، من أحفاده، يقول إن نسبة الإقبال هذا العام تراجعت بشكل كبير بسبب ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، نظرا للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلد. ويضيف أن الأسعار ارتفعت بنسبة تصل إلى 40% وتختلف حسب الجودة، فنمرة 1 ب 150 جنيها، و2 ب 120 جنيها، فيما اختلف نمرة 3 حسب الحجم، ويتراوح ما بين 85 إلى 60 جنيهًا. "مش كل من ملح السمك بقى فسخاني"، كلمات عبر بها شعير عن تميزهم في صنع الفسيخ، والذي تبدأ عملية تصنيعه باختيار السمك الجديد من مزارع نظيفة، وعادة ما تكون بالمطرية أو بورسعيد. ويوضح أنه يمكن تمليح سمك البوري والطوبار والسهيلي، ويتم غسلهم وتنظيف خياشيمهم، ثم يوضع في براميل خشبية مع رش ملح خشن"، أما مرحلة التخزين فيجب أن يتم تغطية البرميل بشكل محكم حتى لا يصبه عفونة أو بكتريا، ويمكن تناوله بعد مرور 5 أو 6 أيام في فصل الصيف، و15 يومًا في الشتاء. أشهر فسخاني على بعد أمتار قليلة من شعير، يتزاحم مواطنون يتسابقون على الشراء من محل "اليماني"، الذي عادة من تجد زبائنه من لاعبي كرة القدم والمشاهير. توارث عائلة اليماني صناعة الفسيخ، ووضعت قوانين بمعاملة الجميع بالمثل، فلا يوجد فسيخ مخصوص وعادي. يقول أحد أبناء اليماني، إن ارتفاع أسعار الأسماك يرجع إلى تصديرها للخارج، موضحًا أن مدينة نبروه ترفع حالة الطوارئ القصوى خلال الاعياد والمناسبات، لزيادة عدد زوارها. الرنجة لا تقتصر مظاهر احتفال المصريين بشم النسيم على الفسيخ فقط، فأيضًا هناك نسبة ليست بالقليلة تتناول الرنجة، والتي شهدت أسعارها أيضًا ارتفاعًا، إذ وصل سعر غير المغلفة 50 جنيهًا للكيلو، و60 جنيهًا للمغلفة. وحسب بائعو الرنجة، فإن كثيرا من المواطنين يعتقدون أن المغلفة أفضل، وهو خطأ كبير لأنها من الممكن أن تنتهي صلاحيتها لدى البائع بسرعة.