طالبت صحيفة "نيويورك تايمز" فى مقال لها الإدارة الأميركية ،أمس الثلاثاء، بعدم دعم نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي معتبرة أن هذا النظام يمثل انتهاكاً كبيراً لحقوق الإنسان ولاسيما بعد الحملة الأمنية الشرسة على الجماعات الإسلامية. وأضافت الصحيفة أن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى أن تكون قادرة على العمل مع مصر، إلا أن واشنطن لا يجب أن تُقَدِّم المزيد من التنازلات دون إصلاحات حقيقية في النَهْج الذي تتبعه مصر في مجال حقوق الإنسان وطريقة الحكم. وأوضحت الصحيفة الأمريكية بأن دونالد ترامب قد تسبب في إثارة الكثير من الانتقادات خلال حملته الانتخابية بسبب مدحه المتواصل للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بينما لم تلقَ كلمات المديح التي وجهها للرئيس عبد الفتاح السيسي نفس مقدار الاهتمام الذي لاقاه مدح بوتين، رغم أن ذلك الأمر قد يشير بدرجة كبيرة إلى حدوث تَحَوُّل خطير في السياسة الأميركية. وبعد اللقاء الذي تم بين ترامب والسيسى في نيويورك في شهر سبتمبر الماضي، في نفس الوقت الذي قابلته فيه هيلاري كلينتون تقريباً، لقّبه ترامب ب "الرجل الرائع"، وقال أنه حدث بينهما "تناغم" قوي. في ذلك الوقت، كانت القاهرة تنظر إلى تلك الاجتماعات على أنها مُحاولة لإصلاح العلاقات مع واشنطن بعد الفترة المُضطربة التي مرت بها مصر. وتتلخص تلك الفترة في قيام ثورة 25 ينايرالتي أطاحت بالديكتاتورية الحاكمة عام 2011، وقضاء مرحلة وجيزة بعد ذلك من الحُكم الديمقراطي، الذي جاء بالإخوان المسلمين إلى الحُكم، ومن بعدهم حدث عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى عام 2013 ومَهَّد الطريق أمام المزيد من الممارسات القمعية. وفي الوقت الذي بدأ النظام فيه في تضييق الخناق على الإسلاميين -بما في ذلك المجزرة التي قام بها عام 2013 ضد المتظاهرين، والتي تسببت في مقتل أكثر من 800 شخص- بدأت إدارة أوباما والكونجرس بدورهما في إعادة تقييم تحالف واشنطن مع مصر. ولكي تُظْهِر انزعاجها من تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، علّقت الولاياتالمتحدة عمليات تسليمها كميات متواضعة من المساعدات العسكرية وألغت نظام التمويل المميز الذي كان يسمح للقاهرة بتقديم طلبات الحصول على مواد ذات تكلفة عالية، في ظل افتراضها بأن الكونجرس سيستمر في الموافقة على تقديم ما يقرب من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية السنوية للأبد. ولكن، من المُرجح أن تكتشف الحكومة المصرية أطرافاً مشتركة وأكثر صداقة في واشنطن. فقد وصل وزير الخارجية المصري، سامح شكري إلى واشنطن مؤخراً، تمهيداً للزيارة التي يأمل السيسي أن يقوم بها قريباً. ويتوقَّع المسؤولون الأميركيون أن تكون قائمة المُتطلبات والرغبات التي وضعتها مصر، طَمُوحَة للغاية إذ ترغب الحكومة في استعادة نظام التمويل، بالإضافة إلى المبلغ المتواضع من التمويل العسكري الذي لا يزال محجوباً منذ وقت قريب. قد ترى إدارة ترامب أن السيسي شريك مثالي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وغيرها من الجماعات المتطرفة. ويُقال إن البيت الأبيض يدرس اعتبار جماعة الإخوان، جماعة إرهابية. ومن جانبه، تَعَهَّد الرئيس السيسي، بإصلاح الفكر الإسلامي من الداخل عن طريق "ثورة دينية" تقوم بتطهير البلاد من المتطرفين، ولكن التكتيكات التي اتبعها كانت وحشية وتسببت في حدوث نتائج عكسية. فقد اضطهدت حكومته الجماعات الإسلامية العنيفة وغير العنيفة بنفس الدرجة من الحماسة والاندفاع، ودون اتخاذ أي إجراءات قانونية واجبة تجاه تلك الجماعات. كما قامت بالتشهير بنشطاء حقوق الإنسان ومُضايقتهم، ما جعل العمل الذي يقومون به مستحيلاً. كما قامت بتضييق الخناق على ما تبقى من المُعارضة السياسية. وخلال الأسبوع الماضي، طرد البرلمان المصري ، أحد المُشَرِّعين البارزين الذي انتقد الحملة الحكومية على المجتمع المدني -وهو أنور السادات، ابن شقيق الرئيس الراحل محمد أنور السادات الذي اغتيل من قبل الإسلاميين. تحتاج الولاياتالمتحدة إلى أن تكون قادرة على العمل مع مصر، إلا أن واشنطن لا يجب أن تُقَدِّم المزيد من التنازلات دون إصلاحات حقيقية في النَهْج الذي تتبعه مصر في مجال حقوق الإنسان وطريقة الحكم. وقبل أن تبلغ المحادثات بين الحكومتين مرحلة مُتقدمة، يتعين على الحكومة المصرية الإفراج عن آية حجازي، المصرية-الأميركية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان، والتي اعتُقِلَت تَعَسُّفاً في القاهرة منذ عام 2014. وشارت الصحيفة الأمريكية فى ختام المقال إلى إن ترامب قد شجع القادة المُناهضين للديمقراطية في الفلبين وتركيا، وبالطبع روسيا. وإن حدث وقام بالأمر ذاته في مصر، فسوف يتسبب ذلك في دعم التطرف وإثارة السخط في واحدة من أكثر الدول المُكتظة بالسكان في العالم العربي.