كشفت نتائج عمليات مسح موسعة أجراها بنك الإماراتدبي الوطني، النقاب عن أن القطاع الخاص وجميع الشركات والاستثمارات في مصر، تتجه إلى التراجع الحاد، والتدهور، للعام الثاني على التوالي، بسبب التراجعات الحادة في كل من الإنتاج والأعمال الجديدة، ولجوء الشركات إلى تقليل أعداد موظفيها. وأرجع المسح التدهور الذي يواجهه القطاع الخاص وجميع الشركات والاستثمارات في مصر إلى التراجعات الحادة في كل من الإنتاج والأعمال الجديدة. وأوضح أن معدلات الانكماش تراجعت منذ شهر يناير الماضي، وقللت الشركات من أعداد موظفيها مرة أخرى؛ بسبب انخفاض متطلبات الإنتاج. وتابع البنك في بيانه: "استمر ضعف سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكي في لعب دور أساسي وراء الزيادات الحادة في أسعار المنتجات وأعباء التكلفة". وقال جان بول بيجات، الباحث الاقتصادي الأول في بنك الإماراتدبي الوطني: "إن الانكماش في القطاع الخاص في مصر ارتفع بالمؤشر إلى أعلى مستوى له في ستة أشهر". وأوضح، أن طلبات التصدير الجديدة سجلت انخفاضًا هامشيًا مقارنة بشهر يناير الماضي، ما يدل على تحسن الطلب الخارجي، في الوقت الذي سجل فيه معدل انخفاض الإنتاج في الشهر الماضي مستوى أبطأ من الشهر الجاري، بحسب البيان. وأضاف أن الضغوط الناجمة عن التضخم تبقى مرتفعة، إلا أن معدل تضخم تكاليف الإنتاج انخفض بشكل ملحوظ في شهر فبراير، ولكن بشكل عام هناك دلائل متزايدة توحي بالاستقرار في القطاع الخاص غير النفطي. ولفت إلى أن مؤشر مديري المشتريات الرئيس (PMI) الخاص بمصر سجل نحو 46.7 نقطة في شهر فبراير، مقابل نحو 43.3 نقطة في شهر يناير". أمّا على صعيد الأسعار، فقد ذكر البنك أن شركات القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر سجلت زيادة أخرى في إجمالي تكاليف مستلزمات الإنتاج خلال شهر فبراير، وكانت الزيادة مدفوعة بزيادة أسعار المشتريات وبتكاليف التوظيف بدرجة أقل. وقال إن "الشركات قللت من نشاطها الشرائي للشهر السابع عشر على التوالي في شهر فبراير، ورغم أن معدل الانكماش كان حادًا، فقد كان هو الأضعف منذ شهر أغسطس 2016". وبحسب مسح البنك، فقد "هبط معدل التوظيف بالقطاع الخاص المصري غير المنتج للنفط للشهر ال21 على التوالي خلال شهر فبراير. وتباطأ معدل فقدان الوظائف إلى أضعف مستوى في عام كامل، لكنه كان قويا في مجمله". وتابع: "تحسنت درجة التفاؤل بين الشركات المصرية إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر، فيما تتوقع الشركات أن تتحسن ظروف السوق وأن يزداد الإنتاج خلال العام المقبل". ويستند مؤشر مديري المشتريات الخاص بمصر إلى البيانات المجمعة من الاستبيانات التي يتم إرسالها لمسئولي المشتريات التنفيذيين في أكثر من 450 شركة من شركات القطاع الخاص. الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، عدد مجموعة من الأسباب وراء انهيار وتدهور القطاع الخاص والاستثمارات في مصر، مرجعًا إياها إلى القرار بتحرير سعر الجنيه أمام الدولار. وأضاف ل "المصريون": "القطاع الخاص تأثر بشكل ملاحظ بسب هذا القرار، موضحًا أن قيمة الأصول لدى المستثمرين تآكلت بنسبة 50% من قيمتها الحقيقية "فمن لديه مليون جنيه أصبحوا بعد التعويم نصف مليون". وأشار إلى أن غالبية قضايا المستثمرين منذ عام 2011 وحتى الآن لم يتم حلها، مشيرًا إلى أن ذلك يترتب عليه خسائر فادحه للمستثمرين؛ نظرا لسداد الضرائب ورواتب العاملين دون عائد يكفي لذلك؛ لذلك كان من الطبيعي حودث انهيار وتدهور بذلك القطاع. وأضاف أن معظم الاستثمارات بقطاع السياحة، ومن المعلوم ما وصل إليه ذلك القطاع من تدهور بشكل واضح، مع عدم وجود محاولات لاستعادته، منوه إلى أن ذلك يؤدي بالتأكيد إلى خسائر لتلك الشركات الخاصة، مما يترتب عليه ما نوه إليه ذلك التقرير. ووافقه الرأي، الدكتور إبراهيم أحمد الشاذلي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية الدراسات المتخصصة بالجامعة العمالية، إذ قال إن الموقف الاقتصادي داخل مصر خلال المرحلة الراهنة حرج إلى أبعد الحدود، مشيرا إلى أن الناتج القومي للدولة لا يكفيها. وأكد الشاذلي أن هناك مصانع كثيرة أغلقت أبوابها بسبب ما تعانيه من ضغوط وأعباء تُضاف كل يوم عليها، مضيفًا أن تلك الشركات قامت بتسريح أعداد هائلة من الموظفين لعدم قدرتها على مواصلة السير. وأوضح الخبير الاقتصادي ل "المصريون"، أن "التصريحات المتتالية بشأن مكافحة الإرهاب وأنه يضرب البلاد، يعد عاملاً أساسيًا في هدم الاقتصاد وعدم جذب المستثمر الأجنبي". ولفت إلى أن "سياسة التعويم التي قامت به الدولة سابقًا كانت خاطئة، وتعد أحد الأسباب لتدهور القطاع الخاص"، معتبرًا أن "سياسات الدولة الحالية غير مفهومة، ولا تشجع على الاستثمار، وليس هذا فحسب بل إنها تسببت في تدهور القطاع الخاص وستؤدي إلى كوارث". ونوه إلى إمكانية الخروج من الأزمات التي يمر بها الاقتصاد في الوقت الحالي، والوصول إلى بر الأمان؛ وذلك عن طريق تخفيض العملة، باعتباره حلاً يبدأ عقبه الاقتصاد المصري في التنفس، حيث يسمح بعودة الثقة للمستثمرين.