أقرت وزارة الخارجية البريطانية بأن الغالبية العظمى من الإسلاميين السياسيين ومنهم جماعة الإخوان المسلمين لم يتورطوا في العنف، بل كانوا هم أنفسهم ضحايا للعنف. كما أكدت الوزارة أن الإسلاميين السياسيين الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ديمقراطيون ينبغي أن يسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات، وأنه يتوجب على الحكومة البريطانية التواصل والتفاهم معهم. وتراجعت الحكومة البريطانية عن نتائج تحقيق مثير للجدل أجري في عام 2014 بحق جماعة الإخوان المسلمين يمعرفة السير «جون جينكينز»، الذي كان وقتها يشغل منصب سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية، والذي اقترح بأن الجماعة تمثل ما يشبه «رافدا إلزاميا» للجماعات الجهادية. ويشير «هيرست» أن الاعتراف الحكومي المحرج جاء من خلال سلسلة من التصريحات، التي صدرت عن وزارة الخارجية البريطانية ردا على التحقيق البرلماني الناقد بشدة لموقف الحكومة وسياستها. وقالت الحكومة إنها توافق اللجنة البرلمانية على ما خلصت إليه من أن الدين والسياسة سيظلان في حالة من التقاطع والامتزاج في المدى المنظور. وقالت وزارة الخارجية إن تواصلها وتفاهمها مع الإسلام السياسي كان «عنصرا مهما في إطار السعي للتفاهم مع الأقطار المختلفة في المنطقة». ونقل «هيرست» عن الحكومة البريطانية القول: «بإمكان الحكومة أن تؤكد بأن تواصل وزارة الخارجية مع هذه الجماعات وسعيها للتفاهم معها، يشتمل على الدخول معها في حوار حول قضايا حقوق الإنسان، وبشكل خاص حول حقوق المرأة وحول الحريات الدينية». وأكدت وزارة الخارجية معارضتها «للتدخل العسكري سبيلا لحل النزاعات في النظام الديمقراطي»، رغم أن رئاسة الوزراء في بريطانيا مصرة في تعاملها مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسيعلى رفض وصف الأحداث التي جاءت به إلى السلطة في الثالث من يوليو 2013 بالانقلاب العسكري. ولا يزال نص ما خلص إليه تحقيق السيد «جينكينز» طي الكتمان، وكل ما نشرته عنه الحكومة حتى الآن لا يتعدى ما أسمته «الخلاصات الأساسية». وقد رفض «جينكنز» نفسه المثول أمام لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطانية للإدلاء بشهادته. تقرير مثير للجدل وتقول لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني في تقريرها إن الأسباب التي دفعت إلى إجراء تحقيق «جينكينز» بحق جماعة الإخوان المسلمين ما تزال «مبهمة»، وأن التبريرات التي صدرت عن وزراء الحكومة لتفسير رفض وزارة الخارجية البريطانية السماح للجنة الشؤون البرلمانية الاطلاع على التقرير كانت «واهية». ويؤكد «كريسبين بلانت» رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب البريطاني بالقول: «لم يجتمع مسؤولو وزارة الخارجية على أي مستوى رسمي مع جماعة الإخوان المسلمين منذ عام 2013. ولذلك نعتقد جازمين بأن الفهم الكامل للجماعة يتطلب فهم تاريخها، بما في ذلك الأحداث التي جرت في عام 2013، وكانت يتطلب لقاءات رسمية بين مسؤولي وزارة الخارجية ومسؤولين من الجماعة». ويرى البرلمان البريطاني إن تقرير «جينكينز» يعاني من خلل أساسي بسبب رفضه التدقيق في تأثير ما وقع في مصر في عام 2013 على جماعة الإخوان المسلمين، والذي قتل على إثره الآلاف من مؤيدي الجماعة على أيدي قوات الأمن.
أما «الطيب علي»، الشريك في مكتب محاماة «آي تي إن»، وهي المؤسسة القانونية التي تمثل جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، فقال: «إن اعتراف الحكومة بأن الإسلام السياسي يشكل جدار حماية في وجه التطرف العنيف . وطالب «علي» الحكومة الحالية ب«إصلاح هذا الخلل من خلال إعادة التواصل والتفاهم مع الجماعة داخل بريطانيا وخارجها». تراجع مثير وتمثل ردود وزارة الخارجية على لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني تراجعا صارخا عما ورد في تقرير جينيكينز والذي جاء فيه أن «جماعة الإخوان المسلمين، في أغلب أحوالها، فضلت التغيير التدريجي غير العنيف انطلاقا من أرضية ذرائعية، في كثير من الأحيان، على أساس أن المعارضة السياسية سوف تختفي عندما تكون عملية الأسلمة قد اكتملت، إلا أنهم على استعداد لتأييد العنف –حيث يصبح التدرج بلا طائل». غير أن وزارة الخارجية اعترفت أمس الإثنين بأن الإسلاميين السياسيين يلعبون «دورا في غاية الأهمية» في ضمان أن يأتي التغيير السياسي بشكل سلمي، حيث أكدت الوزارة أنه «كما تبين من الأحداث التي جرت في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن أولئك الذين يتعرضون للاضطهاد يشعرون بالإقصاء، أو يشعرون بأن أبواب المشاركة السياسية توصد في وجوههم، قد يتجهون نحو ممارسة العنف إذا لم يتمكنوا من تغيير أوضاعهم عبر الوسائل السلمية».
وأضافت: «إن أفضل جدار حماية هو دعم العملية الديمقراطية وضمان أن يكون للأفراد صوت، وما من شك في أن جماعات الإسلام السياسي، بما في ذلك كبار زعمائها، يناط بهم دور في غاية الأهمية لضمان حدوث ذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».