حماية الثورة اليوم أصبحت ضرورة مُلِحَّة تتطلب تكاتف جميع القوى السياسية والثورية, خاصة أن فلول النظام البائد يتربَّصون بالوطن الدوائر، ويتحيَّنون الفرصة للقفز على الثورة، وليس أدلَّ على ذلك من إطلال عمر سليمان على المشهد السياسى عبر ترشُّحه لمنصب الرئاسة، حتى وإن تَمَّ استبعاده، لكن الأمر له دلالات عدة؛ أهمُّها أنَّ الرجل يخرج لنا لسانه بأنه جاسم على صدرونا؛ لأنَّ الثورة لم تنجح، وأنَّ الوضع لم يتغيَّر كثيرًا سوَى بمغادرة مبارك المشهد.. دعونا نَكُن أكثر صراحة أمام حالة الارتباك التى أصيب بها المشهد السياسى خلال الفترة الأخيرة والتى لا نعفى المجلس العسكرى- بأى حال من الأحوال- عن مسئوليته فى تعثُّر الثورة بإطالة الفترة الانتقالية والتى نَجَم عنها كثير من الكوارث. لكن الحقيقة المرة هى أن جميع القوى السياسية أخطأت فى حق الوطن يوم سارعَت لِجَنْى المكاسب وحصد الغنائم بعد الثورة، بالإضافة لحالة الاستقطاب الغريبة التى سادت المشهد السياسى وخلَّفت انقسامًا حادًّا فى المجتمع، فالجميع لم يقدِّر خطورة الموقف من تربص الفلول وعصابات الفساد.. مما أشعل الفتن وزاد من حالات الانفلات الأمنى.. الخطأ كان فادحًا، فبدلاً من التعاون والوحدة للبناء بعد الثورة العظيمة التى بهرت العالم فإذا بالثورة تتعثّر والحلم يكاد يتحطم. سقطنا جميعًا فى حسابات الانتهازية السياسية يوم تَخَلّينا عن المشهد الثورى، يوم سالت الدماء فى محمد محمود، وقصر العينى، يوم تعرَّت النساء، وكُشِفت عذريتهن، وسالت الدماء فى بورسعيد وقتل العشرات، ولم يتم تطهير الإعلام ولا القضاء، وأصبحت الوزارات مرتعًا للفساد، يوم أن طاردت المحاكمات العسكرية الشباب وتركنا العسكر يصفِّى الثورة بمعرفته وتفرَّغنا للانتخابات البرلمانية. استمرار العسكرى فى السلطة خطيئة كبرَى مما ساعد على الانفلات الأمنى وأصبح الخوف والفزع سَيِّدَ الموقف، وراحت الفلول تَنْفُث سمومها فى الشارع حتَّى أطل علينا عمر سليمان يريد القفز على الثورة وحكم البلاد والعباد. بات من الضرورى الآن توحُّد التيار الإسلامى مع القوى الثورية من أجل مواجهة الفلول الجمعة المقبلة لحلّ مشكلات وأزمات البلاد وعودة الأمن والاستقرار.. لقد عرفنا جميعًا الطرف الخَفِى فى الأزمة، وعلينا أن نتحرَّك لمواجهته بالضغط على المجلس العسكرى لتنفيذ وعوده بالرحيل وتسليم السلطة لرئيس مدنى منتخَب. اليوم نحن نخشَى ضياع الفرصة التاريخية على التيار الإسلامى بسبب عدم الاستقرار على مرشح إسلامى، نصيحتِى للإخوان والتيار الإسلامى.. هى التوافق على مرشح إسلامى لتلك الفترة الحَرِجة، وضرورة العمل على عودة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لصفوف الجماعة لأنه لم يرتكب جرمًا فكيف نقطع عليه خطّ الرجعة حتى وإن شقَّ عصا الشورَى فى الجماعة، فإنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قبِل توبة حاطب بن أبى بلتعة، وقد عزم على إفشاء سرٍّ من أسرار الدولة، وهو ما يهدِّد كيان المسلمين، ولكن النبى الرحيم قال قولته المشهورة: ((لعلَّ الله اطَّلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)).. فضلاً على أن أبو الفتوح كاد يحوز إجماع القوى السياسية، فكيف لا تستوعبه جماعة الإخوان. وأبو الفتوح قادر على تجاوز المرحلة ولديه قبول فى الشارع واختياره يقطع الطريق على القائلين باحتكار الإخوان للسلطة.