"إعداد خطب الجمعة ل5 سنوات قادمة"، هكذا أعلنت وزارة الأوقاف المصرية عن خطتها لتوحيد "الخطبة الموحدة" ليوم الجمعة؛ استجابة لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أعلنها في خطابه؛ بمناسبة المولد النبوي الشريف 8 ديسمبر 2016، حين طالب بتصويب الخطاب الديني وتحديثِه، وتصحيح ما سماه "ما تراكم داخل الخطاب الديني من مفاهيم خاطئة تراكمت بفعل مرور الزمن". وقال السيسي: "أعربت لوزير الأوقاف عن حاجتنا إلى تشكيل لجنة من كبار علماء الدين والاجتماع وعلم النفس؛ للتباحث في نقاط القوة والضعف التي يعانيها المجتمع المصري؛ لتنقية النصوص وصياغة خارطة طريق تتضمن المناسبات الدينية المختلفة على مدار العام، وتضع خطة محكمة على مدى 5 سنوات؛ لترسيخ الفهم الديني الصحيح على مستوى الجمهورية". ورغم المحاولات المستميتة لمشيخة الأزهر لإسقاط فكرة الخطبة المكتوبة, والحد منها إلا أنه لم تنجح كليًا حيث خلت اللجنة المكلفة وضعها من أي ممثل رسمي لها، بينما ضمت عميد كلية الإعلام بجامعة ومجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، وعبد الله مبروك النجار العميد الأسبق لكلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر، وأحمد علي عجيبة الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية "تابع لوزارة الأوقاف"، وسامي الشريف عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ونبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع والعميد السابق لكلية الدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر. وبالفعل أعدت وزارة الأوقاف لجنة لإعداد خطب الجمعة ل5 سنوات مقبلة، اشتملت على خطتين قصيرة المدى، وتشمل 54 خطبة للعام الأول، ومتوسطة المدى وتشمل 270 موضوعاً لمدة 5 سنوات كما أنموضوعات الخطب في الخطة الخمسية ستشمل 13 محوراً؛ هي: الأخلاق، والقيم الوطنية، وقضايا التطرف والإرهاب، والعمل والإنتاج، والمعاملات، وبناء الأسرة، والشباب، والمرأة، ودور ذوي الاحتياجات الخاصة في بناء المجتمع، والتعليم والتثقيف والتربية، والإيمانيات، والمناسبات الدينية، والقضايا العامة. من جانبه قال جابر طايع، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أن إعداد الخطب ل5 سنوات مبادرة جاءت من جانب الأوقاف؛ لأنها المعنية بذلك، وليس طلبًا مباشرًا من الرئاسة، وهي استجابة لدعوة الرئيس منذ سنتين بتجديد الخطاب الديني, مشيرًا إلى أن لجنة إعداد الخطب التقت عددًا واسعًا من المفكرين والساسة والمتخصصين في كل المجالات، وكان هناك اتفاق على ترسيخ الأخلاقيات والعقائد والقيم الإنسانية والترسيخ للهوية الوطنية خلال خطب الجمعة ل5 سنوات. وأضاف طايع ل"المصريون"، أن الأحداث الطارئة سيتطرق الأئمة إليها في الجزء الثاني من الخطبة عقب جلسة الاستراحة. وعن عقوبة عدم الملتزمين بالخطب طيلة ال5 سنوات. قال: "بعدما يحدث التوافق على موضوعات الخطب سيتم دراسة كيفية معاقبة المخالف"، مستبعدًا أن يكون هناك مخالفون، خاصة إذا توافق جميع النخب على هذه الموضوعات, مؤكدًا أن تنفيذ خطة ال5 سنوات ستكون في شهر مارس 2017. وفى سياق متصل قال نبيل السمالوطي، أستاذ الاجتماع وعضو لجنة إعداد الخطب، إن الموضوعات التي اتفقوا عليها كخطب للجمعة للآن؛ هي: "حرمة الدماء في الإسلام، والمواطنة في الإسلام، والتسامح، وحق الآخر، وستواصل اللجنة جهودها حتى تستكمل الخطة الخمسية". وقال "السمالوطي"، في تصريحات صحفية، إن هذه الموضوعات ستكون استرشادية للأئمة في النصف الأول من الخطبة؛ أي قبل جلسة الاستراحة، وبعدها يتطرق الخطيب إلى المشاكل المحلية التي تعانيها كل محافظة على حدة، فكما يقول: "ما يشغل الناس في العريش يختلف عن ما يهم قاطني القاهرة". وأِشار أن إعداد خطب الجمعة ل5 سنوات قادمة سيكون مجدياً؛ لأنه يضع أبعادًا وفهمًا حقيقيًا للقضايا في الإسلام سواء الاجتماعية أو النفسية أو السياسية، ليكون الإمام على دراية كاملة بكل تفاصيل القضية, موضحًا أنهم سيجمعون كل المقترحات التي يطرحها أساتذة الجامعات، وعلم النفس والسياسة والشخصيات العامة، وتنقيحها وصياغة المتفق عليه، مبينًا أنه لا توجد أي خلافات في وجهات النظر بين ضيوف اللقاءات الماضية، ولكن الخلاف في الأولويات. وعن مخاوف البعض من انصراف الناس عن خطب الجمعة؛ لأنها ستكون معدة سلفًا، قال عضو لجنة إعداد الخطب، إنها ليست خطبًا مكتوبة يجب الالتزام بها نصًا، ولكنها قضايا يتناولها الإمام بأسلوبه، ثم يتحدث بعد ذلك في القضايا التي تهم الناس، موضحًا أنهم سيضعون لب القضية، وبعض الآيات والأحاديث الاسترشادية التي تثري الخطيب, لافتًا إلى أن جميع ما وضعوه للآن قضايا عامة لا جدال فيها تمثل جذور الإسلام الرئيسية، وهناك قضايا أخرى لم يتم الاتفاق عليها بعد. وعلى صعيد آخر قال أحمد بان، المتخصص في ملف الإسلام السياسي، إن إعداد الخطبة سلفًا ل5 سنوات هو استمرار لتجريف الخطاب الديني وليس تهذيبه؛ سعيًا من وزير الأوقاف لاسترضاء السلطة أو تفصيل خطاب على مقاس هذه السلطة، حسب تعبيره. وحذر من انصراف الناس عن خطبة الجمعة؛ بل والدين ذاته؛ الأمر الذى قد يدفعهم للبحث عن خطاب آخر تقدمه جماعات أخرى كالإخوان أو السلفيين أو الجهاديين، وهو ما يشكل خطرًا - حسب قوله, مؤكدًا أن الخطاب الديني، خاصة خطبة الجمعة، هو الرابط القوي بين الناس والدين، وعندما يتم تدمير العظة الأسبوعية سينعكس ذلك على حالة الانتماء الروحي إلى الدين.