فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الأمريكية على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، وبعد حصوله على 276 صوتًا في المجمع الأمريكي، وهو فوز كانت له عواقب وخيمة على الوضع في الشرق والأوسط ومصر، وتحديدًا على جماعة الإخوان المسلمين أبرز معارضي نظام السيسى، والتي كانت تترقب فوزًا مريحًا لغريمته هيلاري كلينتون، حيث شكلت هزيمة الأخيرة صاعقة على الجماعة، وعززت من خسائرها في بورصة السياسة العالمية. الخسائر التي تعرضت لها جماعة الإخوان بحسب الخبراء تتمثل في ضعف موقفها في مواجهة النظام؛ مع اقتراب انتفاضة 11/11، ووضع التيار الإسلامي في فوهة الإدارة الجمهورية، وفتح الباب أمام إجراءات قاسية قد تتخذها الإدارة الجديد ضد الجماعة ومؤسساتها والمقربين منها في الداخل الأمريكي، وصولًا إلى إمكانية ضم الجماعة للوائح الإرهاب الأمريكية. وفي المقابل توقع آخرون ألا تتأثر الجماعة بفوز ترامب؛ حيث إن السياسة الخارجية الأمريكية لا تتبني الموقف الشخصي للرئيس الحاكم، بل تحكمها المصالح الأمريكية؛ رغم أن مواقف الرئيس يكون له تأثير ولو محدود على مجمل تسييره لشئون إداراته والتعامل مع مجمل المواقف الإقليمية. وقد قدم "ترامب" إشارات قوية على عدائه لجماعات الإسلام السياسي، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما عكسته تصريحات مستشاره وليد فارس، حيث أشار إلى اعتقاد ترامب أن جماعة الإخوان إرهابية، وينبغي تصنيفها هكذا داخل أمريكا، مشيرًا إلى أن الكونجرس كان قد وضع قانونًا لتصنيف الإخوان إرهابية، لكن الرئيس الأمريكي السابق رفض التوقيع عليه. ورجح فارس، أن يكون إعلان جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا هو المشروع الأول الذي سيتقدم به "ترامب" لمجلس الكونجرس شيوخ ونواب "سواء لإقرار القانون مجددًا أو التوقيع عليه". الموقف العدائي ل"ترامب" ضد جماعة الإخوان جعلها أكثر تأييدًا لفوز "كلينتون"، المعروفة للجماعة خاصة مع حدوث سابق تعامل قوى بينهما في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، والفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية عام 2012. كانت كلينتون تتولى وزارة الخارجية الأمريكية، ودائمة التواصل مع جماعة الإخوان وقياداتها في مصر، خاصة في ظل انفتاح الأمريكان على الإخوان؛ بعد قرار الأخيرة بالدفع بالقيادي الإخواني خيرت الشاطر، وبديله الدكتور محمد مرسي، إلى انتخابات الرئاسة، ورسائل الطمأنة الأمريكية حيال هذا الترشح التي أوصلتها إدارة أوباما. وحول خسائر الإخوان من فوز "ترامب"، والخيارات المتاحة أمام الجماعة لمحاولة تقليل تكلفة الفاتورة، يرى الدكتور عاطف سعداوي، خبير الشئون الأمريكية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، أن موقف الإخوان سيكون أكثر سلبية؛ لأن "ترامب" لديه موقف عدائي من الجماعة بشكل خاص والمسلمين بشكل عام. واستدل "سعداوي"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، على قوله بإعلان "ترامب" جماعة الإخوان إرهابية، فضلًا عن تأييده للنظام المصري الحالي في محاربته للجماعة. وأشار إلى توافق "ترامب" مع الرئيس عبد الفتاح السيسى على الخطر الذي تمثله في جماعات الإسلام السياسي، ومنها الإخوان، فضلًا عن الملفات الإقليمية ومنها الأزمة السورية، وتأييده لمواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في الصدد نفسه سيضع الجماعة في الزاوية ويضيق عليها مساراتها. واستبعد "سعداوي"، أن يتخذ "ترامب" أي قرارات مباشرة بشأن الإخوان خلال العام الأول من حكمه لاهتمامه بترتيب شئون البيت الأبيض أولًا، موضحًا أن ملف الإسلام السياسي لن يكون ضمن أولوياته. وتابع: أن "ترامب" سيتخذ قرارات غير مباشرة بالنسبة للجماعة، بالإضافة إلى ترتيب تعامله مع النظام المصري، مشيرًا إلى أن تأييد "كلينتون" لجماعة الإخوان السبب الأول لدعم النظام المصري لمنافسها "ترامب"، فضلًا عن اتفاق الأخيرين في رؤيتهما للإسلام السياسي. وأوضح أن "كلينتون" أزعجت النظام المصري بانتقادها لملف الحقوق والحريات في مصر ومطالبتها بالإفراج عن المعتقلين السياسيين، فضلًا عن أن أحد مستشاريها طالب بوقف المساعدات عن مصر. ومن جانبه قال السفير عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن محاربة التيار الإسلامي تجمع بين "السيسى" والرئيس الأمريكي الجديد، بالإضافة إلى إيران والرئيس الروسي. وتوقع أن يشهد العالم الإسلامي مزيدًا من المآسي التي قد تصل إلى طرد الجاليات العربية؛ خاصة وأن الرئيس الأمريكي الجديد ينتمي إلى اليمين المتطرف؛ مما يسعد الأطراف السابقة، ويضعف من مواقف الجماعة التي ستقع بين مطرقة النظام المصري وسندان قوي دولية معادية لها. وأكد أن فوز "ترامب" سيجعل الإخوان في موقف أضعف كثيرًا؛ لأن السياسة المعلنة له تتمحور حول كراهيته للأجانب خاصة المسلمين، قائلًا إن فوز "ترامب" إيجابي جدًا للنظام المصري الحالي، سلبي لجماعة الإخوان المسلمين. وبدوره قال سامح عيد، الخبير في شئون الإسلام السياسي، إن الإخوان سيتعاملون مع المؤسسة الأمريكية ولن يستطيع "ترامب" تغيير المعادلات السياسية - حسب قوله. وأضاف "عيد"، في تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن "ترامب" يدعم الأصولية في الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن الأمن القومي المصري به إدارة خاصة للإخوان المسلمين، فضلًا عن التواجد العسكري للجماعة في الأمن الأمريكي.
وأشار إلى أنه رغم تخوف "ترامب" من الإسلام وتصريحاته الصاخبة ضد الإخوان إلا أن المصالح الأمريكية لا تسير وفق الآراء الشخصية، فضلًا عن السياسة الخارجية الأمريكية لا تتحدد بناءً على فكرة القبول أو الرفض لجماعة بعينها. وأوضح أن النظام المصري أيد "ترامب" لحداثة وجوده على الساحة السياسية، فهو صفحة بيضاء بالنسبة له بخلاف "كلينتون" المتواجدة منذ عهد الرئيس محمد حسني مبارك، مشيرًا إلى أن تصعيد "ترامب" سيصب بشكل أو بآخر في صالح تصعيد الموجة الإرهابية والأصولية. وتابع: أن فوز "ترامب" يدعم الفكرة المنتشرة عن الولاياتالمتحدةالأمريكية والمتمثلة في حربها للإسلام، وأنها تكيل بمكيالين في المحافل الدولية، وتدعم إسرائيل مما يخلق تخوفات لدى جماعة الإخوان دفعتهم إلى تأييد "كلينتون" بشكل صريح، بل سيكرس عداءً كبيرًا للولايات المتحدة في دول المنطقة، ويفتح الباب أمام تهديدات دموية للمصالح الأمريكية بالمنطقة. وكانت جماعة الإخوان أشارت إلى دعمها للمرشحة الديمقراطية أمام المرشح الجمهوري، وهو ما اتضح في اتهام محمود الشرقاوي القيادي الإخواني المتواجد في أمريكا، ترامب بتأجير مسلحين؛ للوقوف بجانب مقرات الحزب الجمهوري بأمريكا، تزامنًا مع الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقال الشرقاوي، في تدوينة له عبر موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك": "حتّى لا يصطدم أحد بنتائج الانتخابات الأمريكية، من خلال ملاحظاتي الشخصية في مختلف أنحاء ولاية نيويورك، لم أجد بيتًا أو سيارة تحمل لافتة لهيلاري كلينتون، على النقيض تمامًا آلاف الأمريكيين يضعون لافتات ترامب على منازلهم وسياراتهم". وتابع: "معظم من أعرف من الأمريكيين حتى من الأقليات كالآسيويين وأبناء هاييتي وغيرهم سيصوّتون لصالح ترامب، لأنهم كرهوا الديمقراطيين فقط! ولأن إدارة أوباما لم تحقق لهم ما كانوا يتمنونه مختتما تدوينته بالقول ربنا يستر".