أعرب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال مارتن ديمبسى، عن رفضه للدعوات المطالبة بقطع المعونة عن مصر، ردًا على موقفها فى قضية التمويل الأجنبى، لعدد من منظمات المجتمع المدنى، التى يباشرها القضاء المصرى والمتهم فيها عدد من النشطاء الأمريكيين من بينهم نجل وزير النقل الأمريكى، الأمر الذى أثار توترًا فى العلاقات بين الجانبين. جاء ذلك فى شهادة ديمبسى أمام جلسة استماع، للجنة الدفاع الفرعية بلجنة الاعتمادات بمجلس النواب الأمريكى، لبحث ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية، رأسها النائب الجمهورى بيل يونج، بحضور وزير الدفاع ليون بانيتا ووكيل وزارة الدفاع (المراقب المالى/رئيس الشئون المالية) روبرت هيل. وقال ديمبسى فى رده على سؤال من النائبة الجمهورية كاى جرانجر: "أنا أحجم دائما عن الميل إلى بعض الدعوات الصارخة إلى قطع المعونة عن مصر، أنا متأكد من أن هناك طرقا أخرى للتصرف، وأنا أترك لكم ذلك، وآمل أن تأخذوا وجهة نظرنا فى رؤيتكم وتفكيركم، ولكن على ضوء بعض الأمور الجارية، يجب أن تكون هناك بعض العواقب للاختيارات". وأوضح قائلا: "قبل أن نقوم ببساطة بقطع هذه المعونة، بسبب هذه المسألة، فى إشارة إلى حملة المداهمات الحكومية لمنظمات المجتمع المدنى، فإننى أود بالتأكيد أن ندرس جميع الأمور". وحذر قائد الأركان الأمريكية المشتركة: "إن قطع المساعدات من شأنه أن يبعد الأجيال القادمة من الضباط العسكريين المصريين عن الولاياتالمتحدة"، مشيرًا إلى مميزات من بينها حقوق التحليق فى الأجواء المصرية التى تضمنها المساعدات الأمريكية. وقال: "نعرف من التاريخ السابق أنه عندما نستخدم التمويل لعزل أنفسنا عن شركاء سابقين، فإن ذلك لا يحقق نتيجة جيدة، لأن ما نقوم به أساسا هو أننا نحيط أنفسنا بسور يعزلنا عن الجيل القادم، يعنى أن تصرف المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمسئولية جاء فى جزء منه، نتيجة أننا كنا شركاء معا، حيث يأتون إلى مدارسنا ويتبادلون البرامج معنا على مدى 30 عاماً". وأضاف: "إن قطع المعونة وبناء على ذلك عزل أنفسنا عنهم، يعنى أن الجيل القادم لن تكون لديه هذه الميزة، ولا أدرى إلى أين سيأخذنا ذلك، وما أقوله لكم هو الحقيقة". وتابع: "كنت فى مصر منذ 10 أيام وأوضحت بجلاء أن هذا الوضع يجب أن يتم حله، لذلك أعتقد أنه علينا العمل معا كى نسلك الطريق الصحيح". وفى رده على سؤال بشأن الحفاظ على علاقات السلام مع إسرائيل من جانب النظام الجديد فى مصر، قال ديمبسى: "لقد أجرينا محادثات معهم حول ذلك، وأقول لكم إن العلاقة بين مصر وإسرائيل قوية وتبنى على أساس متين، ولكى أكون محددا، أعتقد أنه علينا أن نقر بأنه تم انتخاب مجلسى البرلمان فى مصر الآن وهم يستعدون لصياغة دستور، وانتخاب رئيس، وسنرى إلى أين تأخذهم الحكومة المدنية". فى غضون ذلك، هدد دانيال كالينجارت، نائب رئيس العلاقات الخارجية بمؤسسة "فريدوم هاوس"، المجلس العسكرى الحاكم فى مصر بأنه لن يستطيع الإفلات من عقاب الولاياتالمتحدة. وقال، فى إشارة إلى المجلس العسكرى، إنه مخدوع برهانه على أنه يستطيع الإفلات مما يمارسه من اضطهاد ضد المنظمات الأمريكية، إذ قام بإثارة غضب كبار المسئولين الأمريكيين لتجاهله مطالبهم بالسماح لتلك المنظمات بإعادة فتح مكاتبها مجددًا، وزاد على ذلك مواصلة الملاحقات ضد منظمات على صلة وثيقة بأكبر حزبين فى الولاياتالمتحدة، (الجمهورى والديمقراطى)، فى إشارة للمعهد الجمهورى الدولى، والمعهد الديمقراطى الوطنى. ففى مقال نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، اتهم المسئول بمؤسسة "فريدوم هاوس"، الضالعة فى قضية التمويل، المجلس العسكرى بممارسة إجراءات قمعية ضد تلك المنظمات المشبوهة التى فاقت ما كانت تشهده فى ظل حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك، إذ لم يتجرأ النظام البائد على تهديد العاملين بتلك المنظمات بالملاحقات القضائية، ولم يدرج أسماءهم على قائمة الممنوعين من السفر. واعتبر أن الاتهامات التى تواجهها تلك المنظمات هى جزء من سلسلة اعتداءات أكبر سيشهدها قادة المجتمع المدنى المصرى فى القريب العاجل من قبل وزير التخطيط والتعاون الدولى الدكتورة فايزة أبو النجا. من جانبها، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن المنظمات غير الربحية "المشبوهة" والتى تخضع للتحقيقات فى مصر تطالب واشنطن بقطع علاقاتها مع فايزة أبو النجا، وزير التخطيط والتعاون الدولى، مشيرين إليها بأصابع الاتهام بأنها القوى المحرضة الأولى وراء تلك الاتهامات، أو قطع المساعدات المالية عن مصر. ونقلت عن لورن كرانر، مساعد وزير الخارجية الأمريكى السابق لشئون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل ورئيس المعهد الجمهورى الدولى، قوله: "إن أبو النجا قد ساعدت على إطلاق حملة مناهضة لتلك المنظمات الحقوقية"، واتهمها أمام الكونجرس بأنها قد انتهكت القانون المصرى لإعلانها أدلة ضد أشخاص هم قيد التحقيق. فيما اتهم ديفيد كرامر، المدير التنفيذى لمؤسسة "فريدوم هاوس" الأمريكية المجلس العسكرى بإذكاء النزعة القومية "المعادية للأمريكيين".