وصف الدكتور يونس مخيون رئيس حزب "النور" السلفي، القرض الذي تسعة الحكومة للحصول عليه بقيمة 12مليار دولار من صندوق النقد بأنه "يعتبر ربًا صريحًا لا يجوز الإقدام عليه إلا باعتبار الضرورة". وكان حزب "النور" تعرض للهجوم من قبل أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، لصمته عن القرض، في الوقت الذي كان للحزب موقف معارض منه إبان حكم أول رئيسي مدني منتخب بعد ثورة 25يناير 2011. وفي أغسطس 2012، أعلنت حكومة هشام قنديل آنذاك، أنها ستطلب قرضا بقيمة 4,8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمساعدتها في دعم الماليات العامة، ومنع حدوث أزمة مالية، ودعم الوضع المالي للحكومة، الذي تعرض لضغط شديد في التسعة عشر شهرًا التي تلت ثورة 25 يناير. لكن حزب "النور" السلفي الذي أبدى مرونة جزئية في البداية، سرعان من أعلن رفضه مرجعًا ذلك إلى التأكد من أن نسبة 1.25% التي سيحصل عليها الصندوق ليست مصاريف إدارية. وقال رئيس الحزب آنذاك، إن "القرض مخالف للشريعة الإسلامية", و"لن ينجح نظام قائم على الربا". وبدأت الحكومة مطلع الأسبوع الجاري، مفاوضات مع صندوق النقد الدولي؛ للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3سنوات مقبلة. وقال مخيون إن القرض الذي تسعى الحكومة الحالية للحصول عليه من صندوق النقد "يعتبر ربًا صريحًا لا يجوز الإقدام عليه إلا باعتبار الضرورة"، متسائلاً: "فهل فعلاً وجدت الضرورة وفق تقدير أهل الخبرة والاختصاص من الاقتصاديين"؟ وأضاف مخيون عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إن "القرض يعتبر عبئًا ثقيلاً على أي دولة ليس على الجيل الحاضر فقط، بل على الأجيال القادمة المتعاقبة بما يترتب عليه من التزامات مالية وتبعية سياسية من شأنها تكبيل القرار السياسي والتحكم في إرادة الشعوب". وتساءل: "هل رفع تصنيف مصر الائتماني وكسب الثقة العالمية ليس له طريق إلا الاستدانة والاقتراض من صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية". وتابع: "يشهد الواقع أن غالبية الدول -إن لم تكن كل الدول- التي تعاملت مع مثل هذه المؤسسات المالية ورضخت لشروطها والتزمت بتوصياتها انتهى بها الأمر إلى تفاقم الأزمة والفشل والانهيار وربما إعلان الإفلاس، ولم تر هذه الدول نموًا ولا تقدمًا ولا استقرارًا، ولمصر تجربتان سابقتان عام 1977 وعام 1991". وأوضح أنه "غالبًا ما تتجه السياسات الاقتصادية التي تفرضها أو توصي بها هذه المؤسسات المانحة، غالبا ما تتجه إلى سياسة الخصخصة وبيع القطاع العام وتقليص دور الدولة في السيطرة على السوق الإنتاجي، وكذلك تخفيض قيمة العملة ورفع الدعم عن السلع الأساسية، وزيادة الضرائب مما يكون لهذه الإجراءات من أسوأ الأثر على الطبقات الفقيرة والمتوسطة وسيطرة رأس المال الطفيلي على السوق". ومضى مخيون متسائلاً: "حكومة أوصلتنا إلى هذه الأزمة وفشلت في إدارة معظم الملفات فهل تنجح في تدوير هذا القرض والاستفادة منه بما يعود بالنفع على المواطن المصري المطحون؟ أم سوف يزيد البلاء بلاء"؟. وأشار مخيون إلى أن "الإصلاح الاقتصادي قرين الإصلاح السياسي فهما قرينان وتوأمان لا ينفصلان، فلا يمكن تحقيق إصلاح اقتصادي بدون إصلاح سياسي يقوم على الشفافية والمشاركة الحقيقية والعدالة الاجتماعية بل العدل بكل صوره، وإعلاء قيمة الحريات وحقوق الإنسان والانحياز للفقراء والطبقات المهمشة المعدومة". واستدرك: "لابد من قطع أذرع الفساد واقتلاع جذوره التي تغلغلت في كل مؤسسات الدولة بصورة تعيق كل فرص التغيير وتقطع كل أمل في الإصلاح، وأعتقد أننا لو اقترضنا كل ما في خزينة المؤسسات المالية العالمية سوف تبتلعها بالوعات الفساد المفتوحة على مصراعيها ولن يكون نصيب المواطن من هذه القروض إلا دفع الفاتورة". وشدد على أنه "مع الإصلاح الاقتصادي يجب إصلاح المنظومة القيمية، والأخلاقية للشعب المصري التي أصابها كثير من الخلل والتصدع بل والانهيار، فبناء الإنسان مقدم على رفع البنيان وبناء البشر قبل بناء الحجر، فالإنسان هو الركيزة الأولى والرئيسة لأي منظومة إصلاح". وأردف قائلاً: "قبل اللجوء إلى حلول جزئية قصيرة الأمد لابد من وجود رؤية اقتصادية متكاملة للنهوض بمصر اقتصاديًا ووضع قدمها على طريق النمو والتقدم كما فعلت بلدان أخرى، كانت ثم أصبحت، مع تبني الدولة سياسات اقتصادية واضحة المعالم للخروج من هذه الأزمة". وشدد على أن "الأمر يحتاج إلى حوار مجتمعي حقيقي، وإلى إنشاء مجلس متخصص أو مجموعة اقتصادية أو ورشة عمل "تحت أي مسمى" تجمع خبراء اقتصاد مصريين من الداخل والخارج وسياسيين ومستثمرين ورجال أعمال على اختلاف توجهاتهم للخروج برؤية اقتصادية واضحة تسير عليها البلاد وتوضع أمام متخذي القرار". واختتم: "يجب التحرك السريع وتضافر الجهود لإنقاذ مصر من مصير ندعو الله ألا تصل إليه".