كشفت مواقف الأحزاب السياسية من القرض الذي تسعى الحكومة للحصول عليه من صندوق النقد (12مليار دولار) عن حالة من الازدواجية، بعد أن كانت تلك الأحزاب تعارض بشدة الحصول على قروض في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي. وفي أغسطس 2012، أعلنت حكومة هشام قنديل آنذاك، أنها ستطلب قرضا بقيمة 4,8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لمساعدتها في دعم الماليات العامة، ومنع حدوث أزمة مالية، ودعم الوضع المالي للحكومة، الذي تعرض لضغط شديد في التسعة عشر شهرًا التي تلت ثورة 25 يناير. لكن حزب "النور" السلفي الذي أبدى مرونة جزئية قال إنه رفض قرض صندوق النقد الدولي بعد التأكد من أن نسبة 1.25% التي سيحصل عليها الصندوق ليست مصاريف إدارية. وحول فتوى نائب رئيس مجلس إدارة "الدعوة السلفية"، ياسر برهامي بإباحة قرض صندوق النقد الدولي، قال الحزب وقتها إنه تم توجيه سؤال له، وكانت المعلومات التي وصلت له، من خلال بعض المسئولين وقتها، تقول إن القرض ليس فيه فوائد ربوية، وإنما هي مجرد مصاريف إدارية، فأفتى بناء على المعلومات الموجودة لديه، حول "الموقف من اقتراض مصر من صندوق النقد الدولي". واستدرك الحزب: "لكن بعد تصريح مساعد وزير المالية بأن نسبة 1.25% منها نسبة 0.25% فقط مصاريف إدارية، والباقي (1%) فوائد، تراجع الشيخ عن فتواه، وأفتى بحرمة هذا القرض". وأرجع الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب، رفض الحزب للقرض إلى أنه مخالف للشريعة الإسلامية, مؤكدًا أنه "لن ينجح نظام قائم على الربا". لكن لم يكتف حزب "النور" بعدم إبداء أي موقف إزاء القروض الجديدة التي أعلنت عنها حكومة المهندس شريف إسماعيل وإنما زاد على ذلك أن فاجأ مجلس نواب الحالي بإعلانه استعداده لطرح مشروع قانون جديد للحصول على قروض من دول عربية لسد العجز في موازنة للدولة. وقال المتحدث الرسمي للكتلة البرلمانية للحزب محمد صلاح خليفة، إن الحزب يجهز مشروع التنمية العربية للتمويل القائم على الشريعة الإسلامية، للتقدم به للمجلس كصيغة تمويل جديدة لسد عجز الموازنة. وأضاف خليفة عبر الموقع الرسمي للدعوة السلفية أن بعض دول العالم اعتمدت صيغ تمويل جديدة من المشاركة والمرابحة، موضحا أن هذه الصيغ موجودة في دول الخليج والكثير من دول العالم، ومن بينها ماليزيا وأن صيغ التمويل الحديثة قائمة على المشاركة والمرابحة وإيجاد مشروعات حقيقية، على حد قوله. وتابع: "قريبًا سنتقدم بمشروع التنمية العربي لتطوير التمويل البديل على أسس الشريعة الإسلامية". وتساءل الكاتب والخبير الاقتصادي مصطفى عبد السلام عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، : أين حزب "النور"؟ وأضاف: "الحزب صدعنا في صيف عام 2012، عقب دخول مصر في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 4.8 مليارات دولار.. في ذلك الوقت كان الواحد منهم يخرج هائجا، ويقول بصوت عال: "ربا وحرام وسحت ويخالف شرع الله"، وفق قوله. وتابع: "كنت في ذلك الوقت أحاول أن أشرح لهؤلاء أن فهمهم للأمور خطأ وأن صندوق النقد الدولي ليس بنكا بالمعنى المتعارف عليه لأنه بنك مملوك للدول والحكومات وليس بنكا يمنح قروضا للأفراد، وأن الدولة عندما تقترض فإنما تقترض من حصتها وإسهاماتها في رأس مال الصندوق أي أنها تقترض رأسمالها وحصتها، وجزءا من مساعدات الدول وحصصها، وأن أسعار الفائدة على قروض الصندوق تبلغ نحو 1.5% سنويا، وهي أقرب ما تكون إلى كونها مصروفات إدارية، لا أسعار فائدة." وتساءل عبد السلام: "طيب.. الحكومة أعلنت أنها ستقترض 21 مليار دولار مرة واحدة، منها 12 مليار دولار من صندوق النقد، والباقي من البنك الدولي ومؤسسات وبنوك أخرى.. أين أنتم يا حزب النور، ولماذا لم تتشنجوا وتثوروا وتغضبوا؟"، بحسب تساؤله. ورأى الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو الجمعية الوطنية للتغيير أن الأحزاب الحالية أولى لها أن تحل نفسها بدلاً من أدائها المخزي في تلك الفترة. وأضاف دراج ل"المصريون" أن النظام الحالي عمل على زرع الخوف في نفوس الكثيرين من أبناء الوطن بكثير من الفزعات كاتهامه بأنه إخوان أو طابور خامس أو خائن وعميل. وأوضح أن الأحزاب في تلك الفترة ليس لها دور، والمنصات الإعلامية التي كانت تستخدم من جاني الأحزاب لطرح آراءهم تم تأميمها لصالح صوت النظام. وقال السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية السابق القروض التي تسعى الحكومة الحالية لأخذها من صندوق النقد الدولي يعد تطبيقًا أمينًا لمدرسة شيكاغو الاقتصادية. وأضاف مرزوق "المصريون" أن حزب التيار الشعبي يرفض سياسة الحكومة في الاقتراض جملة وتفصيلاً، موضحًا أن حكومة المهندس شريف إسماعيل تتبع سياسة الرأسمالية المتوحشة. وأشار إلى أن الحكومة تنفذ بالضبط روشتة صندوق النقد الدولي وهذا ما نرفضه، لافتًا إلى أن سياسة مبارك كانت بنفس الطريقة؛ لكن كانت تلجأ على هذه الطرق خطوة خطوة خوفًا من رد الفعل. وتابع "من الممكن أن نوافق على القرض من صندوق النقد الدولي لكن ليس بشروطه التي تعتبر إعدام أكثر من نصف المجتمع".