انتخابات النواب 2025، ننشر الحصر العددي لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد في الدقهلية    الاحتلال ينصب حاجزا عسكريا عند مدخل ترمسعيا شمال رام الله    أزمات سد النهضة وغزة والخرطوم أبرزها، رسائل قوية من السيسي لرؤساء فرنسا والسودان والكونغو الديمقراطية    انخفاض أسعار البيض اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    وزيرتا التخطيط والتنمية المحلية ومحافظ سوهاج يتفقدون المنطقة الصناعية بغرب جرجا    محافظ أسيوط يعلن إعادة فتح كوبري نجع سبع بعد الانتهاء من أعمال الصيانة    وزير الزراعة يبحث مع مزارعي الإصلاح بالبحيرة وأسوان حلول لرفع الأعباء عن كاهلهم    وزير الدفاع البيلاروسي: بولندا تنشر صواريخ باتريوت لتخويف شعبها من هجوم مزعوم    أستراليا تعتزم إطلاق برنامج وطني لإعادة شراء الأسلحة بعد هجوم بونداي    وزير الخارجية يلتقى نظيرة الجزائرى لبحث تعزيز العلاقات الثنائية    خطوط حمراء في لحظة مفصلية    أحمد عبد الوهاب يكتب: تسريب «مشعل» بين خطاب المقاومة وحسابات الأنظمة    بوتين: حتى الآن لا نرى أي استعداد لدى نظام زيلينسكي للتسوية    الزمالك يختتم تدريباته اليوم استعدادًا لمواجهة حرس الحدود    18.56 مليون يورو القيمة التسويقية لمنتخب غينيا الاستوائية قبل أمم أفريقيا    عامل دليفري يتخلص من حياته شنقًا بالهرم بسبب خلافات مع أسرته    مصرع طبيب ب «طلقة طائشة» أثناء مشاركته في قافلة بقنا    "دولة التلاوة" يستعيد أمجاد الأصوات الذهبية، انطلاق فصل جديد من البرنامج القرآني الليلة    خالد عبد الغفار يلتقي وزير الصحة التونسي لبحث تعزيز التعاون في القطاع الصحي    إبراهيم محمد يدير مواجهة الزمالك وحرس الحدود في كأس العاصمة    خلاف جون إدوارد وأحمد حمدى يعجل برحيله عن الزمالك وبيراميدز يراقب موقفه    وكيل فرجاني ساسي: إيقاف القيد نهائي ولا يمكن الطعن عليه والزمالك لم يتواصل معنا    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    "الوزراء": الحكومة تمنح تيسيرات لزيادة عدد الغرف الفندقية وتحويل بعض المنشآت السكنية    استعدوا لفصل البرودة.. الأحد المقبل بداية الشتاء 2025 ويستمر 89 يوما    غدا السبت ضعف المياه عن مركز ومدينة ناصر ببنى سويف    بدر الرفاعي: شعرت بألفة خاصة تجاه كتاب «إعلام الجماهير»    وزير الزراعة يعلن خفض المفوضية الأوروبية فحوصات الموالح المصرية إلى 10% بدلا من 20%    أطعمة تقوي المناعة.. كيف يساعد الغذاء الجسم على مواجهة الإنفلونزا؟    الدفاع الروسية: قواتنا سيطرت على 4 بلدات أوكرانية خلال الأيام الماضية    الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة وانخفاض الصغرى على القاهرة ل 11 درجة    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري بداية تعاملات اليوم 19ديسمبر2025    طريقة عمل كيكة المج في خطوات بسيطة    جامعة السوربون تكرم الدكتور الخشت بعد محاضرة تعيد فتح سؤال العقل والعلم    أستاذ لغويات: اللغة العربية تمثل جوهر الهوية الحضارية والثقافية للأمة    الداخلية تضبط 20 شخصا من أنصار مرشحين بسبب التشاجر فى الإسماعيلية    رئيس الوزراء اللبنانى يستقبل مصطفى مدبولى بالسراى الحكومي فى بيروت    نتيجة الحصر العددي لانتخابات الدائرة الثالثة بالإسماعيلية    حمد الله يعتزل اللعب الدولي بعد التتويج بكأس العرب    تفحم 7 منهم.. كواليس مصرع وإصابة 11 شخصًا في حريق سيارة بالجيزة    المنتخب يخوض أولى تدريباته بمدينة أكادير المغربية استعدادا لأمم إفريقيا    سنن وآداب يوم الجمعة – وصايا نبوية للحياة اليومية    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    مشاجرة عنيفة وألعاب نارية باللجان الانتخابية في القنطرة غرب بالإسماعيلية، والقبض على 20 متورطا    العليا للتفتيش الأمني والبيئي تتابع إجراءات تشغيل البالون الطائر بالأقصر    مستشار الرئيس للصحة: لا يوجد وباء والوضع لا يدعو للقلق.. والمصاب بالإنفلونزا يقعد في البيت 3 أو 4 أيام    نجاة الفنان وائل كفوري من حادث طائرة خاصة.. اعرف التفاصيل    مؤشرات أولية طبقا للحصر العددي، تقدم عيد حماد في دائرة حلوان والتبين والمعصرة    إشادة بمسيرته العلمية.. تكريم دولي للدكتور الخشت في فرنسا| فيديو    بميزانية تتجاوز 400 مليون دولار وب3 ساعات كاملة.. بدء عرض الجزء الثالث من «أفاتار: نار ورماد»    مصطفى بكري: الطبقة المتوسطة بتدوب يجب أن تأخذ حقها.. وننقد حرصا على هذا البلد واستقراره    ننشر المؤشرات الأولية لعمليات فرز الأصوات بالدائرة الثالثة بالشرقية    كونتي: هويلوند يمتلك مستقبلا واعدا.. ولهذا السبب نعاني في الموسم الحالي    مش فيلم.. دي حقيقة ! شاب مصري يصنع سيارة فوق سطح منزله مع "فتحى شو"    «قلبي اتكسر»| أب مفجوع ينهار على الهواء بعد انتهاك حرمة قبر نجلته    هل يرى المستخير رؤيا بعد صلاة الاستخارة؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يكرم أبناء المحافظة الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرف على أكثر شعوب العالم تأدبا
نشر في المصريون يوم 14 - 06 - 2016

في اليابان، يرحب بك العاملون في المتاجر والمطاعم بانحناءة، وبالقول "إيراشيايماسي" الذي يعني "أهلاً وسهلاً" ويبدو نابعا من القلب.
بدأت الشمس تتلاشى بالفعل فوق صفحة البحر الذي ازداد لونه احمراراً، وقد جاء ذلك ليذكرنا أننا أضعنا وقتا طويلا في رحلتنا القصيرة والممتعة بالدراجات الهوائية إلى جزيرة نينوشيما اليابانية في خليج هيروشيما.
ولعدم تأكدنا من آخر رحلة تغادر بالعبّارة إلى البرّ الرئيسي، توقفنا عند حانة على جانب الطريق لنسألهم.
أثارت الإجابة نظرات قلق لدى الجميع، فالمركب الأخير على وشك أن يغادر.
"ستصلون بالكاد، إذا ما سلكتم الطريق المختصرة"، قالها لنا رجل خرج من الحانة وأشار إلى طريق ضيقة فوق تل منخفض. ومع حلول الظلام بسرعة، كانت شكوكنا قوية، لكننا قدنا دراجاتنا رغم ذلك. وعندما نظرنا حولنا، اندهشنا لرؤية صديقنا الجديد وهو يهرول أعلى التل خلفنا ليتأكد من أننا لم نضل طريقنا، قبل أن يعود أدراجه بمجرد رؤية المرفأ في الأسفل.
وصلنا إلى العبارة بفضل ذلك الرجل ونكرانه لذاته تجاه الغرباء، حتى أنه كان لدينا متسع من الوقت لبضع دقائق.
كانت تلك أول تجربة لنا مع "أوموتيناشي"، والتي تُترجم غالباً إلى "كرم الضيافة" لدى اليابانيين.
وتجمع في التطبيق العملي ما بين الأدب الجم، والرغبة في الحفاظ على الانسجام وتفادي الخلاف بحسب ما ذكرت البى بى سى .
"أوموتيناشي" هي أسلوب من أساليب الحياة في اليابان إذ يلبس المصابون بالبرد أقنعة، مثل تلك التي يلبسها الجراحون، وذلك لكي يتفادوا نقل العدوى إلى الآخرين حولهم.
ويقوم الجيران بتقديم علب مغلفة تحوي مسحوقا للغسيل كهدايا قبل أن يبدأ الجار في أعمال البناء والصيانة، وذلك للمساعدة في تنظيف الملابس من الغبار الذي سيتطاير، لا محالة.
ويرحب بك العاملون في المتاجر والمطاعم بانحناءة وبالقول "إيراشيايماسي" النابع من القلب.
وعندما يسلمونك المتبقي لك من النقود المدفوعة، يضعون يداً تحت يدك لئلا تقع منك أية قطعة نقدية.
وعندما تغادر متجراً، فليس من غير المألوف أن يقفوا في المدخل وينحنوا لك حتى تبتعد عن أنظارهم.
كما تمارس الأجهزة "أوموتيناشي"، أيضاً. تُفتح أبواب سيارات الأجرة تلقائياً حالماً تقترب منها كما لا يتوقع السائق، الذي يرتدي قفازات بيضاء، أي بقشيش منك. المصاعد تستميحك العذر لأنها جعلتك تنتظر، وعندما تدخل الحمام تثب مقاعد المرافق الصحية لتعلن استعدادها. أما الإشارات الدالة على أعمال الطرقات فتظهر صورة لطيفة لعامل بناء منحنياً.
في الثقافة اليابانية، كلما كان الشخص بعيدا عن مجتمعه، كان الكرم والضيافة التي يحظى بهما أكبر، ويفسر هذا سبب الذهول المستمر للأجانب الذين يحتفون بمجاملات سخية، من خلال ما يعرف لدى اليابانيين ب"غايجين"، أي الترحيب بالأجانب.
"لا يزال هذا الأمر يدهشني مع أني أقمت هنا تسع سنوات"، قالتها مدرسة اللغة الإسبانية كارمن لاغاسكا. وأضافت: "ينحني الناس عندما يجلسون بجانبك في الحافلات، ومرة أخرى عندما ينهضون. ألاحظ على الدوام أمورا جديدة".
لكن أوموتيناشي تعني أكثر من مجرد الكياسة واللطافة مع الزوار؛ فهي تتغلغل في كل درجات ومستويات الحياة اليومية، ويتعلمونها منذ الصغر.
"ترعرع أكثرنا على مثل شعبي متناقل بيننا"، حسب قول نوريكو كوباياشي، رئيس قسم السياحة الداخلية بشركة "ديسكفرلينك سيتوشي" التي تهدف إلى خلق فرص عمل والمحافظة على التراث المحلي، وتشجيع السياحة في أونوميتشي، بمحافظة هيروشيما.
ويضيف كوباياشي "يقول المثل في معناه إنه بعد أن يعاملنا أحد بلطف، ينبغي علينا بالمقابل أن نتصرف مع ذلك الشخص بلطف. أما إذا عاملنا شخص بسوء، فلا ينبغي علينا أن نتصرف مع ذلك الشخص بسوء. أظن أن هذه المعتقدات تجعلنا مهذبين في تصرفاتنا".
من أين أتت كل تلك الكياسة إذاً؟ بحسب إساو كوماكورا، البروفيسور الفخري في "المتحف الوطني للأعراق البشرية" التابع لمعهد أبحاث أوساكا، فإن معظم قواعد الآداب اليابانية تعود في أصولها إلى الطقوس الرسمية لمراسم تقديم الشاي والفنون القتالية.
في الحقيقة، إن كلمة أوموتيناشي، والتي تعني حرفياً "روحية الخدمة"، تأتي من مراسم تقديم الشاي حيث يعمل المضيف كل جهده لتهيئة الجو المناسب عند خدمة ضيوفه، فيختار أفضل الأواني المناسبة والورود والديكور دون أن ينتظر شيئاً بالمقابل.
أما الضيوف، ولإدراكهم جهود المضيف، فإنهم يستجيبون بإظهار امتنانهم المبجل تقريباً. لذا يخلق الجانبان جواً من الانسجام والاحترام، الذي يتجذر في الإيمان بأن الصالح العام هو في مقدمة الحاجة أو المصلحة الشخصية.
على نفس المنوال، كانت الكياسة والعطف من بين القيم الجوهرية في مبادئ "بوشيدو" أو طريق المحارب، وهي مبادئ آداب الساموراي، وهم رجال أقوياء من ذوي المهارات العالية في الفنون القتالية. تُناظر هذه المبادئ المفصلة بدقة شهامة القرون الوسطى، ليس فقط من ناحية الشرف والانضباط وما يمليه الضمير، بل وأيضاً الأسلوب الصحيح للقيام بكل شيء، من الانحناء إلى تقديم الشاي.
وتتطلب هذه المبادئ، القائمة على تعاليم طائفة "زِنْ" البوذية، التحكم الكامل في مشاعر الفرد، وصفاء النفس، واحترام الآخرين، بمن فيهم الأعداء. وقد أصبحت مبادئ "بوشيدو" الأساس الذي بُنيت عليه قواعد سلوك المجتمع بأكمله.
الأمر الرائع الذي يعتريك نتيجة المرور بمثل هذه الآداب الزائدة هي أن عدواها تنتقل مثل مرض الحصبة، فسرعان ما تجد نفسك تتصرف بلطف وتهذيب وبشكل أكثر رقياً، فتسلم محافظ مفقودة إلى الشرطة، وتبتسم وقت إتاحة المجال لغيرك من سائقي المركبات للمرور، وتأخذ نفاياتك الخاصة معك إلى بيتك، ولن ترفع صوتك (أو تمخط أنفك) على الإطلاق في الأماكن العامة.
ألن يكون رائعاً لو أخذ كل زائر معه القليل من ثقافة "أوموتيناشي" إلى بيته ووطنه، ونشرها وعممها؟ يمكن لهذا التأثير المضاعف أن يجتاح العالم، مثل التأثير الذي يسببه رمي حجر في بركة ماء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.