بعد توقف، دام أكثر من 18 شهرا، تتجه السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية إلى استئناف محادثات السلام غير المباشرة براعية أمريكية خلال أيام فى ظل أوضاع لاتزال تتسم بالغموض حول الموقف الإسرائيلى من الاستيطان فى الضفة الغربيةوالقدسالمحتلة، ونفى واشنطن تقديم ضمانات للرئيس الفلسطينى محمود عباس «أبومازن» بمعارضة التوسع الاستيطانى الإسرائيلى فى مجلس الأمن، بالتزامن مع رفض القوى السياسية الفلسطينية استئناف المفاوضات، معتبرة أن الدخول فيها يمثل رضوخا للاحتلال. قال أبومازن إن مفاوضات السلام غير المباشرة ستبدأ فورا وتستمر لمدة 4 أشهر بعد مصادقة لجنة المتابعة العربية لمبادرة السلام عليها، وحال موافقة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على بدءها، وهو الأمر الذى أكده نائب وزير الخارجية الإسرائيلى دانى أيالون بأن المفاوضات ستبدأ برعاية واشنطن خلال أيام، موضحا أن حكومته تؤيد إجراء محادثات غير مباشرة تنطلق الأسبوع المقبل على أبعد حد. وأضاف أبومازن، فى تصريحات نقلتها وكالة معا الفلسطينية للأنباء: «رغم أننى أرى كثيرا من المعوقات وأحيانا أشعر بأن هناك فى إسرائيل من لا يريدون السلام، ولكن يجب أن نجرب حتى اللحظة الأخيرة». وقال الرئيس الفلسطينى إنه سيلتقى الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى واشنطن هذا الشهر بدعوة أمريكية لبحث دفع عملية السلام المتعثرة، وأضاف فى تصريحات لصحيفة «الأيام» الفلسطينية: «أنا لم أطلب الزيارة وإنما هم وجهوا الدعوة لنا لزيارة واشنطن فى هذا الشهر، وبالتأكيد من أجل دفع عملية السلام والمفاوضات، خاصة أن الأمريكيين يفهمون تماما أن موقفنا واضح وثابت ومقنع». وأضاف: «ليست عندنا قضايا خلافية مع الولاياتالمتحدة وإنما خلافنا مع الحكومة الإسرائيلية». وأوضح أبومازن أن لقاءه فى واشنطن سيكون ثنائيا وليس ثلاثيا بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وكشف النقاب عما تلقاه من تعهدات أوباما له، وقال: «نعم الرئيس الأمريكى قال إنهم ملتزمون بعدم السماح بأى إجراءات استفزازية من أى من الطرفين ونحن قبلنا هذا لأنه لا مشكلة لدينا، أما الجانب الإسرائيلى فإن الاستيطان والممارسات فى القدس هو ما عنى به الأمريكيون من إجراءات استفزازية ولن يسكتوا عنها»، موضحا أن الأمريكيين توصلوا إلى نتيجة مفادها أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هى مصلحة استراتيجية أمريكية». وكشف أبومازن عن أن موضوع التعديل الوزارى لم يوضع على الطاولة بعد، رغم أن هناك نية لإجراء التعديل، وقال: «سيجرى تعديل لبعض الوزارات». وحول منصب نائب الرئيس، قال «إنه كان يتمنى من المجلس التشريعى السابق أن يصادق على استحداث منصب نائب للرئيس لكنه رفض، وهذا الأمر غير ممكن حاليا فى ظل غياب المجلس التشريعى». كانت لجنة متابعة «مبادرة السلام» أقرت، فى ختام اجتماعها أمس الأول فى الجامعة العربية، إجراء محادثات غير مباشرة، وأكدت أنه فى حال فشل المباحثات واستمرار الاستيطان فإن الدول العربية ستدعو مجلس الأمن للانعقاد للنظر فى الصراع العربى الإسرائيلى ومطالبة الولاياتالمتحدة بعدم استخدام «الفيتو» ضد الإجراءات الإسرائيلية. وعلى الجانب الإسرائيلى، رحب ديوان نتنياهو بقرار لجنة المتابعة العربية لاستئناف المفاوضات، مؤكدا ضرورة عدم وضع السلطة شروطاً مسبقة لاستئنافها، بينما ذكرت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن لجنة المتابعة اتخذت قرارها بعد تعهد أوباما بأن تتركز جولة المفاوضات الأولى على الاستيطان فى القدسالمحتلة، استجابة لطلب «أبومازن» الحصول على تعهد من نتنياهو بالتوقف عن إصدار مناقصات جديدة لمشاريع استيطانية فى القدس خلال المفاوضات. وبينما يزور المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشل المنطقة خلال ساعات لتقريب وجهات النظر قالت «هاآرتس» إن ميتشل أوضح للإسرائيليين والفلسطينيين أنه لن يقوم بدور «الساعى» بينهما، وإنما سيطرح أفكاراً فى القضايا الخلافية استناداً لمواقف واشنطن التى تعتمد حدود 1967 وتبادل الأراضى كأساس للتسوية. وفى المقابل، رفضت حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجهاد الإسلامى موافقة لجنة المتابعة العربية على بدء المحادثات بين إسرائيل والسلطة، ووصفت حماس الضمانات الأمريكية بأنها وهم وخديعة جديدة واعتبرت العودة للتفاوض رضوخا لشروط الاحتلال، بينما قالت الجهاد الإسلامى إن العرب قد جردوا من القدرة على اتخاذ موقف بشأن القضية الفلسطينية، بينما اعتبرت الجبهة الشعبية أن العودة للمحادثات خدمة مجانية للاحتلال وتغطية على جرائمه وهى التصريحات التى من شأنها أن تعمق الانقسام الفلسطينى وتهدد بعدم الاعتراف بنتائج المفاوضات حال إتمامها.