مشاجرة مع زميل مهنة ذهبت به إلى مستشفى الأمراض العقلية، وحيد (32 سنة) أحد نزلاء مستشفى العباسية عرفه الجميع كنجار مسلح و«صنايعى شاطر بس بياخد على خاطره بسرعة». عاش وحيد حياته يرفض أية إهانة توجه له، عاش معزولا عن «جلسات الفضفضة» وبعيدا عن «رخامة الأصدقاء». «أنا بحب المستشفى هنا؛ لأن كل اللى فيها خٌرس ما بيتكلموش» هكذا عبر وحيد عن نفسه وحياته داخل المستشفى الحكومي، وحيد الذى عاش منعزلا فى مهنته لاحظت أسرته منذ 10 سنوات أنه يمر بنوبات هياج شديدة. يقول خالد شقيق وحيد «وحيد نجار مسلح وصنايعى زى الفل وراجل دماغه شغالة وشاطر فى صنعته والكل بيشهد ليه بس نعمل إيه أخويا حساس زيادة عن اللزوم وبيشيل فى نفسه أوى من أقل حاجة.. وبصراحة هو استحمل كتير». دخل وحيد المستشفى عقب نوبة هياج أصابته فى الشارع أثناء مشادة بينه وبين أحد زملائه، وقتها أمسك وحيد بجنزير وانهال ضربا على خصمه والجميع ثم توالت موجات الهياج حتى اضطرت أسرته لتقييده بالحبال والذهاب به إلى المستشفى. تم إيداع وحيد مستشفى العباسية لفترة، خرج بعدها وقد استقرت حالته النفسية، واشترط الطبيب لخروجه أن يزور وحيد المستشفى مرة كل شهر لصرف العلاج والكشف على حالته ومدى تماثلها للشفاء التام. «العلاج كان بيخليه زى المبرشمين علشان كده مابقاش ياخده» هكذا فسر خالد توقف شقيقه عن تناول العلاج، وهو ما أدى لإصابته بنوبات هياج جديدة حطم فيها هذه المرة منزل الأسرة وضرب كل من وقع فى طريقه حتى أعاده الأهل إلى المستشفى مرة أخرى. وحيد الذى بدا مرتاحا فى وجوده داخل أسوار العباسية كان يدرك طبيعة مرضه لكنه لا يعرف كيف يتحكم فى نوبات الهياج. كان المستشفى بالنسبة له فرصة للعزلة بعيدا عن مجتمع لا يستطيع حتى الآن التعامل معه «أنا عايز أبقى منطلق وحر نفسي، ما فيش حد هنا بيؤمر حد ولا واحد بيتريق على التانى وعشان كده أنا مستريح.. أنا مش عيان انا زعلان من الناس». يضيف وحيد «بره كانت الشتيمة بالأم أبسط حاجة الواحد بيشوفها» يصمت وحيد قليلا ثم يكمل بعصبية مفاجئة: «مع إنى والله أقدر أجيب دماغهم نصين بالشاكوش الحديد.. أقدر أفرمهم فرم». تجاوب وحيد مع العلاج لا يبدو مطمئنا، فنوبات الهياج تصيبه من حين لآخر دون اسباب واضحة، والعلاج أصبح نوعا من «الحلوى» بالنسبة له، والأسرة مازالت قلقة خاصة أنه متزوج ولديه «بيت مفتوح» كما يقول شقيقه.