«أنا مش بخوف حد.. وقلت لهم 100 مرة أنا موافق على خطوبة حبيبتى، ورحت للواد اللى خطبها وقلت له ما دام جبت الشقة والشبكة يبقى عايز تاخدها خدها.. والله رحت وقلت له كده، خلاص هو جاب الشقة والشبكة يبقى إيه اللى يمنعه يعنى».. هكذا بدأ حديث أحمد الذى عرف نفسه بالاسم الكامل يسبقه وصفه لنفسه بالمريض. أحمد الذى يبلغ من العمر 29 عاماً وصل إلى مستشفى العباسية بعد أن فقد حبيبته بسبب «الشقة والشبكة». يحكى أحمد حكايات «خاصة جداً» حول المستشفى وحياته فيه: «الحالة عك فى عك، إدارة المستشفى كلها بتراقبنى يا أخى.. والله العظيم كلهم بيراقبونى، وأنا شوفت الدكاترة والممرضين بيعذبوا زمايلى وبيقتلوهم ويدفنوهم فى التلاجة»، صمت أحمد قليلا وتلفت «وكمان عيسى وماهر الممرضين بيدخلوا علينا بالليل العنبر ويدونا سجاير بس بفلوس وبياخدوا الأكل بتاعنا». رواية أحمد عن «تعذيب المرضى» يحللها أحد أطباء مستشفى العباسية طالباً عدم نشر اسمه: «بعض المرضى يشاهدون زملاءهم أحياناً أثناء تعرضهم لجلسات العلاج بالصدمات الكهربائية وهو ما قد صوّر لهم أن زملاءهم يتعرضون للتعذيب، رغم أن جلسات العلاج بالصدمات الكهربائية تعد من أنجح الوسائل التى يتبعها الطبيب النفسى وتؤدى لنتائج جيدة للغاية، إلا أن مشاهدة مريض يتعرض لتلك الجلسات الكهربائية قد يصدم بعض المرضى الآخرين، رغم أنها واحدة من أهم طرق العلاج وأكثرها فاعلية وسرعة». يعيش أحمد فى المستشفى منذ سنوات لا يعرفها، وعلاقته بما هو خارج أسوار العباسية شبه معدومة «ماحدش من إخواتى بييجى يزورنى، مافيش غير أمى هى اللى بتيجى وتاخدنى فى حضنها وتقعد تعيط والناس بيضحكوا عليها وياخدوا منها فلوس عشان يخلونى فى المستشفى»، أحمد لا يريد هو الآخر العودة إلى منزل الأسرة بحى الشرابية «لو رجعت بيحبسونى فى أوضه، وأخويا وليد بيضربنى بالحديدة، وعمار بالحزام على إيدى، وأخويا شريف الصغير بيضربنى معاهم، علشان ما أخرجش من البيت». كل ما يريده أحمد هو التالى «هاتوا لى التليفزيون هنا.. هاتوهم علشان أقولهم إنى لو ابن عضو مجلس شعب كان زمان الحكومة جابت لى شقة وشبكة وشغلتنى فى وظيفة محترمة.. أنا مش عايز غير التليفزيون يجينى هنا». يعيش أحمد فى المستشفى خائفاً من الجميع، الأطباء فى نظره «بيقتلوا العيانين» والممرضون يعاقبونهم، وإدارة المستشفى «بتراقبنى فى كل لحظة وفى كل مكان وعينهم عليا فى الرايحة والجاية». أما خارج الأسوار فيبدو المستشفى مقارنة به جنة، فهناك أسرة كما يقول المريض اعتادت على الاعتداء عليه بوصفه «مجنون»، ومجتمع لا يرحم ظروفه الخاصة ولا يفهم أن قصص الحب قد تؤدى أحياناً إلى مستشفى الأمراض العقلية.