جدل حول إطعام الكلاب الضالة في الشوارع.. بين الرحمة وخطر انتشار الأمراض

شهدت الساعات الماضية جدلًا كبيرًا حول التعامل مع الحيوانات الضالة، خاصة الكلاب التي تنتشر في شوارع القاهرة والمحافظات، فهناك حملات عبر وسائل التواصل تدعو إلى «التجويع» كوسيلة للحد من انتشار الكلاب الضالة.
بدأ الجدل الحالي في أوائل أكتوبر الحالي، عندما انتشرت فيديوهات على تيك توك وفيسبوك تحث المواطنين على تجنب رمي بقايا الطعام في الشوارع، معتبرة أن إطعام الكلاب الضالة يزيد من انتشارها ويُشجع على التكاثر.
أحد المنشورات الشائعة، التي حصدت آلاف التفاعلات، قال: «دعوا الكلاب تجوع حتى تموت، فهي مصدر خطر على الأطفال والنساء»، أثارت تلك الدعوى ردودًا فقهية من دار الإفتاء المصرية، حيث نشر أمين الفتوى، الشيخ أحمد ممدوح، فتوى عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، مؤكدًا أن قتل الحيوانات الضالة حرام شرعًا إلا ما تحقق ضررها منها، مثل التي تحدد أمن المجتمع وسلامة المواطنين، بشرط أن يكون بمشورة الجهات المختصة، وأن يراعى في القتل الإحسان والرفق.
وأضاف الشيخ ممدوح أن الإسلام يأمر بالإحسان إلى كل مخلوق، ومن أحسن إلى دابة أو كلب أحسن الله إليه«، هذه الفتوى، التي حصدت آلاف الإعجابات، تُعزز من موقف الأزهر، حيث أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في مايو 2025 أن»الإحسان للحيوانات والطيور في الأيام الحارة عليه أجر وثواب«، مشجعًا على توفير الظل والماء لها كجزء من التعاليم الإسلامية.
وفي السياق نفسه، برز الشيخ خليل غريب، عالم أزهري، كرمز للإحسان بعد انتشار فيديو له في أبريل 2025 يُطعِم فيه كلابًا ضالة في شوارع القاهرة، وقال: الرحمة بالحيوانات جزء لا يتجزأ من دين الإسلام، فالكلاب مخلوقات الله، وإطعامها صدقة جارية.
وفي فتوى سابقة من إسلام ويب، أكد الفقهاء أن «إطعام الكلب ومداعبته جائز، خاصة في ظروف الإحسان، ولا ينجس الإنسان إلا لعابه إذا لامس الجسم»، مستندين إلى أن «الكلاب طاهرة في أصلها، والنجاسة في لعابها فقط عند بعض المذاهب».
وكان الشيخ محمد أبوبكر في 2022، قد أكد أن «لا فائدة من اقتناء الكلب في المنزل إلا للحراسة أو الصيد، ويجب غسل الملابس سبعًا إذا لامس لعابه»، محذرًا من مخاوف صحية مثل انتقال الأمراض، وفي حلقة تلفزيونية عام 2020، أوضح الدكتور سلامة عبدالقوي، عالم أزهري، أن «تربية الكلاب في المنازل مكروهة إلا لضرورة، لكن الإحسان بها في الشوارع مستحب»، مشددًا على التوازن بين الرحمة والنظافة.
الإسلام دين الوسطية، يجمع بين الحفاظ على الصحة العامة والرحمة بالمخلوقات، وكما قال الشيخ غريب في فيديوه شهير له أن الكلاب ليست عدوًا، بل جزء من خلق الله الذي يستحق الإحسان.
ومن ناحيتها اعتبرت وزارة الزراعة هذه الدعوات الشعبية «سلوكًا مخالفًا لتعاليم الدين الإسلامي والقانون المصري»، مشددة على أنها تمثل إيذاءً غير مباشر للحيوانات يتنافى مع الفطرة السليمة، وفي بيان صادر عن الوزارة يوم 30 سبتمبر، أكدت أن «الامتناع عن الإطعام يُعد شكلًا من أشكال الإيذاء غير المباشر، المنافي للفطرة السليمة وللتعاليم الدينية التي أوصت بالرحمة والرفق ب'كل كبدٍ رطبة'»، مستشهدة بحديث نبوي يُعد أساسًا للإحسان بالحيوانات.
وأضافت الوزارة أن المواطنين يجب أن يبلغوا الجهات المختصة للتعامل مع الحيوانات الضالة، لا الإضرار بها مباشرة، مشيرة إلى أن قانون حماية الحيوانات رقم 19 لسنة 2009 يُجرِّم الإيذاء بغرامة تصل إلى 200 جنيه مصري، وقد يصل إلى السجن في حالات التعذيب.