إنها البكتريا تلك الكائنات الميكروسكوبية متناهية الصغر والتى أثبتت الأبحاث خلال السنوات الأخيرة أنها تسلك سلوكاً عقلياً ومنطقياً مذهلاً وأنها تبدى رد فعل مناسب للوسط الذى توجد فيه. ويبدو أن تلك الكائنات تسلك سلوكاً يستند إلى تخطيط مسبق والغريب أنها لا تمتلك مخاً ولا حتى جهازاً عصبياً ولو بسيطاً إنها مجرد خلية بسيطة جداً ينحصر تركيبها على ماء ودهن وبروتين فقط وفى أبسط الصور. لقد ورد فى مجلة (Science et vie) مقالاً فى عددها الصادر فى تموز 1999 " أن البكتريا فى حالة إتصال دائم، وتتخذ قرارها المناسب وفقاً لهذا الإتصال المستمر. ويتم هذا الإتصال عبر وسائل غاية فى التعقيد فالبكتريا تحتوى على آليات لإرسال إشارات كهربية واستقبالها وتتواجد تلك الأجهزة على أسطح أجسامها وبهذه الطريقة يتم الإتصال فيما بينها. ذلك الإتصال يشمل تبادل المعلومات حول كمية الغذاء الوجود فى بيئتها وعلى أساس تلك المعلومات تتخذ البكتريا القرار بالإستمرار فى التكاثر أو التوقف عنه وكذلك تقوم بإتخاذ العديد من القرارت الجماعية". وكذلك فإن عالم الأحياء المجهرى مايكل دينتون(Michael Denton) يقول "تتبع الأميبا فى حياتها نمطها مشابهاً لما يتبعه الكائن متعدد الخلايا بالرغم من كونها أصغر من ذرة غبار ، ولو كبرنا حجم الأميبا حتى تصبح فى حجم قطة مثلاً عند إذن سيكون لها نفس درجة ذكاء هذا الحيوان. ولكن كيف تستطيع هذه الكائنات الحية المجهرية أن تسلك مثل هذا السلوك المنطقى، إن الأميبا عندما تنوى إفتراس غذائها فأول ما تفعله هو المطاردة وتتبعه حيثما ذهب وتستمر على هذا الحال وقتاً طويلاً ولا يمكن تفسير هذا السلوك على المستوى الجزيئى". ومعنى عدم إماكنية تفسير هذا السلوك على المستوى الجزيئى أى لا يمكن تفسير هذا السلوك إستناداً إلى الأحكام والقوانين الفيزيائية والكيميائية. إن هذا السلوك يستدعى وجود عقلاً واعياً وذكاءاً كبيراً ومخاً موجهاً وكيف ذلك وتلك الكائنات الحية الميكروسكوبية لا تمتلك مخاً أو جهازاً عصبياً، إذاً فمن الذى يقوم بتوجيه تلك الكائنات ومن الذى يسيطر على سلوكها ويلهمها كيفية التعامل بهذا الذكاء العالى إنه الله القدير الذى قال فى كتابه الكريم موضحاً تلك الحقيقة كاشفاً سر تلك الغريبة الكونية " إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " (هود: 56).