مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    نتنياهو يوجه رسالة إلى ترامب بعد مطالبته بالعفو عنه    تطورات مفاوضات الأهلي مع حامد حمدان.. وموقف اللاعب    تفاصيل مران منتخب مصر استعدادا لمواجهة أوزبكستان وديا    سموحة يفوز على الاتحاد في ذهاب نصف نهائي دوري السوبر لكرة السلة    طقس الخميس| تحذير من عدم استقرار وأمطار رعدية على هذه المناطق    نقابة المهن التمثيلية تنفى وفاة محمد صبحى.. والفنان الكبير لليوم السابع: أنا بخير    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    رسمياً.. مجموعة ستاندرد بنك تفتتح مكتبها التمثيلي في مصر    السيسى يصدر قانون الإجراءات الجنائية بعد معالجة أسباب الاعتراض    موعد نهائى كأس السوبر المصرى لكرة اليد على قنوات أون سبورت    نجم منتخب فرنسا خارج مواجهة أوكرانيا    ديانج يدرس الاستمرار مع الأهلي رغم عرض سعودي مغري    وزير خارجية أوكرانيا: نحن بحاجة إلى دعم شركائنا لوضع نهاية للحرب الروسية    الكرملين: الأسلحة النووية مفيدة للردع لكن الخطاب النووي خطير    محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات المسابقة الفنية لمحات من الهند ببلطيم    تحصين 2.2 مليون رأس ماشية ضد «القلاعية»    احذرى، فلتر المياه متعدد المراحل يُفقد الماء معادنه    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    الرئيس الفلسطيني يبحث مع رئيسة البرلمان الفرنسي تعزيز العلاقات الثنائية    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    صحفيو مهرجان القاهرة يرفعون صورة ماجد هلال قبل انطلاق حفل الافتتاح    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    مكتب التمثيل التجاري يبحث مع المانع القابضة زيادة استثمارات المجموعة فى مصر    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    محمد صبحي يطمئن جمهوره ومحبيه: «أنا بخير وأجري فحوصات للاطمئنان»    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    ذكرى رحيل محمود عبد العزيز.. محطات وأسرار في حياة ساحر السينما المصرية    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الواد بِلْيَة»
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 05 - 2010

«الواد بِلْيَة» فى التراث المصرى هو صبى الميكانيكى الذى كان أهله - لدى بلوغه العاشرة بعد انفلاته من التعليم - يستعطفون من أجله أقرب «أُسْطَى» كى يتكرم ويتنازل ويضمه إلى ورشته. «إنت الخير والبركة.. دا زى ابنك.. اكسر رقبته وأنا المسؤول».
يبدأ «الواد بلية» فى التعرف على ملامح عالمه الجديد فى أولى خطوات ما يمكن وصفه بعملية زراعة بذرة رجل مهنى. بعد قليل سيدرك بنفسه أن عليه أن يدفع ثمناً غالياً لمستقبل أكثر وعداً، ففى ذلك اليوم الذى سلمه أهله طائعين شاكرين للأسطى، رأى أباه يكاد يقبل يد الأسطى وهو يقول له: «دا أخوه بقى على وش جواز ولا عنده شهادة ولا فى إيده صنعة».
هكذا يدرك «الواد بلية» فجأة مدى أهمية الأسطى لدى أهله ولدى أهالى «الحتة» ومدى ما ينتظره من تعب، ويجمح به خياله، فيتصور نفسه يوماً ما صاحب ورشة قد الدنيا. يراوده الحلم كل يوم بينما يشرب الصنعة ساعة بعد ساعة على يدى الأسطى وأحياناً على «شلاليته». يراوده الحلم يوماً بعد يوم بينما تزداد كثافة الطبقة الزيتية على غياره الوحيد الذى يرتديه من مطلع الفجر حتى مغرب الشمس حين لا يبين ساعتها وجهه الذى سوّده الدخان والشحم والزيت والتراب من غبش الليل القادم، ولا بواطن أظافره التى صارت بيتاً مزمناً لهذا المزيج المنبئ برجولة مبكرة.
«مفتاح 12 ياض يا بلية».. يفيق بلية على صيحة لصوت تعودت أذناه على تعاريجه، وصورة لقدمين تحفظ مؤخرته ملامحهما تتدليان من تحت إحدى السيارات. ونفيق نحن معه على حقيقة محزنة فى زمن محزن تكاد تختفى منه صورة «الواد بلية».
ورغم أننا لا ندافع عن عمالة الأطفال من قريب أو من بعيد، فإن ثمة سببين على الأقل يدعواننا اليوم إلى استحضار فكرة «الواد بلية»: أولهما الانحدار الهائل فى مستوى مهارة الأسطى المصرى فى مختلف المجالات الحيوية التى لا يمكن لأى مجتمع أن يستغنى عنها، مثل الميكانيكا والسباكة والكهرباء والنجارة والخياطة، إلى آخره، وهو ما ينطبق أيضاً - لأسباب أخرى متعددة - على بقية قطاعات المجتمع.
وثانيهما غياب الاقتناع بأهمية التدريب المستدام فى ثقافة عامة تسودها الفهلوة و«يا عم.. هى كيميا يعنى؟». أما فكرة «الواد بلية» التى قد يترفع عليها بعضنا، فهى فى الواقع فكرة أسهمت إلى حد بعيد فى رفع مستوى الأداء فيما نصفه اليوم بدول العالم المتحضر. خذ مثلاً لدى الغربيين فكرة «الشبللة» Apprenticeship فيما نسميه «الأعمال الحرة»، وفكرة «المدخلة» Internship المعمول بها فى جميع المؤسسات الغربية تقريباً بمختلف تخصصاتها، وهى تجربة يخوضها الفرد أحياناً أثناء دراسته وفى معظم الأحيان عقب انتهائه من الدراسة مباشرة لمدة مختصرة معلومة يكون أثناءها «ظلاً» لأحد الموظفين، كى يشرب الصنعة منه عملياً على أرض الواقع.
يحدث مثل هذا لدينا أحياناً، لكنه يحدث، حين يحدث، للسبب الخطأ، فشرب الصنعة لم يعد كما يبدو هدفاً فى حد ذاته واستثماراً عظيماً فى المستقبل، وإنما منفذ للوثب على وظيفة فى أقرب فرصة، دون التفات لاستكمال الأدوات أولاً، لا من «المتدرب» ولا من «صاحب العمل».
هذه إحدى مآسى مصر فى الوقت الذى نعيشه الآن، لم تكن موجودة أيام «الواد بلية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.