بعد عيد الأضحى.. قائمة الإجازات الرسمية في 2025    متابعة امتحانات الترم الثاني والاستعداد للعام الجديد.. تفاصيل اجتماع مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ    البنك المركزي: خدمة الدين الخارجي لمصر ارتفعت 68% خلال الربع الثاني من العام المالي الحالي    تعرف على أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء الموافق 10-6-2025 فى سوهاج    محافظ أسيوط يؤكد استمرار رفع نواتج تطهير الترع والمصارف    «التخطيط» تستعرض «خطة المواطن الاستثمارية» لمحافظة مطروح للعام المالي الحالي 24/2025    وزير المالية ل الجمارك: العمل على راحة الحجاج.. وأولوية خاصة لكبار السن والحالات المرضية    229 مصنعاً لإعادة تدوير المنتجات البلاستيكية في مصر    الخارجية الإيرانية: لا يمكن القول بأن المفاوضات مع الولايات المتحدة وصلت إلى طريق مسدود    صحة غزة: ارتفاع حصيلة ضحايا مجازر مراكز المساعدات إلى 163 شهيدا وأكثر من 1495 إصابة    الدفاع الروسية: قواتنا نفذت ضربات ليلية مكثفة على منشآت صناعية ودفاعية بأوكرانيا    شوبير: الأهلي خرج بمكاسب من ودية باتشوكا.. وزيزو أبهر الجميع بجاهزيته    القنوات الناقلة لمباراة فلسطين وعمان مباشر اليوم في تصفيات كأس العالم 2026    بدء تلقي طلبات اعتذارات الثانوية العامة 2025 بقنا.. تعرف على الأماكن والشروط    رابط نتيجة الصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني في الإسكندرية    ضبط 13 كيلو من مخدر الهيدرو خلال حملة أمنية في دمياط    التضامن تواصل تنفيذ خطة تفويج عودة الحجاج إلى أرض الوطن    مصرع وإصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين فى عين شمس    جهود أمنية مكثفة لكشف غموض العثور على جثة شاب مصاب بطلقات نارية بقنا    فيلم المشروع x ل كريم عبد العزيز يتخطى 90 مليون جنيه إيرادات    3 أبراج كسيبة والتراب بيتحول ذهب فى إيديهم.. الدلو بيفكر برة الصندوق    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يتألقان بحفلين في 48 ساعة    التضامن الاجتماعي: فريق التدخل السريع تعامل مع 561 بلاغًا في مختلف المحافظات خلال شهر مايو    ماجد الكدواني ضيف معتز التوني في رابع حلقات «فضفضت أوى» (موعد العرض)    الحكومة تستعد للإعلان عن القضاء على مرض الجذام.. مدبولي يوجه بتكثيف الجهود للوصول إلى "صفر حالات" وتوفير الرعاية الكاملة للمتعافين والدعم النقدي الاجتماعي المطلوب    رئيس هيئة الرعاية الصحية: تقديم 6,454 خدمة تثقيفية وتوعوية لنشر الوعي الصحي خلال العيد    محافظ أسيوط يشهد انطلاق تقنية طبية جديدة "ERCP" بوحدة المناظير بمستشفى المبرة    «التأمين الصحي»: استحداث عدد من الخدمات الطبية النوعية بالمستشفيات    انتشال جثة سيدة من غرقى تروسيكل سقط في نهر النيل بأسيوط    اليوم.. «أيام إخناتون» و«شلباية» يفتتحان عروض مسرح إقليم جنوب الصعيد الثقافي    «عروسة مميزة جدا».. أسماء جلال ترافق أمينة خليل في حفل زفافها الثاني باليونان    المأذونين عبر تليفزيون اليوم السابع: زواج شاب "داون" من فتاة يجوز شرعاً    الأطباء: نتابع واقعة عيادة قوص ونناشد تحري الدقة في تناول المعلومات    محمد السيد: لست متمرداً.. والزمالك بيتي    ضحية تنمر.. صحف نمساوية تكشف معلومات عن منفذ إطلاق النار بمدينة جراتس    السيسي يصدَّق على قانونين بشأن مجلسي النواب والشيوخ    شيكابالا لإدارة الزمالك: لن أعتزل والفريق سيعانى فى غيابى (فيديو)    كندا تتعهد برفع الإنفاق الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي استجابة لضغوط "الناتو"    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم بلدتي كوبر وبيتونيا ومخيم الجلزون وقرية فقوعة    وزير الري يشيد بجهود العاملين خلال عطلة عيد الأضحى    فتح باب التقديم لوظيفة مدير عام المجازر والصحة العامة بمديرية الطب البيطري بالغربية (الشروط)    في أولي حفلاته بعد الحج.. أحمد سعد يوجه رسالة لجمهوره| صور    المجمعات الاستهلاكية تستأنف العمل لطرح السلع واللحوم للمواطنين    حِجر إسماعيل..نصف دائرة في الحرم تسكنها بركة النبوة وذاكرة السماء    ارتفاع الأسهم العالمية والدولار مع تقدم المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    الدبيس: أتمنى المشاركة أساسيا مع الأهلي في كأس العالم للأندية    مباريات اليوم.. ختام المرحلة الثالثة بتصفيات آسيا للمونديال    وزيرة إسبانية تدين اختطاف السفينة مادلين : يتطلب رد أوروبى حازم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    بتوصية أيمن الرمادي.. الزمالك يفتح الباب أمام بيع نجميه (تفاصيل)    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    الخارجية الإيرانية: الجولة المقبلة من المحادثات مع واشنطن تُعقد الأحد في سلطنة عُمان    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    "خسارة للأهلي".. نتائج مباريات الإثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الواد بِلْيَة»
نشر في المصري اليوم يوم 30 - 05 - 2010

«الواد بِلْيَة» فى التراث المصرى هو صبى الميكانيكى الذى كان أهله - لدى بلوغه العاشرة بعد انفلاته من التعليم - يستعطفون من أجله أقرب «أُسْطَى» كى يتكرم ويتنازل ويضمه إلى ورشته. «إنت الخير والبركة.. دا زى ابنك.. اكسر رقبته وأنا المسؤول».
يبدأ «الواد بلية» فى التعرف على ملامح عالمه الجديد فى أولى خطوات ما يمكن وصفه بعملية زراعة بذرة رجل مهنى. بعد قليل سيدرك بنفسه أن عليه أن يدفع ثمناً غالياً لمستقبل أكثر وعداً، ففى ذلك اليوم الذى سلمه أهله طائعين شاكرين للأسطى، رأى أباه يكاد يقبل يد الأسطى وهو يقول له: «دا أخوه بقى على وش جواز ولا عنده شهادة ولا فى إيده صنعة».
هكذا يدرك «الواد بلية» فجأة مدى أهمية الأسطى لدى أهله ولدى أهالى «الحتة» ومدى ما ينتظره من تعب، ويجمح به خياله، فيتصور نفسه يوماً ما صاحب ورشة قد الدنيا. يراوده الحلم كل يوم بينما يشرب الصنعة ساعة بعد ساعة على يدى الأسطى وأحياناً على «شلاليته». يراوده الحلم يوماً بعد يوم بينما تزداد كثافة الطبقة الزيتية على غياره الوحيد الذى يرتديه من مطلع الفجر حتى مغرب الشمس حين لا يبين ساعتها وجهه الذى سوّده الدخان والشحم والزيت والتراب من غبش الليل القادم، ولا بواطن أظافره التى صارت بيتاً مزمناً لهذا المزيج المنبئ برجولة مبكرة.
«مفتاح 12 ياض يا بلية».. يفيق بلية على صيحة لصوت تعودت أذناه على تعاريجه، وصورة لقدمين تحفظ مؤخرته ملامحهما تتدليان من تحت إحدى السيارات. ونفيق نحن معه على حقيقة محزنة فى زمن محزن تكاد تختفى منه صورة «الواد بلية».
ورغم أننا لا ندافع عن عمالة الأطفال من قريب أو من بعيد، فإن ثمة سببين على الأقل يدعواننا اليوم إلى استحضار فكرة «الواد بلية»: أولهما الانحدار الهائل فى مستوى مهارة الأسطى المصرى فى مختلف المجالات الحيوية التى لا يمكن لأى مجتمع أن يستغنى عنها، مثل الميكانيكا والسباكة والكهرباء والنجارة والخياطة، إلى آخره، وهو ما ينطبق أيضاً - لأسباب أخرى متعددة - على بقية قطاعات المجتمع.
وثانيهما غياب الاقتناع بأهمية التدريب المستدام فى ثقافة عامة تسودها الفهلوة و«يا عم.. هى كيميا يعنى؟». أما فكرة «الواد بلية» التى قد يترفع عليها بعضنا، فهى فى الواقع فكرة أسهمت إلى حد بعيد فى رفع مستوى الأداء فيما نصفه اليوم بدول العالم المتحضر. خذ مثلاً لدى الغربيين فكرة «الشبللة» Apprenticeship فيما نسميه «الأعمال الحرة»، وفكرة «المدخلة» Internship المعمول بها فى جميع المؤسسات الغربية تقريباً بمختلف تخصصاتها، وهى تجربة يخوضها الفرد أحياناً أثناء دراسته وفى معظم الأحيان عقب انتهائه من الدراسة مباشرة لمدة مختصرة معلومة يكون أثناءها «ظلاً» لأحد الموظفين، كى يشرب الصنعة منه عملياً على أرض الواقع.
يحدث مثل هذا لدينا أحياناً، لكنه يحدث، حين يحدث، للسبب الخطأ، فشرب الصنعة لم يعد كما يبدو هدفاً فى حد ذاته واستثماراً عظيماً فى المستقبل، وإنما منفذ للوثب على وظيفة فى أقرب فرصة، دون التفات لاستكمال الأدوات أولاً، لا من «المتدرب» ولا من «صاحب العمل».
هذه إحدى مآسى مصر فى الوقت الذى نعيشه الآن، لم تكن موجودة أيام «الواد بلية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.