صناع الخير عضو التحالف الوطني ينشر بهجة عيد الأضحى بين الأسر الأولى بالرعاية    من هو محمد السنوار الذي زعم الجيش الإسرائيلي العثور على جثته؟    رومانو: ريال مدريد يتوصل لاتفاق لضم ماستانتونو    العودة لباريس أو البقاء مع يوفنتوس.. كولو مواني يكشف عن فريقه في كأس العالم للأندية    تقرير: بايرن ميونخ يضغط على ميلان لضم لياو    خالد عيش: خروج مصر من قائمة ملاحظات العمل الدولية للعام الرابع يعكس الالتزام بالمعايير الدولية    موعد صرف مرتبات شهر يونيو 2025 لجميع العاملين بالدولة    إصابة ربة منزل وطفلتها في حريق ببني سويف    أخبار مصر اليوم.. السيسي يصدق على تعديل قانوني مجلس النواب والشيوخ    حدث في 8 ساعات| اكتشاف أقدم مدينة عمالية بالأقصر.. وآخر موعد للتقديم في سكن لكل المصريين 7    أمير كرارة وهنا الزاهد ينتهيان من تصوير فيلم الشاطر    طريقة عمل الريش البقري بالبطاطس، أكلة مميزة فى العيد    التعليم العالي تنشر حصاد العام المالي 2024/2025 للتصنيفات الدولية: ظهور لافت للجامعات    لجنة تعاين حريق محل أخشاب بفيصل    إصابة جندي إسرائيلي بجروح بالغة إثر تعرضه للقنص في حي الشجاعية بغزة    المجلس الوطني الفلسطيني: إسرائيل حوّلت غزة إلى مقبرة جماعية    إعلام عبري: جثة السنوار في قبضة إسرائيل    أكلات عيد الأضحى.. طرق تحضير الكوارع وأشهى الأطعمة    إحياء سبع آلاف سنة    فضيلة الإمام الأكبر    رونالدو يكشف: عملت مترجمًا ل ميسي!    في ثالث أيام العيد.. مدير معهد بحوث أمراض النباتات يتفقد محطة سدس    إلهام شاهين من الساحل الشمالي.. «الله على جمالك يا مصر» | صور    براتب 10 آلاف جنيه.. الإعلان عن 90 وظيفة في مجال الوجبات السريعة    لدغة عقرب تُنهي حياة "سيف"| المئات يشيعون جثمانه.. والصحة ترد ببيان رسمي    سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق في أمريكا (تفاصيل)    الدفاع المدني فى غزة: الاحتلال يمنع إنقاذ الأحياء فى القطاع    درة تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال احتفالا بالعيد والجمهور يعلق (صور)    لماذا تتجدد الشكاوى من أسئلة امتحانات الثانوية العامة كل عام؟.. خبير يُجيب    5 أيام يحرم صومها تعرف عليها من دار الإفتاء    تنسيق الجامعات 2025، قائمة الجامعات المعتمدة في مصر    «الحج دون تصريح».. ترحيل ومنع «المخالفين» من دخول السعودية لمدة 10 سنوات    هدف الزمالك.. خطوة واحدة تفصل زين الدين بلعيد عن الوكرة القطري    عقرهما كلب شرس.. تفاصيل إصابة طالبين داخل "سايبر" بالعجوزة    الداخلية تواصل تطوير شرطة النجدة لتحقيق الإنتقال الفورى وسرعة الإستجابة لبلاغات المواطنين وفحصها    بقرار من رئيس جهاز المدينة ..إطلاق اسم سائق السيارة شهيد الشهامة على أحد شوارع العاشر من رمضان    بنسب إشغال تصل إلى 100% جولات مستمرة من الإدارة المركزية للسياحة والمصايف في الإسكندرية    196 ناديًا ومركز شباب تستقبل 454 ألف متردد خلال احتفالات عيد الأضحى بالمنيا    تجهيز 100 وحدة رعاية أساسية في الدقهلية للاعتماد ضمن مؤشرات البنك الدولي    لا يُعاني من إصابة عضلية.. أحمد حسن يكشف سبب غياب ياسر إبراهيم عن مران الأهلي    وزير الخارجية يبحث مع نظيره التركى تطورات الأوضاع فى غزة وليبيا    هل تشتهي تناول لحمة الرأس؟.. إليك الفوائد والأضرار    هل يجوز الاشتراك في الأضحية بعد ذبحها؟.. واقعة نادرة يكشف حكمها عالم أزهري    ضبط عاطلين بحوزتهما حشيش ب 400 ألف جنيه    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 996 ألفا و150 فردا    بين الحياة والموت.. الوضع الصحي لسيناتور كولومبي بعد تعرضه لإطلاق نار    منافذ أمان بالداخلية توفر لحوم عيد الأضحى بأسعار مخفضة.. صور    4 أبراج جريئة في التعاملات المالية.. عقلانيون يحبون المغامرة وخطواتهم مدروسة    موعد عودة الوزارات للعمل بعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2025. .. اعرف التفاصيل    الكنيسة القبطية تحتفل ب"صلاة السجدة" في ختام الخماسين    الشراقوه يحتفلون بثالث أيام عيد الأضحى بالمناطق الأثرية    محافظ أسيوط: لا تهاون مع مخالفات البناء خلال إجازة عيد الأضحى    كامل الوزير يتابع حركة نقل ركاب القطارات ثالث أيام العيد، وهذا متوسط التأخيرات    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الواد بِلْيَة»

«الواد بِلْيَة» فى التراث المصرى هو صبى الميكانيكى الذى كان أهله - لدى بلوغه العاشرة بعد انفلاته من التعليم - يستعطفون من أجله أقرب «أُسْطَى» كى يتكرم ويتنازل ويضمه إلى ورشته. «إنت الخير والبركة.. دا زى ابنك.. اكسر رقبته وأنا المسؤول».
يبدأ «الواد بلية» فى التعرف على ملامح عالمه الجديد فى أولى خطوات ما يمكن وصفه بعملية زراعة بذرة رجل مهنى. بعد قليل سيدرك بنفسه أن عليه أن يدفع ثمناً غالياً لمستقبل أكثر وعداً، ففى ذلك اليوم الذى سلمه أهله طائعين شاكرين للأسطى، رأى أباه يكاد يقبل يد الأسطى وهو يقول له: «دا أخوه بقى على وش جواز ولا عنده شهادة ولا فى إيده صنعة».
هكذا يدرك «الواد بلية» فجأة مدى أهمية الأسطى لدى أهله ولدى أهالى «الحتة» ومدى ما ينتظره من تعب، ويجمح به خياله، فيتصور نفسه يوماً ما صاحب ورشة قد الدنيا. يراوده الحلم كل يوم بينما يشرب الصنعة ساعة بعد ساعة على يدى الأسطى وأحياناً على «شلاليته». يراوده الحلم يوماً بعد يوم بينما تزداد كثافة الطبقة الزيتية على غياره الوحيد الذى يرتديه من مطلع الفجر حتى مغرب الشمس حين لا يبين ساعتها وجهه الذى سوّده الدخان والشحم والزيت والتراب من غبش الليل القادم، ولا بواطن أظافره التى صارت بيتاً مزمناً لهذا المزيج المنبئ برجولة مبكرة.
«مفتاح 12 ياض يا بلية».. يفيق بلية على صيحة لصوت تعودت أذناه على تعاريجه، وصورة لقدمين تحفظ مؤخرته ملامحهما تتدليان من تحت إحدى السيارات. ونفيق نحن معه على حقيقة محزنة فى زمن محزن تكاد تختفى منه صورة «الواد بلية».
ورغم أننا لا ندافع عن عمالة الأطفال من قريب أو من بعيد، فإن ثمة سببين على الأقل يدعواننا اليوم إلى استحضار فكرة «الواد بلية»: أولهما الانحدار الهائل فى مستوى مهارة الأسطى المصرى فى مختلف المجالات الحيوية التى لا يمكن لأى مجتمع أن يستغنى عنها، مثل الميكانيكا والسباكة والكهرباء والنجارة والخياطة، إلى آخره، وهو ما ينطبق أيضاً - لأسباب أخرى متعددة - على بقية قطاعات المجتمع.
وثانيهما غياب الاقتناع بأهمية التدريب المستدام فى ثقافة عامة تسودها الفهلوة و«يا عم.. هى كيميا يعنى؟». أما فكرة «الواد بلية» التى قد يترفع عليها بعضنا، فهى فى الواقع فكرة أسهمت إلى حد بعيد فى رفع مستوى الأداء فيما نصفه اليوم بدول العالم المتحضر. خذ مثلاً لدى الغربيين فكرة «الشبللة» Apprenticeship فيما نسميه «الأعمال الحرة»، وفكرة «المدخلة» Internship المعمول بها فى جميع المؤسسات الغربية تقريباً بمختلف تخصصاتها، وهى تجربة يخوضها الفرد أحياناً أثناء دراسته وفى معظم الأحيان عقب انتهائه من الدراسة مباشرة لمدة مختصرة معلومة يكون أثناءها «ظلاً» لأحد الموظفين، كى يشرب الصنعة منه عملياً على أرض الواقع.
يحدث مثل هذا لدينا أحياناً، لكنه يحدث، حين يحدث، للسبب الخطأ، فشرب الصنعة لم يعد كما يبدو هدفاً فى حد ذاته واستثماراً عظيماً فى المستقبل، وإنما منفذ للوثب على وظيفة فى أقرب فرصة، دون التفات لاستكمال الأدوات أولاً، لا من «المتدرب» ولا من «صاحب العمل».
هذه إحدى مآسى مصر فى الوقت الذى نعيشه الآن، لم تكن موجودة أيام «الواد بلية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.