تُعد "صلاة السجدة" من الطقوس المحببة إلى قلوب الشعب القبطي، إذ يجدون فيها فرصة لتذكار أحبائهم المنتقلين، فتعزى قلوبهم، ويشعرون بالرجاء في رحمة الله العاملة في الكنيسة. ما هي صلاة السجدة؟ صلاة السجدة هي صلاة خاصة تُقيمها الكنيسة القبطية في عصر يوم عيد العنصرة، وهو عيد حلول الروح القدس، الذي يُختتم به زمن الخماسين المقدسة. تُصلى في الساعة الثالثة من النهار (أي الساعة التاسعة صباحًا بالتوقيت اليهودي القديم)، تذكارًا للحظة حلول الروح القدس على التلاميذ وهم مجتمعون في علية صهيون.
توقيتها وتحولها من الصباح إلى المساء كانت تُقام في الأصل صباح عيد العنصرة بعد قراءة الإبركسيس (سفر أعمال الرسل)، ولكن نُقلت لاحقًا إلى المساء بسبب مشقة الوقت على المصلين.
لماذا تُسمى "صلاة السجدة"؟ سُمِّيت بهذا الاسم لأن الكنيسة تُؤدى فيها الصلوات مع الانحناء والسجود الكامل، في تذكار لما حدث مع الرسل وقت حلول الروح القدس. وجاء هذا الطقس عقب واقعة حدثت مع البطريرك الأنطاكي مكاريوس، عندما هبَّت ريح ثلاث مرات أثناء الصلاة فكان المصلون يسجدون فتهدأ الريح، ومن ثم أيقنوا أن مشيئة الله أن تُصلى هذه الطلبات في خشوع وسجود. الطلبات التي تُتلى أثناء السجدات تُختتم كل سجدة بطلبات مؤثرة تُتلى والمصلون في حالة سجود، منها: في السجدة الأولى: "أنت الكثير الرحمة... استجب لنا في اليوم الذي ندعوك فيه". في السجدة الثانية: "انظر إلى شعبك المنحني لك برُكبه... واغفر لهم". في السجدة الثالثة: "يا ابن الله السامع للذين في التجارب... لك المجد غير الفاني".
لماذا تُقام السجدة في العصر وليس الصباح؟ رغم أن الروح القدس حلّ على التلاميذ في الساعة الثالثة صباحًا (أعمال 2: 15) وفقاً للعقيدة المسيحية ، إلا أن الكنيسة رتبت إقامة صلاة السجدة في العصر، لأن قداس العيد يُقام في الصباح. ويعود ذلك أيضًا إلى رمزية الفصح اليهودي، إذ أمر الله شعبه بإقامته نحو الغروب (تثنية 16: 6). كما أن المسيح "فصحنا" ذُبح في هذا الوقت (متى 27: 46).
رمزية البخور خلال صلاة السجدة تُستخدم البخور أثناء الصلاة كعلامة رمزية على انتشار رائحة الروح القدس الزكية في العالم، في تذكار حيّ لحلوله وسط الكنيسة.
الطقس بين الفرايحي و السنوي تُصلى السجدة الأولى باللحن الفرايحي استمرارًا لأفراح الخماسين المقدسة. أما السجدة الثانية والثالثة فتُصلى باللحن السنوي، كتهيئة للدخول في زمن صوم الرسل. ويلاحظ الشعب التدرج من الفرح إلى التخشع، تعبيرًا عن التحول من زمن القيامة إلى بداية حياة الخدمة والرسالة.