وفد من الكنيسة يهنئ محافظ شمال سيناء بعيد الأضحى المبارك    عاشور يلتقي بوزير التعليم الإماراتي لتعزيز سُبل التعاون المُشترك    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    وزيرتا التعاون الدولي والبيئة تبحثان مع إيطاليا تعزيز التعاون في إدارة المخلفات الصلبة    سعر الذهب فى مصر يرتفع بشكل طفيف وعيار 21 ب3140 جنيها للجرام    وزارة السياحة والآثار: تشكيل غرفة عمليات بالإدارة المركزية لشركات السياحة    عبدالحليم قنديل يكتب .....مصير صفقة "بايدن"    يورو 2024.. رحلة منتخب اسبانيا فى مبارياته الافتتاحية قبل موقعة كرواتيا    جورج كلونى وجوليا روبرتس يشاركان فى فعالية لجمع التبرعات لحملة بايدن    مودريتش: لا أحب المقارنة بين الأجيال.. ومنتخب إسبانيا مميز    عن 26 عامًا| وفاة حارس ميلوول بشكل مفاجئ    حج 2024| الصحة السعودية توجه تحذيرًا مهمًا للحجاج في المشاعر المقدسة    تعرف على المقصود برمي الجمرات.. والحكمة منها    مصرع شاب غرقًا في ترعة بقنا    بعد الطعامة.. عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة «تتحبي» | فيديو    القاهرة الإخبارية: وصول 9 شهداء إلى مستشفى الأوروبي في غزة    تعرف على وصايا رسول الله في خطبة الوداع بعرفة    مشاهد خاصة من عرفات.. دعوات وتلبية وفرحة على الوجوه (صور)    محافظ المنوفية يتفقد مستشفى الرمد ومركز رعاية الأطفال المبتسرين بشبين الكوم    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج الترجمة التخصصية باللغة الفرنسية بآداب القاهرة    تراجع الزيت والسكر.. سعر السلع الأساسية بالأسواق اليوم السبت 15 يونيو 2024    العلاقة بين الإنسان والكائنات الأخرى.. قصور الثقافة تواصل تقديم عروض مسرح الطفل ب «خيال الحقل» في قنا    وزير الإسكان: زراعة 46 ألف شجرة ونخلة في مشروع "كابيتال بارك" بالعاصمة الإدارية    رئيس حكومة الاحتلال السابق يطالب بوقف الحرب على حماس.. ويدعو ل«شل الدولة»    تفاصيل مقتل 8 جنود حرقا أثناء نومهم داخل مدرعة في غزة    غرفة طوارئ ب«الرعاية الصحية» خلال العيد    تدعم إسرائيل والمثلية الجنسية.. تفاصيل حفل بلونديش بعد المطالبة بإلغائه    رئيس «جهاز أكتوبر»: تجهيز 4.2 مليون متر مسطح أخضر استعدادا لعيد الأضحى    محمد شريف: "وقعت للزمالك قبل الأهلي.. وفشل الانتقال بسبب هذا اللاعب"    في عيد ميلاده.. رحلة محمد صلاح من نجريج إلى قمة الكرة العالمية    11 معلومة عن خطيب عرفات ماهر المعيقلي.. من أروع الأصوات وعمره 55 عاما    رئيس «النيابة الإدارية» يهنئ السيسي وشعب مصر بعيد الأضحى    بحجة ارتفاع أمواج البحر.. تفاصيل نقل الرصيف العائم من شاطئ غزة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    قبل انطلاق كوبا أمريكا.. رونالدينيو يهاجم لاعبي "السامبا"    هتصلي فين؟.. ساحات عيد الأضحى المبارك بالإسماعيلية    محمد رمضان يكشف عن أغنيته الجديدة "مفيش كده".. ويعلق: "يوم الوقفة"    الاحتلال الإسرائيلي يعلن قصف مبنى عسكري لحزب الله جنوبي لبنان    وفد "العمل" يشارك في الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي بجنيف    البلتاجي: ركلة جزاء الأهلي صحيحة.. ومدافع الزمالك يستحق البطاقة الحمراء    كفرالشيخ: تحرير 7 محاضر لمخالفات خلال حملات تموينية على المخابز بقلين    مع ارتفاع درجات الحرارة.. 5 نصائح مهمة لتجنب الإصابة بضربات الشمس في عيد الأضحى    التضامن: تنظم سلسلة من الدورات التدريبية للاخصائيين الاجتماعيين والنفسيين حول الإسعاف النفسي الأولي    حكم صيام أيام التشريق.. الإفتاء تحسم الجدل    يوم عرفة 2024 .. فضل صيامه والأعمال المستحبة به (فيديو)    ننشر أماكن ساحات صلاة عيد الأضحى في السويس    استقرار سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 15 يونيو 2024    "كان بيقطع اللحمة".. لا شبهة جنائية في وفاة جزار بسكين في الجيزة    يسع نصف مليون مصلٍ.. مسجد نمرة يكتسى باللون الأبيض فى المشهد الأعظم يوم عرفة    ب«6 آلاف ساحة وفريق من الواعظات».. «الأوقاف» تكشف استعداداتها لصلاة عيد الأضحى    5 أطباق بروتين للنباتيين في عيد الأضحى.. «وصفات سهلة ومغذية»    الجالية المصرية في السعودية: تفويج جميع الحجاج المصريين إلى جبل عرفات    أستاذ ذكاء اصطناعي: الروبوتات أصبحت قادرة على محاكاة المشاعر والأحاسيس    هبوط اضطراري لطائرة تقل وزير الدفاع الإيطالي بعد عطل طارئ    بسبب جلسة شعرية محبطة.. صلاح عبد الله يروي سر ابتعاده عن كتابة الأغاني للمطربين    ألمانيا تسحق إسكتلندا بخماسية في افتتاح يورو 2024    دي لا فوينتي: الأمر يبدو أن من لا يفوز فهو فاشل.. وهذا هدفنا في يورو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطاعم البيتزا والأبراج تغزو قريتى
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 09 - 2019

الأعياد والأفراح والمآتم، هى المناسبات التى أزور فيها قريتى بدّين، مركز المنصورة، محافظة الدقهلية، فأرى أفراد أسرتى الممتدة، والأهل، ومَن تبقى من أصدقاء الطفولة والصبى، على قيد الحياة.
وكان عيد الأضحى الأخير، هو أحد هذه المناسبات. فقضيت يوم الوقفة فى المنصورة، حيث تعيش أخواتى المتزوجات، وعائلتهم التى أصبحت مُمتدة. ولا تحسب الأخوات زيارتى لهن، إلا إذا تناولت عندهن وجبة غداء أو عشاء.
وبعد وجبة العشاء عِند آخر الأخوات، أتوجه أنا وزوجتى الأمريكية المتمصرة، إلى القرية، حيث أجد بقية أفراد الأسرة فى انتظارنا، فى بيت الأسرة الكبير، الذى يُقيم فيه ويرعى ما تبقى من شؤون العائلة، أصغر أنجال شقيقى الأكبر، حسام إبراهيم، ضابط الشُرطة المُتقاعد. وعادة ما يمتد الحديث الأسرى، حول الماضى والحاضر، إلى ما بعد منتصف الليل، وحتى تُنبّهنا زوجتى بضرورة النوم، حتى نتمكن من الاستيقاظ فى الصباح الباكر، لأداء صلاة العيد، وزيارة المقابر، وتقديم واجب العزاء لعائلات مَن رحلوا، خلال الشهرين المُنصرمين، منذ عيد الفطر الأخير.
هناك أشياء لا تتغير من تقاليد الأعياد، منها أنواع الأطعمة، والتى أصبحت زوجتى تنتظرها، وتتطلع إلى مذاقها، منذ كانت والدتى الراحلة تحرص على طهيها، قبل خمسين سنة مضت. وقد تعلمتها الأخوات، وزوجات الإخوة والأحفاد. وبدون هذه الأطعمة، بروائحها ومذاقها، لا يكتمل العيد بالنسبة لزوجتى، التى أصبحت تُجيد العربية المصرية الدارجة. فتسأل عن أصناف الطعام الغائبة، من القائمة التى كانت قد تعودت عليها، منذ الراحلة، والدتى الحاجة جوهرة.
لم تتغير فى قريتى ولا فى أسرتى الممتدة مشكلات الميراث، ولا الشكوى من أطماع الإخوة الذكور فى حقوق أخواتهن، التى نص عليها شرع الله إسلامياً، ولا حقوق الأبناء الذين نسوا أو تناسوا أمهاتهم. ولأننى أصبحت الأكبر عُمراً، فى أسرتى الممتدة، فقد أصبح من واجبى التدخل والتوفيق فى عدد من هذه المشكلات المتكررة!
ولكن التغير اجتماعياً هو مقاصد عمل الشباب الباحثين عن فُرص للعمل والرُقى أو الحِراك الاجتماعى. فلم تعد تِلك الفُرص مقصورة على بُلدان النفط الخليجية، وليبيا، ولكنها أصبحت أكثر اتساعاً لتشمل أوروبا والأمريكتين، وحتى أستراليا.
وكان الجديد فى هذا العيد سيرة بعض شباب القرية الذين التقوا شرق أوروبيات فى الخليج، وتزوجن من بعضهن، إما عن حُب، أو لطمع فى الحصول على جنسية أوروبية، تُمكنهم من السفر إلى مزيد من أقطار العالم، دون مشقة أو انتظار لتأشيرات دخول.
لم يكن زواج شباب قريتى من أوروبيات، هو التغير الوحيد الذى لاحظته فى السنوات الأخيرة. ولكن زاد عليه مادياً حِرص عدد متزايد من أبناء القرية الذين وفّقوا فى المهجر، وكانوا من أصول متواضعة، على أن يُترجموا نجاحهم فى تشييد منازل جديدة من المُسلح، ومُتعددة الطوابق. فأصبح معتاداً الآن أن يُقيم بعضهم أبراجاً، كان أحدها من عشرة طوابق. ويحلو لبعض أفراد أسرتى الممتدة تذكيرى أن صاحب ذلك البُرج، كان أبوه عاملاً زراعياً يعمل فى أرض عائلتنا. ويتعجبون من رد فعلى وتعبيرى عن الإعجاب لِما أنجزه أبناء ذلك العامل الزراعى، من نجاح وحِراك اجتماعى إلى أعلى!
ومن مظاهر التغير الاجتماعى المُثيرة فى هذا العيد، أطفال الأسرة الممتدة، الذين نفحتهم زوجتى عيديات تراوحت بين خمسين ومائة جنيه. وبعد نصف ساعة عاد أحدهم، يحمل كرتونة مكتوباً عليها بيتزا نابليوناتانا، وعاد آخر وهو يحمل كرتونة أكبر مكتوبا عليها بيتزا رومانو. وحينما استفسرنا، اتضح أن القرية التى لا يتجاوز سُكانها عشرة آلاف نسمة، بها ثلاثة محلات، أو مطاعم بيتزا، تُديرها سيدات من الذين كُن قد هاجرن مع أزواجهن إلى إيطاليا، وقضين عِدة سنوات، عُدن بعدها وهن يُجدن عمل البيتزا، ومأكولات إيطالية أخرى. وقد ذاع صيتهن فى القُرى المُجاورة، فاشترت إحداهن توك توك، ليقوم أحد الشباب من أقاربها بتلبية طلبات الزبائن بتوصيل البيتزا إلى منازلهم أو محال أعمالهم. وقد أصرت إحدى صاحبات المطاعم الثلاثة على أن أتذوق أنا وزوجتى ما تُقدمه من البيتزا، وهو ما استجبنا له إعجاباً وتشجيعاً.. وقبل أن نُغادر القرية كانت صورتنا ونحن نلتهم البيتزا النابليوناتانا، قد انتقلت عبر العالم، حيث رآها الأقارب والأصدقاء فى إسبانيا، وبوسطن، وإنديانا فى الولايات المتحدة.
وهكذا يتلخص جديد قريتنا فى زيادة عدد الزوجات الأجنبيات، والأبراج، ومحال البيتزا، واقتحام نساء القرية عالم الإنترنت. إن ثورة صامتة تجتاح الريف المصرى. فحبذا لو قام عُلماء الاجتماع والأنثربولوجيا بمُلاحقة ورصد، وتحليل الجوانب المتعددة لهذه الثورة الصامتة، كما كُنت أنا وغيرى قد فعلنا، منذ أربعين عاماً، برصدنا هجرة ملايين المصريين للبُلدان النفطية فى ليبيا والجزيرة العربية والعِراق، وهو ما نشرناه فى كتابنا بعنوان: النظام الاجتماعى العربى الجديد، والذى ظهرت أولى طبعاته عام 1979، وظهرت منه عِدة طبعات أخرى خلال العقد التالى، أى إلى أواخر الثمانينيات.
اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد
وعلى الله قصد السبيل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.