فتحت مراكز الاقتراع فى الجزائر أبوابها، أمس، أمام 24.5 مليون ناخب، لاختيار الرئيس السابع للبلاد منذ استقلالها، خلفًا للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة من بين 5 مرشحين بارزين فى الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الحاسمة والمثيرة للجدل، وتخللت التصويت احتجاجات وأعمال عنف أدت إلى إغلاق بعض مراكز الاقتراع فى 3 ولايات، مع تواصل الرفض الشعبى والطلابى والحزبى الواسع لإجرائها، مع توقعات بحدوث جولة ثانية بين المرشحين اللذين يحصدان أكبر عدد من أصوات الناخبين، وذلك فى حال عدم حصول أحد المشاركين بالسباق على الأغلبية المطلقة. ويتنافس على منصب الرئاسة لمدة 5 سنوات مقبلة فى الانتخابات 5 مرشحين خاضوا حملة انتخابية دامت 22 يوما، هم: رئيس جبهة المستقبل عبدالعزيز بلعيد، ومرشح حزب طلائع الحريات على بن فليس، ورئيس حركة البناء الوطنى عبدالقادر بن قرينة، والوزير الأول الأسبق عبدالمجيد تبون، والأمين العام بالنيابة للتجمع الوطنى الديمقراطى عز الدين ميهوبى. وتظاهر المئات فى وسط العاصمة الجزائرية احتجاجًا على الانتخابات بعد ساعات من فتح مراكز الاقتراع، وطالب المحتجون بمقاطعة التصويت الذى وصفوه بأنه «مجرد مسرحية». وبحسب وكالة «رويترز»، قال شهود وسكان إن المحتجين شاركوا فى مسيرات ببلدات فى منطقة القبائل، حيث أغلق بعض مراكز الاقتراع، وشهدت الانتخابات أعمال عنف رافضة إجرائها، إذ حطم محتجون مركزين للاقتراع فى ولاية بجاية شمال البلاد، إحدى أكبر مدن القبائل بعد أن اقتحموا اللجنتين وحطموا صناديق التصويت وخربوا قوائم الناخبين، بحسب ما نقلت وكالة «فرانس برس» عن شهود عيان، كما أغلق عدد من مراكز الاقتراع فى ولايات تيزى أوزو والبويرة شمال الجزائر بعد مناوشات خلال التصويت، وأقر رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفى بوجود مشكلات تنظيمية فى 3600 مركز اقتراع من إجمالى أكثر من 61 ألف مركز، وقال إن التصويت يجرى بصورة طبيعية فى 95% من مراكز التصويت. وعشية الاقتراع، دعا عدد من الناشطين فى الحراك الشعبى لمقاطعة الانتخابات.. وشهدت الجزائر، العاصمة، احتجاجات على المتنافسين لمنصب الرئاسة، واعتبروهم امتدادا لنظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، فيما شهدت العاصمة تظاهرات مؤيدة للانتخابات على أمل خروج البلاد من الأزمة. وبدأ التصويت الساعة الثامنة صباحا واستمر حتى السابعة مساء، وبدأ الفرز فور إغلاق صناديق الاقتراع.. وفى غياب استطلاعات الرأى، من الصعب توقع عدد الناخبين الذين سيدلون بأصواتهم فى بلد عُرف تقليديًا بتدنى نسب المشاركة، إلا أن غالبية المراقبين توقعوا امتناعًا واسعًا عن التصويت بسبب الرفض الشعبى الواسع للانتخابات، وتباينت نسبة المشاركة وسجلت مستويات متوسطة فى العاصمة وبعض المدن الكبرى، فيما شهدت إقبالا محدودا ومشاركة ضعيفة فى مناطق القبائل. وقالت صحيفة «النهار» الجزائرية إن نسبة المشاركة بلغت 7.9% بعد 3 ساعات من فتح مراكز الاقتراع. وأناب بوتفليقة، الرئيس السابق، شقيقه ناصر للتصويت بدلا منه بتوكيل رسمى بسبب وضعه الصحى، وأدلى شقيقه بصوت الرئيس فى دائرة انتخابية بمركز البشير الإبراهيمى فى العاصمة، ليكون ناخبا لأول مرة منذ وصوله للسلطة عام 1999، كما أدلى المرشحون للانتخابات بأصواتهم فى دوائرهم، وأكد المرشح عبدالمجيد تبون أن الانتخابات «فرصة لقيام جمهورية جديدة عمادها الشباب»، وأنها «ستُفشل المؤامرة التى تحاك ضد الجزائر»، فيما أعلن بن فليس عن أمله فى أن «تأتى الانتخابات الرئاسية بالخير للشعب الجزائرى وللجزائر»، رافضا الإجابة عن أسئلة الصحفيين «اعتبارا لواجب التحفظ واحتراما لميثاق الشرف وتقديرا لواجب الصمت الانتخابى». يتوزع الناخبون على أكثر من 61 ألف مكتب اقتراع فى كافة مدن وقرى البلاد، ويشرف على الانتخابات أكثر من نصف مليون عضو تابع للسلطة المستقلة للانتخابات.. ويتميز الاستحقاق الرئاسى الحالى بكونه أول انتخابات تتولى تسييرها سلطة وطنية مستقلة تضم 50 عضوًا من الكفاءات الوطنية، وهى هيئة دائمة ومستقلة تمارس مهامها دون تحيز، وتتولى تسيير كل مراحل العملية الانتخابية- بحسب وكالة الأنباء الجزائرية. كان رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات قد أكد أن السلطة وفرت «ضمانات» لضمان شفافية الاقتراع من خلال الطابع المستقل لهذه الهيئة، التى تم تنصيبها مثلما ينصب رئيس الجمهورية، موضحًا أن هذا التنصيب يعنى أنها «مستقلة فعلا عن كل وصاية من الدولة مهما كان شكلها ومهما كانت طبيعتها». وأكدت السلطات اتخاذ كل التدابير الأمنية والتنظيمية لإنجاح الانتخابات الرئاسية وضمان حسن سير الاقتراع، بما يتيح للجزائريين أداء واجبهم الانتخابى فى أحسن الظروف. وحذر نائب وزير الدفاع، رئيس الأركان، الفريق أحمد قايد صالح، «العصابة وأذنابها وكل من تسول له نفسه المساس بهذا المسار الدستورى أو عرقلته للزج بالبلاد فى مسارات محفوفة بالمخاطر، من خلال التشويش على الانتخابات أو محاولة منع المواطنين من ممارسة حقهم الدستورى». ورغم أن البلاد اعتادت انتخابات شارك فيها أكثر من منافس، فإن الانتخابات الحالية تأتى فى ظروف مختلفة عن سابقاتها، بسبب الحراك الشعبى الذى ضغط على بوتفليقة للتنحى وأفضى إلى انقسام الشارع ما بين مؤيد ومعارض للانتخابات. وسيتسلم الرئيس الجديد مقاليد السلطة من الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح، الذى تولى المنصب فى مارس الماضى. ونقل التليفزيون الجزائرى، أمس، عن رئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح قوله خلال إدلائه بصوته: «أهيب بالجزائريين والجزائريات أن يتحملوا مسؤوليتهم من خلال التوجه إلى صناديق الاقتراع، ليختاروا بكل حرية ووعى المرشح والبرنامج الذى يتناسب مع قناعاتهم للخروج ببلادنا من هذه الأوضاع التى لا مصلحة للجزائر فى استمرارها».