أسعار النفط تتراجع عالميًا – الجمعة 20 يونيو 2025 بعد مرور أسبوع على اشتعال الصراع بين إسرائيل وإيران    عرض أوروبي ل«تفاوض شامل» مع إيران بنموذج «العراق 1991»    عاجل| إسرائيل تأمر بتكثيف الهجمات على طهران: استهداف رموز الدولة والنووي الإيراني ضمن أولويات الجيش    آرسنال يضع اللمسات الأخيرة على صفقة نجم سوسيداد    تموين الإسماعيلية يكثف حملات المرور على الصيدليات للتأكد من صلاحية ومطابقة الأدوية    بسمة بوسيل تطرح «ميني ألبوم» بعنوان «حلم» يضم 6 أغنيات (تعرف عليها)    رئيس جامعة الجلالة: نعمل وفق رؤية وطنية طموحة لوزارة التعليم العالي    برشلونة يعلن التعاقد مع أولى الصفقات الصيفية    ديلي ميل: ليفربول يخفض طلباته لرحيل نونيز.. ويختار بديلين    عراقجي يلقي كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان وسط المواجهة الإسرائيلية الإيرانية    نار خبيز العيش امتدت لأسطوانة البوتاجاز.. إصابة سيدة في حريق بقنا    بالأسماء.. 8 مصابين في حادث بالبحيرة    إيران تبدأ هجومًا صاروخيًا وصفارات الإنذار تدوي في إسرائيل    شيرين رضا: "مبحبش الدليفري ومش باكل من برة البيت"    يارا السكري بفستان قصير ووردة حمراء.. الجمهور: إيه مواصفات فتى أحلامك    خطيب الجمعة بالأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    الحقيقة حول القهوة، هل هي مفيدة أم ضارة للصحة؟    حالة الطقس غدا السبت 21-6-2025 في محافظة الفيوم    نتيجة الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ في هذا الموعد    إصابة 5 أشخاص إثر تصادم ملاكي مع توكتوك في مسطرد بالقليوبية    تعاون بين «الطيران المدني» وشركات عالمية لتطوير البنية التحتية والخدمات الذكية    «الجبهة الوطنية» يعلن تشكيل أمانة إدارة الأزمات والتدخلات العاجلة    وسط هدم مزيد من المباني| جيش الاحتلال يصعد عدوانه على طولكرم ومخيميها بالضفة    أُسرة الشيخ أبو العينين شعيشع تُحيي الذكرى الرابعة عشر لرحيله بمسقط رأسه في كفر الشيخ الإثنين المقبل    مبابي خارج موقعة ريال مدريد ضد باتشوكا في كأس العالم للأندية    إزالة مزارع سمكية مخالفة بجنوب بورسعيد على مساحة 141 فدانا    ضبط 12 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    إصابة 18 شخصا إثر انقلاب سيارة ميكروباص على طريق ديروط الفرافرة بأسيوط    طرح البوستر الرسمي لنجوم فيلم "أحمد وأحمد"    الشيوخ يفتح ملف التنمر داخل المدارس بحضور وزير التربية والتعليم    موقع عبري: مليار شيكل يوميا لتمويل الحرب على إيران    المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: واقع اللاجئين اليوم يتجاوز مجرد التنقل الجغرافي    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    وزارة النقل: وصول أول قطار للخط الرابع للمترو مايو 2026.. ودراسة تنفيذ مراحل جديدة    أحمد سعد بعد تعرضه لحادث وتحطم سيارته: "أولادي وزوجتي بخير"    للأفضل أكاديميا.. إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025 (تفاصيل)    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    فيتسل: سعيد باللعب بعد 6 أشهر صعبة    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    "القابضة لمياه الشرب" تعلن فتح باب القبول بالمدارس الثانوية الفنية    "التنمية المحلية × أسبوع" رصد أنشطة الوزارة خلال 13–19 يونيو 2025    وزير الدفاع الإسرائيلى: نواصل مهاجمة المنشآت والعلماء لإحباط البرنامج النووى لإيران    تشغيل مستشفى القنطرة شرق بعد تطويرها بتكلفة 400 مليون جنيه    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    البوري ب130 جنيه... أسعار الأسماك في أسواق كفر الشيخ    التشكيل المتوقع لمباراة فلامنجو وتشيلسي في كأس العالم للأندية    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» تحقق في «سرقة التاريخ»: آثار بلا حراسة .. ومفقودات بلا حصر

مساحات صحراوية واسعة تتخللها بنايات قديمة تتسم بالعراقة، يبرز فى مدخلها أبواب حديدية، تبدو حديثة الصنع، منها ما تحطمت أقفالها، ومنها ما أغلق بسلك حديدى دون إحكام ورجل تجاوز الأربعين بسنوات، يحمل «بندقية» يتجول بها فى المناطق المحيطة للمكان، تثقله حبات الرمال فى الحركة، فتتعثر خطواته، كلما استشعر وجود غرباء تسللوا إلى المنطقة، دليله إلى ذلك هو صوت نباح الكلب، الذى يعد بمثابة آلة تنبيه طبيعية، تعنى وجود غرباء فى المكان، تفاصيل مشهد يومى اعتاده أحمد محمد، على مدار 34 عاماً من العمل كحارس لآثار «تونا الجبل»، صار يحفظ تاريخها عن ظهر قلب، يحكى قصة اكتشاف المكان لزائريه بابتسامة تعلو وجهه المجعد، يتحدث بثقة الخبير، الذى صار يمتلك مفاتيح الأمور فى المكان، مهمته ليست بالسهلة، فحمايته للآثار فى منطقة تتسع لأكثر من 8 كيلو مترات من الأراضى الصحراوية مشقة ما بعدها مشقة، خاصة أن الحراسة بها ما يقرب من 10 أفراد فقط، لا يملك السلاح فيهم سوى اثنين فقط وهما من رجال شرطة السياحة والآثار.
«آثار تونا الجبل وأهميتها التاريخية جعلتها محط أنظار سكان المناطق المجاورة لها، خاصة من يعرفون خبايا المنطقة من سكانها، وكيفية الدخول إليها عبر المناطق الصحراوية المفتوحة»، هكذا وصف خفير المنطقة حالها بعد الثورة، إذ تعرضت لسطو مسلح، من قبل مجموعة من المواطنين، الذين يعتقدون أن المكان به قطع أثرية يسهل الاستيلاء عليها، مؤكداً أن الكثير من أهالى القرية يسعون للبحث عن آثار فى المنطقة من أجل الثراء السريع، يظن البعض منهم أن تلك البنايات المغلقة تضم بداخلها قطعاً أثرية نادرة، وهو ما دفع عدداً من اللصوص إلى اقتحامها، خاصة أن عدد المسلحين أقل بكثير من أعداد الحراس، الذين لا يحملون سلاحاً، فوسط عشرة من الحراس فى المنطقة يتسلح رجلان فقط، والباقى يقفون لمراقبة المكان ويشغلون وردية عملهم بأحاديث السمر، التى يتبادلونها بجوار تلك البنايات.
اقتحام المخازن فى «تونا الجبل» لم يسفر عن سرقات لأن المنطقة تم تفريغها من الآثار ونقلها إلى المتحف المصرى الكبير.
المكان لايزال يضم بداخله حكايات تاريخية ملتصقة بمقابر الفراعنة، وسراديب أرضية لم يتم اكتشاف معظمها بعد، وأراضى لم يتم اكتشافها بعد، وهو ما دفع بعض الأهالى للتنقيب عن الآثار فيها، من خلال استيلائهم على بعض الأراضى الواقعة تحت زمام الآثار فمنطقة تل العمارنة التابعة لمركز ملاوى، شهدت فى أعقاب ثورة 25 يناير زحف المواطنين عليها وتنقبهم عن الآثار، وهو ما أكدته نجوى أحمد على، مديرة منطقة آثار ملاوى، التى أشارت إلى أن الأهالى استغلو الغياب الأمنى واستولوا على بعض الأراضى الواقعة فى زمام الآثار، الأمر الذى دفع مسؤولى الآثار فى مركز ملاوى لطلب إمدادات من الجيش لحماية المناطق الأثرية بها.
السرقات التى وقعت فى مناطق عديدة كشفت عن وجود خلل فى النظام التأمينى للمخازن الفرعية، فمخزن سليم حسن الموجود فى منطقة الأهرامات الذى كان يضم العديد من القطع الأثرية النادرة لم تقم الآثار بفتحه ومراجعة ما بداخله منذ 1968، وهو ما أكده على الأصفر، مدير منطقة الآثار بمنطقة الأهرامات، مشيراً إلى أن المخزن تعرض للسرقة بعد أحداث 25 يناير، وقال إنه تم التعامل مع الموقف بنقل الآثار الموجودة بالمخزن إلى المخزن الرئيسى المجهز لحماية ما تبقى من الآثار. ولفت إلى أن الأزمة الحقيقية هى فى العدد القليل الذى يحرس المخازن، مؤكداً أن التأمين البشرى هو الذى يحمى تلك المناطق، لكن الأعداد القليلة وقلة الأسلحة تسببتا فى حدوث السرقات، وأوضح أن مسؤولية تأمين المناطق الأثرية ترجع إلى شرطة السياحة والآثار.
فى مساحة شاسعة تزيد على 500 فدان وقف جمعة محمد الذى تعدت سنوات عمره الخمسين بقليل، والذى يحرس متحف كوم أوشيم فى منطقة الكرانيس، لا يحمل فى يديه سوى «طبنجة» صغيرة، يضع دكة خشبية فى مكان «الظل» يستريح عليها منتظراً موعد دوام عمله، الذى يستمر 24 ساعة كاملة فوردية حراسة المتحف ثلاثة أفراد أمن فقط، يتبدلون يومياً. تقع كوم أوشيم المعروفة باسم «الكرانيس» على بعد 30 كم شمالاً من مدينة الفيوم، و60 كم إلى الجنوب الغربى من مدينة الجيزة، وتضم كوم أوشيم مدينة الكرانيس الأثرية التى ترجع للعصرين اليونانى والرومانى، ولا تزال تحتفظ بالكثير من عناصرها مثل المعبد الجنوبى والشمالى، يقع المتحف عند مدخل المدينة وكان قد بدأ 1974 بصالة واحدة، تضم بعض الآثار التى عثر عليها فى المنطقة وتم تطويره 1995 من حيث المساحة وأسلوب العرض ويتكون المتحف من طابقين خصص الأول منهما لعرض الآثار ابتداء من عصور ما قبل التاريخ حتى نهاية العصر الرومانى، وخصص الطابق الثانى للآثار القبطية والإسلامية والعصر الحديث.
ورغم الأهمية التاريخية للمتحف، فإنه مغلق منذ 2006 كما أكد يحيى محمدين، مدير عام المتحف، وتابع: «المتحف يحتاج سوراً لحمايته من هجمات البلطجية، كتبنا وطالبنا ببناء سور، خاصة أن المساحة هنا تصل إلى 2000 فدان من الأراضى الشاسعة، لكننا لم نحصل على رد حتى الآن بالإضافة إلى عدم وجود كاميرات مراقبة تحمى المكان، والمتحف مرتبط بمنطقة كرانيس الأثرية، وهى منطقة جبلية معرضة للسرقات والنهب».
مساء يوم 29 يناير «أول سبت» بعد جمعة الغضب، فوجئ جميع العاملين بالمنطقة بهجوم بلطجية يزيد عددهم على 200 فرد يحمل بعضهم أسلحة آلية، والبعض الآخر أسلحة بيضاء والشوم والجنازير والمطاوى الصغيرة، وبالطبع لم يستطع العدد القليل من أفراد الأمن حماية المتحف، كما يحكى جمعة عطية أحد أفراد الأمن: «كنت قاعد اليوم ده لوحدى، لأن معظم الشرطة روحت ودخل علينا، بلطجية ونزلوا فينا ضرب، ومن ساعتها سبت المكان ومشيت».
ظل المتحف دون ورديات أمنية لمدة تقترب من أربعة أيام استطاع البلطجية خلالها اقتحام المتحف ودخوله عن طريق كسر الباب الخشبى البسيط، الذى يحميه وحطموا الفاترينات بالإضافة إلى سرقة كل ما تقع عليه أيديهم، فيما نفى يحيى محمدين- مدير المتحف- سرقة أى قطع أثرية من داخله، لأنه سبق أن تم تفريغه من محتوياته بسبب عمليات التطوير. وأكد أن البلطجية اكتفوا بتكسير الفاترينات، ومولد كهربائى واستولوا على بعض الأموال من خزينة المتحف، بالإضافة إلى ختم المتحف لكن العاملين بالمنطقة أشاروا إلى أن الأمر لم يقتصر على تلك المسروقات فقط، بل امتد إلى الحفر والتنقيب بمنطقة الكرانيس، دون وجود أى عناصر أمنية تعترضهم سوى بعض دوريات الجيش التى كانت تمر لحماية المخزن المتحفى، المجاور للمتحف، كل عدة ساعات، وهو نفس ما أكده جمعة محمد: «لما بنكلم رئيس الوحدة المحلية ما بيسألش فينا، وما بيرضاش يفتح الأنوار والمكان
بيبقى عتمة، لأنه جبل، وقسم الشرطة قوتة كانت بسيطة فى مواجهة البلطجية، لأن سلاحنا طبنجات وما بنقدرش نواجه الآلى».
فى المخزن المتحفى، اختلف الأمر قليلاً، وحرص القائمون عليه، على إحاطته بسور أسمنتى، بالإضافة إلى وجود كاميرات مراقبة، تراقب خارج المخزن فقط، أما داخل المخزن، فقد خلا من أى كاميرات، واكتفى الأمن بإغلاق باب المخزن، ب«قفل» معدنى بسيط- يسهل فكه.
يختلف الوضع الأمنى كثيرا فى منطقة كرانيس الأثرية، فالمنطقة ذات المساحات الشاسعة يؤمنها ثلاثة خفراء شرطة، فى وردية تستمر 24 ساعة، مسلحين فقط بطبنجات، بالإضافة إلى خفير معين من قبل المجلس الأعلى للآثار، فالمنطقة الأثرية المقامة على جبل مفتوحة من جميع جوانبها، فأثناء التجول فى المنطقة يقابلك تمثال مكسور لرمسيس الثانى، نقل إلى الكرانيس من منطقة كيمان فارس الأثرية، بسبب الخوف من تعرضه للمياه الجوفية، دون وجود أى حراسة خاصة تحميه من السرقة، بالإضافة إلى جزء من جدار من معبد الملك رمسيس منقوش عليه بالهيروغليفية.
وأكد أشرف صبحى، مفتش آثار بالفيوم، أن المدينة تحتوى على أكثر من 35 منطقة أثرية دون تأمين، وتابع: الحراسة غير كافية بكل المقاييس، وأرجع السبب إلى نقص الميزانية التى حددتها «الآثار» للتأمين. ولفت سعيد عوض محمد، مفتش آثار بالفيوم، إلى مشكلة أخرى تتلخص فى أن الهجوم على المخزن المتحفى أصبح فى تزايد مستمر، وبشكل دائم، خاصة أن أهالى المنطقة صار لديهم علم بأنه ملىء بالقطع الأثرية، بعد هجوم البلطجية عليه أثناء الثورة.
من داخل منطقة سقارة الأثرية، كانت آثار السرقات والاقتحامات أوضح، فأبواب أغلب المقابر تم تحطيمها بالإضافة إلى بعض السرقات، التى عانت منها المنطقة، تحديداً أوقات الثورة بعد سرقة اللصوص الباب الوهمى، الذى يقدر ثمنه بملايين الجنيهات، من داخل مقبرة «راحتب» الأثرية، والباب الوهمى، هو باب أثرى مغطى بالنقوش الفرعونية والكتابة الهيروغليفية، وتمت سرقته رغم كبر حجمه وثقل وزنه.
واشتكى مسؤول بالآثار - فضل عدم ذكر اسمه - من وجود عجز فى حراسة المنطقة وقال: «بنلحم أبواب المقابر ونقفلها، فنفاجأ بوجود أفراد من قرية أبوصير وسقارة، قاموا باقتحامها وكسرها، بالإضافة إلى قيامهم بالحفر تحت الأرض، وهناك حارس واحد يقف على كل مقبرة أثرية، وهذا العدد غير كاف لمواجهة السرقات والاقتحامات».
فيما أكد الدكتور محمد عبدالمقصود، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحرى وسيناء، أن خطة التأمين قبل 25 يناير، كانت تعتمد على العنصر البشرى من المجلس الأعلى للآثار، إلى جانب شرطة السياحة والآثار، وهو ما أظهر خللاً واضحاً فى الحماية، لأن دورها لا ينصب على الآثار فقط، فهى تهتم بحماية السياح والآثار، والحل لهذه المشكلة هو أن يتم إنشاء شرطة خاصة لحماية الآثار فقط، ووصف عبدالمقصود تعيين «الآثار» ل«7000 حارس دون أسلحة بأن التعيينات كانت تستهدف حل أزمة البطالة وليست لحماية الآثار بالمعنى المعروف، مؤكداً أنه لا قيمة لحارس دون أن يحمل سلاحاً.
وذكر عبدالمقصود أن الأثريين ليست مهمتهم حماية الآثار وأن مهمتهم هى التنقيب والبحث عنها، وتسجيلها، وحمايتهم للآثار عبء عليهم، وينبغى إعادة النظر فيه وطالب بأن تصبح للآثار شرطة مختصة، وأضاف: «حتى الآن لا توجد جهة واحدة يمكن سؤالها عن تأمين المناطق، لكن هناك أمناً قومياً وشرطة سياحة وآثار، وهو ما يؤدى إلى ضياع الآثار وسط كل هؤلاء»، لافتا إلى أن المخازن العشوائية، هى التى تعانى أزمة كبيرة فى تأمينها فعلى حد تعبيره: «هذه بنايات عادية تم إنشاؤها لوضع الآثار المكتشفة فيها»، لكن تلك المخازن غير مؤمنة وغير مجهزة لحماية الآثار، وأشار إلى أن المخازن ينبغى أن تكون «منشأة محصنة بأسوار وأجهزة إنذار ومزودة بحراسات بشرية مسلحة»، ولفت إلى أنه تم إنشاء 60 مخزناً مجهزاً، على مستوى الجمهورية، لتخزين الآثار، تم تصميمها بطريقة محددة، طبقا لمواصفات وشروط تأمينية واضحة، إذ إن لها مواد بناء مختلفة، وجدراناً مضادة للرصاص، ولكن الأزمة أننا فى حاجة إلى ما يقرب من 150 مخزناً مجهزاً آخر، لكى يتم تخزين جميع الآثار فيها».
وذكر أن تكلفة المخزن الواحد تصل إلى 5 ملايين جنيه، مؤكداً أن التأمين الحقيقى، لن يتم إلا بوجود حراسات مسلحة تحمى تلك المناطق، من العدوان عليها فى أى لحظة.
وأضاف: «طالبنا من قبل بالسماح لنا بتسليح الأثريين إلا أن «الداخلية» رفضت ذلك بحجج واهية»، إضافة إلى أن هناك خللاً فى رواتب الأمن والحراسات التابعة للآثار، وأغلبهم غير معينين وهى أزمة ينبغى النظر إليها.
وتابع عبدالمقصود: «المخازن التى تمت مهاجمتها، أغلبها غير مجهز وتتبع المخازن العشوائية التى طالبنا بتغييرها للمحافظة على الآثار».
وتابع: «المخازن المجهزة التى تم اقتحامها كانت فى القنطرة شرق أما مخزن المنصورة فلم ينجحوا فى اقتحامه، وأن المخازن العشوائية غير المجهزة تم اقتحامها».
واستطرد: عوامل التأمين تكتمل بتوفير المعدات والسيارات المجهزة للتحرك داخل تلك الصحارى بالصورة التى تؤدى إلى سرعة التحرك داخل الصحارى، أثناء حدوث أى اعتداء أو هجوم، ووصف عبدالمقصود غياب هذه الأدوات بأنها تؤدى إلى حدوث كوارث كبيرة تتعلق بتسهيل الاستيلاء على الآثار والمناطق الأثرية.
«نورالدين»: حماية الآثار تشبه الحفاظ على العرض والشرف
أكد دكتور عبدالحليم نور الدين، الأمين السابق للمجلس الأعلى للآثار، الأستاذ فى كلية آثار جامعة القاهرة، أن ميزانية التأمين فى وزارة الآثار، يخصص لها ما بين 5% و10% من الميزانية الكلية للمجلس، قبل أن يتحول إلى وزارة، وقال إن الميزانية ضئيلة، وتشبه الميزانية التى تصرف على البحث العلمى، رغم أهميته، ووصف قضية الحفاظ على الآثار، بأنها تمثل أولوية مثل الطعام والشراب.
وكشف «نورالدين»، أن المخازن المتحفية، التى يتم استخدامها لتخزين الآثار، ليست محصنة ضد السرقة، ويمكن اختراقها بسهولة، ولا تمثل صعوبة عن المخازن التقليدية القديمة، وأضاف: «المخزن المتحفى سهل فتحه واختراقه، ولو حد زق الباب برجله هيتفتح».
وأشار «نورالدين» إلى أن المحافظة على الآثار، تشبه المحافظة على «العرض والشرف» لأنها تمثل تاريخ مصر، ولم يستبعد الدور الإسرائيلى فى السرقات المتكررة التى حدثت خلال الأيام الماضية وتابع: «مخزن نادر فى تل الضبعة بمركز فاقوس محافظة الشرقية، تمت سرقة جميع محتوياته»، وأشار إلى أن تل الضبعة كان يمثل محافظة الهكسوس قديماً، ويكفى أن نعرف أن الإسرائيليين يقولون إنهم الهكسوس، وإنهم احتلوا مصر وأصحاب اليد الطولى عليها، والله أعلم، الآثار دى لما تطلع هتروح فين، وهتتعرض بأى شكل وطريقة، فإسرائيل تسعى لتغيير التاريخ».
وأوضح «نورالدين»، أن أول جرد يحدث للآثار على مستوى الجمهورية، كان خلال 1995، وكان من المقرر أن يتم الانتهاء من جرد جميع المخازن فى نوفمبر 1996، لكن العمل توقف حتى الآن، ولا يوجد جرد دورى للآثار المصرية، رغم أن دخل وزارة الآثار حاليا يصل إلى 2 مليار دولار، لكن جزءاً كبيراً من الميزانية يذهب إلى المتحف المصرى الكبير، الذى لم يتم الانتهاء من بنائه بعد.
وقدر «نور» الدين آثار مصر المكتشفة، بأنها تمثل من 70 إلى 75% من مجمل آثار مصر، ودعا إلى توقف العمل لاكتشاف آثار جديدة، مبرراً طلبه بأن «تراب مصر أحن على الآثار من أيدى المصريين، وما سنكتشفه لن نرممه أو نحافظ عليه».
وأكد أنه فى الفترة الأخيرة، تعرضت مناطق الآثار على مستوى الجمهورية، إلى سرقات يومية، سواء بشكل كلى أو جزئى، وزادت السرقات على 100 منطقة أثرية، وقسم أماكن تواجد الآثار إلى آثار على سطح الأرض، وفى باطن الأرض، وتحت الماء، وفى المخازن والمتاحف.
وحول التخوف من وجود تدخل أجنبى بسبب عدم توافر وسائل حماية جيدة للآثار، أكد أنه «مستحيل»، وأن أقصى ما يمكن فعله أن تقوم لجنة التراث العالمى، بحذف مناطق أثرية مصرية من قائمة التراث العالمى كما حدث من قبل فى منطقة «الأهرامات».
ووصف «نورالدين» سرقة أجهزة الإنذار فى المتحف المصرى، بأنها تمثل «لغزاً» لأنه لم يتم الكشف من خلالها، عن الذى سرق وقت اندلاع الثورة، رغم الإعلان عن أنه مؤمن بجميع الوسائل الحديثة.
مدير إدارة إزالة التعديات: لدينا 7 آلاف حارس دون سلاح.. وخطط التأمين تعتمد على العنصر البشرى
حماية الآثار وحراستها مهمة قومية نظمتها المادة 29 من القانون 117 لسنة 83، التى نصت على أن يتولى المجلس الأعلى للآثار حماية وحراسة المناطق الأثرية بالتعاون مع شرطة السياحة والآثار، وهو الأمر الذى اعتبره كثير من الأثريين بمثابة أزمة تواجه الآثار، فشرطة السياحة والآثار تهتم فى المقام الأول بحماية السياح، وتأتى فى المؤخرة حماية المواقع الأثرية، وهو ما سبب أزمة حقيقية على أرض الواقع خاصة أن غالبية حراس المجلس الأعلى للآثار لا يحملون السلاح، بسبب تعقيدات أمنية تسببت فى أن يظل 7000 حارس أثرى بلا سلاح، فحسب ما قاله اللواء عبدالحافظ عبدالكريم، مدير الإدارة المركزية لإزالة التعديات بالمجلس الأعلى للآثار، فإن الحراس التابعين ل«الآثار» بحاجة إلى إمدادهم بالأسلحة، التى تعينهم على حماية المناطق الأثرية والحفاظ عليها من اللصوص، لافتاً إلى أن خطة التأمين الموضوعة تعتمد بشكل أساسى على توزيع العنصر البشرى فى تلك المناطق من خلال دوريات مراقبة، ولكن الغريب فى الأمر هو أن الحراسة التى لا تمتلك أسلحة لا يمكنها أن تؤدى دورها بالشكل المطلوب، مؤكداً أن عدداً قليلاً جداً من الخفراء التابعين للآثار هم الذين يحملون أسلحة، وهو عدد لا يذكر. وقال عبدالحافظ: «شرطة السياحة والآثار لديهم دور كبير فى حماية تلك المناطق لأنهم الوحيدون الذين يحملون أسلحة، ولكن أحداث السطو المسلح التى وقعت بعد الثورة أثبتت أن خطة التأمين بحاجة إلى تغيير كبير». ولفت «عبدالحافظ» إلى ضرورة إنشاء شرطة تختص بحماية الآثار، لكى يتم تأمين جميع المناطق الأثرية بالدرجة الكافية، مشيراً إلى أن المناطق الأثرية أغلبها يقع فى الصحارى، وهو ما يجعل تأمينها أمراً صعباً، ولكنه ليس مستحيلاً - على حد وصفه.
فيما ذكر اللواء صامويل حلمى، ضابط فى شرطة السياحة سابقا، أن كل منطقة تختص بتأمين نفسها من خلال الإدارات التى تتبعها بالتنسيق مع المنطقة الأثرية، وأشار إلى أن مشكلة التأمين تزيد فى الفترات الليلية. وقال: «هناك ما يعرف بمراقب الأمن التابع للآثار، ودوره مراقبة دوريات الحراسة، إلا أن أغلبهم يرفضون البقاء ليلاً، بحجة أنهم موظفون ولا داعى لبقائهم ليلاً».وذكر «حلمى» أن وضع الآثار القيمة فى مبان قديمة ومتهالكة يجعلها مطمعاً لأصحاب النفوس الضعيفة، وهو ما كشفته الأيام، فضرورة الاحتفاظ بالآثار المكتشفة فى أماكن مجهزة ومخصصة لها تحميها من التعرض لأى سرقة. وأضاف صامويل أن هناك بعض المناطق الأثرية ليست من اختصاصات شرطة السياحة والآثار فى مسألة التأمين، مؤكداً أن البعثات الأجنبية التى تعمل داخل المواقع الأثرية تلازمها شرطة تابعة للأمن القومى، ولا دخل لشرطة السياحة بها، وهو ما يجعل التأمين مهمة مقسمة على أكثر من جهة وليس جهة واحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.