البرلمان الليبي يكلف النائب العام بالتحقيق مع الدبيبة ومنعه من السفر    العراق يؤكد: مخرجات قمة مصر بشأن غزة تتصدر جدول قمة بغداد    ترامب يوجه انتقادات حادة لقرارات المحكمة العليا في ملف الهجرة    الوداد المغربي يستعد لمونديال الأندية بمواجهة عملاقين أوروبيين    "هزيمة الإسماعيلي وفوز تشيلسي".. نتائج مباريات أمس الجمعة    حزب الجيل: توجيهات السيسي بتطوير التعليم تُعزز من جودة حياة المواطن    سعر الخوخ والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم السبت 17 مايو 2025    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات السبت 17 مايو 2025    اجتماع لحزب الاتحاد في سوهاج استعدادا للاستحقاقات الدستورية المقبلة    «ماحدش يقرب من الأهلي».. تعليق غاضب من عمرو أديب بعد قرار التظلمات    إبداعات المنوفية| دمية.. قصة ل إبراهيم معوض    إبداعات المنوفية| بين الشك واليقين.. شعر ل وفاء جلال    إبداعات المنوفية| متاهات الخيال.. شعر ل أسامة محمد عبد الستار    الأمم المتحدة: لدينا خطة جاهزة لتوزيع المساعدات في غزة ونطالب بدخولها دون عوائق    رئيس مصلحة الضرائب: حققنا معدلات نمو غير غير مسبوقة والتضخم ليس السبب    وليد دعبس: مواجهة مودرن سبورت للإسماعيلي كانت مصيرية    ضربة لرواية ترامب، "موديز" تخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة    ملاك العقارات القديمة: نطالب بحد أدنى 2000 جنيه للإيجارات بالمناطق الشعبية    غزل المحلة يطيح ب بابافاسيليو بعد ربعاية الجونة في الدوري    بسمة وهبة تتهم خالد يوسف وشاليمار شربتلي بتسجيل مكالمات دون إذن والتشهير بها وسبها    ترامب يلوّح باتفاق مع إيران ويكشف عن خطوات تجاه سوريا وبوتين    توافق كامل من الأزهر والأوقاف| وداعا ل«الفتايين».. تشريع يقنن الإفتاء الشرعي    لكزس RZ 2026| طراز جديد عالي الأداء بقوة 402 حصان    هند صبري: عمري ما اشتغلت علشان الفلوس وهذا موقفي من تقديم جزء 3 من "البحث عن علا"    ما حكم من مات غنيا ولم يؤد فريضة الحج؟.. الإفتاء توضح    مدير إدارة المستشفيات يشارك في إنقاذ مريضة خلال جولة ليلية بمستشفى قويسنا بالمنوفية    جوميز: شعرنا بأن هناك من سرق تعبنا أمام الهلال    أموريم: شيء واحد كان ينقصنا أمام تشيلسي.. وهذه خطة نهائي الدوري الأوروبي    تفاصيل جديدة في واقعة اتهام جد بهتك عرض حفيده بشبرا الخيمة    محسن الشوبكي يكتب: مصر والأردن.. تحالف استراتيجي لدعم غزة ومواجهة تداعيات حرب الإبادة    اشتعال الحرب بين نيودلهي وإسلام آباد| «حصان طروادة».. واشنطن تحرك الهند في مواجهة الصين!    محاكمة 3 متهمين في قضية جبهة النصرة الثانية| اليوم    اليوم.. «جوته» ينظم فاعليات «الموضة المستدامة» أحد مبادرات إعادة النفايات    انطلاق فعاليات مؤتمر التمكين الثقافي لليوم الواحد بمطروح    شديد الحرارة نهاراً وأجواء معتدلة ليلا.. حالة الطقس اليوم    نجم الزمالك السابق يفاجئ عمرو أديب بسبب قرار التظلمات والأهلي.. ما علاقة عباس العقاد؟    مصرع وإصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بمحور 26 يوليو    ضبط 25 طن دقيق ولحوم ودواجن غير مطابقة للمواصفات بالدقهلية    قرار عودة اختبار SAT في مصر يثير جدل أولياء الأمور    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 17 مايو 2025    رئيس شعبة الدواجن: نفوق 30% من الإنتاج مبالغ فيه.. والإنتاج اليومي مستقر عند 4 ملايين    رئيسا «المحطات النووية» و«آتوم ستروي إكسبورت» يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    رئيسا "المحطات النووية" و"آتوم ستروي إكسبورت" يبحثان مستجدات مشروع الضبعة    السفارة الأمريكية في طرابلس تدعو إلى ضبط النفس وحماية المدنيين    كل سنة وأنت طيب يا زعيم.. 85 عاما على ميلاد عادل إمام    السفير محمد حجازى: غزة محور رئيسي بقمة بغداد ومحل تداول بين القادة والزعماء    إصابة 4 أشخاص في حادث سقوط سيارة بترعة الفاروقية بسوهاج    داعية يكشف عن حكم الهبة لأحد الورثة دون الآخر    اليوم| الحكم على المتهمين في واقعة الاعتداء على الطفل مؤمن    قبل الامتحانات.. 5 خطوات فعالة لتنظيم مذاكرتك والتفوق في الامتحانات: «تغلب على التوتر»    لمرضى التهاب المفاصل.. 7 أطعمة ابتعدوا عنها خلال الصيف    بالتعاون مع الأزهر والإفتاء.. الأوقاف تطلق قافلة دعوية لشمال سيناء    مشيرة خطاب: التصديق على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان ضرورة ملحة    الكشف والعلاج بالمجان ل 390 حالة وندوات تثقيفية ضمن قافلة طبية ب«النعناعية»    كيف تتغلب على الموجة الحارة؟.. 4 نصائح للشعور بالانتعاش خلال الطقس شديد الحرارة    "بيطري قناة السويس" تُطلق فعاليات بيئية وعلمية ومهنية شاملة الأسبوع المقبل    شكاوى المواطنين تنهال على محافظ بني سويف عقب أدائه صلاة الجمعة .. صور    المفتي: الحج دون تصريح رسمي مخالفة شرعية وفاعله آثم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصري اليوم» ترصد رحلة الفيضان من جنوب السودان إلى دولة المصب (صور)
نشر في المصري اليوم يوم 24 - 09 - 2016

نهر النيل.. رحلة مياه الفيضان.. الخصب على ضفتيه، رجال ونساء جمعتهم سمرة أراضيه، وطمي نيله، فانعكست على الارتباط به، فهو شريان الحياة يجري في حياة أبناء النيل من منبعه حتى مصبه مجري الدم في العروق، أفراح بفيضانه، وأتراح في غضبه، وإجتياحه للأخضر واليابس، وما بين صراع أنظمة الحكم، قوي جديدة تبحث عن السيطرة على مياه، وثقة مواطنين على ضفتي النهر، تؤكد مقولة عمرو بن العاص ردا على جفاف النيل بسبب عدم الاحتفال بيوم وفاء النيل: «من عمر أمير المؤمنين إلى النيل، إن كنت تجري من عندك فلا حاجة لنا بك، وإن كنت تجري بفضل الله، فاللهم بارك لنا»، وهي رسالة شكلت السياسة المصرية طوال تاريخها، للبحث عن منابع النيل.
يبدأ الاستعداد للفيضان بجميع إدارات وأجهزة الرى المصرى بالسودان اعتبارًا من شهر أبريل من كل عام نظرًا لأن بشائر الفيضان في السودان تبدأ في الظهور أوائل يونيو من كل عام متمثلة في ارتفاع المناسيب في محطات النيل الأبيض والنيل الأزرق ونهر عطبرة ونهر السوباط مع تزايد كميات المياه الواردة من أعالى النيل نتيجة كثافة الأمطار على الهضبتين الإثيوبية والاستوائية.
وفي مدينة الخرطوم حيث يلتقي النيلين عند منطقة «المقرن»، النيل الازرق بطميه الكثيف، بفيضانه القادم من الهضبة الاثيبوبية، ونيل آخر أصابته الشيخوخة والوهن ففاض بالقليل، ولكنه لا يزال «أصل الحياة»، حاولنا أن نختلس لحظات في حياة الفيضان، لرصده ومتابعته، من أسفل كوبري «المك نمر»، بالخرطوم، وإنتهاء بمحطة «الشامبات» في أم درمان على النيل الرئيسي.
في البداية اصطحبنا المهندس مجدي السيد، رئيس بعثة الري المصري في السودان، الأربعاء الماضي 21 سبتمبر 2016، قبل أن يصل إلى النيل الرئيسي شمال الخرطوم، لبدء رحلة امتدت قرابة 3 ساعات لرصد الفيضان في النيل الأزرق «محطة الخرطوم» والنيل الرئيسي «محطة الشمبات» المطلة على نيل أمدرمان، مع فريق مصري ضم كلا من المهندس سامي الشابوري مدير الري المصري بالسودان، والمهندس مصطفي أحمد بقلم المياه بالخرطوم، والذي يقوم بمتابعة الأرصاد المائية والسياسات المائية، والمهندس محمد فوزي مهندس محطة الخرطوم، بالإضافة إلى عدد من الفنيين السودانيين منهم سائق قارب رصد مناسيب المياه، عبدالفتاح على خليفة الرفاعي، وعابر إسماعيل ميكانيكي تشغيل الموتور، وعادل ناصر عامل وهو مسؤول عن قياس الأعماق في النيل الازرق، ومحمد النور مساعد عامل الونش، واحمد عمر مساعد قياس، ومحمد أزرق وهو يقوم بمهمة «بحاري» في حالة الطوارئ يقوم بأعمال الغطس والانقاذ.
ولأن رئيس بعثة الري يعشق الارقام والتاريخ، قال: «رحلة فيضان النيل تصل إلى مصر خلال 15 يومًا منذ بدء هطول الأمطار على بحيرة تانا في أوائل مايو من كل عام، حيث تتشبع أراضى الهضبة الإثيوبية بمياه الأمطار في هذا الشهر من كل عام، ثم تبدأ المياه بالجريان في النيل الأزرق الذي يمدنا ب 85% من حصة مصر المائية البالغة 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، حتى يصل إلينا أمام السد العالى في بحيرة ناصر بعد أن يخترق دولًا وشعوبًا، بإجمالى 6650 كم في 10 دول، منها 1400 كم من بحيرة تانا حتى مدينة الخرطوم، يلتقى بعدها مياه النيل الأزرق القادم من الحبشة مع مياه النيل الأبيض القادم من الهضبة الاستوائية، في منطقة «المقرن» بالخرطوم، ليواصل النيل رحلته شمالا إلى مصر لمسافة تصل إلى 1200 كم، ليصل إجمالى نهر النيل من إثيوبيا حتى السد العالى في أسوان 2600 كم.
البداية
عندما هممنا أن نستقل قارب رصد مناسيب النيل والفيضان نصحنا مدير الرى المصرى في السودان بارتداء سترات النجاة لمواجهة مخاطر الفيضان، بينما يصل عمق المياه لأكثر من 12 مترا، ولكن ما أثلج قلوبنا ان النيل لا يزال يفيض رغم مخاوف المستقبل من تاثير سد النهضة على حصة مصر من مياه النيل، وما يسعد النفس أن بعثة الري المصري وتطبيقا لإتفاقية مياه النيل لعام 1959، تستهدف حساب كل قطرة ماء ترد إلى النهر أو أخرى تضيع خارجه، لأنه دون هذه التقارير لا يمكن لمصر وضع سياساتها المائية لتلبية كافة الاحتياجات سواء للزراعة أو الصناعة أو مياه الشرب، ويقول المهندس سامي الشابوري مدير الري المصري بالسودان، أنه يتم إعداد تقرير يومي عن تصرفان النيل ووضع المياه في مجراه، وكميات التصرفات التي تجاوزت 850 مليون متر مكعب يوميا خلال ذروة الفيضان بسرعة، بينما تصل في فترة الانخفاض إلى 350 مليون متر مكعب من المياه يوميا، في حين تصل سرعة جريان المياه خلال فترات الذروة للفيضان إلى 7 كيلومترات في الساعة.
وأضاف الشابوري أن تحليل هذه البيانات هي مهمة «عظيمة» يقوم بها خبراء ومهندسون متخصصون في وزارة الرى، لمتخذي القرار، في صورة تقارير يومية، وأخرى كل 10 أيام، بالإضافة إلى تقارير سنوية ترصد حالة فيضان النهر في النيلين الابيض والازرق لقياس الإيرادات وفواقد المياه خلال فترة سريانه في طريقه من السودان إلى جنوب مصر عند السد العالى وبحيرة ناصر، بينما تقوم بعثة الرى المصري في السودان بالمرور على المقاييس المختلفة، لعمل الصيانة المطلوبة لرخامات القياس المدرجة، وإجراء الأعمال المساحية اللازمة لضبط المقاييس قبل ورود الفيضان، بالاضافة إلى الاستعانة بأجهزة القياس الدقيقة.
الرحلة من بحيرة تانا
وأشار مدير الري المصري بالسودان إلى أن رحلة الفيضان من بحيرة «تانا» الإثيوبية حتى الحدود السودانية الإثيوبية تستغرق 3 أيام، بسرعة تصل إلى 330 كيلو مترًا يوميًا، بسبب قوة انحدار مياه الفيضان، في حين تستغرق رحلة الفيضان من حدود السودان وإثيوبيا حتى بحيرة ناصر في مصر 15 يومًا، وهي المدة التي يقطعها الفيضان الوارد من الهضبة الإثيوبية حتى بحيرة السد العالي، بينما تصل سرعة الفيضان خلال المسافات الواقعة بين مدينة الخرطوم حتى بحيرة ناصر أكثر من 168 كم يوميًا، وذلك يؤكد أن فيضان العام الحالي هو أعلي من المتوسط، معوضًا انخفاض فيضان العام الماضي.
وفي موقع قياس فيضان النيل في محطتي «الخرطوم»، والشامبات«في أمدرمان، قام المهندسون المصريون يشاركهم زملاؤهم الفنيون السودانيون قياس منسوب مياه النيل وسرعة جريانه وعرض المسطح المائي من خلال أجهزة متخصصة ذات تقنية عالية تحدد أعماق النهر بدقة وتحسب كميات الفيضان الوارد باتجاه مصر والسودان قبل وصوله إلى بحيرة ناصر والسد العالي، فيما بدت في شواطي النيل الأزرق جمال التقاء الماء والأشجار والنباتات الطبيعية التي تكسو جانبيه، تأكيدا على قوة شباب فيضان النيل، بينما تذكرت آلام النهر في مصر حيث تجده متحولا من مرحلة الشباب في السودان إلى الشيخوخة، حيث يئن من تعب الرحلة إلى مصر التي تستغرق 18 يومًا، بينما يحاول النهر أن يلملم مياهه بعيدًا عن محاولات الكثيرين تلويثه بالمخلفات أو تلويث مجراه أو التعدي عليه، بآلاف التعديات»100 ألف حالة تعدٍ خلال 5 أعوام«، وحكومة لم تحسم أمرها في مواجهة التعديات سوى بإزالات»صورية«، يتألم منها النهر قبل مستخدميه.
مخاوف مشروعة
ولاحظ أحد الفنيين «سوداني الجنسية»، مخاوفي من تأثير سد النهضة على مصر، وأن هذا المشروع قد يشكل خطورة على الأمن المائي المصري، فبادرني بقوله: «مصالح الشعوب تتفوق على صراع الأنظمة»، وإرادة الشعوب هي التي تحكم علاقات الدول، ولن يتم ذلك إلا من خلال تواجد حقيقي يحقق التواصل بين دول حوض النيل، لأن هذا التواصل هو الصخرة التي تتحطم على المصالح الخاصة للأنظمة«، ثم قام بتقديم كوب من مياه الفيضان وقد بدا أن مياهه غير صافية، ويغلب عليها اللون البني، وهو لون الطمي الذي يغلب على الماء، بسبب انجراف التربة خلال رحلة الفيضان، وبينما انسابت مياه النيل المخلوطة بطميه، في داخل أحشائي شعرت بالارتواء الفوري، من حلاوة طعم مياه الفيضان»، بينما رد شقيقي السودان، كما يحلو لي أن ألقبهم، بأن من يرتوي بهذه المياه يشعر بأن الحياه تدب في عروقه من جديد، وأن حياته تبدأ مع أول شربة ماء، فلا هم ولا كد بعد ذلك أبدًا، طالما داومت على شربة من ماء الفيضان، على حد قوله.
ومن جانبه أضاف المهندس مجدي السيد، رئيس بعثة الري المصري في السودان، أن الصيانة هي أحد أهم عوامل دقة قياس فيضان النيل، حيث تجري إدارة الري في السودان صيانة شاملة للمعدات البحرية المستخدمة في قياس التصرفات المائية من رفاصات ولنشات وفلوكات وغيرها، وذلك بورش الري المصري في منطقة «الشجرة» الواقعة في أحد أحياء مدينة الخرطوم، والتي سميت بهذا الاسم لأنه كانت توجد بها شجرة اعتاد أن يجلس عليها حاكم السودان إبان الحكم الثاني وهو غوردون باشا، موضحًا أنه يتم تدعيم محطات القياس بالأجهزة التقليدية والأجهزة الحديثة مثل الأجهزة المساحية وأجهزة GPS (تحديد المواقع الجغرافية) وأجهزة ADCP لقياس التصرف، تمهيدًا لتنفيذ خطة اعتمدها وزير الري لرصد مناسيب وتصرفات النهر وروافده داخل حدود السودان بالمحطات الموضحة بخرائط التصرفات المائية، وإجراء التحاليل والدراسات اللازمة لهذه البيانات والاشتراك مع هيئة مياه النيل التي تضم مصر والسودان في الأبحاث والدراسات الميدانية لروافد نهر النيل داخل السودان.
وأوضح «السيد» أن عملية التخزين أمام السدود السودانية الواقعة على النيل الأزرق بدأت منذ الثاني من سبتمبر الجاري، فيما تقوم السودان حاليًا بتنفيذ برامج لتخزين بعضا من كميات مياه الفيضان أمام سدي سنار والروصيروص طبقًا لبرامج الملء لهذه السدود وفقًا لاتفاقية مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان لعام 1959 مع تمرير جزء من مياه الفيضان حتي يصل إلى بحيرة ناصر أمام السد العالي، والتي تصل إلى 84 مليار متر مكعب من المياه تفقد منها 10 مليارات متر مكعب من المياه بسبب البخر.
تحديث المعدات
وذكر أنه منذ إنشاء الري المصري بالسودان 1904، وهو يعتمد على تحديث المعدات اللازمة لرصد وقياس مناسيب النيل خلال فترات الفيضان، وذلك لرصد ومتابعة فيضان النيل وقياس التصرفات وعمل التنبؤات، لافتا إلى أنه تم تفعيل هذه المهام بعد إتفاقية 1959 بين مصر والسودان، ويتبع الإدارة المركزية للري المصري بالسودان إدارتين إحداهما الإدارة العامة لأبحاث النيل الشمالى ومقرها الخرطوم (التفتيش العام) والإدارة العامة لأبحاث النيل الجنوبي ومقرها (ملكال) في جنوب السودان، ويتبع الإدارة العامة لأبحاث النيل الشمالى تفتيش ري منطقة «الشجرة» كاحد المناطق بالعاصمة السودانية الخرطوم وتقع على النيل الابيض، حيث يتم الاستفادة من الورش المختلفة اللازمة لأعمال صناعة وصيانة الوحدات البحرية المستخدمة خلال أعمال الفيضان.
وأشار إلى أنه يتم قياس تصرفات النيل من خلال 5 محطات، منها محطتا الروصيرص وسنار على النيل الأزرق، ومحطة الخرطوم الواقعة على النيل الأزرق والنيل الرئيسي، بالاضافة إلى محطة عطبرة لقياس النيل والواقعة على النيل الرئيسي حيث يصله المياه من نهر عطبرة، بالإضافة إلى محطة القياس الخامسة في محطة دنقلا التي تبعد 500 كم إلى الشمال من العاصمة الخرطوم والواقعة على النيل الرئيسي.
وأشار «السيد» إلى أنه يتم قياس التصرفات بأجهزة متنوعة على مدار العام مثل أجهزة الكرنتيميتر والتي يتم معايرتها والتأكد من صلاحيتها بصفة دورية بالقاهرة، بالإضافة إلى أجهزة حديثة مثل جهاز (ADCP) وهو أحدث جهاز لقياس التصرفات عالميًا، موضحا أنه أثناء الفيضان يقوم الري المصري بعمل غرفة عمليات لمتابعة المناسيب والتصرفات على مدار اليوم وذلك للنيل الرئيسى والنيل الأزرق ونهر عطبرة والنيل الأبيض، موضحًا أنه يتم متابعة أحوال الطقس والأمطار وكذلك متابعة صور الأقمار الصناعية حتى يمكن التنبؤ بأحوال الفيضان، ويتم كذلك أخذ عينات من المياه ومن الطمى بقاع النهر حتى يمكن التأكد والاطمئنان على نوعية المياه وحالتها القادمة من أعالي النيل.
فيضان النيل بالسودان
وفاجأني محمد الأرزق وهو سوداني يعمل في بعثة الري المصري بالسودان، عندما أخبرني أن فيضان العام الحالي هو أعلى الفيضانات التي شاهدها خلال 20 عاما قضاها في المشاركة في قياس فيضان النيل، مشيرا إلى أن زيادة الفيضان تنعكس على زيادة معدلات الإنتاج السمكي في النيل الازرق، فضلا عن جودته مقارنة بالاسماك التي يتم إنتاجها من النيل الابيض، حيث ترتفع جودة أسماك النيل الارزق، لتميز نوعية تغذيتها بالعناصر الغذائية التي يتكون منها الطمي الوارد من الهضبة الاثيوبية، مما يؤدي إلى إرتفاع أسعار أسماك النيل الأرزق مقارنة بنظيرتها بالنيل الأبيض.
وأضاف الأزرق أن مياه الفيضان إرتفعت العام الجاري إلى 17 مترا لأول مرة العام الحالي، بعد أن كانت لا تتجاوز 7 أمتار، وهو ما يدل على قوة وشدة فيضان العام الحالي، مقارنة بالاعوام السابقة.
إيراد النيل
ووفقًا للدراسات التي أجرتها وزارة الري، حول فيضان النيل خلال 130 عامًا، تم تحديد أعلى إيراد طبيعي لنهر النيل عام 1879 وبلغ حوالي 151 مليار متر مكعب، وكان له تأثير كبير في دمار ما حول النهر، بينما كان أقل إيراد للنهر العام الماضي 2015، وهو الأقل خلال 100 عام، والبالغ 30 مليار متر مكعب، ويصل إيراد النهر الطبيعى السنوي المتوسط عند أسوان لحوالي 84 مليار متر مكعب، بينما نصيب الفيضان من هذا الإيراد يبلغ حوالى 68 مليار متر مكعب أي حوالي 82% من جملة الإيراد تأتي في شهور الفيضان، بينما يأتي الباقي وهو 16 مليار متر مكعب خلال ما يطلق عليه موسم «التحاريق» خلال الفترة من أول فبراير إلى آخر يوليو.
فيضان النيل بالسودان
وأوضح التقرير أن رحلة فيضان النيل تستغرق 15 يومًا من الحدود السودانية الإثيوبية شمال الهضبة الإثيوبية عند مقياس الديم على الحدود السودانية الإثيوبية حتي بحيرة ناصر يقطع خلالها 2590 كم بسرعة تصل إلى 168 كم يوميًا على 3 مراحل كل منها 5 أيام، الأولى تستغرق 5 أيام من إثيوبيا وحتى الخرطوم، و5 أيام أخرى المسافة من الخرطوم وحتى دنقلة، و5 أيام ثالثة للمسافة بين دنقلة وحتى خزان أسوان، مشيرا إلى أن المصادر الرئيسية للفيضان السنوي للنيل تاتي من الهضبة الاثيوبية، وبعض المناطق السودانية، تشمل النيل الازرق ونهر عطبرة، ومصادرهما من مياه الفيضان تأتي من الهضبة الاثيوبية، بالإضافة إلى النيل الابيض الذي يمد مصر ب 15% من حصتها من مياه النيل، مقابل 85% من الحصة تأتي من أثيوبيا، بينما يعد نهرا «الدندر»، و«الرهد» من الأنهار التي تنبع داخل السودان، ونصيبهما من المياه الواردة للنيل الأزرق قليلة.
فيضان النيل بالسودان
ويتم تنظيم العلاقات المائية والإشراف على حصتي مصر والسودان من مياه النيل طبقا لاتفاقية مياه النيل لعام 1959، وفقا للدور الذي تقوم به الهيئة الفنية لمياه النيل التي تضم خبراء مصر والسودان، فهي تعمل على جمع البيانات الإحصائية عن الأمطار في السودان، وربطها بالمناسيب، بهدف التنبؤ بإيراد نهر النيل، وجمع عينات دورية للمياه والتربة في قاع النهر وإرسالها لمعامل القاهرة والري السوداني بالخرطوم لتحليلها كيميائيًا، والمساهمة في الإعداد والتجهيز والإشراف على مشروعات التعاون الفني في مجال الموارد المائية مع جنوب السودان، مثل أعمال تطهير المجري الملاحي لبحر الغزال والمشروعات الملحقة به وتنفيذ توصيات اللجنة الفنية العليا للمشروع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.