الدولار الأمريكي عند أدنى مستوى في أشهر أمام الجنيه المصري    وزير إسرائيلي أسبق: قتل الفلسطينيين أيديولوجية قومية فاشية    القاهرة الإخبارية: شاحنات المساعدات لا تزال عالقة عند الجانب الفلسطيني لكرم أبو سالم    فاركو والأهلي.. فتح باب حجز تذاكر مباريات الجولة الثامنة للدوري    بيكو مصر تفوز بجائزة "أكبر مُصدر عالمي حقق طفرة في صادراته" من المجلس التصديري للصناعات الهندسية    «بنها الأهلية» تنصب أول اتحاد طلابي.. ورئيس الجامعة: انطلاقة حقيقية لبناء كيان قوي    كراسة شروط شقق الإسكان الاجتماعي للحجز في الوحدات الجديدة 2025 (رابط مباشر)    الجيش الأوكراني يعلن استهداف مصنع لأجهزة أشباه الموصلات في منطقة أوريول الروسية بطائرة مسيّرة    وزير خارجية تركيا: الحرب الروسية الأوكرانية تشهد نقطة تحول على طريق الحل الدبلوماسي    صوامع الفيوم تستقبل محصول القمح بوفرة والرصيد يقترب من 200 ألف طن    وفاة شخص غرقًا داخل ترعة بقنا    مباحث تموين المنوفية تضبط كيانات مخالفة لإنتاج وتوزيع منتجات غذائية    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون.. صور    الرئيس السيسى ل الحكومة: ليه ميتعملش مصنع لإنتاج لبن الأطفال في مصر؟    حلقة بحثية بالغربية تناقش آثار التكنولوجيا الرقمية على الأطفال.. ومطالبات بوعي مجتمعي لمواجهة الإدمان الرقمي    مقتل 6 في انفجار حافلة مدرسية ب باكستان.. وإسلام آباد تحمل الهند المسؤولية    بوتين في كورسك.. رمزية استعادة الأرض ودور كوريا الشمالية    بقيمة 6 ملايين جنيه.. الأموال العامة تضبط قضايا اتجار في العملات الأجنبية    «التضامن الاجتماعي» تشارك في احتفالية «جهود الدولة في تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة» بالنيابة الإدارية    جلسة مرتقبة من مسؤولي الأهلي للتعاقد مع ثنائي البنك.. إعلامي يكشف    «بنسبة 100%».. شوبير يكشف مفاوضات الأهلي مع مدافع سوبر    لمواليد برج الحمل.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من مايو 2025    رئيس "التأمين الصحي" يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث الاستعدادات لعيد الأضحى    أسعار الحديد والأسمنت في السوق المصرية اليوم الأربعاء 21 مايو 2025    "هندسة بني سويف الأهلية" تنظم زيارة لمركز تدريب محطة إنتاج الكهرباء بالكريمات    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في الاحتفال السنوي لمدارس السلام ببنها    مقتل 3 عناصر شديدة الخطورة في تبادل إطلاق النيران مع الشرطة بالدقهلية وقنا    خلال 24 ساعة.. ضبط 49941 مخالفة مرورية متنوعة    قبل أيام من حلوله.. تعرف على أبرز استعدادات السكة الحديد ل عيد الأضحى 2025    لقاء موسع ب«القومى للمرأة» حول استراتيجية تمكين المرأة 2030    تراجع سعر الجنيه الاسترلينى بمنتصف تعاملات اليوم الأربعاء 21-5-2025    دوري أبطال إفريقيا.. بعثة بيراميدز تطير إلى جوهانسبرج لمواجهة صن داونز    «خناقة» فى الأهلى؟!    بعد زواج 26 عاماً.. أحمد السقا يعلن انفصاله عن مها الصغير    وزير الثقافة يستقبل ولي عهد الفجيرة لبحث آليات التعاون الثقافي وصون التراث ويصطحبه في جولة بدار الكتب بباب الخلق    رئيس إذاعة القرآن الكريم الأسبق: أيام الحج فرصة عظيمة لتجديد أرواح المسلمين.. فيديو    فتاوى الحج.. دليلك في حالة المرض    «حبة الكرز».. كيف علق جوارديولا على إهدار دي بروين لأسيست مرموش أمام بورنموث؟    اليوم العالمي للشاي.. قصة اكتشافه وأساطير متعلقة به في الثقافة الصينية    استخراج جسم معدني خطير من جمجمة طفل دون مضاعفات بمستشفى الفيوم الجامعي    قضية رشوة مسؤولي حي البساتين.. 5 سنوات مشدد لمهندس وإعفاء وبراءة آخرين من العقوبة    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الإعدادية ويكرم المتفوقين رياضيًا – صور    بالصور- محافظ أسيوط ينقل مريضة بسيارته الخاصة لاستكمال علاجها    هل يجوز سفر المرأة للحج بدون مَحْرَم؟..الأزهر للفتوى يجيب    أحمد سيد زيزو في جلسة تصوير برومو مع الأهلي    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    محمود الخطيب يرد على تساؤلات من أين يأتي الأهلي بأمواله؟    البيدوفيليا؟!    وزير الخارجية الأمريكي: لم نناقش ترحيل الفلسطينيين إلى ليبيا    موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2025    المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية اجتهاد وليس كتابا مقدسا.. لا شيء في العالم عليه إجماع    مقتل رقيب إسرائيلي من الكتيبة ال82 خلال معارك في غزة    الإيجار القديم.. محمود فوزي: الملاك استردوا استثماراتهم.. الشقة كانت تُباع بألف وتُؤجر ب15 جنيهًا    ملحن آخر أغنيات السندريلا يفجّر مفاجأة عن زواج سعاد حسني وعبدالحليم حافظ سرا    ننشر أسماء المصابين في حادث تصادم سيارتين بطريق فايد بالإسماعيلية    محافظ الغربية يُجري حركة تغييرات محدودة في قيادات المحليات    رئيس الجامعة الفرنسية ل"مصراوي": نقدم منحا دراسية للطلاب المصريين تصل إلى 100% (حوار)    تفسير حلم أكل اللحم مع شخص أعرفه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نفيسة الكبيرة (شخصيات تبحث عن مؤلف -6)
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 06 - 2016

مرة أخرى صارت نفيسة هانم مهددة من خصوم زوجها الأمير مراد بك، الذي هرب إلى الصعيد، بعد وصول القبطان العثماني حسن باشا، الذي أرسله السلطان لإعادة فرض السيطرة على الولاية التي تضخ الذهب لخزانة الدولة العثمانية، وعندما وصل حسن باشا إلى القاهرة أمر بمصادرة أموال الأمراء المماليك الهاربين، والتحفظ على بيوتهم وفي مقدمتهم الأمير إسماعيل بك شيخ البلد، وشريكه في الحكم الأمير مراد بك، وذهبت فرقة عسكرية لإغلاق بيت الأمير مراد بالأزبكية، وتسمير أبوابه وكل الفتحات ووضع حراسة عليه، لحين تفتيشه والحصول على الأموال المخبأة.
مقالات متعلقة
* كتاب فرنسى عن المواطن «سرحان عبدالبصير»
* استقلال نفيسة البيضا (شخصيات تبحث عن مؤلف -5)
* صعود نفيسة (شخصيات تبحث عن مؤلف -4)
ولما وصل الجنود رفضت نفيسة المرادية مغادرة بيتها، وقلت إذا كنتم تريدون إغلاق بيت مراد بك، فأغلقوا بيته الذي في الجيزة، فهذا بيتي أنا، ولن أخرج منه، فاكتفوا بإغلاق بيته الكائن على رصيف الخشاب المجاور لبيت نفيسة هانم.
استمرت القوة بقية النهار في تنفيذ مهمة التفتيش لبيوت الأمراء الآخرين، وتقصي مخابئ ودائع الأمراء، وتم التوصل إلى أماكن البيوت السرية لهم ولأتباعهم، وتم تشميعها والختم عليها، وتم استدعاء زليخة زوجة إبراهيم بك وحبسها في بيت كتخدا الجاويشية، هي وضرتها أم مرزق بك، حتى صالحا على نفسيهما بجملة من المال والمصاغ، وتم استدعاء نفيسة المرادية فرفضت الذهاب، ولما سمعت أنهم احتجزوا زليخة قادن إحدى زوجات إبراهيم بك، احتمت في بيت صديقة لها من زوجات الأجانب المقيمين في الأزبكية، ولم يستطيعوا التوصل إليها، فطلبوا من السيد البكري ودائع مراد بك فسلمها للباشا، وكانت زليخة قادن لاتزال رهن الحبس فركب المشايخ إلى حسن باشا وتشفعوا عنده فيها، فأجابهم: تدفع ما على زوجها للسلطان وتخلص، فإن أزواجهن لهم مدة سنين ينهبون البلاد ويأكلون أموال السلطان والرعية، وقد خرجوا من مصر على خيولهم وتركوا الأموال عند النساء، فإن دفعن ما على أزواجهن تركت سبيلهن إلا أذقناهن العذاب. وانفض المجلس.
بعد أيام كانت قوات الباشا قد جمعت الجواري من بيوت الأمراء، وصادرت كل ما فيها، فأخذوا جواري عثمان بك الشرقاوي ومحظيته التي في بيته الصغير، وجواري أيوب بك، وسليمان أغا الحنفي، وغيرهم، وحاصروا عدة بيوت بدرب الميضأة بالصليبة وطليون ودرب الحمام وحارات المغاربة، وأمر حسن باشا ببيع كل الجواري في مزاد، بينما لم يستطع أحد أن يقترب من بيت نفيسة بالأزبكية وهو الذي يضم 56 جارية و400 مملوك، بالإضافة إلى مشاريعها التجارية والخيرية، وهذا يدل على أن نفيسة قادن لم تكن بالمرأة السهلة التي تعصف بها رياح السياسة وصراعات السلطة، وأن طريقتها في الإدارة كانت تؤمن لها حياة أكثر استقرارا من حياة زوجها المتغطرس بقوة السلاح، والذي قضى معظم سنين حكمه هارباً أو مطارداً.
ولما غادر حسن باشا القبطان عائدا إلى الأستانة، انفرد إسماعيل بك الكبير بإمارة مصر، وصار بيده العقد والحل والإبرام والنقض، لكن مراد بك لم يستسلم للبقاء في سوهاج حيث يتحصن وقت الأزمات، وبدأ يرتب للعودة، فزحف ناحية بني سويف واجتمع مع إبراهيم بك، وبدأت المفاوضات مع الوالي في القاهرة، وكانت الشهور التي بدأ بها إسماعيل بك حكمه من أسوأ الأيام التي عاشها سكان القاهرة، فقد كان يردد دوما أن خزنة السلطنة صارت فارغة بسبب الحروب مع روسيا، وأن مصر لابد أن تملأ هذه الخزانة، ففرض غرامات باهظة ومكوس مبالغ فيها، وانتشرت قواته تصادر كل شىء في القاهرة والأقاليم، وعن هذه الأيام يقول الجبرتي: «حصل وقف حال وضيق في المعايش وانقطاع للطرق وعدم أمن وعسر في الأسفار براً وبحراً».
في هذه الظروف الصعبة قررت نفيسة قادن أن تتوسع في أنشطتها الخيرية، إلى جانب حماية أعمالها التجارية، فكانت تتدخل بالوساطة لتخفيف المظالم، وتتبرع للفقراء، وتزور البيمارستانات، وتسدد بعض الغرامات للفقراء، حتى ناداها الناس بلقب «أمنا نفيسة» و«نفيسة الكبيرة» و«أم المماليك»، وسرعان ما تصالح أمراء السلب والنهب وعاد مراد بك وإبراهيم بك يشاركان إسماعيل بك السلطة والظلم، وسرعان ما أنهى الطاعون حياة إسماعيل بك لينفرد الشريكان بالحكم حتى قدوم الحملة الفرنسية إلى مصر.
في الأيام الأولى للحملة تذكرت نفيسة كم مرة فيها نصحت السلطة ممثلة في زوجها مراد بك بعدم الاعتداء على قوافل التجار الفرنسيين، وعدم اضطهاد الأجانب، ويبدو أن المخاوف التي حذرت منها قد وقعت، لكنها ظلت رابطة الجأش، لم تفكر في الهرب، حتى بعد هزيمة المماليك وهرب زوجها مرة أخرى، وهرب معه كثير من الناس كباراً وصغارًا، أغنياء وفقراء، كانت الأحوال مضطربة بشدة، فالعلماء والمشايخ ظلوا أياما يتحلقون داخل الأزهر يقرأون البخاري وغيره من الدعوات، ومشايخ فقراء الأحمدية والرفاعية والبراهمة والقادرية وغيرهم من الطوائف وأرباب الأشاير يجمعون العامة ويقيمون الذكر ويقرأون الأوراد، وأطفال الكتاتيب يرددون وراء شيوخهم اسم اللطيف، ويدعون بالأسماء الحسنى، بينما كان الأغنياء وأولو المقدرة يستعدون للهروب، والعامة في الشوارع هاجوا وماجوا، وهم جميعاً في غاية الخوف والفزع، يشعرون بالهلاك ويضجون بالعويل والنحيب ويبتهلون إلى الله من شر هذا اليوم العصيب، والنساء يصرخن بأعلى أصواتهن من البيوت، وأرسل إبراهيم بك يأخذ حريمه، وكذلك فعل الأمراء فأركبوا النساء بعضهن على الخيول وبعضهن على البغال والبعض على الحمير والجمال والبعض ماش كالجواري والخدم، واستمر معظم الناس طول الليل خارجين من مصر البعض بحريمه والبعض ينجو بنفسه، ولا يسأل أحد عن أحد بل كل واحد مشغول بنفسه عن أبيه وابنه، فخرج تلك الليلة معظم أهل مصر، ولم تخرج نفيسة.
في المقال المقبل نتعرف على بقية القصة.
[email protected]
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.