اعتقالات «الأرنب» و«الصاعقة» و«المؤيد»

في 28 يوليو 1896 نشرت جريدة «المؤيد» ترجمة لتلغراف بعث به السردار إلى ناظر الحربية في مصر يوم 26 يوليو يتعلق بتفاصيل حملة دنقلة، ولما كانت هذه البرقية من التقارير السرية، فقد ارتجت الأوساط الحاكمة لتسرب نصها إلى صحيفة «المؤيد» باعتبارها صحيفة معارضة.
فتحت الحكومة تحقيقا لمعرفة كيفية وصول التلغراف للصحيفة لمحاسبة المسؤول، وتم تقديم الشيخ على يوسف صاحب الصحيفة للتحقيق وحوكم أمام محكمة عابدين في 19 نوفمبر من العام نفسه، لكن المحكمة قضت ببراءته من تهمة إفشاء أسرار الدولة، فيما حكمت على توفيق كيرلس الموظف بمصلحة التلغراف بالحبس ثلاثة أشهر، وكان المحامي إبراهيم الهلباوي هو الذي ترافع عن الشيخ على يوسف في هذه القضية.
وفي 16 فبراير 1897 بلغ ضيق الحكومة مداه من الصحف الوطنية مما حملها على منع دخول مندوبي هذه الصحف للدواوين الحكومية، وقد شمل هذا الحظر صحف «الأهالي» و«المؤيد» و«الأهرام» لدرجة أن الحكومة نبهت على صحيفتها «المقطم» بألا يتعاون صحفيوها مع الصحفيين في هذه الصحف.
وفي 4 ديسمبر 1897 أصدرت محكمة جنح السيدة زينب حكمها في قضية العيب في الذات الخديوية على كل من أحمد فؤاد صاحب جريدة «الصاعقة» بالحبس شهرين، وبغرامة قدرها 30 جنيهاً، وعلي الأستاذ مصطفي لطفي المنفلوطي بالحبس لمدة سنة، وغرامة قدرها 20 جنيهاً، لأن أحمد فؤاد نشر قصيدة كلها تلعن في الذات الخديوية بمناسبة عودته إلى القاهرة.
وكان مطلع هذه القصيدة يقول: «عيد ولكن لا أقول سعيد.. وملك وإن طال المدي سيبيد.. أعباس ترجو أن تكون خليفة.. كما ود آباء ورام جدود.. في اليت دنيانا تزول وليتنا.. نكون ببطن الأرض حين تسود»، وعلي الرغم من اعتراف أحمد فؤاد بأنه كاتب القصيدة، إلا أن التحقيق قد كشف عن مؤلفها الأصلي وهو المنفلوطي بالاتفاق مع توفيق البكري.
كما شهد عام 1904 وقوع صدام بين الخديوي والإمام محمد عبده انتهي بالفرقة بين الرجلين من بعد وفاق، والغريب أن اللورد كرومر دعم موقف الإمام، وقال للخديوي إنه لا يري الصواب في فصل محمد عبده من موقع الافتاء.
ومن جانبه، فقد حرض الخديوي بعض الصحف والمجلات لشن حملة على الإمام ورميه بالكفر والزندقة والتشهير به، مستندين إلى فتواه بجواز أكل طعام المسيحيين وجواز صلاة المسلم شافعي المذهب خلف الإمام حنفي المذهب، وجواز ارتداء القبعة لمسلمي جنوب أفريقيا، وكانت من الصحف التي هاجمت الإمام مجلة «الأرنب» التي صدر ضدها حكم من محكمة الجنح لتماديها في الطعن في الإمام، حتي وصفته بأنه حلل ما حرم الله، وأنه يجالس الكلاب، وأنه أفتي بتحليل الربا، وصدر الحكم على الأول ب6 أشهر على صاحب «الأرنب» وب4 أشهر على رئيس التحرير.