مر عام 2013، بعد أن حافظ فيه أهل مصر على أملهم فى دولة مدنية حديثة تحقق لهم الحرية والخبز والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، نزلوا إلى الميادين يسقطون فيها نظام الاستبداد الدينى المتأمرك، ويحاولون بدأب استرداد حقوقهم، ويعملون من أجل حماية ثورتهم التى انطلقت فى 25 يناير 2011 واستمرت فى تداعياتها حتى يوليو 2013، وهم المستشعرون بخطر الانقلاب على الثورة، عندما يجدون كل رجال حلف المصالح المشكل من رجالات الحزب الوطنى المنحل ملتحقين برجال الدولة فى الشرطة وقيادات من القوات المسلحة، وكذلك رجال من القضاء ومعهم بالطبع رجال المال والأعمال، يجدونهم فى تجمعات سياسية يتم هندستها وتأسيسها، ويجدونهم على شاشات التلفاز وعلى جميع المنابر متبجحين على ثورة 25 يناير – الانقلاب من وجهة نظرهم – ومهللين لانتفاضة 30 يونيو التى هى ثورة حقيقية عدلت من مسار الانقلاب الذى حدث فى 25 يناير من وجهة نظرهم طبعا، وبعد أن تأكدوا أن الدولة عادت إلى أحضانهم ولم يعد هناك حديث عن الثورة، وانصب كل الحديث عن إرهاب الإخوان ولم يعد هناك حديث عن المال المنهوب فى عصر مبارك، وانصب الحديث عن أهمية الأموال التى جاءت من دول الخليج العربى: السعودية والإمارات والكويت. ولم يعد هناك حديث عن رئيس الجمهورية من الممكن أن يترشح على مقعد رئيس الجمهورية سوى الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ولم يعد هناك حديث عن إعادة هيكلة الداخلية وانصب الحديث على أبطال الشرطة الذين يواجهون الإرهاب، رغم معرفتنا بأن ثورة 25 يناير قامت فى مواجهة بطش الشرطة وتجاوزاتها، ولم يعد هناك حديث عن بناء مصر المستقبل، بل أغرقونا فى الحاضر ومشاكله، وفرضوا علينا معايشة العشوائية ورد الفعل والتناول الجزئى والسطحى لمشكلات مصر التى كنا نأمل أن نحقق فيها ما نحلم به ونصبو إليه، من عدل اجتماعى ومحاربة الفقر وتحسين أحوال المصريين فى التعليم والصحة، والتنمية المستقلة، وهكذا انقضى عام 2013، وتلك كانت مشاهده فى أيامه الأخيرة: عنف إرهابى من جماعة إرهابية جاء باتفاق بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والمجلس العسكرى، وبالطبع الجماعة الإرهابية، اليوم تتم مواجهة ناقصة وعاجزة فى بعض الأحيان وغير علمية فى كل الأحيان، وهم ذاتهم الذين جاءوا بتلك الجماعة، يحاولون أن يأتوا بالوجه الآخر السلفى ويتمسكوا به ويغدقوا عليه الصفات الحسنة، ويعقدوا معهم الاجتماعات وهم يقدمون أنفسهم أيضا لأمريكا. إنها الخيبة الكبيرة، لكن علينا أن نعترف كثوار وثورة بأننا ندفع ثمن أخطائنا المستمرة حتى الآن متمثلة فى عدم وجود تنظيم يعبر عن الثورة، وعدم اتفاق على قائد لها. وبعد ذلك هل سوف يكون عام 2014 استكمالا واستمرارا لهذه المسيرة الخائبة أم نعى الدرس ونتأمل أحوال المصريين الذين خرجوا من التاريخ بل من الحياة الإنسانية، هل سوف يكون عام 2014 عاما نحقق فيه مواجهة شاملة مع تيارات الإسلام السياسى المتطرف الذى لا يحترم وطنا ولا علما ولا نشيدا. نأمل أن يكون عامنا القادم خيرا على كل المصريين المقاتلين من أجل لقمة العيش ومن أجل الكرامة والعدالة، كما نأمل أن يكون عامنا الجديد حاملا معه آمالا لعودة مصر لدورها الكبير الذى تستحقه واحتلته أيام جمال عبدالناصر، كما ندعو الله أن يكون 2014 عام صحة للمصريين، فنعدل من أحوال الصحة فى مصر بعد أن عشنا من جراء فشل سياسة الصحة فى حالات الموت بالجملة من جراء الأمراض السرطانية وفيروس الكبدى الوبائى، والسكر، والضغط وغيرها من الأمراض، كل أمنياتنا أن تكون مصر بصحة وعافية، وأن يكون المصريون كذلك حتى نقلع من هذه الكبوة التى طالت، ونكون بشرا تستحق رئيسا مدنيا منتخبا، ونستحق عدالة اجتماعية، كما نستحق علاجا مجانيا وتعليما جيدا ومجانيا وثقافة رفيعة. كثيرة هى الحقوق التى نستحقها، لكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، ولتكن خطوتنا فى عام 2014. كل سنة وأنتم طيبون.