إجازة المولد النبوى .. 3 أيام متتالية للموظفين    قرار من وزير الصحة بشأن ترقية الأطباء الحاصلين على الماجستير    وزيرا قطاع الأعمال والتعليم العالي يبحثان التعاون واستثمار الأصول    "لن أخضع للتنمر".. كوك عضو الفيدرالي الأمريكي تتحدى ترامب وترفض تقديم استقالتها    "المصرية للاتصلات" تعلن الانتهاء من ربط مصر والأردن عبر الكابل البحري "كورال بريدج"    زيلينسكي: لقاء بوتين ممكن بعد الاتفاق على الضمانات الأمنية لأوكرانيا    وزيرة الاستيطان بإسرائيل تؤيد استمرار عملية السيطرة على غزة: حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المحتجزين    رئيس "المعاهد الأزهريّة" يتفقد امتحانات الدور الثاني للثانوية بأسوان    وزير الصحة يتفقد المخازن الاستراتيجية للمنتجات والأجهزة الطبية بالعاصمة الإدارية    أمانة الجبهة الوطنية بسوهاج تعلن اختيار وتعيين كفاءات وقيادات بارزة لمهام الأمناء المساعدين    آخر فصول الجريمة البشعة.. تنفيذ حكم الإعدام فى دبور "سفاح الإسماعيلية"    امتحانات الثانوية العامة مستمرة وطلاب يؤدون امتحان الكيمياء والجغرفيا الدور الثاني    القبض على البرلماني السابق رجب هلال حميدة سببه قضايا شيكات بدون رصيد    هل يجوز سؤال الوالدين عن رضاهم عنا؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس الوزراء يلتقي محافظ بنك اليابان للتعاون الدولي لبحث تعزيز الاستثمارات    "صحة لبنان": مقتل شخص في غارة إسرائيلية على بلدة دير سريان بقضاء مرجعيون    القاهرة الإخبارية: مصر ترسل قافلة المساعدات الإنسانية العشرين إلى قطاع غزة    أوكرانيا: نعمل على وضع مفهوم أمني لما بعد الحرب مع روسيا    في غياب ميسي.. سواريز يقود إنتر ميامي لنصف نهائي كأس الدوريات بالتغلب على تايجرز أونال    قبل مواجهة الأهلي.. اشتباه بإصابة محمود نبيل لاعب غزل المحلة بتمزق عضلي    رضا عبد العال: أحمد عبد القادر أفضل من تريزيجيه وزيزو والشحات.. وانتقاله إلى الزمالك وارد    مواعيد مباريات اليوم الخميس 21 أغسطس والقنوات الناقلة    كامل الوزير يتفقد المجمع المتكامل لإدارة المخلفات بالعاشر من رمضان    مساء الجمعة.. قطع المياه لمدة 6 ساعات عن بعض مناطق الجيزة    وزير الري: استبعاد المحصلين غير القادرين على تحقيق المعدلات المطلوبة    وصول قيادات الجامعات لافتتاح معرض التعليم العالي بمكتبة الإسكندرية |صور    ضربها بملة السرير.. زوج يقتل زوجته إثر مشادة كلامية بسوهاج    إصابة 4 أشخاص في حريق هائل داخل فرن بالغربية    غدا.. ويجز يشعل مسرح «يو ارينا» بمهرجان العلمين    البلطي ب80 جنيها.. أسعار الأسماك بأسواق كفر الشيخ    دون اعتبارات دبلوماسية.. ترامب يهاتف بوتين في الساعة 1 فجراً ليطلعه على مخرجات اجتماعه مع الرؤوساء الأوروبيين    رئيس هيئة الرعاية الصحية: نجحنا فى مضاعفة معدلات الإنجاز والإيرادات    محافظ الدقهلية يشدد على انتظام العمل وحسن استقبال المرضى بعيادة التأمين الصحي بجديلة    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    وداعا القاضى الأمريكى الرحيم فرانك كابريو فى كاريكاتير اليوم السابع    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    رجل الدولة ورجل السياسة    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    «ظهر من أول لمسة.. وعنده ثقة في نفسه».. علاء ميهوب يشيد بنجم الزمالك    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    نجم الأهلي السابق: عمر الساعي كان «ضحية» كولر.. وأتمنى انضمامه للمنتخب    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    جيش الاحتلال يستهدف بلدة فى جنوب لبنان بصاروخ أرض أرض.. وسقوط 7 مصابين    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    "تجارة أعضاء وتشريح جثة وأدلة طبية".. القصة الكاملة وآخر مستجدات قضية اللاعب إبراهيم شيكا    الإسماعيلي يتقدم باحتجاج رسمى ضد طاقم تحكيم لقاء الاتحاد السكندرى    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رامى مات عشانكو
نشر في المصري اليوم يوم 07 - 02 - 2011

اتضح أن الكفن ليس له جيوب، لأن لديه حسابات فى بنوك سويسرا وأراضى وعقارات وشققاً وبلاوى متلتلة لا يمكن لأى كفن مهما كانت متانة نسيجه أن يتحملها.
على مدى أيام متوالية ظلت ثورة يناير تتعرض لأشرس حملات التشويه والتحقير من قبل رموز إعلام العقيد أنس الفقى ورئيس انقطاع الأخبار عبداللطيف الأمناوى وقناة الحزب الوطنى المعروفة بقناة المحور بالإضافة إلى عدد من البرامج التى كان مذيعوها يرتدون قناع الاستقلالية ثم لما تطلبت الأمور أن يحسموا مواقفهم اختاروا الانحياز لأولياء نعمتهم. هؤلاء جميعا لم يتركوا كلمة نُشرت أو أذيعت فى وسيلة إعلام أجنبية وبها تشويه لهذه الثورة أو تشويش عليها إلا وهللوا لها وكرروها بدل المرة ألف مرة، دون حتى أن يتحققوا من مصداقيتها أو يقوموا بتحليلها، لكنهم عندما نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية العريقة وصاحبة السمعة المهنية الناصعة تقريرا بالأسماء والأرقام والعناوين عن ثروة الرئيس مبارك وأسرته لم ينبسوا ببنت شفة عنه ولم يكلفوا أنفسهم حتى عناء إحضار أحد من رموز النظام لمناقشته وتفنيده وتكذيبه، وكأن تجاهل ذلك التقرير سيجعله سرا مدفونا، كما حدث من قبل لتقارير أخرى نشرت صحيفة «الدستور» المغدورة أحدها فتعرضت لحملات تشويه عاصفة انتهت بقتلها على يد أحد رجال القصر الذى يتفاوض الآن باسم الثورة مع أنه لا يجرؤ على أن يسير وسط المتظاهرين فى ميدان التحرير لكى لا يسمع ما يرضيه.
لى صديق أصبح معبأ بكم هائل من الأكاذيب الإعلامية التى تتحدث عن وجود أجندات خاصة لأنصار الثورة بعضها إيرانى وبعضها إسرائيلى والآخر أمريكى، جاءنى شاكيا ومحتارا، فأريته كيف تخلصت من كل الأجندات التى كنت أمتلكها تحسبا لأى عمليات مداهمة أمنية، وعندما طلب منى أن أتوقف عن الهزار الماسخ وأناقشه فيما سمعه، قلت له جملة واحدة «اذهب إلى التحرير وتحقق بنفسك»، وذهب صديقى إلى التحرير بنفسه، ليفعل ما لم يفعله الإعلاميون الذين اكتفوا بالمراسلين المعتمدين من أمن الدولة الذين يصطادون لهم على التليفون أصحاب الآراء المتشددة أو يحضرون لهم إلى الاستديو شبابا يخضع لكشف هيئة أمنية قبل حضوره، (بدأ ذلك يتغير مؤخرا بفضل ضغوط سياسية وشعبية بعد أن صارت فضيحة تلك البرامج بجلاجل)، عاد إلىّ صديقى منهارا فى البكاء وهو يقسم لى أنه قضى أجمل ساعات فى عمره على أطهر أرض فى مصر، أرض روتها دماء الشهداء الزكية، فى الميدان غنّى صديقى وصلى وهتف وتناقش وضحك وبكى وتقاسم اللقمة مع أناس لا يعرفهم ولمس روح مصر وتغير إلى الأبد، فى الميدان شاهد صديقى أم الشهيد رامى جمال التى تعالت على أحزانها وجاءت إلى الميدان لتقول لزملاء ابنها وهى تغالب بكاء لم يقدروا هم على مغالبته «يا ولاد شدوا حيلكو.. رامى مات عشانكو.. رامى ماكانش ليه فى السياسة والله.. ده ماكانش بيعرف يشترى لنفسه بالعافية غير تيشيرت وبنطلون.. ده هو لما سمع إن المظاهرات هتطلع جانى وقالى يا ماما أنا لازم أطلع مع الناس دى.. أنا خلاص زهقت.. لا عارف أتجوز ولا عارف أعيش.. أنا حقى ضايع ولازم أجيبه».
لكن كثيرين من الذين مات رامى «علشانهم» للأسف يلعنونه كل يوم هو ورفاقه، فهم الذين «وقفوا حالهم وجوعوهم، هم شوية عيال سيس صايعة فاضية ماوراهاش حاجة قلالات الأدب مش عاجبهم الرئيس الأب القائد الرمز»، وهى عبارات استمعت إليها وقرأتها فى وسائل إعلامية عديدة، ولم أستغرب رغم أننى تألمت، لأنها ببساطة نتاج حملات إعلامية شرسة قادها ضباط أمن الدولة بأنفسهم بعد عودتهم المظفرة من الاختفاء، لم يفكر الذين قالوا ويقولون تلك العبارات فى أن أولئك الثوار لم يكونوا أبدا وراء إصدار الأمر باختفاء قوات الشرطة من الميدان لكى يهرب المساجين وينطلق البلطجية وتعم الفوضى ويصدر قرار حظر التجول وتغلق البنوك والمتاجر، وكل ذلك من أجل أن يفكر الملايين فى مصالحهم الضيقة المشروعة وينسوا أن هؤلاء الأحرار خرجوا لكى يصنعوا لوطنهم أفقا واسعا رحبا يمكن فى ظله أن يعيش كل مصرى بكرامة ورخاء وحرية إلى الأبد.
هؤلاء المخدوعون لم يقرأوا فى «الجارديان» أن الرئيس الأب القائد الرمز الذى تقول وسائل إعلامه إن هؤلاء الشباب خربوا البلد وضيعوا على مصر ثلاثة مليارات دولار حتى الآن، لديه ولدى أسرته كما تقول «الجارديان» ثروة قد تصل إلى 70 مليار دولار، بل تكشف لنا أن المصريين المقيمين فى لندن ذهبوا ليتظاهروا أمام عمارة فاخرة.
يمكنك أن تشاهد صورتها لو أحببت فى موقع صحيفة «الصن» وعنوانها 28 ويلتون بالاس فى بيلجرافيا وسط لندن، فضلا عن تفاصيل أخرى لم أرد أن أنقلها لأننى خفت أن تكون هناك مبالغة بها، مع أننى أعلم أن صحيفة مثل «الجارديان» تمتلك معايير شديدة التدقيق فيما تنشره من تقارير، ولم أرغب فى أن أشير إلى ما أذاعه تليفزيون بلومبيرج المتخصص فى الشؤون الاقتصادية عن الموضوع نفسه، فضلا عما نشرته محطة ال«إى. بى. سى» الأمريكية التى استقبل الرئيس مراسلتها منذ أيام.
أعلم أنه سيخرج علينا كتَّاب الحراسة لكى يعقروا كل من يشير إلى هذه التقارير، زاعقين بأنها ليست سوى مؤامرة أمريكية إسرائيلية، على أساس أننا نحن الذين كنا نحمى مصالح أمريكا ونتحالف مع إسرائيل ونبيع لها الغاز برخص التراب، سينشرون البلبلة بين الناس ويقولون لهم لماذا لم يتم نشر هذه التقارير من قبل، مع أن أى متابع للصحيفة الأجنبية يعلم أن هذه التقارير كانت تنشر، لكنها المرة الأولى التى تنشر فيها بهذه التفاصيل الدقيقة، ربما لأن هناك جهات فى مواقع القرار الغربية قررت أن ترفع يدها عن دعم النظام بعد أن اتضح أن مصالحها مهددة بفعل حالة الغضب الشعبى العارمة، وهو موقف سيظل يدين الغرب للأبد لأنه يواصل دعم الأنظمة الفاسدة حتى لحظة انهيارها فيتذكر فجأة قيم الديمقراطية والإصلاح والعدالة. على أى حال السؤال الآن: لماذا يصمت النظام ويصمت الرئيس مبارك شخصيا على كل هذه التقارير، لماذا لا يخرج إلى المصريين لكى يكذبها رقما رقما، لماذا لا يمسك صورة العقار اللندنى الفاخر ليقول للمصريين أنا لا أعرف شيئا عنه، لماذا لا يصارح شعبه بحقيقة ثروته، ولماذا لا يشارك أبناءه المواطنين الفقراء فى ثروته، هذا إذا سلمنا أن الرئيس أب لكل المصريين رغم كل ما فى هذا المفهوم من مجافاة ليس فقط لروح العصر ولكن لقيم ثقافتنا العربية الإسلامية التى وقف فيها يوماً مواطن ليحاسب الخليفة معاوية على ثروته قائلا له بصريح العبارة «إنه ليس من كدّك ولا كدّ أبيك»، ولم يعتقله معاوية أو يبعث إليه بلطجية لكى يطعنوه بالسنج، بل أجابه بكل هدوء ودهاء.
هل الرئيس مبارك يمتلك هو وأسرته كل هذه الثروات التى تتحدث عنها «الجارديان» البريطانية، إذا لم يكن يمتلكها فلماذا لا يرفع فورا دعوى قضائية على الصحيفة ويطلب منها تعويضات ضخمة يخصصها لصالح أسر الشهداء الذين قتلهم رجاله بالرصاص الحى والمطاطى، أما إذا كان يمتلكها فعلا فلماذا لا يقوم بدفع الخسائر التى خسرها الاقتصاد المصرى من موقع مسؤوليته كرئيس وأب لا يرضيه أن يمتلك شاب اسمه رامى كام تيشيرت وبنطلون ثم يُقتل غدراً وهو يدافع عن حقه؟!
تحيا مصر.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.