شفت يوم الاثنين الماضى كنت أحدثك عن علاقتى بكل من الجد والهزل، وكالعادة ظننت أننى أهزل، أو ربما ظننتنى جادا، الله أعلم، ليس هذا المهم، المهم أن تقول لى كيف يمكن أن أرد على رسالة غاضبة جاءتنى تعليقا على مقال نشرته يوم الخميس قبل الماضى عن طقوس الكتابة، كتبها قارئ كريم اسمه بسام لم يعرّفنى على بقية اسمه، لكنه حرص على أن أعلم أنه «مهندس مدنى والحمد لله متزوج وعندى ثلاثة أولاد»، وبمحبة شديدة أخذ يلومنى لأننى كتبت فى المقال جملة تقول إننى «لست ضد التعرى مادام يخدم الدراما»، ثم قال لى غاضبا، وسأنقل نص رسالته دون تصليح أو تعديل: «هذا القول الذى قلته يا أستاذ ضد رغبة الله ورسوله، ولا أدرى هل أتبعك بمنهجك التنويرى الإصلاحى كما تقولون حتى لا أتهم بالرجعية والتشدد والسلفية، بالتأكيد لا أريد أن أتهم بالرجعية والتشدد، ولكن كيف أوفق بين آرائكم وبين أحكام الله ورسوله، لا أستطيع التوفيق إلا بلىّ أعناق النصوص الصريحة.. يا أستاذ بلال إنك ميت وإننا ميتون وهذه هى النهاية الحقيقية ثم إننا معرضون على الله وحده لا أحد سواه، فيجب أن تكون أعمالنا وآراؤنا موافقة لمعايير الله وليست لمعاييرنا الشخصية حتى ننجو وندخل الجنة، وهذه نصيحة من أخ ولا أقصد فرض الرأى ولا التجريح وإنما هى نصيحة لوجه الله». طيب، كيف أرد عليك يا أستاذ بسام، خاصة أننى تأثرت بحماسك الشديد الذى يبدو أنه جعلك لم تلتفت إلى أننى قلت قبل الجملة التى أغضبتك بالنص «أنا مثل نجمات الإغراء»، وإذا لم تنتبه إلى ما فى هذه الجملة من سخرية واضحة، فأخشى ما أخشاه الآن أنك عندما قرأت الجملة التالية لها يمكن أن تكون قد تخيلتنى وأنا أتعرى مثل نجمات الإغراء، على أى حال أشكرك على تذكيرك لى بالموت، مع أن زوجتى تعتقد أننى أفكر فيه أكثر من اللازم، أنا فقط أريد أن أذكركّ بقراءة المقال ثانية وأسأل الله لنا ولك ألا نتعرى أبدا ولو كان ذلك فى خدمة الدراما. على أى حال، من بين حوالى أربعين رسالة إلكترونية وهاتفية علقت على المقال كانت رسالة صديقنا بسام الوحيدة التى أساءت فهم المقال فيما يخص التعرى، هناك ثلاثة آخرون من بينهم صديقنا الكاتب الجميل د. كمال مغيث والباحث المدقق سامح فرج، صاحب معجم فرج للعامية، والدكتور فخر الدين أحمد قناوى قرأوا جملة «لا أعرف على وجه الدقة ما الذى يعنيه خرط القتاد»، وشعروا أن القارئ الكريم ربما لا يكون كسولا مثلى فلا يبحث عن المعنى فى القواميس، فأرادوا له أن يعرف على وجه الدقة ما الذى يعنيه خرط القتاد، وقد جاء فى رسائلهم أن «القتاد نوع نادر من نبات صحراوى له أشواك صلبة وحادة، لاحظ المسافرون أن الإبل تهيم حبا فى مذاقه وتستطيع التهامه رغم أشواكه بسبب طبيعة فكها، وعندما حاولوا أن يحملوا معهم هذا النبات بخرطه أى بمحاولة حشه بأيديهم، اكتشفوا استحالة ذلك عليهم بسبب قسوة أشواكه، ومن هنا جاء تعبير دونه خرط القتاد كناية عن الأمر الذى يستحيل تحقيقه». للأصدقاء الأعزاء الشكر على تعميمهم الفائدة، وللقارئ الكريم الدكتور فوزان شلتوت أستاذ الطب (أرجو ألا أكون قد أخطأت فى الاسم والصفة لأن رسالته جاءتنى بالإنجليزية) فقد نبهنى إلى أن دى إتش لورانس ليس أمريكيا بل هو بريطانى، وكم هو جميل ألا يمر هذا الخطأ على أستاذ طب، بينما مر على مراجعى ومحررى المجلة العريقة الذين وقعوا فى فخ معلومتى التى نقلتها خطأ، وشكرا للدكتور شلتوت أنه منحنى فرصة التصحيح. فى الخميس قبل الماضى أعجب العديد من القراء بما كتبته عن موقع «بلاويكى ليكس» الذى قلت إننى أفكر فى إنشائه لفضح بلاوى بلادنا المحروسة، وبعضهم تصور أننى فعلا بدأت فى إنشاء الموقع فأرسل إلىّ يعرب عن استعداده للتعاون معى لتنفيذه، لا أريد أن أذكر أسماءهم لكى لا يظن بعض أولاد الذين يقرأوننى بتركيز أكثر من اللازم، أن لديهم وثائق فعلا تنتظر الكشف، فأكون قد أسديت إليهم منكرا لا يستحقونه، فقط أقول لهم إذا كانت الفكرة قد أعجبتكم فحلال عليكم، اشرعوا فى تنفيذها، فقط انسبوها إلىّ إذا تكرمتم، وإذا كانت لديكم وثائق تخص بلاوينا فتوكلوا على الله، ولتكن لكم فى جوليان أسانج أسوة حسنة، وليكن لكم فيما انتهى إليه أسوة سيئة تجعلكم تفكرون فى مخارج أخرى لنشر هذه الوثائق على الملأ. أما إذا كنتم معجبين بالفكرة من حيث المبدأ وليس لديكم وثائق تخص بلاوينا، فلتنشئوا الموقع وتتركوه هناك يسبح فى الفضاء التخيلى، لعله يصادف ذات يوم ذات لحظة ذات ناس لديها ذات ضمير يدفعها لنشر ما لديها من وثائق تخص بلاوينا، ولو أن أغلب بلاوينا مالهاش ورق. ونكمل غدا بإذن الله إذا عشنا وكان لنا نشر. [email protected]