بتكلفة 12.5 مليون جنيه.. محافظ الدقهلية يتفقد توسعات مدرسة الزهراء ببلقاس    تجهيز 7 آلاف فصل جديد لخدمة 280 ألف طالب في العام الدراسي الجديد    توزيع حقائب مدرسية وأدوات مكتبية على الأيتام والأسر غير القادرة بمطروح    الصحة: إيفاد كوادر تمريضية إلى اليابان للتدريب على أحدث الأساليب في إدارة التمريض    وزير قطاع الأعمال يعقد اجتماعًا موسعًا مع الرؤساء التنفيذيين للشركات القابضة    مخزون إضافي.. وكيل زراعة المنوفية يوضح لمصراوي حقيقة أزمة نقص الأسمدة    منال عوض تلتقي الجهات المنظمة لاحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    أبرزها "ناتو العربي".. 3 سيناريوهات متوقعة لمخرجات قمة الدوحة    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى نحو مليون و94 ألفًا    تحذير لم يؤخذ به.. تقرير: حياة تشارلي كيرك كانت في خطر بنسبة 100%    "سيتوّج باللقب بنسبة60٪؜".. ماهي الثلاث مباريات التي كان يقصدنا ميدو للزمالك؟    "فيشر موجود وأسد مش صح".. شوبير يكشف تحركات الأهلي في الساعات الماضية    «صلاح من بينهم».. أبوتركية ينتقد لاعبي ليفربول: «لابسين بدلة وبيلعبوا بالشوكة والسكينة»    "أسرار كارثية".. نجم الزمالك السابق يفجر مفاجأة بعد رحيله: "أنا صريح"    بالأسماء.. 14 مصابًا في انقلاب ميكروباص بالبحيرة    قضية الخبز المسموم.. المتهمة بقتل زوجها وأطفاله في قفص الاتهام غدًا    بالصور- ضبط أسماك مجمدة فاسدة داخل السوق الحضاري بورسعيد    تحريات مكثفة لكشف ملابسات مقتل شخص طعنا بسلاح أبيض فى بولاق الدكرور    ملك زاهر بإطلالة أنيقة.. كيف نسقت اللوك؟    لجنة السينمائيين تجيب عن السؤال الصعب    رمضان محمد ل"مصراوي" تامر حسني يخضع للعلاج الطبيعي بالمستشفى    رئيس جامعة القاهرة السابق: دخلت عالم أعتى الفلاسفة الملحدين وخرجت منه أكثر إيمانًا    تعيين الأنبا "سميون" مطرانًا لدير سانت كاترين    تطعيمات ضرورية يجب حصول الطلاب عليها قبل بدء العام الدراسي    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    بعد أزمة مرضى العيون.. حملات تفتيش مفاجئة على مستشفيات التأمين الصحي    البنك الأهلي يساهم ب 60 مليون جنيه لصالح وحدة "الايكمو" من خلال لجنة زكاة طوارئ قصر العيني    تشيلسي يرسل كشافة لمراقبة جناح يوفنتوس التركي كينان يلديز    «ديجافو» من ما تراه ليس كما يبدو تتصدر المشاهدة على المنصات بعد عرض أولى حلقاتها    حتى المساء.. أمطار غزيرة على هذه المناطق في السعودية    تعرف على مواجهات الدور التمهيدى الثانى لكأس مصر بعد سحب القرعة    انطلاق مبادرة «يوم الخير» بمراكز شباب الشرقية    مدارس القاهرة جاهزة لاستقبال 2.5 مليون طالب دون حرمان لغير القادرين    نور النبوي يستعد لتصوير «كان يا مكان».. ويواصل صعوده نحو نجومية مختلفة    متحدث الوزراء: افتتاح المتحف المصري الكبير نوفمبر القادم والتجهيزات تسير وفق الجدول الزمني    منظومة شرطية إنسانية.. الجوازات تقدم خدماتها للحالات الطارئة بكفاءة    وفاة الإعلامي السعودي سعود العتيبي    "معلومات الوزراء": الذكاء الاصطناعي أصبح جاهزًا لإحداث ثورة في مجال السياحة العالمية    جامعة قناة السويس تُكرم فريق المتطوعين بمركز خدمات الطلاب ذوي الإعاقة    مستقبل وطن بالإسماعيلية يدعم مستشفى القصاصين التخصصي    مطروح: توزيع حقائب وكتب وزي مدرسي على 2000 من طلاب المدارس من الأولى بالرعاية    شركة مياه الشرب والصرف الصحي تعلن عن وظائف جديدة بمحافظات القناة    السيسي يؤكد أهمية تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص العمل في قطاع الطاقة الجديدة    فلكيًا.. موعد شهر رمضان 2026 في مصر وأول أيامه    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    رئاسة مركز باريس: تنفيذ مبادرة "أهلا مدرستى" بقرى بغداد لتخفيف الأعباء عن الأسر    «حديد عز» تثبت السعر لمدة 3 شهور بعد فرض رسوم على البيليت المستورد (تفاصيل)    خلاف مالى يتحول إلى معركة بالأسلحة البيضاء بين 11 شخصاً فى الغربية.. فيديو    حشود بالآلاف واشتباكات عنيفة مع الشرطة.. أكبر مسيرة لليمين المتطرف فى لندن    تعطيل العمل بالقسم القنصلي للسفارة المصرية بالدوحة    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    طولان: أنا مدرب منتخب مصر بالصدفة    الهلال الأحمر يدفع ب3200 طن مساعدات إغاثية عبر قافلة زاد العزة ال36 إلى غزة    صحيفة نمساوية: بولندا باتت تدرك حقيقة قدرات الناتو بعد حادثة الطائرات المسيرة    الصين تحذر الفلبين من «الاستفزاز» في بحر الصين الجنوبي    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 14 سبتمبر 2025    خطوات استخراج البطاقة الشخصية 2025 ب 5 طرق أبرزها عبر الإنترنت    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة الطائفية.. عبور الأزمة (3)
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 11 - 2010

تناولت فى مقالين سابقين فرص تحقيق التعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، مجملا إياها فى التجانس العرقى، وهبة الجغرافيا، التى وزعت عنصرى الأمة على جميع أرجاء الوطن، ووحدة الموروث الشعبى، وتشرب كل المصريين المعطى الحضارى بقيمه وأساليب عيشه، وعلاقات السوق المتبادلة بين الطرفين، إلى جانب الخوف الموزع لديهما بتفاوت من عواقب الفتنة وشرورها. ثم عددت مبادئ التعايش فى الفصل بين «الجماعة السياسية» و«الجماعة الدينية» والخروج من سجن التاريخ، والاعتراف المتبادل بالتجاوزات، وضرورة الفصل بين النصوص والممارسات، وتديين السياسة لا تسييس الدين، والعمل من أجل تغيير السياق العام، والبحث عن حلول لأى مشكلات على أرضية وطنية.
ويستند التعايش، فى أى مكان وزمان، على عدد من الشروط، من أهمها أن يكون الحوار متكافئا بين الأطراف المتشاركة فى حياة واحدة، سواء كانوا أفرادا أو جماعات، وأن يعلو التحاور والتفاهم فوق أى عصبيات أو أفكار مسبقة عن الباقين، كما يجب الاستعداد للتعامل بتسامح مع الآخر وقبول الآراء المضادة، وعدم النظر إلى هذا التسامح على أنه علاقة بين طرفين أحدهما أقوى من الثانى، بل باعتباره ضرورة حياتية. ومن المهم كذلك أن تكون هناك منظومة من القيم العادلة يتم الاحتكام لها فى توزيع الثروة، وتحصيل المكانة الاجتماعية، والتساوى فى الفرص السياسية المتاحة، أو المتوافرة، مهما كانت حدودها وحيويتها.
ومن شروط التعايش أيضا توافر شعور لدى الشعب المصرى بمختلف شرائحه وطبقاته بأهمية فكرة التعايش الاجتماعى، وإدراك أنها باتت ضرورة للدولة المعاصرة، وتفهم فكرة الاختلافات الطبيعية بين البشر، من حيث اللغة والدين والعرق واللون والثقافة، وكيفية تطويعها بحيث لا تشكل عائقا أمام التعايش بين جماعات شتى، بل تحقق الحكمة الإلهية العظيمة فى اختلاف الناس، من حيث الألوان والأجناس والأحجام واللغات واللهجات والمعتقدات ... إلخ.
لذا يناط بالنخبة المصرية، بمختلف ألوانها، أن تبحث، من دون كلل ولا ملل، عن سبل تأصيل ثقافة التعايش، من زاوية مدى الارتباط بين الدولة المدنية، التى تقوم على عدم تسييس الدين وبين قيام تعايش سليم معافى، وإمكانية تأسيس مشروع وطنى يمهد لإعادة بناء دولة القانون المرتكزة على التعددية السياسية والثقافية واحترام حقوق الإنسان، وبذل جهد فائق فى البحث عن سبل الاستفادة من إعادة قراءة تاريخ العلاقة بين الفئات والشرائح الاجتماعية العربية، عبر فترات تاريخية، فى فهم الواقع المركب والمعقد للعلاقة بينها، وإبراز القيم المشتركة والموحدة من خلال التنقيب فى التراث الحضارى الشرقى، المفعم بعبر لا يمحوها الزمن عن آفات الشقاق، ومآثر التوحد القومى بين سكان الدولة الواحدة. ولا يجب أن يقف جهد هذه النخبة عند حد الإسهاب فى وضع نظريات مجردة حول مفهوم التعايش ومظاهره وأساليبه ومخاطر تراجعه وغيابه، بل من الضرورى أن تعكف على تحديد آليات التوفيق بين المطالب المتبادلة لعنصرى الأمة المصرية، عبر تفعيل الحوار، وإعلاء قيم التسامح، وإيجاد آلية، لإزالة المخاوف والهواجس المتعلقة بما حدث من تجاوزات أو ظلم فى السابق لأى فئة اجتماعية، وذلك من خلال تعميق فكرة المواطنة، وإعلاء قيمة الانتماء إلى الوطن الأم، والاعتراف بالخصوصية الثقافية للآخر، واعتبارها جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع العامة.
ومن جانبها فإن السلطة المصرية مطالبة بتلافى كل العناصر، التى تهدد فكرة التعايش، ومنها إنهاء التمييز على أساس الدين أو اللغة أو العرق أو اللون، أو أى شىء آخر، فى الوظائف العامة، وفى تحصيل الفرص السياسية والاقتصادية، والوقوف بشجاعة وصبر لا يلين فى وجه أى ثقافات وتأويلات دينية مغلوطة تؤدى إلى ظهور تطرف دينى متبادل يعمق الخلافات ويقوض الروابط، ويفتح الباب أمام التأثيرات السلبية والممقوتة، التى تتركها مسألة الاستقواء بالخارج، للحصول على مكاسب داخلية معينة، تقود فى خاتمة المطاف إلى شق صف «الجماعة الوطنية» وتآكل قدرة الدولة المصرية على التكامل والتماسك.
وهناك أكثر من وسيلة يمكن استخدامها فى تعزيز التعايش بين المصريين جميعا، يمكن ذكرها على النحو التالى:
1 التعليم: وذلك بتضمين المناهج التعليمية ما يحض على التعايش، ويحرص عليه، وتنقيتها مما قد يقود إلى كراهية طرف لآخر. فإذا كان التعليم فى مصر يتم على ركائز ثلاث هى «تعلم لتعرف» و«تعلم لتعمل» و«تعلم لتكون» فيجب أن نعزز من تواجد الركيزة الرابعة وهى «تعلم لتتعايش».
2 الإعلام: وهو وسيلة مهمة، لو استخدمت على الوجه الأكمل، دون انفعال ولا افتعال، فإن بوسعها أن تقلل من أى احتقانات، وترسخ فى عقول الناس ونفوسهم قيم التسامح والاعتراف بالآخر واحترامه.
3 المنتج الثقافى، الذى يجب أن يحوى كل ثقافة الأمة المصرية، عبر التاريخ، فى جميع الأنواع الأدبية والفنون بمختلف ألوانها.
4 منظومة القوانين: أى وجود حزمة من التشريعات، التى تقنن التعايش، وتحدد مرجعية عامة له، يلتزم بها الجميع.
5 المشروعات القومية، التى يجب أن تستوعب جميع المصريين، دون تفرقة، وتوجه طاقاتهم إلى عمل وطنى مفيد، بدلا من الفراغ، الذى يزيد الشقة بين الناس، ويرفع درجة الطاقة الغضبية لديهم.
6 الجهاز البيروقراطى، الذى إن وُجدت معايير سليمة للتعيين والترقى فيه، رُفع الظلم عن كثيرين سواء من المسيحيين أو حتى من فقراء المسلمين ومهمشيهم، وزال سبب مهم لاحتقان مسيحيى مصر.
7 المجتمع الأهلى، الذى يمكنه حال وجود جمعيات خيرية دينية مشتركة بين المسلمين والمسيحيين أن يزيد من أواصر التعايش بين الجانبين.
8 علماء الدين من الجانبين، الذين بوسعهم، إن خلصت النوايا وصح الفهم، أن يحضوا المصريين على التعايش، ويبينوا لهم ضروراته، وأصوله فى الشرائع السماوية ذاتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.