التضامن تبدأ صرف معاش «تكافل وكرامة» لشهر سبتمبر 2025.. تفاصيل وآليات الاستعلام    وزير الخارجية ونظيره التركي يؤكدان ضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة    رومانيا تدين دخول طائرة روسية بدون طيار إلى مجالها الجوى    بي إس جي ضد لانس.. باريس يتقدم في الشوط الأول وإصابة كفاراتسخيليا    شريف يقود هجوم الأهلي أمام إنبي في الدوري المصري    موقف نجم الهلال من اللحاق بمباراة الدحيل القطري    الأرصاد: طقس حار رطب غدًا الاثنين 15 سبتمبر 2025.. والعظمى في القاهرة 35    السجن 10 سنوات للمتهم بالشروع في إنهاء حياة زوجته بالمنيا    وكيل «تموين الشرقية»: خطة عمل لتعزيز الرقابة على الأسواق والمخابز    سيني جونة لدعم إنتاج الأفلام يكشف عن تفاصيل دورته الثامنة    تفاصيل إصابة تامر حسني بكسر في القدم    إعلامى بحرينى: قمة الدوحة أمام مفترق طرق.. "إما بيانات شجب أو قرارات رادعة"    ما تسكتلهمش.. 4 أبراج بيحبوا يحرجوا اللي حواليهم    موعد شهر رمضان 2026 وأول أيامه فلكيًا.. فاضل 156 يومًا    الوطنية للصحافة تواصل الاستماع لمقترحات خارطة الطريق الإعلامية    حمد بن جاسم يثير تفاعلًا بتعليقه على هجوم الدوحة والقمة العربية    خبير سياسي: الرهان على واشنطن لتقويض السلوك الإسرائيلي العدواني بات غير واقعي    كيف تجد أرخص تذكرة طيران    محمود محيي الدين: حياة كريمة أفضل مبادرة في ال 15 عامًا الأخيرة    بالصور.. ملك زاهر تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال في أحدث ظهور    الداخلية تكشف ملابسات ادعاء سيدة باقتحام الشرطة لمنزلها بالمنوفية    ما حكم عمل المقالب في الناس؟.. أمين الفتوى يجيب    جبر الخواطر.. رحلة نيلية لذوي الهمم في دمياط    القبض على متهم بسرقة هاتف من داخل مسجد فى الإسكندرية    محمد أبوتريكة: عصام الحضري أفضل من دوناروما    محمود محيي الدين: «حياة كريمة» أفضل مبادرة في ال15 عامًا الأخيرة    مدير تعليم المنوفية يناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    الجامايكي سيفيل يكسر هيمنة لايلز على سباق 100 متر بمونديال ألعاب القوى    جامعة قناة السويس تستقبل وفد منطقة الوعظ بالإسماعيلية لبحث التعاون    مستشفيات سوهاج الجامعية تطلق نظام الحجز الهاتفي للعيادات الخارجية لتخفيف الزحام    زراعة البحيرة: شروط صارمة لاعتماد مواقع تجميع قش الأرز    منال عوض تلتقي الجهات المنظمة لاحتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير    "فيشر موجود وأسد مش صح".. شوبير يكشف تحركات الأهلي في الساعات الماضية    تجهيز 7 آلاف فصل جديد لخدمة 280 ألف طالب في العام الدراسي الجديد    توزيع حقائب مدرسية وأدوات مكتبية على الأيتام والأسر غير القادرة بمطروح    الصحة: إيفاد كوادر تمريضية إلى اليابان للتدريب على أحدث الأساليب في إدارة التمريض    تطعيمات ضرورية يجب حصول الطلاب عليها قبل بدء العام الدراسي    تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 284 ألف مواطن ضمن "100 يوم صحة" بالمنيا    البنك الأهلي يساهم ب 60 مليون جنيه لصالح وحدة "الايكمو" من خلال لجنة زكاة طوارئ قصر العيني    تشيلسي يرسل كشافة لمراقبة جناح يوفنتوس التركي كينان يلديز    فرصة عمل للأطباء والعقد قابل للتجديد.. المستشفى الجامعي ببني سويف يعلن عن وظائف شاغرة    رسوم السحب النقدي من ماكينات الATM لجميع البنوك والحد الأقصى لعمليات السحب    حتى المساء.. أمطار غزيرة على هذه المناطق في السعودية    شاعر غنائي يثير القلق حول الحالة الصحية ل«تامر حسني».. ما القصة؟    نور النبوي يستعد لتصوير «كان يا مكان».. ويواصل صعوده نحو نجومية مختلفة    وزير الإنتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة أبو زعبل للكيماويات المتخصصة    منظومة شرطية إنسانية.. الجوازات تقدم خدماتها للحالات الطارئة بكفاءة    مستقبل وطن بالإسماعيلية يدعم مستشفى القصاصين التخصصي    حشود بالآلاف واشتباكات عنيفة مع الشرطة.. أكبر مسيرة لليمين المتطرف فى لندن    السيسي يؤكد أهمية تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوفير فرص العمل في قطاع الطاقة الجديدة    هل يجوز أن أنهى مُصليًا عَن الكلام أثناء الخُطبة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعطيل العمل بالقسم القنصلي للسفارة المصرية بالدوحة    «الإفتاء» تواصل عقد مجالسها الإفتائية في المحافظات حول «صلاة الجماعة.. فضائل وأحكام»    الصين تحذر الفلبين من «الاستفزاز» في بحر الصين الجنوبي    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول ضد بيرنلي والقنوات الناقلة    صحيفة نمساوية: بولندا باتت تدرك حقيقة قدرات الناتو بعد حادثة الطائرات المسيرة    خطوات استخراج البطاقة الشخصية 2025 ب 5 طرق أبرزها عبر الإنترنت    د.حماد عبدالله يكتب: حينما نصف شخص بأنه "شيطان" !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة الطائفية.. عبور الأزمة (2)
نشر في المصري اليوم يوم 02 - 11 - 2010

تناول المقال السابق فرص تحقيق التعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، مجملا إياها فى التجانس العرقى، وهبة الجغرافيا، التى وزعت عنصرى الأمة على كل أرجاء الوطن، ووحدة الموروث الشعبى، وتشرب كل المصريين للمعطى الحضارى بقيمه وأساليب عيشه، وعلاقات السوق المتبادلة بين الطرفين، إلى جانب الخوف الموزع لديهما بتفاوت من عواقب الفتنة وشرورها.
وهناك مبادئ رئيسة لا بد من توافرها قبل أن نسعى فى النظر بإمعان إلى فرص هذا التعايش، أو العمل على تطبيق ما تعارف عليه الناس من شروط له، إما بحكم التجربة، أو بفعل إعمال العقل. ومن هذه المبادئ:
1- الفصل بين «الجماعة السياسية» و«الجماعة الدينية»: وهذا شرط أساسى لتحقق «المواطنة» فى مجتمع ما، ومن ثم ترسيخ جذر أساسى للتعايش. فالمصريون يجب أن يكونوا «جماعة سياسية» واحدة و«جماعتين دينيتين»، مسلمة ومسيحية. وهذا معناه أن تكون الحقوق والواجبات متساوية فى كل ما ترتبه السياسة، بمختلف درجاتها، والشراكة متساوية فى «الغنم» و«الغرم»، واختلاف العقائد هى مسألة يفصل فيها الله يوم القيامة ولا ترتب أى تمييز لطرف على آخر فى الدنيا. وهنا يتم التعامل مع الدين على أساس القاعدة الذهبية التى تقول «الدين للديان». وتنشأ العلاقة بين طرفى هذا المعادل على أساس المبدأ الذى استلهمته ثورة 1919 حين رفعت شعار «الدين لله والوطن للجميع».
2- الخروج من سجن التاريخ: فالسجال الدائر بين المسلمين والمسيحيين فى مصر يجب ألا يحيل كثيراً إلى التاريخ، ويركز، بدلا من ذلك، على الحاضر المعيش. وهذا المنحى يرفع المسؤولية عمن يعيشون الآن وهنا، عما جرى فى القرون الغابرة، فلا يطيل المسيحيون فى الحديث عن اضطهاد لحق بهم بعد دخول الإسلام مصر، ولا يفتش المسلمون عما ارتكبته الكنيسة من تطهير وتدمير فى حق «الوثنية» المصرية بعد دخول المسيحية مصر، ويتيهون على المسيحيين بإنقاذهم من ظلم الرومان واضطهادهم الشديد. ورغم أن التاريخ ملىء بالمواقف المشرقة والمشرفة للطرفين، فإن الاكتفاء بها لا يفيد فى الوقت الحاضر. وعلى النقيض يؤدى استدعاء المواقف المشينة من ذمة التاريخ إلى تأجيج الوضع الراهن.
3- الاعتراف المتبادل بالتجاوزات: أى أن يقوم المسلمون بالاعتراف أن بينهم متطرفين فى تصوراتهم واعتقاداتهم، ينظرون إلى المسيحيين على أنهم «كفار»، ويسعون إلى معالجة هذه المغالاة، وهذا القصور فى الفهم. وعلى الجانب الآخر، يعترف المسيحيون بأن بينهم متطرفين ينظرون إلى المسلمين على أنهم «هراطقة».
وهذا الاعتراف لا ينتظم أبداً فى محاولة من كل طرف لإثناء الآخر عن معتقده، بل يجب أن يكون بداية للبحث عن «التعايش الإيمانى»، وتعزيز المشترك الأخلاقى، الذى يزخر به الإسلام والمسيحية، وتصحيح التصورات الخاطئة والمغلوطة عند فصيل من الحركة الإسلامية المسيسة،
التى لا تزال تتعامل مع المسيحيين على أنهم «ذميون»، وعند قطاع من المسيحيين ينظر إلى المسلمين على أنهم «غزاة». فلا معاملة أهل الذمة تصلح لنظام اليوم ولا المسلمون المتواجدون فى مصر حاليا قدموا جميعا من جزيرة العرب، بل أغلبهم مصريون تحولوا من المسيحية إلى الإسلام، وبالتالى ففيهم من «القبطية» ما فى إخوانهم من المسيحيين، علاوة على أن الوجود العربى فى مصر سابق على الإسلام بكثير.
4- الفصل بين النص والممارسة: فالنصان القرآنى والإنجيلى يحملان من القيم ما يكفى حال التمسك بها لبناء تعايش مشترك واحترام متبادل بين المسلمين والمسيحيين، ولا يجب أن يتحملا ما يفعله الطرفان ببعضهما، فهذا من قبيل السلوك البشرى، الذى يعد انحرافا عن مقاصد الأديان وغاياتها. وبالتالى فإن الحاجة تصبح ماسة وملحة للرد على التأويلات الخاطئة للنصوص.
5- تديين السياسة لا تسييس الدين: وهو التصور الذى يقوم على أساس قاعدة أن «فصل الدين عن السلطة ضرورة، وفصله عن الحياة جريمة». وهذا معناه ألا تحاول الكنيسة لعب دور سياسى، فهذا خارج اختصاصها وفوق طاقتها، ولا تستمر «الجماعات والتنظيمات الإسلامية» فى «تسييس الدين». والبديل لهذا هو «تديين السياسة» أى منحها إطاراً أخلاقياً، نحن بأشد الحاجة إليه لمواجهة الفساد والاستبداد. وهذه مسألة يجب أن تسن لها قوانين وتشرع لها شرائع وضعية.
6- تغيير السياق العام: فكثير من المثقفين وأعضاء النخبة السياسية والاجتماعية من المسلمين والمسيحيين، على حد سواء، يرون أن حل مشاكل مسيحيى مصر، لن يتم، على الوجه الأكمل، إلا فى إطار إصلاح سياسى شامل، تستقر فيه قواعد دولة مدنية ديمقراطية، تقوم على مبدأ «المواطنة» وتداول السلطة، وتفتح الباب أمام حرية التعبير، وحرية تشكيل الأحزاب السياسية، وحقها فى العمل بين الجماهير، وتعبئتهم خلف برامجها «السياسية»، بدلا من تركهم يعودون إلى انتماءاتهم الأولية، ومنها الدين والعشيرة والمنطقة الجغرافية، لاستخدامها فى المجال السياسى.
7- الأرضية الوطنية: فأى مشكلة للتعايش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر يجب أن تحل على أرضية وطنية، وبأجندة مصرية، ويشارك فيها مصريون. فالاستقواء بالخارج، أو حرث الأرض أمام تدخل أجنبى، سيقود إلى نتائج غاية فى الخطورة، سيتأثر بها المسيحيون المصريون قبل المسلمين. فلا الأجنبى بوسعه أن يحمى أحداً، ولنا فى تجربة مسيحيى العراق بعد احتلاله عبرة وعظة، ولا الخارج من الممكن أن يضحى بمصالحه من أجل أحد، ومن يعتقد فى غير ذلك واهم.
لكن ما هى الشروط العامة التى يجب وضعها لضبط هذا التعايش؟ وما هى الوسائل التى يمكن استخدامها فى نقله من عالم المجاز إلى دنيا الواقع، أو من القول إلى الفعل؟.. هذا ما سيجيب عنه المقال المقبل إن شاء الله تعالى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.