ارتفاع صادرات الصين بنسبة 8% في أبريل    باكستان ترفض مزاعم بشأن شن غارات جوية على الأراضي الهندية    زيلينسكى يعلن أنه ناقش خطوات إنهاء الصراع مع ترامب    جيش الاحتلال: مقتل جنديين وإصابة ضابطين وجنديين في معارك جنوبي قطاع غزة أمس    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 9 مايو 2025 والقنوات الناقلة    القنوات الناقلة لمباراة بيراميدز والبنك الأهلي مباشر في الدوري الممتاز.. والموعد    حالة الطقس اليوم الجمعة بشمال سيناء: حار نهارًا وشبورة مائية    التحقيق حول غرق شاب في الترعة بالعياط    د.حماد عبدالله يكتب: الحنين إلى "المحروسة" سابقًا !!    أحمد داش: الجيل الجديد بياخد فرص حقيقية.. وده تطور طبيعي في الفن    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    تكريم حنان مطاوع في «دورة الأساتذة» بمهرجان المسرح العالمي    أسرة «بوابة أخبار اليوم» تقدم العزاء في وفاة زوج الزميلة شيرين الكردي    حبس المتهمين بسرقة كابلات كهربائية بالطريق العام بمنشأة ناصر    في أجواء من الفرح والسعادة.. مستقبل وطن يحتفي بالأيتام في نجع حمادي    تويوتا كورولا كروس هايبرد 2026.. مُجددة بشبك أمامي جديد كليًا    حملات تفتيش مكثفة لضبط جودة اللحوم والأغذية بكفر البطيخ    الهباش ينفي ما نشرته «صفحات صفراء» عن خلافات فلسطينية مع الأزهر الشريف    مصر تنضم رسميًا إلى الاتحاد الدولي لجمعيات إلكترونيات السلامة الجوية IFATSEA    بيل جيتس ينوي إنفاق قسم كبير من ثروته على الأعمال الخيرية    تبدأ 18 مايو.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 للصف الرابع الابتدائي بالدقهلية    «الأسقفية الأنجليكانية» تهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب بابا الفاتيكان    ترامب يدعو أوكرانيا وروسيا إلى وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما ويتوعد بعقوبات    طريقة عمل الآيس كوفي، الاحترافي وبأقل التكاليف    مستأجرو "الإيجار القديم": دفعنا "خلو" عند شراء الوحدات وبعضنا تحمل تكلفة البناء    إلى سان ماميس مجددا.. مانشستر يونايتد يكرر سحق بلباو ويواجه توتنام في النهائي    الأهلي يتفق مع جوميز مقابل 150 ألف دولار.. صحيفة سعودية تكشف    خبر في الجول - أحمد سمير ينهي ارتباطه مع الأولمبي.. وموقفه من مباراة الزمالك وسيراميكا    سالم: تأجيل قرار لجنة الاستئناف بالفصل في أزمة القمة غير مُبرر    موعد مباراة بيراميدز ضد البنك الأهلي في الدوري    مؤتمر النحاس: نلعب مباراة كل 4 أيام عكس بعض الفرق.. ورسالة لجماهير الأهلي    أيمن عطاالله: الرسوم القضائية عبء على العدالة وتهدد الاستثمار    دراسة: 58% يثقون في المعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي    رئيس الطائفة الإنجيلية مهنئا بابا الفاتيكان: نشكر الله على استمرار الكنيسة في أداء دورها العظيم    «إسكان النواب»: المستأجر سيتعرض لزيادة كبيرة في الإيجار حال اللجوء للمحاكم    بنك القاهرة بعد حريق عقار وسط البلد: ممتلكات الفرع وبيانات العملاء آمنة    في المقابر وصوروها.. ضبط 3 طلاب بالإعدادية هتكوا عرض زميلتهم بالقليوبية    جامعة المنصورة تمنح النائب العام الدكتوراه الفخرية لإسهاماته في دعم العدالة.. صور    مفاجأة بعيار 21 الآن بعد آخر تراجع في سعر الذهب اليوم الجمعة 9 مايو 2025    بوتين وزيلينسكى يتطلعان لاستمرار التعاون البناء مع بابا الفاتيكان الجديد    كيم جونغ أون يشرف على تجربة صاروخية ويؤكد جاهزية السلاح النووي    المخرج رؤوف السيد: مضيت فيلم نجوم الساحل قبل نزول فيلم الحريفة لدور العرض    غزو القاهرة بالشعر.. الوثائقية تعرض رحلة أحمد عبد المعطي حجازي من الريف إلى العاصمة    «ملحقش يتفرج عليه».. ريهام عبدالغفور تكشف عن آخر أعمال والدها الراحل    موعد نهائى الدورى الأوروبى بين مانشستر يونايتد وتوتنهام    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 9 مايو 2025    سهير رمزي تعلق على أزمة بوسي شلبي وورثة الفنان محمود عبد العزيز    عيسى إسكندر يمثل مصر في مؤتمر عالمي بروما لتعزيز التقارب بين الثقافات    حكم إخفاء الذهب عن الزوج والكذب؟ أمين الفتوى يوضح    مصطفى خليل: الشراكة المصرية الروسية تتجاوز الاقتصاد وتعزز المواقف السياسية المشتركة    محافظة الجيزة: غلق جزئى بكوبري 26 يوليو    «الصحة» تنظم مؤتمرًا علميًا لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المصرى اليوم» واستخراج أطيب ما فى الرأسمالية
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 11 - 2010

ليس هناك أروع من شعورك بأنك قد أنجزت إنجازاً نافعاً لوطنك أولاً ثم للبشرية ثانياً كعضو فى فريق متكامل ومتناغم الأداء. الإنجاز الذى أتحدث عنه هنا هو حالة الثراء الثقافى التى شارك فيها أكثر من أربعمائة مفكر اقتصادى ومفكر اجتماعى ومترجم وكاتب ورجل أعمال ووزير وسياسى وإعلامى وفنان وصحفى ورجل قانون. نخبة متميزة من المصريين الذين يحلمون لمصر بما هو أطيب وأفضل فى النظام الاقتصادى السياسى الذى تطبقه.
كلهم جاءوا تلبية لدعوة «المصرى اليوم» يوم الأربعاء الماضى الموافق 3 نوفمبر إلى القاعة الكبرى بفندق فور سيزونز، للمشاركة فى مناقشة كتاب «الرأسمالية الطيبة.. الرأسمالية الخبيثة» والاستماع إلى أحد المؤلفين روبرت أى ليتان، عبر شاشة الفيديو كونفرانس من واشنطن والتحاور معه، كان على المنصة ثلاثة من كبار المفكرين المصريين هم الوزير الدكتور أحمد درويش والدكتور صبرى الشبراوى والدكتور أحمد جلال، يشاركهم رجل أعمال مصرى شاب هو أشرف الجزايرلى بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لشباب الأعمال، يتوسطهم رئيس الجلسة الأستاذ مجدى الجلاد. كانت أمسية من الفكر الرفيع، فالجميع يتحاورون لاستخراج أطيب ما فى الرأسمالية من خصائص وسمات وأدوار وينقبون مع المؤلف فى أنماط الرأسمالية التى يرى هو وزميلاه وليام جاى بومول وكارل جاى شرام أنها مطبقة فى العالم.
فى خلفية المشهد كانت التجربة المصرية ماثلة وفى عمق الحوار كان هناك حنين جماعى للإمساك بسمات محددة للرأسمالية الطيبة وتعريف محدد للرأسمالية الخبيثة، وفى تقديرى أن هذا الحنين الجماعى للمعرفة العلمية الدقيقة يمثل الثمرة الكبرى والأحلى لترجمة هذا الكتاب وإصداره فى كتاب «المصرى اليوم»، فالمصريون فى عمومهم لا يعرفون أن فى الرأسمالية نوعاً طيباً ونوعاً خبيثاً.
إنهم فى شوق عظيم إلى خريطة معرفية ترشدهم إلى الرأسمالية القادرة على تحقيق النمو الاقتصادى وتوفير فرص العمل الكافية وإطلاق نهضة حضارية شاملة وتوزيع عائد النمو الاقتصادى توزيعاً عادلاً على أبناء الوطن والقادرة على إطلاق قوى الإبداع الكامنة فى الأفراد الموهوبين وتمكينهم من إنجاز اختراعاتهم وتحويلها إلى منتجات نافعة للبشر، لقد كان واضحاً فى أسئلة الصحفيين الشبان التطلع المعرفى إلى هذا النوع الطيب من الرأسمالية القادرة على تكبير كعكة الاقتصاد الوطنى وتمكين كل فرد من الحصول على نصيبه العادل منها، سواء فى شكل أجر عادل يكفى احتياجاته أو فى صورة خدمات تعليمية وإسكانية وصحية كفؤة وميسرة، فهذه هى سمات الرأسمالية الطيبة وعكسها هو سمات الرأسمالية الخبيثة، لقد علق البعض على ترجمة كلمة BAD الواردة فى العنوان إلى خبيثة وفضل عليها كلمة رديئة، غير أننى أرى، باعتبارى أحد المساهمين الثلاثة فى ترجمة الكتاب- الاثنان الآخران هما الأستاذ مصطفى الجمال والأستاذ عثمان مصطفى عثمان- أن ترجمة الكلمة الإنجليزية إلى خبيثة أكثر دلالة من النواحى الاقتصادية والإنسانية والأخلاقية على حد سواء، ذلك أننا ترجمنا كلمة Good إلى طيبة وفضلنا هذه اللفظة على لفظة جيدة أو حسنة، وذلك لإعطاء الإيحاء المحبب الذى تولده كلمة طيب فى النفوس، مثلما يظهر فى عبارة «إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب»، وبالتالى كان لابد من وضع الكلمة النقيضة لكلمة طيب وهى تظهر فى سياق الآية الكريمة رقم 26 من سورة النور «الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات...» وهو اجتهاد نرجو أن نكون قد أصبنا فيه.
لقد عرض مؤلفو الكتاب أربعة أنماط للرأسمالية، جرى حولها الحوار وهى: 1- الرأسمالية الموجهة من الدولة، 2- رأسمالية القلة الحاكمة أو الأوليجاركية، 3- رأسمالية الشركات الكبيرة، 4- الرأسمالية الخلاقة والابتكارية «ريادية الأعمال».
ولقد أضاف الدكتور صبرى الشبراوى نمطاً خامساً، يعتقد أنه أفضل أنماط الرأسمالية، أطلق عليه «الرأسمالية الشعبية»، حيث يتم تمكين الشعب من امتلاك أصول الدولة من مصانع ومنشآت وأراض عند بدء عملية التحول إلى الرأسمالية، وليس تمليك هذه الأصول المملوكة للدولة لمجموعات محدودة من القطاع الخاص، والشبراوى يرى أن هذا النمط يمكن الشعب من المشاركة فى اتخاذ القرار الاقتصادى، باعتباره مالكاً عبر الجمعيات العمومية للشركات المساهمة، ويمكنه من الحصول على نصيبه العادل من العوائد باعتباره المالك للأسهم، ولقد قدم هذا المفكر الاقتصادى إسهاماً آخر يجب التركيز عليه وهو أن طبيعة المجموعة الحاكمة والمسيطرة على إدارة أى مجتمع تتحكم فى شكل الرأسمالية،
فمثلاً إذا كنا فى كولومبيا، حيث تسيطر عصابات المخدرات على الحكم فإن طابع الرأسمالية سيتأثر بطبيعة هذه المجموعة، كما أن سيطرة المحافظين الجدد ذوى النزعة الطبقية وميول الاستعلاء على الطبقات الشعبية قد أثرت على التجربة الأمريكية، فى حين أن وجود مجموعة من الرأسماليين الموهوبين الذين قدموا ابتكارات للبشرية، مثل بيل جيتس، تأثر فى موقفهم من الثروة بفضل تمتعهم بإحساس المسؤولية الاجتماعية وإدراكهم أن ما يحققونه من ثروات يعود الفضل فيه إلى الشعب، وبالتالى فإنهم يردون هذه الثروات إلى أصحابها، كما فعل بيل جيتس بإرجاع 40 مليار دولار من ثروته البالغة 50 ملياراً إلى الشعوب فى شكل مؤسسة خيرية تحارب الفقر والمرض والجهل وتنشر التعليم الحديث، لقد أضاف المفكر الدكتور أحمد جلال فى حواره مع مؤلف الكتاب نقطتين مهمتين عندما لاحظ أن الكتاب قد أغفل دور الديمقراطية السياسية فى ترشيد السلوك الرأسمالى وتحسين الأداء، وأنه تغافل أيضاً عن مسألة العدالة الاجتماعية وتوزيع عوائد النمو بشكل يغطى المجتمع.
إن النبوءة التى أطلقها الدكتور أحمد درويش بأن المستقبل سيضع نموذج الرأسمالية الابتكارية الخلاقة (رأسمالية ريادية الأعمال) فى وضع الصدارة فى العالم، هى نبوءة تستحق أن نعمل على تحقيقها فى مصر، غير أننى أعتقد أن هذا النمط من الرأسمالية بمفرده لا يستطيع أن يحول الاختراعات والابتكارات إلى سلع اقتصادية متاحة فى الأسواق بأسعار رخيصة للبشر، ولذا فإننى أعتقد أن علينا أن نعمل على تدعيم الشركات الخلاقة الابتكارية بشركات عملاقة قادرة على الإنتاج الكبير، تتكون بمساهمات شعبية واسعة.
إن إضافة طابع الديمقراطية السياسية المعمق إلى هذه الخلطة سيؤدى إلى تمكين المخترعين المصريين من إظهار قدراتهم وإلى إنتاج اختراعاتهم فى صورة سلع متاحة بأسعار رخيصة وإلى قدرة الشعب، المالك للشركات المساهمة الصناعية العملاقة على محاسبة المديرين وتصحيح سلوكهم، حتى لا يقع عندنا ما حدث من فساد فى الشركات الكبرى الأمريكية من جانب المديرين، وهو ما أدى إلى الأزمة المالية العالمية الأخيرة. فى كل الأحوال لقد بدأنا البحث عن الرأسمالية الطيبة، وهو بحث يجب أن يشارك فيه الجميع، وشكراً مرة أخرى ل«المصرى اليوم» على هذه المبادرة الثقافية الرفيعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.