شوف يا «عم فؤاد» يا صرماتى: أحوالنا لن تنصلح إلا ب «نص نعل»

كل شىء فى محله الصغير الكائن فى شارع الأزهر كساه اللون الأسود، بدءًا من المدخل مرورًا بالجدران وانتهاء بيدى ووجه وملابس «عم فؤاد بخيت» الذى ينحنى منذ الصباح الباكر إلى المساء لإصلاح الأحذية.
العمر الذى تجاوز 65 عامًا وضعف البصر لم يمنعا عم فؤاد من الاستمرار فى مهنته رغم انقراضها، فالسنوات الطويلة التى قضاها فى تعديل وإصلاح الأحذية المتهالكة ربطت بينه وبين المهنة برباط وثيق، من الصعب أن يقطعه لمجرد مواكبة العصر بمهنة حديثة تدر عليه دخلاً أكبر.
بدأ «عم بخيت» عمله فى هذه المهنة بمحل صغير فى منطقة شبرا التى يسكنها، لكنه لم يستمر فيه طويلاً، وفكر فى الالتحاق بمهنة أخرى، لكن عدم إجادته القراءة والكتابة جعله يستمر فى مهنته التى لم يتعلم غيرها حتى يستطيع الإنفاق على أسرته.
توجه «عم فؤاد» إلى شارع الأزهر ليبحث عن محل يشتريه، لكن أسعار المحال وتكلفة أدوات المهنة كانت قد ارتفعت وقتها، وهو لا يملك أموالاً لشرائها، فاضطر إلى العمل لدى شاب يصغره بعشرات السنين: «كل ده لأنى زمان ماكنتش بعمل حساب للقرش، أمى كانت بتدينى 3 قروش كل يوم، كنت بصرفها دفعة واحدة، ورغم نصايحها بأن القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود - إلا انى عمرى ما خدت بالنصيحة دى».
مهنة «عم فؤاد» التى لا يعرف غيرها تواجه ككثير من المهن فى شارع الأزهر الانقراض بسبب قلة «الصنايعية» وتوجههم إلى أعمال أخرى، أقل فى المجهود وأكثر فى الربح، كما أن الأحذية الصينى أغرقت الأسواق وجعلت الكثير من الصنايعية يهجرون المهنة، ورغم ذلك يؤكد أن تصليح الحذاء أرخص كثيرًا من شراء آخر جديد،
خاصة مع رداءة الموجود فى الأسواق حاليًا، ويعيب «عم فؤاد» على المصريين إقبالهم على الأحذية المستوردة لمجرد المنظرة حتى لو كانت رديئة.. ارتباط «عم فؤاد» بهذه المهنة رغم عدم حاجته إليها يفسره بأنه قام بتربية أبناءه الخمسة وزوجهم، وأصبح لكل منهم بيته ومشاكله وهمومه: «كفاية عليهم اللى هما فيه، مش عايز أكون حمل عليهم، وأنا أتربيت على أن الراجل لازم يشتغل لحد مايموت، رغم أن المهنة بقت صعبة على والحذاء اللى كان بيتصلح فى يدى فى ربع ساعة بقى ياخد ساعة».
ورغم ظروف المهنة التى تكهنت بفعل الزمن لا يخفى «عم فؤاد» حالة الرضا التى يعيشها: «الحمد لله الرزق ده بتاع ربنا، أنا بصلح الجزمة ب 5 جنيه وبركب الكعب ب 15 جنيه، وأغلب زباينى ما بيفرطوش فى أحذيتهم القديمة، ولى زبائن بيصلحوا الأحذية المستوردة رغم أنها ما بتتحملش مكنة الخياطة».