وجه عدد من خبراء التخطيط العمرانى والهندسة انتقادات شديدة للتصورات المبدئية والمقترحات التى وضعتها وزارة الإسكان والمرافق ممثلة فى هيئة التخطيط العمرانى عن مشروع «القاهرة 2050»، معربين فى الوقت نفسه عن دهشتهم لعدم الإعلان عن مصير سكان بعض مناطق القاهرة الكبرى المقترح نقلهم إلى المدن الجديدة لتنفيذ المخطط. وأكد الخبراء خلال ورشة العمل الأولى التى عقدتها هيئة التخطيط العمرانى لمناقشة الرؤية المستقبلية لإقليم القاهرة الكبرى 2050، بحضور محافظى الإقليم الخمسة ووزير الإسكان، أن مشكلة القاهرة ناجمة من المناطق المجاورة والموازية لها، داعين إلى وجود مخطط آخر لتنمية شاملة وموازية للأقاليم المجاورة للقاهرة الكبرى. وشكك أحد الخبراء فى تنفيذ المخطط بوصفه مجرد أحلام يستحيل تنفيذها على أرض الواقع، خاصة فى ظل عدم توفر التمويل الكافى لذلك، منتقداً فى الوقت نفسه الاهتمام بالمتنزهات والأماكن الترفيهية فى المخطط على حساب الشعب «الفقير» - على حد تعبيره - دون تحسين مستواه المعيشى. من جانبه أوضح المهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان، فى رده على خبير التخطيط -الذى اعتبر أن أمريكا نفسها لا تستطيع تنفيذ مثل هذا المخطط على حساب شعبها - بأن مصر لديها فكر وأحلام تستطيع تحقيقها باعتبارها دولة واعدة اقتصادياً، ولديها تدفقات استثمارية يتاح من خلالها تنفيذ مثل هذا المخطط. وتساءلت الدكتورة وفاء عامر، عميد كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، عن عدة نقاط لم يتم كشفها فى المخطط منها الحجم السكانى المطلوب تفريغه من القاهرة لتنفيذ المخطط بالإضافة إلى الأماكن المقترحة التى سيتم نقلهم إليها، وفرص العمل المتاحة فى هذه الأماكن، مختتمة تساؤلاتها عن الصفوة التى ستستمتع بهذا «الجمال» الذى تم اقتراحه للقاهرة الكبرى. وفى جملة باللهجة العامية، لخص المهندس صلاح حجاب، رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال، رأيه قائلاً: «خلينا نحلم على قدنا فى إطار ليلة مش طويلة، وزى ما قال الشاعر: أبات أحلم بالتبات والنبات.. وأقوم ألاقى بعد بكره فات». وبعد الانتهاء من طرح أسئلة ومقترحات خبراء التخطيط أكد المغربى أن مشروع القاهرة 2050 ما هو إلا «تجميع» لمقترحات، وليس قرارات نهائية، مستدركاً أن هناك أماكن مثل الجزر النيلية بالقاهرة يتمت رصد ما يحدث فيها منذ سنوات، ويجب ألا يترك «وضعها» الحالى على ما هو عليه وإلا سنفقد مورداً مهماً من موارد الدولة. وشكا المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، من أن محافظة القليوبية تعد أقل المحافظات حظاً فى التصور المبدئى للمخطط وقال إنه من أجل تطوير العاصمة لابد أن تراعى القليوبية، لافتاً فى الوقت نفسه إلى أن المخطط أهمل «ميدان المؤسسة» بالرغم من تأثيره البالغ على التكدس المرورى فى منطقة وسط المدينة. وطالب عدلى حسين بإعادة فتح الكورنيش عند مدخل مدينة شبرا الخيمة المؤدى إلى القناطر الخيرية، مؤكداً أن هذا من شأنه تنمية المنطقة لتتوافق والتخطيط المقترح للإقليم. أما الدكتور فتحى سعد، محافظ 6 أكتوبر، والمهندس سيد عبدالعزيز، محافظ الجيزة، فقد اتفقا فى كلمتيهما على أن الدولة والمحافظات الخمس قادرة على بدء تنفيذ المقترح، كاشفين عن مشروعات يتم تنفيذها فى المحافظتين تتوافق مع جزء من المخطط، منها تطوير شارع جامعة الدول العربية ليكون متوازياً مع «حدائق خوفوبلازا» المقترحة فى المخطط والذى سيتيح رؤية الأهرامات من شوارع الجيزة، وتطوير منطقتى المنيب ونزلة السمان. من جانبه كشف الدكتور عبدالعظيم وزير، محافظ القاهرة، عن دراسة نقل سكان إحدى المناطق العشوائية المهمة فى القاهرة - رفض الكشف عنها - إلى مدينة بدر، على أن تكون مجتمعاً متكاملاً ينقل إليها سكان هذه المنطقة العشوائية. وأعلن الدكتور مصطفى المدبولى، رئيس هيئة التخطيط العمرانى، عن بدء الهيئة فى إعداد مخطط استراتيجى قومى لمصر، مشيراً إلى أن هدف المخطط الأساسى هو معرفة كيفية استيعاب الزيادة السكانية خلال السنوات المقبلة.