لبيك اللهم.. لبيك

الحج عرفة، وما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإن الله ليباهى بعباده الملائكة فى هذا اليوم فيقول: ما أراد هؤلاء؟.. كما أن أفضل الدعاء يوم عرفة، وأفضل ما قال صلى الله عليه وسلم والنبيون قبله: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شىء قدير».
هذا اليوم هو اليوم المشهود حيث تُسكب العبرات، وتُقال العثرات، وتُرتجى الطلبات، وتُكفر السيئات. سُئِل سفيان الثورى: من أسوأ هذا الجمع حالاً؟
 قال: الذى يظن أن الله لا يغفر له، فياله من مشهد عظيم يجل عن الصفة، وموقف كريم طوبى لمن وقفه، فينبغى للمسلم استغلال هذه اللحظات، بالاجتهاد فى العبادات، والحرص على الطاعات، والإكثار من الدعاء والذكر والتلبية والاستغفار والتضرع وقراءة القرآن والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، فهذه وظيفة هذا اليوم.
هنيئاً لمن حج بيت الله بمال حلال، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً، وقد قيل فى ذلك: إذا حججت بمال أصله سحت فما حججت، ولكن حجت العير لا يقبل الله إلا كل صالحة ما كل من حج بيت الله مبروراً، وهنيئاً لمن تقطع قلبه شوقاً لزيارة بيت الله الحرام،
 وحالت ظروفه المادية أو البدنية دون ذلك، فقد وقع أجره على الله بقدر نيته، كما فى الحديث: «إن بالمدينة أقواماً ما قطعتم وادياً ولا سرتم مسيراً إلا وهم معكم.. حبسهم العذر» أراحلين إلى البيت العتيق.. لقد سرتم جسوماً وسرنا نحن أرواحاً إنا أقمنا على عذر وقد رحلوا ومن أقام على عذر كمن راح،
 فالأعمال تتفاضل عند الله بتفاضل ما فى القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم لله، وأسأل الله عز وجل لمن حج هذا العام أن يكون حجه مبروراً، وأن يتقبل الله منه صالح الأعمال،
 وأوصيه ونفسى بأن نتخلق جميعاً بأخلاق هذه الفريضة، وكما امتنع الحاج عن الرفث والفسوق والجدال فى الحج، فليكن ذلك خلقه بعد الحج، وليحرص أن يكون سلوكه بعد الفريضة أفضل منه قبلها، وليعلم أن الله يعطى على حسن الخلق ما لا يعطى على سواه،
ولا ننسى على الإطلاق أن خيرية هذه الأمة تكمن فى تمسكها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وفى الأمر بالمعروف، والنهى عن المنكر.. اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.. آمين.
مهندس على درويش
ali_darwish@mobica.net