الرئيس لا يعلم! كان وهو يمشى فى أروقة قصره يسمع الناس من حوله يتهامسون سراً بشئ قد حدث. قالوا انقلاب وقالوا ثورة. نادى على رئيس ديوانه وقال له ماذا يجرى فى البلد بصوت متلهف خافت. ردّ عليه رئيس ديوانه انه لا يدرى فأصاب الرئيس الهلع كيف وهو حاكم هذه البلاد... ولا يعلم ماذا يجرى بها!! من الممكن أن تكون هذه الفقرة جزء من قصة طريفة لمثالِ حاكم عزله اعوانه عن الشعب، فبدا أنه لا يدرى ما يحدث فى شوارع المدينة كل صباح ومساء، قد يكون هذا فى خيال كاتب او مؤلف ولكن ابدا لن يكون فى واقع . من قال أن الرئيس لا يدرى؟ من قال أن الرئيس معزول عن الشعب لا يسمع فقط الا من اتباعه واعوانه ووزراءه شكر الشعب الدائم وولائه ومحبته الوافرة للحاكم، ومدى خوفهم من زوال حكمه الآمن الحكيم الذى يجنى البركة على كل شئ فى البلاد... الذى من دونه لكانت البلاد من دول العالم الثالث او حتى الرابع ان كان هناك رابع!! فهم دائما ما يشكروه ويحمدوا له صنيعه فيهم أن أرهق نفسه وكبّدها عناءً كبيراً فى سبيل خدمة الشعب والسهر على الآم الفقراء من الناس والمحتاجين، بل إنه ينفق من جيبه الخاص على هؤلاء الفقراء ويشملهم بعطفه ورعايته ويقتص من الظالم للمظلوم ويباشر بنفسه كل ليل احوال الرعية. بل يرهق نفسه اكثر من ذلك ويتابع كل وزارة بنفسه كل صباح ويعزل كل وزير مقصّر فى حق الشعب لان حقوق الشعب فوق اى حق واى شئ..!! من قال لكم إنهم يعزلوه عن شعبه البائس! بدأت هذه الفرية فى عهد جمال عبد الناصر وهم يحكوا لنا كيف كان الرجل مثال للوطنية والنبل والكرم. كيف كان الرجل يخاف على ابناء شعبه الذى هو منهم ولهم ، وكلما يحدث مصيبه فى البلد "يقلك اصل الريس ميعرفش" عندما نتكلم عن التعذيب فى عهد عبد الناصر والمعتقلات المليئة بالمظلمومين من ابناء هذا البلد يقولون لنا ان صلاح نصر كان يتخذ الاجراءات بدون علم جمال..!! وطالما ان الحالكم لا يعلم .. اذن لماذا يبقى فى منصبه؟!! وتوارث الشعب هذه الفرية بل رددوها فى كتبهم ان الحاكم لا يعلم ولو كان يعلم لفعل وفعل وفعل..!! حتى اليوم يقولون لنا ان الرئيس لا يعلم، كذبوا عليكم أن قالوا انه لا يعلم... والدليل هذا الفساد المسكوت عنه فى هذه الدولة.. فلا يتحرك الرئيس بنفسه ويصدر اوامره بحل مشكلة ما الا اذا تحولت المشكلة الى رأى عام .."واحنا لسه فيها ". أرض امون فى أسوان كيف تدخل الرئيس ورد الارض الى الدولة لكى يعاد بيعها فى المزاد..!! والتى اشترتها شركه بالم هيلز وصاحبها وزير الاسكان "المغربى باشا" الذى باع الارض لنفسه ولصالح شركته. هل كان الرئيس لا يدرى عن هذه الارض شيئا!! "علشان يصحى ضميره مره واحده ويعرف ان فيه فساد " "واحنا برده لسه فيها"... أرض هشام طلعت مصطفى، "مدينتى" ال 8 الآف فدان، وقد قرر الرئيس التدخل بعد رفع دعوه قضائية على شركه طلعت مصطفى والحكومة بان العقد كان باطلاً فيتدخل الرئيس المقدام الشجاع النزيه الذى لا يرضى عن الفساد لكى يعيد اموال الشعب الى البلاد وارض الشعب الى الشعب بعد صدور الحكم ويأمر الحكومة بسرعة التنفيذ حتى لا نهدر أموال الشعب وهى (600) مليار جنيه ارباح ومكاسب هذا المشروع.. وكل هذا كان سيتحول الى خزينه هشام طلعت مصطفى..!!! ومن قال أنك يا سيادة الرئيس لم تعلم بهذا العقد الباطل.. فوزراء معاليك هم من وقعوا هذه العقود .. !!! ألم يعرضوا عليك الاوراق الخاصة بالبيع لهذا المشروع الضخم وهذه الاراضي الشاسعة التى بيعت؟ ألم تجتمع معهم فى أى اجتماع وزاري لكى يعرضوا عليك هذا الفساد؟ ولكنى اقول لك يا سيادة الرئيس أنك كنت تعلم .. وأنك غضضت الطرف عن هذا الفساد. لا تصدقوهم ان قالوا لكم ان الرئيس لا يعلم... فان كان الرئيس لا يعلم فلماذا اذاً مازال يرهق نفسه ويسهر على مصالحنا .. لماذا يجلس على هذا العرش الفرعوني الذى يريد ان يورثه لابنه أمنحوتب الثاني "جمال الثانى"...؟ فنحن هنا أمام أمرين... اما ان الرئيس يعلم ويسكت عن هذا الفساد فيكون هو المفسد الاعظم فى هذا البلد... واما ان يكون لا يعلم وهذه مصيبه اكبر، لان الحاكم الذى لا يعلم عن شعبه شئ لا يحق له أن يتولى أمر هذا الشعب. فالمحصلة واحدة يا سيادة الرئيس. إنك لا يحق لك الجلوس على مقعدك لانك بين أمرين: أما ان تكون أكثر فسادا من أعوانك وإما أن تكون جاهلا بأمور شعبك وفى كلتا الحالتين فانت حاكم فاشل، لانك فشلت فى أن تؤدى واجبك على النحو المطلوب وفشلت فى اقامة العدل بين ابناء شعبك وفشلت فى ان ترفع الفساد المستشرى فى البلاد كالسرطان... وفشلت فى المحافظة على موارد البلاد وأرض وأموال الشعب. ... فلا تصدقوهم ان قالوا لكم ان الرئيس لا يعلم.