مر أكثر من عامين.. منذ أن قاد الشباب ثورة يناير.. فكانت كلمة الفصل لهم.. حيث قاموا بالتخطيط.. والتحريك.. والقيادة.. والتوجيه.. فصمدوا رغم القتل.. والتشويه.. والتعذيب.. ليصنعوا ما عجز عنه الكبار.. فعلى مدار أكثر من عامين.. شهدت الثورة مواجهات عنيفة مع أنظمة.. تناوبت على قتل الثوار باسم الطرف الثالث.. إلا أن موجات القتل.. لن تنال.. ولو للحظة.. من الإرادة الصلبة التى لا تتحطم أبداً. لقد استطاع الثوار على مدار عامين.. أن يحققوا الكثير من المكاسب لمصر.. إلا أن كل ما حققته الثورة.. بيد أبنائها.. أضاعته الصناديق ودمرته.. وكانت الأغلبية تعاند إرادة الشباب.. لكن الحقيقة أن تلك الأغلبية لا تعاند.. وإنما هى لا تعرف.. لأنها تعرضت لسنوات كثيرة من الضياع.. فتفشى الجهل والفقر والمرض.. مهلكات الأمم.. ليستغل ذلك الانتهازيون.. ويحصدوا مكاسب سلطوية. المشكلة الحقيقية.. تكمن فى أن الثورة لم تحكم.. وتعفف الثوار طوال الوقت.. من الحصول على مناصب سياسية.. أو أغلبية برلمانية.. لتحقيق تطلعات الثورة وأهدافها.. لنسلم ما حققناه إلى الانتهازيين.. ليحدثونا دوماً عن شرعية الصندوق.. الشبح الذى سار يطارد الثوار وآمالهم. فى زمن الثورة.. يجب أن يتوقف الساسة عن التشدق بشرعية الصندوق.. لأنه لو احتكم مبارك إلى الشعب.. فى إجراء استفتاء على بقائه من عدمه لظل مبارك حتى الآن فى سدة الحكم.. ولأن المجلس العسكرى.. بعد استفتاء مارس.. أدرك هذا الأمر.. وجدنا «طنطاوى».. عندما خرج الملايين يطالبون برحيل المجلس العسكرى.. يتحدث عن الاحتكام للشعب.. فى استفتاء لرحيل المجلس العسكرى. لقد أتت الصناديق بجماعة لم تعرفها الأغلبية التى انتخبتها.. كما عرفناها على حقيقتها.. حيث شاهدناها فى سنوات النضال ضد مبارك.. تجرى الصفقات.. وترفض أن تشاركنا هتافات إسقاط النظام.. لتأتى على الثورة لتخطفها.. وتمر من خلالها إلى أحضان السلطة. فعندما يذكر الصندوق.. يدرك الثوار أن المكاسب التى حصدوها للوطن ستضيع.. باسم شرعية الصندوق.. تلك الحجة التى ما زال محمد مرسى.. وأهله وعشيرته.. يستندون إليها.. إلا أنه إذا كانت الصناديق لا تأتى إلا بكل شر.. فلتسقط شرعية الصناديق التى ستأخذنا إلى جحيم لا ينتهى.. لتضيع ما نصنعه من أجل انتصار مصر والثورة. فمن وجهة نظرى.. أن شرعية محمد مرسى وجماعته قد سقطت.. بقتل المصريين.. والاستهتار بالأمن القومى المصرى.. والانتماء إلى جماعة صارت بغضاء.. لا تبحث إلا عن مصالحها.. ففى الدول التى يحترم فيها الرئيس شعبه.. لا ينحاز الرئيس إلى فصيل بعينه أو جماعة.. وإنما ينحاز إلى المصلحة الوطنية بشكل عام.. ولا يفرق بين أبناء الوطن الواحد.. حتى إن كانوا فرقاء. واليوم.. وقد بات واضحاً للجميع.. أن محمد مرسى هو مسؤول ملف الرئاسة.. داخل مكتب الإرشاد.. وقد فشل فى أن يحقن دماء المصريين.. وأن يكون رئيساً للأقلية قبل الأغلبية.. فعلى محمد مرسى أن يلملم نفسه ويذهب من حيث أتى.. ويتعلم ممن قبله.. أن شرعية الميادين أقوى بكثير.. من شرعية الصناديق.. التى بنيت على خداع الشعب.. واستغلال عوزه بأقذر أساليب السياسة. فلتبق شرعية الميادين هى الأعظم والأقدر.. ولتذهب شرعية الصناديق إلى الجحيم.