«زي النهارده».. 9 يونيو 1967 تنحي الرئيس عبدالناصر بعد نكسة 67    طلاب «إعلام المنوفية» يطلقون حملة «إعلامنا» للتعريف بالكلية ومميزات الدراسة بها    ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم في الأسواق    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 ونيو 2024    البترول: استيراد 15 شحنة غاز لشبكة الكهرباء.. والأولى تصل خلال 10 أيام    البنك المركزي يعلن معدلات التضخم في مصر بنهاية مايو.. الاثنين    الجيش الأمريكي يعلن استئناف عمليات الإغاثة عبر الرصيف العائم    حزب الله يعلن قصف مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل الإسرائيلية براجمة من صواريخ فلق 2    فلسطين.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تشن حملة اعتقالات واسعة    أيمن يونس: إمام عاشور افتقد للأداء الجماعي وحسام حسن أصاب بالاعتماد على الشناوي    «مين هيقدر يديره؟».. القيعي يكشف سبب رفضه لتعاقد الأهلي مع ميدو    أمم أوروبا 2024.. المنتخب الإنجليزي الأعلى قيمة سوقية ب 1.78 مليار يورو    بشرى عن طقس اليوم 9 يونيو.. انخفاض الحرارة 4 درجات    لماذا زاد ظهور عمرو دياب في الأفراح والمناسبات مؤخراً.. ناقد موسيقى يجيب    «زي النهارده».. وفاة الفنان عبدالله محمود 9 يونيو 2005    نشرة «المصري اليوم» الصباحية.. «هيئة الدواء» تسحب أدوية جديدة من الصيدليات.. انفراد..النيابة العامة تحيل «سفاح التجمع» لمحاكمة عاجلة أمام «الجنايات».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الأحد: 48 ساعة قبل عودة الغليان (تفاصيل)    10 سنوات إنجازات | طرق وكباري و3 محاور رئيسية لإحداث طفرة تنموية في قنا    هيئة التجارة البحرية البريطانية تعلن عن هجوم استهدف سفينة في السواحل اليمنية    ننشر أوائل الشهادات الإعدادية والإبتدائية الأزهرية بالوادي الجديد    أطول إجازة للموظفين في مصر خلال 2024.. عدد أيام عطلة عيد الأضحى    حبس 8 مسجلين خطر بينهم سيدة ضبط بحوزتهم 13 كيلو مخدرات بالقاهرة    بايدن مخاطبًا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا «لا تتزعزع»    أسامة كمال: الحكومة المستقيلة لهم الاحترام.. وشكل الوزارة الجديدة "تكهنات"    ليلى عبد اللطيف تكشف حقيقة توقعها بعيد أضحى حزين في مصر    تحرك عاجل من السعودية بشأن الحج بدون تصريح    سعر الدينار الكويتي في البنوك اليوم الأحد 9 يونيو 2024    مقتل 45 شخصا على الأقل جراء صراع عشائري في الصومال    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    طارق سليمان: كنت مع مشاركة شوبير في نهائي إفريقيا على حساب الشناوي    «هيكسروا الدنيا».. سيف زاهر يكشف ثنائي جديد في الزمالك    خبير مائي: سد النهضة على وشك الانتهاء من الناحية الخرسانية وسيولد كهرباء خلال سنتين    مع بدء رحلات الحج.. خريطة حدود الإنفاق الدولي عبر بطاقات الائتمان في 10 بنوك    «القومى للمسرح المصري» يحتفي بدورة «سميحة أيوب»    ضبط مصري يسرق أحذية المصلين بمسجد في الكويت وجار إبعاده عن البلاد (فيديو)    جامعة العريش تطلق مبادرة شاملة لتأهيل الخريجين لسوق العمل    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    شاهد.. أكشن وكوميديا وإثارة فى برومو عصابة الماكس تمهيدا لطرحه فى عيد الأضحى    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    عاجل.. انفراجة جديدة في مفاوضات بن شرقي وحقيقة عرضين الخليج ل "الأخطبوط"    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    حظك اليوم برج الحوت الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هؤلاء أفسدوا المرحلة الانتقالية
نشر في الوفد يوم 21 - 06 - 2012

أكثر من خمسمائة يوم هى عمر المرحلة الانتقالية التى عاشتها مصر منذ خلع الرئيس السابق مبارك وحتى موعد تسليم السلطة فى 30 يونية القادم، وخلال تلك الأيام ارتكب أطراف المعادلة السياسية اخطاء عديدة ساهمت فى افساد المرحلة التى كان يعول الشارع عليها فى ضبط ايقاع الحياة فى مصر بعد أن عانت من الانهيار على يد مبارك.
فالمجلس العسكرى الذى تولى السلطة بعد تنحى مبارك لم يحسن إدارة تلك المرحلة. كما ان الإخوان الطرف الأقوى بين القوى السياسية تتحمل جانباً كبيراً من أخطاء العسكرى وإفساد المرحلة الانتقالية. بما فرضته من سياسة الاستحواذ والإقصاء..
اما الطرف الأكثر فاعلية فى المرحلة الانتقالية وهم شباب الثورة فنتيجة ضعف خبرتهم السياسية ارتكبوا أخطاء قاتلة أبعدتهم عن السلطة، وعدم المشاركة فى الحكم، وتركت مصر ضحية بين فكى النظام السابق والإخوان. ولم تحصد مصر في تلك المرحلة سوي صراع واضح بين سلطات الدولة وفوضي سياسية ودستورية.
«العسكري» فشل في إدارة البلاد وقادها إلي أزمات سياسية
استعان بحكومات عاجزة نزع منها كل الصلاحيات
ساهم في إخفاء أدلة إدانة مبارك وإعادة إنتاج النظام
فى نهاية فبراير قبل الماضى وقعت اشتباكات فى قلب ميدان التحرير أعتدى خلالها ضباط الجيش على بعض المعتصمين داخله وبعدها بساعات أصدر العسكرى رسالة إعلامية رقم 22 يعتذر فيها عن اعتدائه على الثوار قائلا: «نعتذر ورصيدنا يسمح» ولكن بعد مرور ما يقرب من عام ونصف ارتكب خلالها العسكرى اخطاء عديدة لم يجد لديه أى رصيد فى الشارع يسمح له بتقديم اعتذار بل ان مظاهرات حاشدة اندلعت فى التحرير ومحافظات عديدة على مدار الأشهر السابقة تهتف بسقوط حكم العسكر وتطالب بتنحى المجلس العسكرى عن الحكم.
فالمجلس العسكرى يحقق مطالب الثورة وصحيح أن «العسكري» اختار الثورة وحماها، ولكنه بعد أن تولى السلطة سعى إلى الإبقاء على أركان نظام مبارك والحفاظ على مفاصل الدولة كما هى دون تغيير وكانت النتيجة انه أدار المرحلة الانتقالية بفشل كبير واعترف بعد ما يقرب من 18 شهرا من توليه السلطة بالأخطاء التى ارتكبها والتى قادت البلاد الى ازمات سياسية ودستورية تعيشها الآن.
«العسكرى» لم يتخذ قرارات ثورية يعلنون من خلالها انحيازهم إلى الشارع بل انهم جمدوا الأوضاع السياسية فى مصر عند مرحلة التنحى ولم يفكروا فى مصر بعد مبارك ومن ثم ساعد النظام السابق علي إعادة إنتاج نفسة من جديد. ولم يتخذ العسكري قراراً إلا تحت ضغط المليونيات أو بحكم محكمة، فالغاء الحزب الوطنى والمجالس المحلية صدر بهما احكام قضائية وكذلك محاكمة مبارك لم تأت إلا بفضل مليونيات التحرير التى كادت ان تسقط المجلس العسكرى فى الأيام الاولى من حكمه.
واستثمر «العسكري» حالة الفرقة بين القوي السياسية التى انقسمت بعدما اعلن عن تشكيل لجنة لعمل تعديلات على دستور 1971 وقام بالاستفتاء عليه وهو الاستفتاء الذى استفاد منه «العسكرى» فقط وخسرت مصر كلها بسببه.
واستبدل العسكرى نتيجة الاستفتاء بإعلان دستورى رسخ من وجوده فى السلطة ومنحه شرعية للاستمرار فى الحكم بل ان الإعلان كان أحد الأدوات التى لاعب بها القوى السياسية وامتلك من خلاله كافة مقاليد السلطة.
وجاء المجلس العسكرى أيضا بحكومة الدكتور عصام شرف وحولها الى سكرتارية خاصة له رغم المطالب التى كانت تنادى بتشكيل حكومة انقاذ وطنى ولكنه لم يستجب لذلك وقام بتشكيل حكومتين لشرف فشلتا فى تحقيق أى خطوة إصلاحية بسبب عدم وجود صلاحيات.
وبعد تنظيم عدة مليونيات فى التحرير لإسقاط عصام شرف وتشكيل حكومة انقاذ وطنى لم يجد العسكر سوى الدكتور كمال الجنزورى لينقذه وأعلن عن منحة كافة الصلاحيات ولكن الحقيقة عكس ذلك، فالجنزورى لم يتخذ اى قرار إلا بعد مشورة المجلس العسكرى وفشلت حكومة الجنزورى أيضا فى تحقيق أى مطلب من مطالب الثورة حتى الآن.
العسكرى يتحمل أيضا وزر الأحزاب الدينية فهو الذى سمح لها بالخروج الى الحياة السياسية لتكون الذراع الواقية له فى الحكم والحامى لشرعيته وكانت النتيجة ان حصدت تلك الأحزاب الأغلبية البرلمانية بعد ان تركها تمارس الإرهاب الدينى على الناخبين وتحولت انتخابات البرلمان الى الشكل الطائفى لعب فيه الدين كلمته الأولى.
العسكر أيضا حاكموا ما يقرب من 12 الف مدنى امام محاكم عسكرية وخاضت كل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدنى حربا شرسة من اجل وقف تلك المحاكمات التى تراجع عنها بفضل المليونيات والمظاهرات التى اندلعت فى التحرير.
ودفعت المجازر التى ارتكبتها وزارة الداخلية والشرطة العسكرية فى التحرير عقب المظاهرات التى أندلعت فى التحرير باسم المطلب الواحد دفعت عدداً من النشطاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدنى إلى مقاضاة المجلس العسكرى واللواء منصور العيسوى وزير الداخلية السابق امام المحاكم الدولية واتهامهما بقتل 33 متظاهراً من ثوار التحرير بالرصاص الحى.
وفجر العسكري قضية المنظمات التى تتلقي تمويلا أجنبيا كنوع من الضغط على شباب الثورة وبعد الاعلان عن القبض على مجموعة من الناشطين الحقوقيين الأمريكان ومحاكمتهم جاءت الأوامر بتهريب المتهمين الى الخارج، رغم ان الحكومة على لسان وزيرة التعاون الدولى فايزة ابوالنجا قالت قبل ساعات من الإفراج عن المتهمين ان مصر لن تركع ولكن حدث العكس وركع العسكر امام الضغوط الامريكية التى وصلت الى حد التلويح بقطع المعونة.
العسكرى تقاعس فى استرداد الأموال المنهوبة من رموز نظام مبارك الى الخارج فكل حكومات الدول التى تم تهريب الاموال اليها تؤكد انة لا توجد رغبة لأسترداد تلك الاموال.
العسكر حددوا موعد اجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية تحت ضغط المليونيات فعندما تسلم السلطة قال انه يكفيه 6 أشهر للانتهاء من الانتخابات والدستور ولكنه ظل عاما ونصف العام حتى حدد موعداً للانتخابات الرئاسية بفضل المظاهرات الغاضبة التى اندلعت فى نوفمبر الماضى والتى طالبته بتسليم السلطة الى مجلس رئاسى مدنى وأجبرته تلك المظاهرات على وضع خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية وإعلان 30 يونية موعداً نهائياً لتسليم السلطة.
العسكرى لم ينجح في إدارة المرحلة الانتقالية بكل سوء، وحاول ايهام البعض ان انتخاب رئيس الجمهورية هو نهاية المرحلة الانتقالية بالشكل المأمول ووعد بتسليم السلطة لرئيس جمهورية منتخب إلا أنه عاد وأصدر إعلانا دستوريا مكملاً يحصل من خلاله على السلطة التشريعية ليبقى بجانب الرئيس الجديد لحين تشكيل مجلس شعب جديد.
فصحيح ان العسكرى لا يتحمل ذنب إلغاء مجلس الشعب خاصة ان القوى السياسية هى التى مارست ضغوطاً عليه حتى يتراجع ويضم الأحزاب إلى كوتة المقاعد الفردية، وهو السبب الرئيسى فى إبطال البرلمان ولكنة أستولى على حق الرئيس المنتخب فى التصرف فى السلطات التشريعية وأصدر إعلاناً دستورياً حول فيه الرئيس الى مجرد سكرتارية له فالرئيس الجديد يدير ولا يحكم ولا يستطيع التصرف فى أى قرار إلا بعد الرجوع إلى المجلس العسكرى الذي يصر علي ان يبقي حاضرا في المشهد متحكما في مصير الدولة.
العسكرى يريد أيضا ان يفرض وصايته على الدستور الجديد ومنح لنفسه حق الاعتراض على أى نص فى مشروع الدستور رغم انه أصبح رقما هامشيا فى المعادلة السياسية، ولكنه يسعى لإعادة إنتاج الحكم العسكرى بعد ان انتخبت مصر للمرة الأولى رئيسا مدنيا منذ ثورة 1952 ولا يريد ان يعترف ان الحكم العسكرى سقطت شرعيته.
ليس أمام العسكر حل سوى الانسحاب الفورى من الحياة السياسية وترك شئون البلاد الى الرئيس الجديد الذي جاء بإرادة شعبية وبانتخابات نزيهة حتى لو قاطعها أكثر من نصف الشعب.. يبقي أن يدرك العسكر أن مصر تحولت إلي دولة مدنية.
محمد شعبان
2 – «الإخوان» كتبوا شهادة وفاة الثورة
مارست سياسة الاستحواذ والإقصاء .. ودعموا الانتخابات أولا فدخلت مصر فى أزمة دستورية
استخدموا البرلمان فى تصفية الحسابات مع القوى السياسية وأثبتوا أنهم الوجه الآخر للنظام السابق
تسير جماعة الاخوان المسلمين فى السلطة وهى تتحمل وزر ما حدث فى المرحلة الانتقالية من خطايا فالجماعة عندما وضعت أول قدم لها فى السلطة اشتبكت مع كل المؤسسات والقوى السياسية وتنازلت عن كل مبادئ الثورة ورسمت لنفسها مسارا خاصا بعيدا عن المصلحة الوطنية لتصل فى نهايته إلى السلطة.
فعندما حصدت الجماعة اغلبية البرلمان طاردت الثوار ولفظت ميدان التحرير رمز الثورة ولكنها عادت مرة أخرى تطلب ود الشارع بعد أن شعرت بحالة السخط عليها وحاولت إعادة شحن علاقتها مع الثوار مرة اخرى بعد ان وجدت نفسها فى مأزق انتخابات الرئاسة ولا يختلف اثنان علي أن أخطاء الإخوان هى التى أنعشت سوق الفلول مرة أخرى وأدخلت البلاد فى نفق مظلم بعد أن خرج الثوار من المعادلة السياسية نتيجة عدم التوافق على مرشح رئاسة ثورى.
الإخوان كانوا العامل الأساسى فى معادلة تخريب المرحلة الانتقالية فطمعهم فى السلطة وسياسة الاستحواذ والاقصاء التى مارسوها كانت عاملا أساسيا فى عدم استقرار البلاد خاصة أنها ساندت العسكرى فى البداية ودعمت وجوده فى السلطة من اجل ان تحقق هدفها فى الوصول الى رأس السلطة.
وتحولت الجماعة بعد أن ذاقت طعم السلطة الى الوجه الآخر للنظام السابق فساروا على خطى الحزب الوطنى المنحل وطبقوا نفس أساليبه فى الحكم وإدارة البلاد وتحولت الأغلبية التى حصلوا عليها بمباركة المجلس العسكرى وبفضل الاستقطاب الدينى الذى سيطر على الانتخابات الى مطبات تحاول عرقلة قطار الثورة حتى أنه بعد قرار حل البرلمان رحبت معظم القوى السياسية به كنوع من الشماتة فى تصرفات الجماعة الإقصائية.
فبعد تنحى مبارك فى 11 فبراير 2010 غادرت جماعة الإخوان الميدان وبدأت فى حصد مغانم الثورة وكانت بداية الأزمة التى صنعتها الجماعة عندما تمسكت بفكرة الانتخابات البرلمانية أولا ثم الدستور فعندما تم الاستفتاء على تعديلات دستور 1971 سخرت الجماعة كل طاقاتها من أجل الموافقة عليها على اعتبار أن تلك التعديلات تدعم وصولها الى السلطة وحولت الاستفتاء الى استقطاب دينى واضح وروج أعضاؤها أن الموافقة على التعديلات هى أقرب طريق إلى الجنة وتلك كانت الخطيئة الكبري التى عانت منها مصر الآن.
وبعد انتهاء الاستفتاء شاركت الجماعة فى لجنة صياغة الإعلان الدستورى الذى أصدره العسكر بديلا للتعديلات الدستورية وهو الإعلان الذى منح العسكر شرعية البقاء فى الحكم وأدخل البلاد فى أزمات سياسية ودستورية والغريب ان الجماعة التى شاركت فى صياغة الاعلان انكوت بناره بعد ذلك ورفضت بعض المواد فيه رغم ان المحامى صبحى صالح والمستشار طارق البشرى المعروف بميوله الإخوانية ورئيس لجنة التعديلات هما اللذان دافعا عن الإعلان الدستورى فور صدوره ولكن بعد ان اكتشفت الجماعة ان الاعلان من الممكن أن يكون عائقا فى طريق وصول مرشحها الى الرئاسة هاجمته بضراوة وطالبت بتعديله.
وعندما نجحت الجماعة فى فرض الإعلان الدستورى ارتمت فى أحضان العسكرى وهاجمت الثوار واشتبكت معهم لتحافظ على شرعية العسكر فى الحكم وحصلت الجماعة على المكافأة الكبرى وهي الترخيص لحزبها الحرية والعدالة الذى يعتبر زراعها السياسية وفرضت الجماعة وجودها السياسي.
ولم تجرؤ الجماعة على المشاركة فى اى مليونية منذ صدور الاعلان الدستورى وحتى موعد الانتخابات البرلمانية سوى مليونية وحيدة للاعتراض على «وثيقة السلمى» التى شعرت الجماعة بأنها ستنال من سلطاتها فى وضع الدستور الجديد وحتى الدعوة الى تنظيم مليونية فى ذكرى 25 يناير الثانية لم تجد قبولا عند الجماعة بل انها قامت بصد الهجوم على العسكر فى هذا اليوم وسيطرت على ميدان التحرير واشتبكت مع الثوار.
توافق الاخوان مع العسكر ساعدهم كثيرا فى الحصول على الأغلبية البرلمانية فصحيح ان الانتخابات كانت نزيهة ولكن لجنة الانتخابات البرلمانية تغاضت عن الكثير من المخالفات الإخوانية التى ارتكبت والشعارات الدينية التى استخدمها المرشحون فى الدعاية.
وبعد حصول الجماعة على الأغلبية البرلمانية تغيرت لهجتها التوافقية واستبدلتها بسياسة الاقصاء واشتبكت مع كل القوى السياسية وأظهرت وجهها الحقيقى حتى فقدت جانبا كبيرا من شعبيتها فى الشارع.
وداخل مجلس الشعب صنعت الجماعة وحزبها حالة من الجفاء الشديدة بينها وبين القوى والأحزاب السياسية، وتحولت العلاقة الى العداء التام خاصة بعد اصرار الجماعة على التكويش على كافة لجان المجلس، وهو ما أدى الى انسحاب الأحزاب من انتخابات اللجان وهو ما لم تهتم به الجماعة التى تعاملت مع البرلمان على أنه عزبة خاصة بها تشرع من خلاله القوانين التى تهدف الى مصلحة الجماعة فقط، واستخدمت الجماعة البرلمان فى تصفية حساباتها مع مؤسسات الدولة والقوى المعارضة لها فقامت بالاشتباك مع القضاة واعدت مشروعا لإلغاء المحكمة الدستورية ومجلس الدولة واشتعلت أزمة عنيفة على خلفية مهاجمة البرلمان للقاضى أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق والذى اصدر حكما بالبراءة لجمال وعلاء ابناء الرئيس المخلوع مبارك.
نواب الجماعة اشتبكوا مع حكومة الدكتور كمال الجنزورى وأصروا على إقالتها حتى ينفردوا بتشكيل الحكومة ولكنهم اصطدموا بلائحة المجلس القديمة التى أصروا على العمل بها وعدم تغييرها الى لائحة جديدة تناسب المرحلة الجديدة فطاردوا الحكومة بالاستجوابات حتى نشب أزمة بينهم تفرغ خلالها البرلمان الى معركته مع الحكومة، وتعطلت الحياة السياسية بفضل تلك المعركة التى انتهت بتغيير بضعة وزراء فقط، واشتبك نواب الأغلبية أيضا مع المجلس العسكرى والقوى المدنية وشباب الثورة بل ومع الإعلاميين، وظهر برلمان الاخوان كما لو أنه يسعى الى تغيير المؤسسات وتفصيلها على مقاس الجماعة حتى تسيطر على مفاصل الدولة.
الغريب أن نواب الإخوان شنوا هجوما ضاريا على حكومة الجنزورى رغم أن الإخوان كانوا أول من دعم تلك الحكومة فى البداية ورفض المشاركة فى مظاهرات اسقاطها ولكن عندما وجدوا صعوبة فى تشكيل الحكومة عادوا وحاولوا إسقاطها. سياسة الاخوان فى البرلمان كانت سببا فى تأييد عدد من القوى السياسية حكم الدستورية بحله خاصة انها استفحلت وشعرت بقوتها وسخرت ذلك لضرب خصومها بالقوانين ولم يهتم البرلمان يوما بقضايا المواطن الاساسية ولم يناقش همومه وهو ما يفسر تراجع شعبية الجماعة وعدد مؤيديها فى الانتخابات الرئاسية.
الإخوان أيضا مارسوا سياسة الاستحواذ على انتخابات الرئاسة فرغم أنها أعلنت أنها لن تشارك فى انتخابات الرئاسة حرصا على المصلحة الوطنية نسفت ذلك وشاركت باثنين من المرشحين أصبح أحدهما رئيسا وهو الدكتور محمد مرسى واستبعد خيرت الشاطر من دخول سباق الانتخابات.
الجماعة كانت سببا فى تعطيل وضع الدستور حتى الآن ورفضت التوافق مع القوى السياسية حول تشكيل الجمعية، ففى تشكيلها الأول سيطرت علي الجمعية ولم تهتم بانسحابات القوى السياسية منها واصرت على ان تضع بمفردها مع الجماعة السلفية الدستور الجديد وكأنها تعيش فى جزر منعزلة حتى ابطل التشكيل بموجب الحكم الذى حصل عليه الدكتور جابر نصار استاذ القانون الدستورى ونفس الأمر حاولت تكراره فى الجمعية الثانية وأصرت على أن تستحوذ على نسبة كبيرة منها.
الأغرب أن الجماعة اعترضت على إقرار المجلس العسكرى لدستور 1971 وقالت إنه يرسخ لوجود النظام السابق وهو موقف تؤيده كل القوى السياسية ولكنها هى التى دعت الى إقراره بعد تنحى مبارك وقامت بالموافقة على التعديلات فى استفتاء مارس 2010.
الجماعة أيضا لا تعرف الديمقراطية وظهر ذلك فى تصريحات رئيس الجمهورية محمد مرسى، الذى قال ان هناك 32 عائلة تساند الفريق أحمد شفيق وسأحاكمهم بتهمة الخيانة فهل يحاكم مرسى ما يقرب من 11 مليون ناخب أعطوا أصواتهم لشفيق.
محمد شعبان
الثوار نقطة ضعف المرحلة الانتقالية
انشغلوا بالمليونيات فخرجوا من معادلة السلطة
خضعوا للنخبة السياسية المتصارعة فساروا فى الاتجاه المعاكس للاستقرار
تمزقوا إلى كيانات وائتلافات ضعيفة
وفشلوا فى التوافق حول مرشح رئاسى
الثوار نقطة ضعف المرحلة الانتقالية
فى بيان انسحاب الدكتور محمد البرادعى المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية من انتخابات رئاسة الجمهورية معترضًا على قواعد إدارتها وضع يده على أهم الأخطاء التى وقع فيها شباب الثورة منذ اندلاع ثورة يناير وهى عدم الاندماج فى كيانات حزبية وقال إنه سيستمر فى العمل معهم لتمكينهم من المشاركة الفعالة فى العمل السياسى.
ويتحمل شباب الثورة جانباً كبيراً من المشكلات التى عانت منها المرحلة الانتقالية فحينما اندلعت الثورة كانت الوحدة بين القوى السياسية هى السمة الغالبة فى ميدان التحرير وكانت الأهداف محددة وعليها توافق شعبى وسياسى ومن أهمها إسقاط النظام ولكن بعد خلع مبارك وحبس بعض رموز نظامه انقلبت الأحوال وتفرق شباب الثورة فى ائتلافات ثورية دخلت فى صدامات ومشاحنات مع بعضها حتى فقدت قوتها.
وعلى مدار عام ونصف العام توالت أخطاء شباب الثورة والسبب نقص الخبرة وخضوعهم لتحكم النخبة التى تعانى ايضا من اختلافات أيديولوجية مع بعضها فانتقلت تلك الخلافات إلى ميدان التحرير الذى شهد الدعوة إلى ما يقرب من 90 مليونية أطلق عليها أسماء مختلفة حتى فقدت تلك المليونيات معناها الحقيقى وقيمتها بل إن شباب الثورة دخلوا فى صدامات مباشرة مع الشارع المصرى بسبب تلك المليونيات التى نجح العسكر فى أن يصورها على أنها تعطل الاستقرار وتدفع البلاد إلى مزيد من الانفلات الأمنى المتعمد.
ومثل الدبة التى قتلت صاحبها تمسك شباب الثورة بالمليونيات فظهروا للشارع كما لو أنهم يسيرون فى الاتجاه المعاكس للاستقرار رغم أنهم كانوا أكثر حرصا على نجاح ثورتهم واستكمال أهدافها التى قامت من أجلها ولكنهم بعد ذلك استسلموا لواقع غير ثورى تحكم فيه الإسلاميون والعسكر وامتلكوا مفاصل الدولة فخرج الثوار من المعادلة السياسية بلا أية مكاسب خاصة أنهم لم يهتموا بترسيخ وجودهم فى الحياة السياسية وتصوروا أن الميدان فقط هو الشرعية، ولكن عندما انتخب البرلمان سحب منهم الشرعية والآن بعد أن تم حله بحكم المحكمة الدستورية أصبح عليهم جهاد أكبر للخلاص من الحكم العسكرى الذى رسخ وجوده بإعلان دستورى يمنحه شرعية للبقاء فى الحكم بخلاص أيضاً من الدولة الدينية التى تطل برأسها على البلاد بعد نجاح الدكتور محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة.
ثورة يناير الآن تعيش النفس الأخير وإحياؤها معلق فى رقبة شباب الثورة الذى وجب عليه أن يصحح أخطاء الماضى ويعيد إنتاج الحالة الثورية التى تواجه حكم العسكر وتقاوم محمد مرسى رئيس الجمهورية الجديد لو خرج عن مسار الثورة ولم ينفذ مطالبها.
فالثوار عندما قرروا التمرد على نظام مبارك حرصوا على عدم وجود قيادة لهم فى الميدان ووحدوا مطالبهم حتى عندما قام عمر سليمان نائب الرئيس المخلوع بمماسة ضغوط على شباب الثورة رفضوا كل الإغراءات التى قدمها لهم وتمسكوا برحيل مبارك، وعندما أذاع سليمان بيان تنحى الرئيس المخلوع وقع الثوار فى أكبر خطا وتركوا الميدان على الفور دون أن يضعوا جدولاً زمنياً يحدد طريقة تسليم السلطة وخريطة الطريق للمرحلة الانتقالية.
ودفع الثوار ثمن مغادرة الميدان فى اليوم الثانى لتنحى مبارك وعندما عادوا إليه مرة أخرى لم يكونوا بنفس القوة بل ظهرت كيانات ثورية مختلفة كل منها يبحث عن مطالب وأهداف غير الأخرى فلم يستجب العسكر لضغوط المليونيات إلا قليلا خاصة أن الميدان والذى كان أحد الأسلحة القوية فقد قدرته فى مواجهة تكتيكات العسكر والإخوان.
فالقوى الثورية تفرقت إلى كيانات ثورية اطلقوا عليها ما يسمى ب «الائتلافات» التى دخلت فى صراعات سياسية وساند عدد منهم المجلس العسكرى وهاجم كل منهم الاخر حتى بدت الفرقة بينهم واضحة، فعندما أصر الميدان بعد اعتداءات العسكر على المتظاهرين فى أحداث مجلس الوزراء وشارع محمد محمود على المجلس الرئاسى طرح كل ائتلاف أسماء مختلفة للمجلس الرئاسى ولم يكن هناك اتفاق على أسماء محددة فماتت الفكرة قبل أن تبدأ.
ولكن فى المقابل نجحت المطالب التى رفعها الميدان بعد تنحى مبارك فى محاكمة مبارك ورموز نظامه، كما نجحت مليونيات التحرير فى إلغاء وثيقة السلمى والضغط على المجلس العسكرى لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وتحديد موعد تسليم السلطة.
الثوار أيضا تمسكوا بالميدان وتركوا الشارع للإخوان والقوى السياسية فلم يتمكنوا من المشاركة فى السلطة على عكس القوى الإسلامية حيث تركوا الميدان فور خلع مبارك وعقدوا مؤتمرات انتخابية وحاولوا التقرب إلى الشارع فى الوقت الذى انشغل فيه الثوار بالعودة إلى الميدان للنضال من أجل محاكمة مبارك ورموز نظامه واستكمال مطالب الثورة حتى فوجئوا الانتخابات البرلمانية على الأبواب فسارع عدد من الشباب إلى الترشيح دون أن يكون لديهم رصيد يكفى فى الشارع خاصة أنهم بعد ترشيحهم اهتموا بالدعاية من الميدان، بل إن عدداً من الثوار نافس بعضه فى الانتخابات التى جرت وسط اعتصامات من الثوار أيضا فكانت النتيجة حصد 7 مقاعد لهم فى البرلمان وابتعادهم عن المشاركة فى الحكم.
وحينما أدرك الثوار الخطأ الذى وقعوا فيه أعلنوا ان الشرعية فى ميدان التحرير وليس فى البرلمان، ولكنهم اصطدموا بالاسلاميين الذين حاولوا تشويه الثوار فى جلسات البرلمان بل إنه فى مظاهرات 25 يناير الثانية فشل الثوار فى فرض كلمتهم على الميدان بعد أن وجدوا أن الإسلاميين يحاولون إفسادها وحولوها إلى احتفالات بالثورة.
الثوار منحوا المجلس العسكرى نقاطاً يستطيع من خلالها الهجوم عليه، فهم أفرطوا فى المظاهرات بشكل كبير حتى فقدت معناها وظهر حالة من السخط العام عليها، وتلك نقطة الضعف الخطيرة التى سمحت للعسكرى بمهاجمتهم، خاصة أن هناك اشتباكات حدثت وأعمال عنف وحرق لبعض المنشآت تحمل نتيجتها الثوار حتى لو لم يكونوا مسئولين عن ذلك.
شباب الثورة يعانى من ضعف الخبرة السياسية، فرغم أنهم كانوا على درجة عالية من الوعى حتى نجحوا فى إسقاط النظام لكنهم أصبحوا أسرى للنخبة السياسية التى تعانى من اختلاف وصراع واضح بينها وانتقلت تلك الحالة إلى الثوار.
وحتى عندما جاءت انتخابات الرئاسة التى كان من الممكن أن يصل فيه أى مرشح ثورى إلى نهاية السباق، خاصة بعد تراجع أداء الإخوان إلا أنهم فشلوا فى التوافق حول مرشح ثورى واحد بل إن القوى الثورية انقسمت حول الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح وحمدين صباحى ومنهم من ساند عمرو موسى وكانت النتيجة أن وصل الفريق شفيق الذى يمثل النظام السابق إلى الإعادة مع الدكتور محمد مرسى، وكان من الطبيعى أن ينحاز الشارع رغما عنه إلى الإخوان ووصلت القوى التى لا تعبر عن الثورة إلى الحكم وخرج شباب الثورة للمرة الثانية دون أى مكاسب رغم أن عدد الذين صوتوا لمرشحى الثورة يصل إلى ثلثى الناخبين.
شباب الثورة يتحملون جانباً من المأزق الذى تعيشه مصر الآن، خاصة أنها أصبحت بين فكى الإخوان والعسكر، وكلاهما وقف ضد الثورة بعد خلع مبارك وعلى الثوار أن ينقذوا ثورتهم قبل أن تتحول إلى مجرد وقائع فى ذاكرة التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.