لم يمر على بدء الحرب العراقية - الإيرانية سوى بضعة أشهر، قبل أن تقوم الطائرات العراقية بقصف طهران بكثافة فى مؤشر على التفوق العراقى الواضح خلال المراحل الأولى لحرب البلدين، والتى شهدت قيام الطائرات العراقية باختراق الدفاعات الجوية الإيرانية فى العديد من المدن، فضلاً عن تفوق واضح لسلاح الصواريخ العراقى وللمقاتلين العراقيين على جبهة شط العرب البرية. وبدأت العلاقات الدبلوماسية العراقية-الإيرانية بالتدهور فى عام 1980 بعد صراعات حدودية متفرقة. وبعدما قام صدام حسين فى 17 سبتمبر 1980 بتمزيق اتفاقية الجزائر لعام 1975 والتى وقعها حينما كان نائباً للرئيس العراقى آنذاك، مع شاه إيران. واستعاد العراق نصف شط العرب الذى تنازل عنه لإيران بموجب ذلك الاتفاق. واعتبر شط العرب كاملاً جزءاً من المياه الإقليمية العراقية، ومما زاد الوضع تعقيدا هو محاولة اغتيال وزير الخارجية العراقى آنذاك، طارق عزيز، من قبل عناصر حزب الدعوة الإسلامية العراقية التى كانت مؤيدة للنظام الإسلامى فى إيران. وادعى نظام الرئيس السابق صدام حسين بأن القوات الإيرانية بدأت العمليات العسكرية بقصفها للمخافر الحدودية فى منطقة «المنذية»، كما ادعى تقدم القوات الإيرانية باتجاه المناطق العراقية فى منطقتى سيف سعد وزين القوس، وقد أرسلت وزارة الخارجية العراقية برسائل للأمم المتحدة حول ما وصفته بالانتهاكات الحدودية فردت الحكومة العراقية بإرسال المقاتلات العراقية بغارة جوية فى العمق الإيرانى مستهدفة المطارات العسكرية الإيرانية فى عدد من المدن الإيرانية الرئيسية. وقد تسبب قصف طهران خلال المراحل الأولى للحرب فى صدمة شديدة داخل المجتمع الإيرانى، خاصة أنه أتى ليوحى للإيرانيين بعجز النظام الجديد عن حمايتهم، سواء فى مواجهة التهديدات الخارجية أو الداخلية، خاصة مع مسلسل الاغتيالات الذى اجتاح رموز النظام الإيرانى، والتفجيرات التى انتشرت فى المدن الإيرانية فى محاولة من حركات مؤيدة لنظام الشاه السابق، ومناهضة للنظام الشيعى الجديد للإطاحة بالنظام الوليد. واستخدم العراق تفوقه الجوى على إيران خلال مراحل الحرب المختلفة، حتى أن هذا التفوق، ومعه التفوق فى الصواريخ كانوا سبباً رئيسياً فى قبول إيران بالهدنة التى أنهت الحرب، وذلك بعد أن لجأ العراق لقصف المدن المقدسة للشيعة وفى مقدمتها النجف وقم وغيرهما، حتى إن القائد الأعلى للثورة الإسلامية حينها الإمام الخمينى وصف قبوله بالهدنة ب«تجرع السم».