قائد عملية ضرب المفاعل النووي العراقي: إسرائيل تستطيع ضرب المنشآت النووية الإيرانية ولكن الانتقام الإيراني سيكون عنيفاً بعد الساعة الرابعة مساء بقليل من يوم 7 يونيو 1981، رفع الملك حسين «رحمه الله» عاهل الأردن عينيه لينظر إلي السماء وهو علي متن يخته في ميناء العقبة وشاهد 8 طائرات مقاتلة من طراز إف-16 إسرائيلية «كانت محملة بالقنابل وخزانات وقود خارجية» تندفع شرقا بقوة هائلة وبصورة غير طبيعية. اتصل حسين بمستشاريه العسكريين ليستفهم عن الأمر، ولكنهم لم يتمكنوا من معرفة ما يجري. تدمير مفاعل أوزيراك وبعد ساعة أو نحوها، وصل جواب واضح علي تساؤل الملك حسين: إسرائيل دمرت بنجاح مفاعل أوزيراك osirak العراقي النووي كما يسمي عالميا «أو مفاعل «تموز» كما سمي عراقيا» . بعد تحليق لتلك الطائرات كاد يلامس ويعانق الأرض وتسلل عبر الأجواء المجاورة بدون تحد ، تم ضرب مفاعل صدام حسين النووي وتدميره تماما وتسويته بالأرض. «هامش للمترجم: اسم أوزيراك osirak هوالاسم الذي وضعه المصمم الفرنسي للمفاعل العراقي ويتكون من دمج لكلمتين هما: osi + irak حيث ترمز الأولي لأوسيرس Osiris وهو إله الموتي عند الفراعنة أماirak فتعني طبعا العراق. ولكن العراق أطلق عليه مفاعل «تموز» وهو الشهر الذي وصل فيه حزب البعث العراقي للسلطة في العراق عبر انقلاب عام 1968 انتهي هامش المترجم» قائد السرب زئيف راز لا يزال يتذكر كل مرحلة من مراحل «عملية أوبرا» تلك مثل : قلقه المستمر من نفاد الوقود المحتمل، ومخاطرة التخلص من خزانات الوقود الإضافية في حين أن القنابل كانت لا تزال معلقة علي الأجنحة ، والخوف من فقدان التوازن، وتعطل مؤشر رئيسي للملاحة . لقد ضرب الكابتن راز الهدف بصورة مكثفة أكثر من المطلوب «لضمان تدميره تماما» ، ثم حلق عائدا بنجاح واكتشف راز لاحقا ان نائبه في تلك العملية، عاموس يدلين «رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الآن» ، قد تسلل بطائرته إلي الأمام وقذف قنابله بطريقة أزعجت رئيس السرب راز «لكونها خلاف الخطة المرسومة وترتيب الضرب في تلك الهجمة الإجرامية» بطريقة أو بأخري العراقيون فوجئوا تماما، وملاحظة الملك حسين لم تصلهم طبعا ورغم كون العراق وقتها يخوض حربا عنيفة ضد إيران ، لم تكن هناك دوريات جوية أو بطاريات صواريخ أرض- جو لحماية المفاعل العراقي بصورة جيدة. واجه الاسرائيليون - لبضع دقائق فقط - قذائف عراقية مضادة للطائرات وسمع في تسجيل الفيديو داخل قمرة القيادة للطائرة الإسرائيلية المهاجمة الأخيرة والأكثر وضوحا للعراقيين والأكثر احتمالا بأن تُسقط - صوت الطيار إيلان رامون ، الذي توفي لاحقا في كارثة مكوك كولومبيا الفضائي الأمريكي في عام 2003 ، وهو يقول بنشوة: «المهمة أنجزت بنجاح!!» وحلقت الطائرات عائدة لإسرائيل بوقاحة فوق أجواء(...). «الغارة أوزيراك» «كما سميت صحفيا » ، التي أدينت وقتها غالبا ما ينظر إليها في إسرائيل هذه الأيام كنموذج ناجح لعمل «وقائي» عسكري ناجح ضد التهديدات النووية الإيرانية. لقد سببت «الغارة أوزيراك» نكسة ضخمة لبرنامج العراق النووي، وبعد حربين لأمريكا ضد العراق في عامي 1991 و 2003 ، لم يقم صدام مطلقا بتطوير أسلحة نووية!! وهذه الأساليب «الوقائية» الناجحة تكررت في سبتمبر 2007 ، عندما دمرت الطائرات الاسرائيلية ما كان يشك وقتها أنه مفاعل نووي «سوري» تحت الانشاء. الآن ومع سعي إيران الحثيث وبدون تردد نحو صنع قنبلة ذرية، فهل سيقوم سلاح الجو الإسرائيلي الجبار بمهاجمة وتدمير مواقعها النووية؟ قنابل ذرية إيرانية بحسب تقديرات إسرائيل ، فإن إيران سيكون لديها المعرفة الفنية لانتاج اسلحة نووية خلال بضعة أشهر. وبعد ذلك ، يمكنها صنع قنابل ذرية خلال عام واحد فقط. حتي إذا كانت ايران لا تسعي لتحقيق أحلامها في محو الدولة اليهودية ، يقول محللون عسكريون إسرائيليون إن «ايران النووية»: «ستؤدي الي تغييرات «كارثية» في الشرق الأوسط، من شأنها أن تضعف أمريكا وتصبح إيران مهيمنة تماما علي المنطقة وستصبح بالتالي الأنظمة الموالية للغرب محاصرة ومهزوزة، والجماعات المتطرفة المسلحة مثل «حزب الله» في لبنان و«حماس» في غزة ستصبح أكثر ثقة وجرأة» وفي مقابل مثل هذا التطور الكارثي، ستسعي المملكة العربية السعودية ومصر وغيرهما للحصول علي أسلحة نووية خاصة بها. وفي عالم متعدد «القوي النووية» في الشرق الأوسط، فإن أسلحة إسرائيل النووية قد لا تشكل رادعا كافيا لضمان استقرار مماثل لوضع «الهدوء أثناء» الحرب الباردة وكما يقول مسئول عسكري إسرائيلي كبير طلب عدم نشر اسمه: «إذا حصلت إيران علي أسلحة نووية ، فإن منطقة الشرق الأوسط ستصبح جحيما لايطاق خاصة لدول الخليج الفارسي» ويضيف: «لا أستطيع تخيل أننا نقدر علي العيش في هذه المنطقة مع "إيران نووية"». بالنسبة لاسرائيل، يعتبر عام 2010 هو عام الحسم بدون شك. إلا أن قدرتها علي تدمير مواقع نووية إيرانية مشكوك فيها، وهذه الضربة قد تؤدي الي حدوث حرب اقليمية ، أو حتي ما هو أسوأ. علي سبيل المثال، قائد السرب الذي دمر مفاعل أوزيراك العراقي زئيف راز يعتقد أن إسرائيل لا يمكن أن تكرر بنجاح إنجاز أوزيراك لأن المواقع النووية الايرانية أبعد، كما أنها مبعثرة ، والعديد منها تحت الأرض. كَشف إيران النقاب في العام الماضي عن منشأة تخصيب سرية يجري إنشاؤها في منطقة جبلية بالقرب من مدينة «قم» الإيرانية المقدسة يشير إلي أن هناك مواقع أخري غير مكتشفة. يقول الكابتن راز: «الإيرانيون أذكياء. لقد تعلموا جيدا من عملية قصف مفاعل أوزيراك» كما يقول راز، ويضيف: «لا يوجد هدف إيراني واحد يمكن تدميره بثماني طائرات كما فعلنا في الغارة علي مفاعل أوزيراك العراقي»!!! بالنسبة للسيد راز ، القوة الجوية الإسرائيلية قد تستطيع فعلا -وعلي أكثر احتمال- ضرب منشآت إيرانية بنجاح وعمل نكسة للبرنامج النووي الإيراني إلي الوراء لعام أو عامين فقط، ولكن هذا غير كاف ليكون مساويا لرد فعل وانتقام إيراني عنيف حتمي ولا مفر منه والذي قد يشمل إطلاق صواريخ علي المدن الاسرائيلية من قبل إيران وحلفائها مثل «حزب الله» في لبنان و«حماس» في قطاع غزة، وللقيام بتدمير أكثر شمولا ودقة، سيتطلب ذلك دخول قوات برية «إسرائيلية أو ربما أمريكية» إلي إيران، ولكن لا أحد يفكر في ذلك». ورغم أنه يعمل الآن في شركة خاصة بصنع معدات عسكرية إلكترونية، ويعيش برفاهية في شقة فخمة تطل علي منظر ساحلي جميل في إسرائيل، فإن المستر زئيف راز يعاني من الكآبة، فأولاده الأربعة ، وجميعهم من البالغين ، تقدموا لسفارات عدة دول غربية بطلبات للحصول علي جوازات سفر أجنبية من ضمنها ألمانيا «أي الحصول علي جنسيات جديدة وبالتالي للهجرة خارج إسرائيل» والأهم من كل شيء، أن ابنته الكبري، وهي أم لطفلين تؤكد: «لا اعتقد أن إسرائيل مكان آمن للعيش» ، ليس فقط بسبب احتمال امتلاك ايران اسلحة نووية ، ولكن أيضا بسبب ما أسمته «سنوات من التفجيرات الانتحارية وقصف الصواريخ» التي شتت أي أمل في السلام لديها. أشقاؤها - كما يقول راز - اقتنعوا أيضا بنفس الفكرة أي بعدم وجود أمن وإمكانية للعيش بسلام في إسرائيل لنفس تلك الأسباب أيضا. هذا اعتراف يثير الدهشة، ولا سيما من طيار حربي سابق كبير نشأ في «كيوبتس» إسرائيلي. معظم الاسرائيليين ما زالوا يعتقدون في القوة السحرية الجبارة لسلاح الجو الإسرائيلي علي الحسم عند الضرورة ولمعظم السنة الماضية، كانت إسرائيل هادئة علي نحو غير عادي فالتفجيرات الانتحارية الفلسطينية كانت نادرة جدا، وإطلاق الصواريخ التي تسبب انخفاض المعنويات توقفت تقريبا. من وجهة نظر اسرائيل، حدث هذا الهدوء بفضل التدابير الأمنية الصارمة التي اتخذتها ، من بينها الحاجز الأمني في الضفة الغربية المثير للجدل ، واستعدادها للحرب «بل قيامها فعلا بالحرب» ضد «حزب الله» في عام 2006 وضد حركة «حماس» قبل عام. «الردع يعمل بطريقة مدهشة» كما يقول أحد المسئولين بوزارة الدفاع الإسرائيلية، لكن كلا العدوين (حزب الله وحماس) يعيد التسلح، وذلك يعود جزئيا، بفضل مساعدة إيران التي قدمت صواريخ ذات مدي أبعد يمكن ان تصل إلي منطقة تل أبيب المزدحمة بالسكان لو قذفت تلك الصواريخ من قطاع غزة أو جنوب لبنان. هذا الهدوء تم الحصول عليه لإسرائيل بتكلفة محرجة لمكانة إسرائيل الدبلوماسية، فقد وجد تحقيق تم بتكليف مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة ويرأسه القاضي «اليهودي» الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون أن إسرائيل (وإلي حد أقل حماس أيضا) قد يكونان مذنبين بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، ولهذا أصبحت أوروبا تعتبر منطقة غير متعاطفة مع إسرائيل بشكل متزايد ، أي صار المسئولون الإسرائيليون يخافون السفر إليها لتجنب القبض عليهم في قضايا «جرائم الحرب» « مثل مذكرة القبض علي الرئيس البشير من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو» هناك شكوك حول حليف إسرائيل الأكبر الولاياتالمتحدةالأمريكية إثر خلاف بينهما حول بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية. الرئيس باراك أوباما قد يكون ذكيا - كما يقول الاسرائيليون - لكنه يفتقر الي التعاطف مع اسرائيل الذي أبداه سلفاه بيل كلينتون وجورج بوش. الوزيرة الإسرائيلية «ليمور ليفنات» قالت مؤخرا «إن إسرائيل قد سقطت في يد إدارة أمريكية مرعبة» حسب وصفها!!". وهكذا فإن إسرائيل تجد نفسها في وضع متناقض : أكثر أمنا الآن ، لكن أكثر قلقا بشأن المستقبل، وبالتالي أوثق علاقة من أي وقت مضي مع بعض الانظمة العربية بسبب وجود تهديد محتمل مشترك من إيران وحلفائها الراديكاليين ومع هذا أصبحت إسرائيل تعد دولة «شيطانية» بحسب وصف بعض أصدقائها الغربيين. يري الاسرائيليون بداية حملة عالمية ضدها تصفها ب «انعدام الشرعية» مماثلة تماما للضغوط التي تعرضت لها حكومة جنوب أفريقيا «قبل اضطرارها لإلغاء الأنظمة العنصرية منها». يقول الطيار السابق راز «أنا واثق أن السكان البيض في جنوب أفريقيا - وقتها- شعروا بمثل ما نشعر به الآن». بالنسبة لكثير من الخبراء الاستراتيجيين الإسرائيليين ، يعتبر قرار قصف إيران المحتمل هو القرار الأكثر أهمية في العقود الأخيرة، بل ويعتبر البعض أنه الأهم منذ قرار استقلال وإنشاء الدولة اليهودية في عام 1948. معضلة نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين «بيبي» نتنياهو «كان يلقب في طفولته «بيبي» Bibiوهي اختصار وتكرير لأول حرفين من «Binyamin»، وهو ابن بروفيسور للتاريخ اليهودي ، والشقيق الاصغر ليوناتان «يوني» نتنياهو ، الذي قتل في عملية انقاذ الرهائن الشهيرة في مطار عنتيبي في أوغندا عام 1976، يقال إنه بدأ يشعر بثقل المسئولية التاريخية عليه. في الواقع، مكتب نتنياهو مزين بصور لاثنين من أهم الاصنام السياسية في التاريخ: الأول تيودور هرتزل ، مؤسس الصهيونية الحديثة. والثاني: ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الذي انتصر علي هتلر في الحرب العالمية الثانية، اعتبار الأخير «تشرشل» رمزا سياسيا ومثلا أعلي يعتبر أمرا شاذا في بلد يعتبر بريطانيا خانت قضية الصهيونية عندما استعمرت فلسطين بعد الحرب العالمية الأولي« بدل إعلانها قيام دولة إسرائيل فيها فورا». نتنياهو ك «تشرشل» السيد نتنياهو يأخذ إلهامه من زعيم بريطاني في زمن الحرب العالمية الثانية (صورة 18) لأسباب تكتيكية واستراتيجية معا «طالع التعليق بعد هذه الفقرة» :الشجاعة السياسية في إسرائيل تعتبر في كثير من الأحيان أنها تعني الاستعداد والقبول للتخلي عن الأراضي التي احتلت في الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967 بعد عقود من الاستعمار، أي أنها تعني الاستعداد لعمل مماثل لفعل الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول (صورة 19) عندما تخلي عن «استعمار» الجزائر «وخرج منها بعد ثورة المليون شهيد». ومن خلال اعتبار تشرشل مثلاً أعلي له، نتنياهو يريد أن يقول إن الشجاعة تتكون من «الثبات» بعناد علي معتقداتك، بغض النظر عن شعبيتها . «تعليق للمترجم عن استلهام بيبي التكتيكي والاستراتيجي لتشرشل: (1) الاستلهام التكتيكي لتشرشل يرمز إلي استلهام «شجاعة» ونستون تشرشل المذهلة في مواجهة النازية لوحده تقريبا في أوروبا في فترة ما خاصة بعد احتلال هتلر لفرنسا وقبل دخول أمريكا الحرب العالمية الثانية لإنقاذ تشرشل وهذا الاستلهام يعني شجاعة بيبي المزعومة في ضرب إيران الوشيك. (2) أما «الاستلهام الاستراتيجي» لتشرشل يعني استلهام «الثبات بعناد» علي معتقداتك، بغض النظر عن شعبيتها أي عدم تقديم أي تنازلات للفلسطينيين مهما كانت الظروف كما فعل تشرشل مع هتلر الذي ثبت وقاوم الجيش النازي لوحده ببسالة لا مثيل لها في التاريخ خاصة بعد هزيمة فرنسا ثم احتلال هتلر لمعظم أوروبا تقريبا ولم يبق أمامه سوي بريطانيا بقيادة العجوز العنيد تشرشل الذي قال للشعب البريطاني عندما خطب في عز تلك الأزمة والقصف الجوي الرهيب لبريطانيا بأنه - أي تشرشل العنيد- «لا يعدهم سوي بالدم والدموع والعرق » وهذا كلام غير شعبي ومخيف للناس الذين يريدون السلام بأي ثمن، ولكن تشرشل صمد بمفرده بعناد وقوة لا مثيل لهما في تاريخ العالم حتي نجح في النهاية في سحب أمريكا لدخول الحرب معه ضد هتلر وبالتالي الانتصار علي حلف المحور. انتهي التعليق»