أجاز الدستور المصرى لرئيس الجمهورية تعيين نائب له أو أكثر واختار الرئيس مبارك عدم تعيين نائب أو أكثر لحكمة أعلنها أكثر من مرة أنه لا يريد فرض أحد على الشعب المصرى يكون رئيسًا من بعده «على أساس أن كل نائب لرئيس الجمهورية أصبح رئيسًا بعد الثورة».. لكن يبدو أن هذا الاتجاه تم تعميمه فى أجهزة ومؤسسات الدولة دون حكمة منه، فبعد أن كان هناك نائب أو أكثر لرئيس مجلس الوزراء لم يعد هناك نواب «كان آخرهم د. يوسف والى ود. كمال الجنزورى»، وتم إلغاء المنصب «أو عدم تفعيله» منذ حكومة د. عاطف عبيد الثانية ثم حكومتى د. أحمد نظيف.. وبعد أن كان هناك منصب نائب وزير ورد فى الدستور الذى نص على أن يقوم نائب الوزير بأداء اليمين الدستورية، لكن هذا المنصب اختفى وأصبح الوزراء يعينون مساعدين، وفرق كبير بين النائب والمساعد، فالأول ينوب عن الوزير أما الثانى فيساعده فقط فى الاختصاصات التى يحددها له الوزير. إلغاء منصب النائب أو عدم تفعيله لم يقتصر على الأجهزة الحكومية فقط بل تجاوزه إلى الحزب الحاكم، الذى ألغى هذا المنصب منذ عامين بعد أن كان يشغله المرحوم د. مصطفى خليل ود. يوسف والى.. حتى الاتحادات والأندية الرياضية تم تغيير لائحتها ليتم اختيار النائب من ضمن أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين بدلاً من اللائحة القديمة، التى كانت تنص على انتخاب نواب رؤساء الأندية والاتحادات مباشرة من الجمعية العمومية، وهو ما كان يتعب ويضايق أى رئيس لذا تم تغيير اللائحة ليتحكم الرئيس فى اختيار نائبه من خلال قائمته ليظل فى طوع الرئيس ولا يصيبه غرور الشعبية فى انتخابه مباشرة فى الجمعية العمومية، وبالتالى لا يتجرأ ويرشح نفسه ضد الرئيس فى الدورة المقبلة. أزمة الرجل الثانى أصابت كل مؤسسات الدولة، حتى نظل دائمًا نردد «مفيش بديل» لدرجة أن بعض الوزراء الذين أمضوا فى مناصبهم أكثر من عشر سنوات أصبحوا منزعجين بخروجهم من الحكومة ولا أحد يستطيع أن يتوقع من هو رئيس الحكومة أو الوزير المقبل، وبالتالى تظل المؤسسات المصرية دائمًا حقل تجارب تفتقد التواصل والاستمرارية، حيث يقفز عليها قيادات لم يعرفوا من قبل أى شىء عن المنصب الذى سيتولونه ويدفع المصريون ثمن تمسك بعض القيادات بمقاعدهم وتفريغهم للكوادر المدربة من حولهم. المسؤولون فى مصر يفضلون منصب المستشار على النائب، على أساس أن الأول يكون خارج الهيكل الإدارى للمؤسسة، وتكون علاقته بالمسؤول شبه سرية يحتاج إلى استشارته فى بعض الأمور، ولا يمكن له أن يتحدث أو يظهر إلا بتصريح من المسؤول الذى اختاره، أما منصب النائب فمزاياه كثيرة ولا يعيبه سوى أنه قد يطمح أو يسعى لمنصب من ينوب عنه!