«عم عادل» كفيف يدفن الأموات ليس من أجل المقابل المادى وإنما بدافع «الجدعنة».. والمثير أنه كان زميلا للموسيقار عمار الشريعى فى مدرسة واحدة، ويقول عنه: «هو أبوه كان عمدة وأنا أبويا كان فاعل، فإزاى يتساوى الاتنين ببعض؟!». كان عم عادل زكى «62 سنة» فى طفولته فى مدرسة ترعة الجبل للمكفوفين بالزيتون، ويتذكر أن عمار الشريعى كان من زملائه الأغنياء فى المدرسة، وكان والده يشترى له آلات موسيقية غالية يأتى بها فى المدرسة، ويقول عم عادل: «كان يجيب (القانون) يحطه على الديسك ويعزف عليه وإحنا نقعد حواليه نسمع، ما كلنا مابنشوفش زى بعض، بس هو كان أكبر منى». وبعد ذلك لم يستكمل تعليمه فى المدرسة ونقل إلى مدرسة «الخط المهنى» وهناك تعلم كيفية عمل الكراسى الخرزان والمقشات، والمدرسة أعطته فى النهاية شهادة تأهيل مهنى وضعها فى مكتب العمل بحثا عن وظيفة ولكنهم «ماسألوش فيه». إلى أن وصلت سنه إلى «41 سنة» وهو لا يعمل شيئا بشكل رسمى، ولكنه كان يعمل «تُربيا» من باب المساعدة للناس اللى عاش فى وسطهم فى ترب الإمام الشافعى. تزوج ولديه «39 سنة»، وبعد الزواج بعامين بدأ يجرى مرة أخرى وراء الوظيفة إلى أن أصبح موظفا بشكل رسمى فى شركة مطاحن جنوبالقاهرة، ولكنه لا يعمل بشكل فعلى فى الشركة فهو ضمن ال5% رسميات دولة التى تشمل المعوقين والمكفوفين، وعندما سألته فى ذلك، قال: «أصل واحد كفيف زيى هيشتغل إيه آمن مثلا مش لما يبقى يحرص نفسه الأول». من المواقف المؤثرة فى «عم عادل»، أنه عندما أراد أن يفرح بابنته فى عقد قرانها، لم يعترف به المأذون لأنه كفيف وطلب أحد أقاربها. يجلس عم عادل أغلب الوقت على الرصيف بجانب الإمام الشافعى، لم يجد ما يفعله سوى محاولة مساعدة الناس بما يستطيع أن يقدمه، مثلا يدل أحدا على عنوان أو أى شىء، ولكنه كان رافضا الحديث معنا أو التصوير فى البداية نظرا لأنه اعتاد أنه غير معترف به فى أى شىء.