حالة من الاستياء والغضب الشديد انتابت العارضين والمشاركين والمنظمين ل«المعرض الزراعى - صحارى»، بسبب التجاهل التام لهذا المهرجان السنوى، الذى كان يحشد له وزراء الزراعة السابقون كل الإمكانيات والرعاية والدعاية ووسائل النجاح،. اليوم -وبكل أسف- أصبح «قطاع الزراعة» غير مرغوب فيه.. ووزير الزراعة الحالى كاره للزراعة، لدرجة أنه امتنع عن حضور افتتاح المعرض أو حتى زيارته فى الأيام الأربعة التى انعقد فيها، رغم أنه كان على بعد دقائق «حاضراً» فى مؤتمر المغتربين! المدهش أن وزير الزراعة ب«الخرطوم» السودانى بصحبة محافظ الخرطوم، فاجأنا بالحضور لزيارة «المعرض» ومعه التليفزيون السودانى، بعد أن وضعت «السودان» خطة لجذب المستثمرين الزراعيين فى العالم العربى، وحتى الصينيون واليابانيون والإيطاليون والإسبان تجدهم الآن بالعشرات فى فنادق «الخرطوم»، ناقلين معهم «التكنولوجيا الحديثة» فى الزراعة والتصنيع الزراعى، وجاهزين بالأسواق الخارجية مسبقاً! وهكذا انتهت «احتفالية» الزراعة فى مصر دون علم أحد، لا تليفزيون، ولا راديو، ولا حتى إشارة أو خبر من سطرين فى أى صحيفة مصرية، وأمام هذا الصمت المطبق، والتجاهل المتعمد، اجتمع بعض العارضين مع منظمى هذا المعرض مطالبين ب«إلغائه»، أو ببحث إمكانية تفعيله بالجهود الذاتية، وبعيداً عن وزارة الزراعة «المشغولة جداً» بأشياء أخرى أكثر «إثارة»، تلوكها الألسنة بالشائعات المخزية داخل ديوان الوزارة، وحتى المديريات بالأقاليم! فى العام الماضى «ناشدت» رئيس الجمهورية أن يحضر بنفسه هذه الاحتفالية السنوية ل«دعم» الفلاحين، و«تشجيع» المزارعين، و«مساندة» المربين، و«إعادة جذب» المستثمرين الجادين الذين طفشوا بسبب هذا «التخلف» الذى عشش فى دهاليز الوزارة خلال السنوات الأربع الفائتة، وقلت: إن «فرنسا» التى يمكنها أن تحيا بدون قطاع الزراعة الذى لا يمثل سوى 6٪ من الناتج القومى، ويكفيهم أنهم «أولى» دول العالم فى السياحة 70 مليون سائح سنوياً، و«ثانى» أكبر اقتصاد فى الاتحاد الأوروبى و«ثالث» أكبر «مصدر» للسلاح، رغم ذلك تجد «ساركوزى» وقبله شيراك.. ميتران.. جيسكار.. بومبيدو.. وحتى «الجنرال ديجول» بجلالة قدره لم يتغيب أحدهم أبداً عن «الحضور»، والمشاركة فى افتتاح «المعرض الزراعى السنوى»، باعتبار أن إنتاج «الغذاء» هو الأمن القومى بعينه، ولهذا تجد «رأس الدولة» مصطحباً رئيس الحكومة، والوزراء المختصين، حاضرين ليسمعوا «شكاوى» الفلاحين واقتراحات المستثمرين الزراعيين.. و«بيطبطبوا» على العجول والأبقار، و«يدلعوا» الماعز والنعاج، ولقوة وتنظيم وتأثير الدعاية، يصل عدد زوار المعرض إلى 4 ملايين، مما يجعل من رابع المستحيلات أن تجد «غرفة» فى أى فندق باريسى أثناء فترة انعقاد هذا المعرض السنوى بالحى الخامس عشر! أسبوع فى مارس من كل عام، لا صوت يعلو على صوت المعرض الزراعى الفرنسى، وصور «الرئيس» تتصدر المجلات ونشرات الأخبار وهو يتذوق من ال365 صنف أجبان، و«رئيس الحكومة» يلتهم شريحة من اللحم المدخن، و«وزير الزراعة» يشرب كأس شمبانيا، دعاية للمنتجات الغذائية الفرنسية، والحكومة تعلن عن «مساعدات» إضافية تقدمها لكل «فلاح».. فكل «بقرة» يحصل صاحبها على 800 يورو نقداً، وكل خروف 400 يورو، وهكذا فى قطاع الدواجن والثروة السمكية لقناعتهم بأن كل من يساهم فى «إنتاج» الغذاء يستحق التقدير والرعاية والدعم بكل أشكاله! صحيح أن هناك «نقابات» للفلاحين لها «صوت» قوى جداً ومسموع، وعند أى مشكلة يستقبلهم رئيس الدولة، وينزل إليهم رئيس الحكومة، وإذا فشل «الحوار» تخرج الجرارات الزراعية تقطع مداخل العاصمة، أو «يصطحبون» أبقارهم ليتظاهروا أمام «الإليزيه» حتى يستجيبوا لطلباتهم! أما نحن ف«الوزير» نفسه كاره لهذا القطاع، ولا يوجد لديه «فريق عمل» من الخبراء والمتخصصين كما كان الحال سابقاً، والآن يحكم الوزارة «شلة» من الهابطين بالبراشوت لا يهمهم سوى «احتلال» الوزارة، وخصخصتها لصالحهم مع «مجموعة» من المسجلين خطراً لدى الأجهزة الرقابية، وإذا كان هذا هو حال «الوزارة» الآن، فحال المترددين عليها أسوأ ألف مرة، ف75٪ منهم تجار أراض -حسب تعبير رئيس الهيئة السابق- أما «الجادون» فثلاثة أرباعهم «خائفون» على مصالحهم، ولهذا تجد معظمهم بوجهين: أمام الوزير أو المحروس بكلام، وفى الكواليس بكلام مناقض 100٪! واقتراحى: أن نطلب استعارة وزير الزراعة السودانى، ودمج الوزارتين المصرية والسودانية معاً، وبهذا نضرب عصفورين بحجر واحد، مادامت لديهم سياسة زراعية وخطة مستقبلية. 1- نتخلص من الهم الثقيل، والعبء الرذيل بوزارة الزراعة، التى تحولت إلى «عائق» أمام الفلاحين، ولنوفر 672 مليون جنيه هى حجم ميزانيتها السنوية. 2- نحل مشكلة «المياه»، ونزرع كل احتياجاتنا فى السودان، ونتفرغ نحن فى مصر لبناء المنتجعات والقرى السياحية، ويبقى كده ضحكنا عليهم، ونعيش عالة على قفاهم! وهذا هو الفكر الجديد.. ونستكمل! [email protected]