مصر بلد زراعي في الأساس وبها مساحات شاسعة من الأراضي ويشقها نهر النيل.. ومع ذلك هناك عزوف من الطلاب عن دخول كليات الزراعة باعتبار أن استصلاح الأراضي وزراعتها وإنتاج الأغذية "زراعية وحيوانية" يمثل فرص عمل واسعة أمام الخريجين. لكن الحقيقة غير ذلك فهناك عزوف شديد من الطلاب عن دخول كليات الزراعة رغم اهتمام الدولة بهذا الجانب وإقامة مشروعات زراعية عملاقة في توشكي وسيناء وشرق العوينات مما يمثل فرص عمل واسعة أمامهم عند تخرجهم. واقع الحال يؤكد ومنذ سنوات أن الطلبة لا ترغب في دخول كلية الزراعة بسبب تعدد التخصصات بها حتي وصلت إلي 93 تخصصاً وفي المقابل ندرة فرص العمل رغم هذا الكم الهائل من التخصصات. وأصبحت كليات الزراعة خاوية من الطلبة فعلي سبيل المثال هناك أستاذ لكل طالب في أحد أقسام كلية زراعة عين شمس وأستاذ آخر لكل 3 طلاب في قسم آخر. ولم يكن يتصور أحد أنه سيأتي اليوم الذي نري فيه أن كليات الزراعة في مصر لن تجد طلاباً يدرسون فيها!! فمعظم مدرجاتها أثناء الدراسة شبه خالية.. وهذا مشهد مأساوي يراه الجميع!! فمن المسئول؟! هناك عزوف شديد من الطلاب عن الدخول لمثل هذه الكليات لأسباب عديدة من أهمها: غياب فرصة العمل، وغياب التدريب، وتدهور مستوي التعليم الزراعي، وعدم وجود مزارع ومعامل حديثة وتخصصات جديدة ترتبط بحاجة السوق.. الخبراء وأساتذة الكليات ألقوا بالمسئولية علي قطاع تطوير التعليم الزراعي بالمجلس الأعلي للجامعات لأنه لم يسارع ومنذ سنوات طويلة في تصحيح منظومة التعليم الزراعي وفي إنشاء تخصصات جديدة جاذبة مثل شعب الهندسة الوراثية والشعب التي تدرس مناهجها باللغة الإنجليزية.. في هذا التحقيق سيحاول "الأسبوعي" طرح جميع وجهات النظر وتقديم الحلول.. تقول د. سهام مروان أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية زراعة عين شمس: في مصر أكثر من 17 كلية زراعة إلي جانب معهدين زراعيين.. ويمكن أن يكون لهذا الكم الهائل من الكليات دور مهم في النهوض بالتنمية الزراعية وفي توسيع رقعة الأرض الزراعية، وفي استصلاح المزيد من الأراضي في مناطق عديدة بمصر.. لكن للأسف ولأسباب عديدة.. الطلاب قد انصرفوا عن دخول هذه الكليات، ولم يقبلوا بالشكل المطلوب عليها، مثلما كان يحدث في الماضي. وأنا أذكر والكلام مازال للدكتورة سهام مروان أنني عندما كنت طالبة في السبعينيات كان عدد طلاب السنة الأولي يزيد علي ال 1600 طالب، اليوم عدد الطلاب الموجودين في السنة الثانية بالكلية حوالي 250 طالباً.. وبالتالي سيصبح عدد الخريجين في هذه الحدود.. هذا هو الوضع في كلية زراعة عين شمس فما بالك بالكليات الأخري التابعة للجامعات الإقليمية. مدرس لكل طالب وتضيف د. سهام مروان إن عدد الأساتذة أصبح يقترب كثيراً من عدد الطلاب.. والدليل علي ذلك أن قسم الصناعات الغذائية يوجد به مدرس لكل طالب.. وفي قسم الاقتصاد الزراعي كل 3 طلبة لهم أستاذ.. هذا هو الوضع، الأستاذ ليس أمامه طلبة، ولا يستطيع أن يطبع مذكرات أو كتباً للطلاب.. حتي الأبحاث التي يعدها ورسائل الماجستير والدكتوراة التي يشرف عليها.. المقابل المادي الذي يأخذه الأستاذ محدود جداً.. تخيل الجامعة تخصص 500 جنيه ل 3 مشرفين علي رسالة الدكتوراة و300 جنيه ل 3 مشرفين علي رسالة الماجستير.. وأنت تعلم أن الرسالة يستمر الإعداد لها سنوات.. هذا هو الوضع المادي للأستاذ وقد انعكس ذلك بلاشك علي الجانب التعليمي في الكليات. الأسباب عديدة وانصراف الطلاب عن كليات الزراعة كما تقول د. سهام مروان له أسباب عديدة من أهمها: 1 أن خريجي هذه الكليات رغم قلة أعدادهم لا يجدون فرصة عمل مناسبة تتفق مع تخصصاتهم.. فالكثير منهم يستمر لسنوات طويلة يبحث عن عمل مناسب.. وللأسف يضطر في النهاية للعمل في مجالات أخري بعيدة عن دراسته. 2 عدم وجود تخصصات جاذبة للطلاب في معظم الكليات.. وتتفق واحتياجات السوق.. إلي جانب ذلك هناك تخصصات لا حصر لها بكليات الزراعية.. وبالتالي فقد أدت هذه الكثرة من التخصصات إلي تقليل فرص العمل أمام الخريجين.. وهذا الأمر يحتاج إلي ضغط هذه التخصصات في عشرة مجالات علي الأكثر.. في هذه الحالة الخريج سيجد أمامه فرص عمل متنوعة وفي مجالات مختلفة. الإنتاج الحيواني وعلي سبيل المثال: شعبة الإنتاج الحيواني يستطيع الطالب المتخرج منها أن يعمل في مجالات مختلفة.. مجال انتاج الأسماك وتربية الدواجن والأبقار... إلخ بعكس الوضع لو كان الطالب خريجا لشعبة أسماك فقط.. هنا سينحصر مجال عمله في هذا الإطار ولن يجد فرصة العمل المناسبة.