ولكن ليس كل مَنْ يرفضون التطبيع يعبرون عن موقف سياسى واحد

سعدت باتفاق الأمير سعود الفيصل، وزير خارجية السعودية، معى فى تفسير انحناءة أوباما للملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك السعودية عندما التقى به فى لندن لأول مرة. قلت فى هذا العمود يوم الأحد قبل الماضى إن هذه الانحناءة كانت تقديرًا للبلد الذى يضم الحرمين الشريفين لأكثر من مليار مسلم، وتقديرًا للملك ذاته، وعمره الذى يزيد على الثمانين، وتعبيرًا عن أوباما كرجل مثقف، أى مرهف الحس.
 وفى العدد الأخير من مجلة «نيوزويك» الأمريكية الدولية الأسبوعية، قال كريستوفر ديكى فى حوار مع الأمير سعود الفيصل: «فى واشنطن قيل الكثير عن إنحناءة الرئيس أوباما أمام الملك عبدالله عندما التقاه أول مرة»، ورد الأمير: «نعم، لقد انحنى، لكن تذكر أنه أيضًا ينتمى إلى ثقافة تبجّل الكبير، لم يكن فى ذلك ما يحط من قدره أو ينطوى على مهانة، فأنت عندما تلتقى إنسانًا أكبر منك تظهر احترامك له، وأعتقد أن أولئك الذين أثاروا ضجة حول الموضوع أولى بهم لو أنهم اتخذوا هذا الخُلق الحسن برغبة نابعة من القلب».
وفى نفس الحوار قال ديكى: «سأكون محبطًا جدًا لو كنت مكان الرئيس أوباما أخوض معك هذا الحديث، فهناك رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو يقول إنه لن يتزحزح عن موقفه، وأنتم تقولون: لقد قدمنا عرضنا، فاقبله أو اتركه»، ورد الأمير السياسى الخبير: «ماذا بوسعنا أن نفعل أكثر من ذلك، الأرض المحتلة بيد إسرائيل، ولا نملك ما نقدمه لإسرائيل إلا التطبيع، ولو قدمنا ذلك قبل عودة الأرض العربية فإننا نكون بذلك قد تنازلنا عن الشىء الوحيد الذى تستطيع الدول العربية أن تفاوض به».
ويؤكد حديث الأمير الوزير بذلك ما اتفق عليه الأغلبية فى مصر من رفض التطبيع باعتباره الورقة الوحيدة أو الأساسية التى يملكها العرب فى التفاوض مع إسرائيل، ولكن هناك من يرفضون التطبيع على أساس أنه لا أمل فى التفاوض مع إسرائيل أو السلام معها، وأن الحرب هى الحل الوحيد، ولذلك فليس كل مَنْ يرفض التطبيع يراه فى التفاوض.
والفريق الأول يرى أن التطبيع هو زيارة إسرائيل أو بيع حقوق كتاب أو فيلم إلى شركة إسرائيلية، أو الدعوة إلى زيارتها، أو التعامل مع شركاتها ومؤسساتها، أما الفريق الثانى فيرى أن التطبيع مصافحة إسرائيلى فى أى مكان ولو كان من مؤيدى حقوق الشعب الفلسطينى، أو الجلوس مع إسرائيل فى أى مكان ولو لم تتحدث معه، وهذا منطقى لأن التفاوض لا يكون إلا بين طرفين، وهذا يتطلب اعتراف كل طرف بالآخر.
samirmfarid@hotmail.com