أنا المصري الوحيد تقريبا الذي فرح بموضوع انقطاع الكهرباء هذا .. لا تتسرع وتظن أني أكبر مستوردي الشمع في مصر، لا يا صديقي لقد عانيت مثلما عاني كل المصريين من توقف الحياة بسبب الانقطاع المفأجي للكهرباء فلا مراوح ولا أجهزة تكييف ولا كمبيوتر ولا حتي مياه باردة في هذا الحر والصيام بسبب توقف الثلاجات والمبردات ورفعت يدي - مثل كل المصريين أيضا - بالدعاء ع اللي كان السبب .. المهم لماذا أفرح رغم كل هذا .. السبب بسيط جدا منذ سنوات قلائل أنتج التلفزيون الحكومي سلسلة أفلام دعائية قصيرة بعنوان "بلدنا بتتقدم بينا" ترصد إنجازات العصر المبارك الذي نعيشه وكيف كنا نعيش حياة الهمج قبل أن يمن الله علينا بمبعوث الرحمة وقائد المش عارف إيه ومفجر ثورة إيه الذي جعلنا نعيش كما البشر وكما يعيش السادة في مانهاتن .. ركزت هذه الأفلام علي التطور الذي لحق بالبنية التحتية في مصر، ومنها فيلم عن شبكات الكهرباء والطاقة والذي لن تجرؤ الحكومة المصرية علي إذاعته مرة أخري بعد الأزمة الأخيرة التي فضحت موضوع البنية التحتيه العظيمة التي أنجزتها الحكومة الرشيدة، فالأزمة تفضح عصرا بأكلمه وتكشف حقيقة إنجازاته التي لا تزيد عن لمسات مهندس ديكور لإخفاء بلد تنهار، ويا ليته كان مهندس ماهر بل هو مجرد عامل طلاء وعامل فاشل أيضا ... لذلك فرحت بعد تهاوي أكذوبة البنية التحتيه والتي لن يصدقها كل من يعيش علي هذا الأرض ويسير علي شبكة الطرقات المنهارة وويتعامل مع شبكات الصرف الغير موجودة وشبكات نقل المياة الملوثة اللهم إلا كنت من سكان مارينا، فعندها لك الحق أن تصدق أن " بلدنا بتتقدم بيا " وأن " الحزب الوطني في مصلحتك " ولا مانع كذلك أن تصدق أنهم يسهرون الليالي الطويلة " من أجلك أنت. ليالى مظلمة عشناها في تحت رعاية حكومة الحزب الوطني والتي ألقت اللوم - كالعادة - علي المواطن فهو سبب كل البلاوي والكوارث التي تحدث والتي ستحدث في مصر، وانقطاع الكهرباء بسبب زيادة الأحمال وأجهزة التكييف .. طب يا غجر الخبراء ومستشاري السيد الوزير الذين ينهلون من خزائن الدولة ملايين الجنيهات شهريا ألم يكن دورهم توقع زيادة الاحمال والاستعداد لها .. ألم يكن من دورهم الإعداد لخطة طورائ لمثل هذه الحالات ... لكن لما نتحدث عن الاستعداد طالما المواطن ابن ال ..... هو السبب في كل شئ وهو الجاهز لدفع فاتوة أي شئ ... لن أتحدث عن الخسائر المليونية التي أصابت اصحاب المصانع والمحال التجاريه التي تعتمد علي الكهرباء بشكل أساسي مثل مقاهي الإنترنت وغيرها ... ولكني أتحدث عن حياة المواطن البسيط التي توقفت تماما وأصبحت جحيما بسبب الحر وأصبح يقضي لياليه في ظلام دامس وفزع وفقدان لأبسط حقوقه وهي الطمأنينة، ولا يملك سوي الدعاء علي الحكومة والدعاء بأن (يحنن) الله قلبها علينا والنزول لأقرب بقال لشراء شمع لزوم الليالي السوداء، أما أنا فلم أعد أملك سوي رفع يدي بالتحية كلما رأيت أحد بهوات النظام صائحا .. أريد شمعا وحنانا يا بيه.