بينما بدأت مصر تعاني من موجة حر شديدة جاءت إنقطاعات المياه والكهرباء المتكررة، لتضيف إلي معاناة المصريين مع الصيام صيفا.. وإذا كانت موجة الحر تخضع لأسباب طبيعية لا دخل للإنسان فيها .. فإن ما يحير المصريين هو الأسباب التي يكون للبشر دخل فيها، وكأن البشر تحالفوا مع الطبيعة علي زيادة معاناة الصيام. " الأخبار " انتقلت إلي المناطق التي تشهد الإنقطاعات المتكررة للمياه والكهرباء لترصد واقع المعاناة اليومية لسكانها. في مدينة 6 أكتوبر، تبدو معاناة السكان مع الإنقطاعات المتكررة للمياه من الأمور التي تعود عليها السكان. يقول طلعت محمد " موظف بوزارة التعليم العالي" : بينما تعاني بعض المدن الجديدة من انقطاع المياه هذه الأيام، فإننا نعاني منها طوال العام". ويشتكي طلعت من توجيه جانب كبير من نصيب المحافظة من المياه، إلي أعمال البناء التي تتم في المحافظة. يقول محمود فتحي " موظف بوزارة المالية " أنها إذا كانت طوال العام تكون فترتها ما بين ساعتين إلي أربع يوميا، فإنها هذه الأيام تمتد لأكثر من 12 ساعة. ويضيف فتحي : عندما سألنا عن السبب قيل لنا ان هناك إصلاح في خط المياة الذي يغذي مدينة أكتوبر. والأمر الذي يحير فتحي انه منذ قطن في مدينة 6 أكتوبر قبل 3 سنوات، وخط المياه يتم إصلاحه سنويا بسبب أعطال تحدث فيه. وتتكرر مشكلة المياه مع الكهرباء في محافظة 6 أكتوبر، وهو الأمر الذي دفع خالد فتحي " موظف بجامعة 6 أكتوبر " إلي القول: " أصبحت حياتنا لا تطاق في مدينة 6 أكتوبر " . ويضيف فتحي: " أصبحت حياتنا قطعة من العذاب.. مياة مفصولة وكهرباء مقطوعة .. موجة حر .. مواصلات غير منتظمة ". وعن كيفية التعامل مع هذه المشاكل يقول صفوت محمدي: " عندما تنقطع الكهرباء عندي، تكون موجودة عند شقيقي بمنطقة أخري في أكتوبر، فأحمل اليه بعض الأغراض التي أبغي وضعها بالثلاجة، وعندما تعود الكهرباء إلي منزلي تكون قد أنقطعت عنده، فيحمل هو بعض أغراضه ليضعها في ثلاجتي " . لكن بالقطع، ليس كل من يقطن في إحدي مناطق أكتوبر لديه شقيق يقطن في منطقة أخري، ليتعاونا سويا علي مواجهة مشكلة توزيع إنقطاعات الكهرباء بين مناطق أكتوبر، ولذلك فإن أحمد محمد " مدرس " يلجأ لطريقة أخري ، وهو وضع أغراضة لدي محل سوبر ماركت يملك صاحبة مولد كهرباء. ويتساءل أحمد: " إذا كانت علاقتي الطيبة مع صاحب المحل تسمح لي بهذا الحل، فهل كل من يقطن في المنطقة التي أسكن بها، لديه علاقة طيبة معه " . شلل بالتجمع والرحاب مشكلة أكتوبر ، تتكرر تفاصيلها بالتجمع والرحاب، ويقول جمعة محمد خفير بمنطقة التجمع ان المياه في المنطقة لا زالت تعاني من الانقطاع ، وان تصريحات المسئولين باصلاح الاعطال في المواسير وعودة المياه الي المنازل ليست صحيحة، فالمياه منقطعة منذ 3 ايام متواصلة بالتجمع ،وتعاني الانقطاع علي فترات منذ شهر تقريبا، وقد وصلت المياه الي العقارات والمنازل اول امس في تمام الساعة الحادية عشرة مساءا واستمرت لمدة ساعة واحدة فقط، ولم يستطع المواطنون خلال هذه الساعة تلبية كافة اغراضهم من المياه ،مشيرا ان معاناة المواطنين داخل منطقة التجمع الخامس بلغت أقصاها، فانقطاع المياه تزامن مع صيام شهر رمضان الكريم والحاجة الشديدة الي المياه خاصة وان البلاد تشهد حاليا موجة عنيفة من الحر . ويشكو علوان علي -عامل في احد مساجد التجمع - من استمرار انقطاع المياه في التجمع الثالث مشيرا ان المياه مقطوعة منذ خمسة أيام تقريبا داخل الحي مما دفع المصلين الذين يرتادون المساجد للصلاة والذين تتزايد اعدادهم في شهر رمضان الي الوضوء من خلال التيمم او الوضوء بمياه ري الاشجار والزرع المتواجدة في الجزيرة الوسطي من الطريق. عطش وخراب ديار وبلهجة من الحزن يقول مرتجي منصور احد سكان التجمع ان المياه لم تصل بعد الي أحياء التجمع وان المنازل أصبحت تعاني من الجفاف بسبب عدم توافر نقطة مياه واحدة في صنابير المياه ، مشيرا ان معظم اعمال البناء والتشييد والعمارة بالتجمع توقفت تماما واصيبت بالشلل التام لعدم توافر المياه ، وقد لجأ اصحاب مشروعات البناء والتشييد الي شراء المياه من الاحياء المجاورة ومن مدينة نصر لاستكمال مشروعاتهم ، وقد بلغ سعر فنطاس المياه الواحد 400 جنيه ، والسقف الواحد يحتاج الي 3 فناطيس مياه، الامر الذي جعل انقطاع المياه عطش وخراب ديار. ويقول محمد فرحات موظف ان شهر رمضان تحول من شهر العبادة وقراءة القران الي شهر البحث عن المياه في فناطيس الحكومة او المحلات لشراء المياه المعدنية موضحا انه يعاني من تكرار انقطاع المياه خلال الايام الماضية دون معرفة اية مبرر او سبب لانقطاع المياه ، وتزداد المعاناة خاصة عند الافطار ، فلك ان تتخيل ان تجلس علي مائدة افطارك بدون كوب من الماء بسبب انقطاع المياه غي هذا الوقت الحيوي !! ويضيف ان فناطيس المياه التي وفرتها الحكومة اتغطية العجز المائي اثناء انقطاع المياه بمنطقة التجمع الثالث لم تكن كثيرة ، كما انها توافرت هذه الفناطيس فقط امام الفيلات والعقارات المملوكة لاثرياء فقط في حين انها لم تذهب الي باقي المواطنين العاديين في الحي،واضطر بعض المواطنين الي انزال بعض الخزانات المتواجدة فوق اسطح المنازل وملئها بالمياه بعد شرائها من الفناطيس ووضعها في الشوارع لتلبية احتياجات من لا تتوافر لديه مياه . نفس المعاناة لدي مرتجي منصور احد السكان الذي يشكو من انقطاع المياه علي فترات متعددة بمدينة الرحاب ، فمن المفترض ان مدينة الرحاب من المدن الجديدة التي يوجد بها خدمات ومرافق علي اعلي مستوي الا ان الايام القليلة الماضية اثبتت عكس ذلك تماما بسب الانقطاع في المياه لفترات طويلة خلال اليوم الواحد قد تصل الي اكثر من 3 ساعات ، مضيفا ان تزامن انقطاع المياه مع الموجه الحارة التي تشهدها البلاد زاد من معاناة المواطنين في هذه المدينةالجديدة ويبدي رمضان عبد العزيز مواطن استغرابه الشديد من الانقطاع الدائم في المياه قائلا كيف تكون مصر بلد النيل.. والمنازل عطشانة ؟!! مشيرا انه يقوم بملء العديد من الجراكن والاوعية البلاستيكية بالمياه اثناء تواجدها تحسبا لانقطاع المياه في اي وقت وهوالسمة المميزة للمياه خلال الوقت الراهن . وعلي صعيد اخر من المعاناة فقد استمر انقطاع التيار الكهربائي في بعض المناطق مثل فيصل وشبرا والدقي وبولاق ، وتزايدة فترات الانقطاع في اوقات الذروة حيث تكون درجات الحرارة في اعلي معدلات لها ، وكما يؤكد سمير التهامي احد سكان فيصل ان التيار الكهربائي يشهد انقطاعا لفترات طويلة قد تستمر لمدة ساعتين او اكثر ، والانقطاع ياتي اثناء الصيام والموجة الحارة وهو ما قد يزيد من الاحساس بالمعاناة بسب توقف اجهزة المراوح والتكييف عن العمل في هذا الجو شديد الحرارة . وتقول فهيمة نشأت ربة منزل ان ساعات النهار تحولت الي ساعات من العذاب بسبب تذبذب التيار الكهربائي وانقطاعه لفترات عديدة خلال الايام السابقة ، الامر الذي جعل بعض الاجهزة الكهربائية تصاب بالعطل بسبب استمرار انقطاع التيار الهربائي بشكل مفاجئ ودون سابق انذار ،وتطالب فهيمة باصلاح اعطال المحطات الكهربائية وبناء المزيد من المحطات وترشيد استهلاك الكهرباء لتوفير المزيد من التيار الكهربائي لمثل هذه الظروف التي نمر بها هذه الايام والتي ياتي علي مقدمتها الحر والارتفاع الحاد في درجات الحرارة وارتفاع نسبة ارطوبة . مشكلة المياه في النيابة اللافت للنظر ان معاناة المواطنين مع مشكلة انقطاع المياة جاءت متزامنة في مدينتي 6 أكتوبر والقاهرةالجديدة، وهو ما دفعنا لسؤال اللواء سيد نصر نائب رئيس الشركة القابضة للمياه عن أسباب هذا التزامن. في البداية أكد اللواء نصر ان هذا التزامن جاء مصادفة، لكنها مصادفة غير طيبة. وقال ان أسباب انقطاع المياة في 6 أكتوبر يرجع إلي ان خط المياه في أكتوبر انتهي عمره الإفتراضي، لأن المواسير المستخدمة فيه مضي علي استخدامها أكثر من عشرين عاما. وأوضح انه تم التعامل مع مشكلة المياه في أكتوبر سريعا وانتهت بعد 6 ساعات، وسيجري تجديد المواسير القديمة واستبدالها بأخري جديدة حتي لا تتكرر المشكلة مرة أخري. أما عن خط القاهرةالجديدة، فالمشكلة، كما يوضح اللواء نصر، هي حدوث إنهيارات بالتربة بسبب أعمال حفر خاطئة نفذتها إحدي الشركات. ويقول اللواء نصر: ان هناك ثلاث شركات تعمل علي إصلاح الخط، الذي من المتوقع ان تنتهي أعمال إصلاحه الساعة الحادية عشر مساء، لكن معدل المياه لن يعود إلي طبيعته إلا بعد 12 ساعة من الإصلاح حتي تمليء المياه الخزانات لتوزيعها علي المنازل. لا شبكة خاصة من ناحية أخري اكد مصدر مسئول بوزارة الكهرباء ان الشبكة الكهربائية القومية في مصر واحدة ولا توجد شبكة خاصة بالمدن الجديدة واشار الي ان اي عطل مفاجئ حتي لو في الصعيد كما حدث في خط الجهد العالي سمالوط - القاهرة يؤثر علي الشبكة بأكملها.. وقال ان الشبكة الكهربائية اصبحت مستقرة وتناقصت الذروة عقب المغرب ولمدة 4 ساعات بسبب توزيع الاحمال للحفاظ علي الشبكة وهو اجراء متبع في كل دول العالم. كما اوضح ان اي عطل وارد والعبرة بالفترة الذي يتم الاصلاح فيها ولا يستغرق اياما كما في دول اخري.