موجة حر غير مسبوقة اجتاحت العالم العربى وعددا من الدول الأوروبية.. امتداد ساعات الصيام لأكثر من 20 ساعة.. تآكل البنية التحتية فى عدة دول بما أدى إلى الانقطاع المستمر فى الكهرباء وأحيانا المياه. تلك كانت أبرز الصعوبات والظروف الاستثنائية التى يواجهها المسلمون فى صيام الشهر الفضيل هذا العام إما بسبب ظروف المناخ القاسية أو إهمال المسئولين الذى ضاعف من شكواهم، راجين الله سبحانه وتعالى القبول والثواب على قدر مشقتهم. فعدد من الدول العربية والأوروبية تعانى من موجة حر غير مسبوقة، إضافة إلى الانقطاع المتكرر للكهرباء فى دول عربية فى مقدمتها مصر والجزائر وسوريا والعراق ولبنان والأردن خاصة فى الفترات التى تلى غروب الشمس بساعتين، وفقا لتقارير صحفية بهذه الدول. ووجد المواطنون فى هذه الدول أنفسهم أمام العيش فى ظلام، حيث تناول الإفطار والسحور، وتأدية صلاة التراويح على أضواء الشموع أو الكشافات خاصة فى مصر بما أفسد عليهم الفرحة بالشهر الكريم. وبرر عدد من المسئولين فى هذه الدول أزمة الانقطاع المستمر فى الكهرباء ب«زيادة الأحمال، بسبب الاستخدام المفرط من قبل المواطنين، فى ظل ارتفاع درجة الحرارة». كما أدى الانقطاع فى الكهرباء خاصة فى مصر إلى هروب المواطنين إلى الشوارع والحدائق العامة لتلمس نسمة صيف وسط هجير أغسطس. وأدى انقطاع الكهرباء إلى فساد الأطعمة والمشروبات فى المتاجر أو المنازل، واحتراق أجهزة كهربائية فى أخرى، وهو ما أدى إلى مظاهرة احتجاجية للمواطنين فى نهار رمضان من بينها الوقفات الاحتجاجية، وقطع الطرق كما تكرر فى عدة محافظات مصرية. وبعيدا عن الظروف المناخية الصعبة أو إهمال المسئولين فى عدة دول عربية، فإن سكان مدينة القدس بشكل خاص وفلسطين عموما، تتجدد لديهم المعاناة كل عام فى ظل الاحتلال الإسرائيلى الغاشم. يتحدث الإعلامى الفلسطينى سليمان بشارات ل«الشروق» عن هذه المعاناة بالقول: إن المضايقات الإسرائيلية بحق المصلين القادمين للصلاة فى المسجد الأقصى، تتمثل فى منع أهالى الضفة من الوصول لمدينة القدس إلا لمن تزيد أعمارهم على 45 عاما للرجال، و35 عاما للنساء. أما جديد معاناة هذا العام فى رمضان فهو استمرار عدد من العائلات المقدسية من بينها (عائلتا حنون والغاوى) العيش على رصيف الشارع بعد أن قامت الجماعات الاستيطانية الإسرئيلية بالاستيلاء على منازلهم العام الماضى وطردهم منها، إضافة إلى قضاء 3 من نواب القدس فى المجلس التشريعى ووزير سابق أول رمضان لهم فى خيمة الاعتصام بمقر الصليب الأحمر الدولى بعيدا عن بيوتهم وذلك عقب إصدار الاحتلال قرارا إبعاد بحقهم عن مدينة القدس. ولم يكن المسلمون فى أوروبا وآسيا فى صيامهم بعيدين عن أجواء المشقة، حيث يواجهون هذا العام ظروفا استثنائية، ففى روسيا تجتاح البلاد موجة غير مسبوقة من الحر الشديد، وتصل ساعات الصيام إلى ما يقارب الثمانية عشرة ساعة، كما تشهد البلاد حرائق كثيرة نجم عنها دخان كثيف غطى سماء البلاد. وإضافة إلى الظروف المناخية القاسية فإن تطبيق الصيام فى عدد من المناطق الروسية يواجه صعوبات، كما هى الحال فى مقاطعة «مورمانسك» التى تزامن شهر رمضان فيها هذا العام مع النهار القطبى الذى يتواصل فترة عشرين ساعة يوميا، وفقا للموقع الإلكترونى لتليفزيون روسيا اليوم. يذكر أن مجمع الفقه الإسلامى برئاسة الشيخ يوسف القرضاوى قد أصدر فتوى عام 2006 بشأن الصلاة والصيام فى المناطق القطبية، تسمح للمسلمين بالصيام كما يصوم المسلمون فى مكةالمكرمة أو فى أقرب بلاد معتدلة المناخ إليهم. كما يواجه مسلمو مورمانسك مشكلة بناء أول مسجد فى مدينتهم، حيث خصصت السلطات المحلية لهم قطعة من الأرض فى التسعينيات، لكن عمليات البناء توقفت بعد فترة قليلة بسبب احتجاج السكان المحليين على تشييد المسجد فى حيهم. ونقل تليفزيون «روسيا اليوم» عن الشيخ إيلدار علاء الدينوف رئيس القسم الشرعى لدى مجلس المفتين فى روسيا قوله: «فى الواقع هذا أمر صعب جدا، لم تصدر فتوى رسمية بهذا الشأن عن الإدارة الدينية للمسلمين فى روسيا، ولكن فى جميع الأحوال يجب أداء الفريضة لكل القادرين»، غير أنه أضاف قائلا «الدين الإسلامى دين يسر، وهو يتوجه من منطلق أن الإنسان إذا شعر بأنه غير قادر على الصيام وجسده لا يحتمل ذلك فباستطاعته أن يعرض نفسه على طبيب مختص، وإذا أشار عليه الطبيب بما يسمح له بالإفطار تفاديا لتدهور حالته الصحية، فلا حرج عليه». ويضيف «إيلدار نورإيمانوف» رئيس دار النشر الإسلامية (أنصار) «إن كل مسلم يريد أن يؤدى الفريضة على أكمل وجه بالرغم من كل الصعوبات، بالنسبة لى أنا أنوى صيام الشهر كاملا، ولكن إذا شعرت أن ذلك سيؤثر سلبا على صحتى وعملى ففى هذه الحالة سوف أحاول أن أعوض ما فاتنى من الصيام خاصة خلال فصل الشتاء حيث يكون الوقت والجو يسمحان بذلك». أما فى بعض الدول الاسكندنافية مثل فنلندا والسويد والنرويج فالصعوبات التى يواجهها المسلمون فأبرزها يتمثل فى ارتفاع عدد ساعات الصيام لأكثر من 18 ساعة. وبحسب محمود وصفى مصرى مقيم فى السويد، فلا يوجد بالسويد تحديدا دعم فى أماكن العمل، حيث إن أوقات العمل تكون بنفس الساعات ولا تقل خلال رمضان، بعكس العالم العربى، إضافة إلى أنه فى المدارس فهناك محاولات ضغط على طلاب المرحلة الثانوية وما قبلها من مراحل دراسية للشرب فى نهار رمضان خاصة فى حصص الرياضة» وفى هولندا يشير «نصر الدين دجبى» صحفى عربى مقيم هناك فإنها تشترك مع الدول التى يصوم أهلها 16 إلى 17 ساعة، إلى جانب ضعف الانشطة الرمضانية لتأخر وقت الإفطار. وأردف الدجبى: قلة النوم أيضا لبقاء صلاة التراويح أحيانا إلى الواحدة ليلا ثم القيام حتى الثالثة صباحا، لكن فى الشارع العام لا تلاحظ شيئا من أجواء ومظاهر رمضان، لكن المساجد والعائلات تحيى مظاهر رمضان بقوة.