فى يوم 21 يونيو الماضى كانت مصر مهددة بالظلام التام نتيجة الأحمال الكهربائية الكبيرة الطارئة بسبب موجة الحر الشديدة التى اجتاحت البلاد، ولم تستعد لها وزارة الكهرباء، حيث وصلت درجة الحرارة نحو 47 درجة، وبلغت الأحمال الزائدة نحو 3000 ميجاوات، وهو ما يعادل الطاقة المولدة للسد العالى بحسب جهاز تنظيم مرفق الكهرباء وهو ما حدا بشركات توزيع الكهرباء إلى فصل أحمال بنسبة 10% على مستوى الجمهورية. وكان الاستهلاك العائلى هو المستهدف الأول بعملية التخفيف، وعانت الأسر ساعات طويلة من الظلام والحر الشديد ونقص المياه، حيث تعيش معظم المنازل فى مصر على «مواتير رفع المياه»، وتكرر ذلك على مدى أيام الموجة الحارة، واستمر بعدها ربما من باب التحوط الزائد، وفى حين كانت المناطق الريفية والعشوائية والأحياء الشعبية والفقيرة هى أكثر المناطق حرمانا من الكهرباء كان الأمر مختلفا فى أحياء القاهرة الراقية مثل مصر الجديدة والمهندسين والزمالك والقاهرةالجديدة والقرى السكنية الفاخرة بالسادس من أكتوبر، حيث يقطن كبار المسئولين وموظفى الدولة بهذه المناطق التى لم تعان من انقطاع التيار الكهربى حتى فى عز الموجة الحارة أما الأحياء متوسطة الحال مثل الهرم وفيصل فتراوحت عملية انقطاع التيار بين ساعتين وثلاث ساعات. إطفاء الشوارع مرت أيام الحر الشديد ولم تتوقف عمليات قطع التيار وأن كانت الفترة قد أصبحت أقل فى الأحياء الرئيسية، وظلت كما هى فى الأحياء الشعبية والعشوائية لدرجة أن الكهرباء ظلت مقطوعة فى منطقة «الخصوص» التابعة لإدارة كهرباء القلج لمدة 6 ساعات متوالية بحجة تخفيف الأحمال أو حدوث أعطال وذلك بحسب شكاوى تلقتها مستهلكون وأسواق من سكان المنطقة. الجديد فى الأمر حاليا هو قطع التيار الكهربى بأوامر من الحكومة وبالتحديد وزارة المالية، التى طلبت من المحليات ترشيد استهلاك طاقة الإنارة العامة فى الشوارع بنسبة 50%، فما كان من المحليات إلا أن طالبت شركات التوزيع بقطع التيار عن الشوراع بالكامل وبدأت عملية الإظلام الحكومى من الشوارع الفرعية والصغيرة إلى شوراع رئيسية مثل الهرم وفيصل والدقى، وذلك قبل أن تتنبه وزارة الكهرباء مؤخرا إلى أن شوارع القاهرة أم الدنيا تحولت إلى ظلام دامس لتضع خطة أخرى لإعادة الإضاءة ولكن بشكل جزئى بما يتوافق مع المعايير العالمية وفقا لدراسة، تقول وزارة الكهرباء إنها أعدتها حول إضاءة الشوارع ولا يعرف أحد أين كانت هذه الدراسة عندما كانت الشوارع مضاءة بالكامل؟ شكاوى قطع التيار شكاوى كثيرة من عدم انتظام التيار الكهربائى وانقطاعه لفترات طويلة تلقتها إدارة حماية المستهلك بجهاز مرفق تنظيم مرفق الكهرباء، والذى يرأسه وزير الكهرباء المهندس حسن يونس نفسه، وهو ما دعا الجهاز إلى الاجتماع بشركات توزيع الكهرباء الأسبوع الماضى لإعادة تذكيرها بما يسمى «كود توزيع الكهرباء»، الذى يضع مبادئ محددة تلتزم بها الشركات تجاه المستهلك فيما يتعلق بجودة التغذية بالتيار الكهربى وبفترات انقطاع التيار فى أوقات الضرورة وعدالة نظام تخفيف الأحمال على جميع المناطق، وكان الجهاز قد أصدر الكود فى أبريل الماضى إلا أن الشركات لم تلتزم بما جاء فيه بعد حتى الآن. حاولنا التعرف على كود توزيع الكهرباء ومدى إمكانية تطبيقه من جانب الشركات لصالح المستهلك، كما حاولنا التعرف على استعدادات الشركات لأى استهلاك زائد فى شهر رمضان الذى يأتى فى عز الحر. كود التوزيع «كود التوزيع» بحسب الدكتور حافظ السلماوى المدير التنفيذى لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك يضع معايير لجودة التغذية الكهربية بحيث لا يقل أو يزيد عن مستواه بأكثر من 5% بما لا يؤدى إلى حدوث أى أضرار للأحهزة الكهربائية، كما يضع معايير لجودة الخدمة ويحدد الظروف الطارئة، التى يتم فيها قطع التيار وفقا لبرامج محددة يتم من خلالها إبلاغ المشتركين بقطع الخدمة على ألا تزيد الفترة على ساعتين أسبوعيا لنفس المشترك، ويحدد الكود أوقاتا محددة للصيانة المجدولة بحيث تتم فى أوقات النهار أو أوقات متأخرة من الليل بعيدا عن أوقات الذروة. قطع التيار الكهربى، كما يؤكد الدكتور السلماوى يجب ألا يحدث إلا فى حالات معينة مثل الزيادة الطارئة فى الأحمال المصاحبة لموجات الحر الشديد، والتى يزيد فيها الاستهلاك بشكل كبير بما يهدد الشبكة، وهو ما حدث يوم 21 يونيو الماضى، حيث زادت الأحمال زيادة هائلة ولولا الإسراع فى تخفيف الأحمال بنسبة 10% لتعرضت مصر إلى حالة إظلام تام، كما حدث فى عام 1990 عندما خرج خط كهرباء السد العالى مما أدى إلى خروج باقى المحطات من الخدمة. ويقول سلماوى إن هذه العملية يجب ألا تكون عشوايئة، فهناك تقسيمات محددة هى أحمال درجة أولى تتمثل فى المرافق الحيوية مثل الشرطة والمستشفيات ومرفقى المياه والصرف الصحى، وهذه المرافق يجب أن تغذى من مصدرين مختلفين، وتمثل الصناعة أحمال درجة ثانية لأهميتها الاقتصادية، أما الدرجة الثالثة فهى الأحمال المنزلية، وهذه كانت متروكة للشركات لتقوم بعملية الفصل الكهربائى وفقا لتقديراتها الخاصة لأهمية المناطق. ساعتان أسبوعيا ووفقا لما يؤكده د. حافظ السلماوى فقد عقد جهاز تنظيم مرفق الكهرباء اجتماعا مؤخرا لمراجعة خطط فصل التيار والكود، الذى لا يتم الالتزام به فى ضوء شكاوى تلقاها الجهاز حول الفصل العشوائى للتيار وتركه حتى الصباح فى بعض الأحيان، مشيرا إلى أنه تم التشديد على الشركات خلال الاجتماع أن يكون فصل التيار فى حالات الضرورة وبشكل تدريجى وعادل بين جميع المحافظات والأحياء وأن يتم التأكد من عودة التيار إلى حالته السابقة وألا تزيد مدة انقطاع التيار على ساعة واحدة فى المرة الواحدة، وساعتين فى الأسبوع بأكمله «ونستهدف تقصير الفترة إلى نصف ساعة فقط فيما بعد» وقد قام الجهاز بحسب دكتور السلماوى بتشكيل لجنة لمراجعة تطبيق الشركات لكود التوزيع للتأكد من الالتزام به، مشيرا إلى أن الكود يتضمن أيضا إتاحة خط تليفونى طوال 24 ساعة لإبلاغ المشتركين بالوقت المتوقع لرجوع التيار من خلال رسالة مسجلة. تأجيل العقوبات هل هناك مؤشرات لقياس أداء الشركات وهل هناك عقوبات على الشركات، التى تخالف تعليمات كود التوزيع؟ سألت صلاح عبده مدير إدارة حماية المستهلك بالجهاز الذى قال إن الجهاز بصدد فرض عقوبات وغرامات مالية على الشركات غير الملتزمة، وسوف نقوم بنشر هذه العقوبات حتى تكون الشركات على علم بها قبل التطبيق لأننا لو قمنا بتطبيق العقوبات فورا فسوف يقع الجميع تحت طائلة العقاب وتحقيق خسائر، ومن هنا كان قرار تأجيل العقوبات بعض الوقت. الشركات تراعى المناطق الراقية على حساب المناطق الشعبية والأقل مستوى من تلقاء نفسها بحسب صلاح عبده وهذا ما يتعارض مع اعتبارات المعاملة العادلة، التى ينص عليها كود التوزيع، وقد كانت هذه إحدى القضايا المهمة، التى ركز عليها اجتماع الجهاز الأخير مع الشركات. استعدادات رمضان هل استعدت الشركات لشهر رمضان بما يمكن أن يحمله من زيادة فى الاستهلاك؟ يقول حافظ سلماوى: إن رمضان لا يمثل مشكلة كبيرة خاصة بعد التقيد فى إقامة الزينات، التى كانت تمثل عبئا إضافىا، كما أن الأسرة تكون مجتمعة فى مكان واحد مما يقلل الاستهلاك. ويؤكد محمد بكر رئيس مجلس إدارة شركة شمال الدلتا أن هناك استعدادات خاصة بفصل الصيف بشكل عام وشهر رمضان يأتى فى عز الصيف، ولذلك ستكون الاستعدادات واحدة من حيث عمليات الصيانة وتركيز ورديات الأعطال وإضافة محولات جديدة، وهناك برنامج معد على الكمبيوتر لتخفيف الأحمال عند الاحتياج بشكل تدريجى، وعلى جميع مدن وقرى المحافظة بشكل عادل ولا تتجاوز مدة قطع التيار عن 50 دقيقة مرة واحدة فى الأسبوع، أما ترشيد إضاءة الشوارع فيقول بكر إنها تتم بنسبة 50% مع مراعاة إنارة الشوارع الضيقة لمنع حدوث أى جرائم. فى شركة جنوبالقاهرة يؤكد المهندس محمد عبدالعظيم رئيس قطاع شبكات الدقى أن الشركة تقوم بتكثيف عمليات الصيانة قبل شهر رمضان لمراعاة عدم قطع التيار بقدر المستطاع، وقال إن الأعباء فى رمضان لا تكون عادة كبيرة خاصة أنه يأتى فى فصل الصيف الذى يتميز بزيادة طبيعية فى الاستهلاك. ويكشف عبدالعظيم عن تعديل خطة إطفاء الإنارة العامة بالشوارع بالتنسيق مع المحليات ليصبح الإطفاء بنسبة 50% على أن يراعى عدم إطفاء الشوارع الرئيسية مثل جامعة الدول العربية والهرم وفيصل والدقى وشارعى النيل والبحر الأعظم، وكانت خطة الإطفاء تتم بشكل عشوائى خلال الأيام الأولى لتنفيذ خطة الترشيد الحكومية.