إن من يدخل فى دائرة الجودة، يعلم أكثر من غيره أن الرضاء الكامل للعميل هو محور تطور أداء المنتج، والعنصر الحاكم فى نجاح أى منشأة. وواقع الأمر أن أى سوق ذات فكر تقدمى تضع توقعات العميل من المنتج نصب عينيها على الدوام، باعتباره السقف العلوى للتوقع منه ولتبنى استراتيجيتها للمدى القريب والمتوسط والبعيد ولتستثمر دون تحفظ فى مجال البحوث والتطوير تحقيقا لهذه الغاية. ونحن فى عصر التقنيات الهائلة والتطور العلمى المتسارع لم يعد إنتاج سلعة ما غاية فى حد ذاته، فقد أصبح العميل وما يحكم مزاجه وأنماطه الشرائية وتطلعاته الشخصية المحرك الأساسى لجهود وتوجهات أى مؤسسة إنتاجية. وإذا دخلنا فى منطقة التعامل مع العميل وهو محور منظومة الجودة، فإن ذلك قد يكون مدخلاً لوضع سياسة للحفاظ على توجه المؤسسة نحو الاستمرارية ومواكبة ركب التطور المستمر، فنرى اهتماماً بجودة إدارة ملف الشكاوى من قبل الإدارة العليا للمؤسسة بدءاً من الاهتمام بجودة تلقى مكالمة تليفونية الاهتمام برصد الأخطاء واتخاذ الحلول التصحيحية لها وكذا الإجراءات المانعة لتكرار نفس الخطأ إلى الاهتمام بطرق قياس ورصد درجات رضاء العميل على مختلف مناطق السوق على اتساعها. ولا شك أن الإرضاء الكامل للعميل يمثل الحد الأدنى من حقوق المستهلك من ناحية، والخط الطموح من الشركات الرائدة الساعية للاستحواذ على درجة من الريادة، وهو ما يتمشى مع المستقر فى الأعراف والسلوكيات التسويقية الدولية. ومع تعدد شكاوى العملاء من العديد من السلع، لاسيما السلع الهندسية والمعمرة، فهناك مجموعة من المستندات التى يجب استيفاؤها لتداول تلك السلع وتوفرها داخل تغليفها الأصلى أهمها: فاتورة شراء موضح بها بيانات البائع والسلعة والسعر والتاريخ شهادة فحص جودة موقعة ومختومة شهادة ضمان للسلعة لفترة لا تقل عن سنة كتيب بعمليات التشغيل وإرشادات بشأن الأخطار الناتجة عن الاستخدام الخاطئ ومعلومات إرشادية عن تتبع الأعطال قائمة بقطع الغيار وقائمة بالتوكيلات ومراكز الصيانة المعتمدة. ولا شك أن رجال الصناعة، أصحاب الفكر الصناعى التقدمى والتسويقى الراقى، يرون أن تلك المستندات أمر بديهى لاسيما أن شهادات الجودة العالمية جزء أساسى منها سياسة إرضاء العميل وتتبع الشكاوى. يتم ذلك ضمن منظومة توفر آلية سلسة لاستبدال السلعة التى لا يرضى عنها العميل أو رد قيمة الشراء وهو الأمر الذى يحتاج لتوفير ميزانية لهذا الغرض تحقيقا لمبدأ الرضاء الكامل للعميل وهى غاية تستحق عناء التضحية بقيمة هذه الميزانية دون غضاضة أو تفضل من الصانع. ومن أمثلة ذلك ما أتت به وسائل الإعلام العالمية مؤخراً من سحب شركة فورد لأكثر من 450 ألف سيارة من الأسواق لإجراء تعديلات عليها رأتها الشركة ضرورية لتبرئة ذمة الشركة من قصور اكتشفته بعد البيع واقتضاء الثمن ولم تجد فى ذلك غضاضة تمس سمعتها، إذ إن إصلاح خطأ ما وإن كان طفيفا رغم تكلفة ذلك الباهظة بمقياس المال لا يقاس بالخسارة الناجمة بمقياس السمعة والرضاء الكامل للعميل الذى قد يتحول لسلعة منافسة أخرى. www.naderriad.com